Jan 31, 2021 7:44 AM
صحف

هل كان المطلوب سقوط الحريري؟ رسائل طرابلس سياسية ونحاس: نحّاس: ما حصل لا يجوز أن يمر مرور الكرام

كشف مصدر مقرب من رؤساء الحكومة السابقين أن المجموعات الطارئة التي استقدمت من خارج طرابلس، واندست في صفوف المتظاهرين الذين رفعوا الصوت عالياً احتجاجاً على ارتفاع منسوب الفقر والعوز، كانت تخطط لإقحام عاصمة الشمال في حالة من الفوضى يترتب عليها اندلاع صدامات دامية بين المنتفضين على واقعهم المعيشي، الذي لم يعد يطاق وبين القوى الأمنية لإسقاط تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة الجديدة في الشارع الطرابلسي، وبالتالي الضغط عليه للاعتذار عن تأليفها.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن المخطط الانقلابي الذي استهدف عاصمة الشمال وُئد في مهده، وإن الحريري سيبقى صامداً في موقفه ولن يحيد عن رؤيته لقيام حكومة طبقاً للمواصفات التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مبادرته لإنقاذ لبنان.
وأكد المصدر نفسه أن رؤساء الحكومة السابقين لا يزالون على موقفهم الداعم للحريري الذي لن يقدم اعتذاره عن تأليف الحكومة، وسيبقى صامداً، ولن يخضع لحملات الابتزاز والتهويل التي يمارسها رئيس الجمهورية ميشال عون وتياره السياسي بقيادة النائب جبران باسيل، وقال إن ما يصدر عنهما من حين لآخر من مواقف تتناقض والأجواء التي سادت 14 جولة من مشاورات التأليف لن تُصرف في مكان، وبات عليهما الالتفات إلى مراجعة حساباتهما، خصوصاً أن ما جرى في طرابلس كان وراء اكتشاف موقفهما على حقيقته، وإلا لماذا لم يحرك عون ساكناً وكأن طرابلس ليست مُدرجة على لائحة اهتماماته.
ولفت إلى أن طرابلس تعرضت مرتين للاعتداء في آن واحد، الأول تمثل بغياب الدولة وتعاميها عن مشكلاتها الاجتماعية والمعيشية وكأنها مشطوبة من الخريطة السياسية لـ«العهد القوي»، فيما برز الثاني على يد المجموعات الطارئة عليها، التي استقدمت من الخارج بذريعة التضامن مع المتظاهرين، وقال بأن جميع هؤلاء لم يتمكنوا من تشويه صورتها في محاولة لإظهارها وكأنها مدينة عاصية على الشرعية التي تخلت عنها بدلاً من أن تبادر للاستجابة لصرخة المتظاهرين المشروعة.
وسأل المصدر: لماذا يصر بعض من هم على رأس الدولة على معاقبة طرابلس؟ هل لأنها استجابت بلا شروط للخطة الأمنية التي وضعتها حكومة الرئيس تمام سلام أثناء تولي النائب نهاد المشنوق وزارة الداخلية، والتي أنهت مسلسل الاشتباكات بين باب التبانة وجبل محسن، رغم أنه كان يُفترض أن يتلازم تطبيقها مع خطة مماثلة لمنطقة بعلبك - الهرمل بقيت عالقة ولم تُنفذ.
ودعا المصدر نفسه إلى عدم المزايدة على موقفهم بدعم القوى الأمنية، على رأسها الجيش، وقال إن الجميع يتذكر وقوف الحريري إلى جانب قائده العماد جوزف عون طوال استهدافه بحملات سياسية من قبل التيار المحسوب على باسيل، وأكد أن دفاعه عن المؤسسة العسكرية ينم عن قناعته بتوفير كل الدعم لها، لأنها تشكل إلى جانب قوى الأمن الداخلي العمود الفقري للحفاظ على الاستقرار.
وكشف المصدر أن الحريري - حسب ما أعلم رؤساء الحكومة السابقين - كان أبدى مجموعة من الملاحظات على التعيينات والتشكيلات التي جرت أخيراً في المؤسسة العسكرية، وحذر من عدم إخضاعها لمراعاة هذا الطرف أو ذاك لما يترتب عليها من انعكاسات على أداء عدد من الضباط الذين عُينوا أخيراً، تحديداً في الشمال، وهذا ما حصل إبان ما شهدته طرابلس أخيراً. وفي هذا السياق، رأى المصدر أن هناك ضرورة للتنسيق بين الأجهزة الأمنية، خصوصاً بين الجيش وقوى الأمن، وقال إنه يتبنى بعض الملاحظات التي أبدتها أثناء تصديها للمندسين في صفوف المتظاهرين، خصوصاً أن لا قدرة عددية لديها لنشر عناصر قوى الأمن حول محيط السرايا، وأن همها توفير الحماية لها لمنعهم من اقتحامها وإحراقها، كما حصل في دار البلدية، لا سيما أن مجرد نشرها سيؤدي إلى تشتيت قوتها لأنها لا تقع في منطقة مقفلة، وبالتالي اضطرت للحفاظ على قوتها.
في المقابل، كشف مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماع قادة الأجهزة الأمنية في حضور وزير الداخلية العميد محمد فهمي، أجرى تقويماً لما حصل في طرابلس، وتوقف المجتمعون أمام بعض الثغرات التي حصلت وتقرر تفاديها بتفعيل التنسيق بين الجيش وقوى الأمن، وقال إن العماد عون والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان توافقا على أنه سبق للمجموعات التي اندست في صفوف المتظاهرين أن شاركت في أعمال الشغب التي استهدفت الأملاك الخاصة والعامة في بيروت، ومن قبلها في طرابلس، وجاءت من مناطق عدة. وأكد المصدر نفسه أن اتهامها بالتخريب والعبث بأمن المواطنين لم يكن مجرد تهمة، وإنما يستند إلى ما لدى الأجهزة من أدلة مدعومة بالصوت والصورة، وقال إن هناك جهات تديرها وترعاها مالياً ويُفترض أن يصار إلى ملاحقتها وتوقيفها، خصوصاً أنها أنفقت الملايين من الليرات اللبنانية لشراء المفرقعات والحصول على القنابل اليدوية الحربية، وهذا ما يعجز عن تأمينه من يشارك في المظاهرة طلباً للقمة العيش، وإلا لكان أنفق أثمانها على عائلته.
وبالعودة إلى رؤساء الحكومة، قال مصدر مقرب منهم إن ما أبدوه من ملاحظات تتعلق بدور الجيش لا يعني بأنهم تخلوا عن دعمهم للمؤسسة العسكرية، وتواصلهم مع العماد عون الذي سارع إلى تعزيز وجوده في طرابلس، واعتبر أن اختيار المجموعات المندسة لعاصمة الشمال للعب بأمنها واستقرارها جاء عن سابق تصور وتصميم لأنهم أرادوا توجيه رسالة للحريري بأن بيئته تنتفض ضده، وهي التي تسقطه، بخلاف اختيارها لبيروت التي تتداخل فيها القوى السياسية وليست صافية طائفياً كطرابلس التي تُعتبر البوابة للعبور إلى الكثافة التي تتمتع بها الطائفة السنية.
فالشمال يحتضن أكثر من 48 في المائة من الطائفة السنية في لبنان، وهذا ما يفسر توجه المندسين إلى طرابلس لإسقاط الخطوط الدفاعية التي تقف في وجه المحاولات الرامية إلى استباحتها من جهة، ولتوجيه رسالة إلى الحريري ورؤساء الحكومة السابقين ومن معهم بأن مشكلتهم مع بيئتهم السياسية والطائفية قبل أن تكون مع عون.
وعليه، فإن الحريري - كما يقول المصدر - لن يسكت بعد الآن وهو يستعد لإعلان موقف في الذكرى السادسة عشرة لاغتيال والده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري يضع فيه النقاط على الحروف، آخذاً في الاعتبار ما ستؤول إليه المبادرة الفرنسية، مع أن الأولوية كانت وما زالت لتشكيل الحكومة باعتبارها الممر الإلزامي لإنقاذ لبنان.

رسائل سياسية: فس سياق متصل كتبت الانباء الكويتية: واضح لمختلف الأطراف المحلية، الاستخدام السياسي لاحتياجات طرابلس والشمال، كمنصات لتوجيه الرسائل، وعلى الرغم من المعطيات والشواهد، فما من أحد يجرؤ على وضع النقاط فوق الحروف، كثيرون يعتقدون، ان بعض هذه الرسائل، عنوانها الصراع حول تشكيل الحكومة.

وكشف توفيق سلطان السياسي الطرابلسي، من أن وزير الداخلية محمد فهمي زار طرابلس سرا، يوم الأربعاء اي قبل ليلة الحرائق، وفي اليوم التالي حصل إحراق البلدية وغيرها، وتعطلت صهاريج رجال الإطفاء، او أفرغت من المياه، ما أتاح الاعتقاد أن ثمة من ضغط، على الأجهزة العسكرية والأمنية كي تتريث.

نحاس: بالمقابل رأى النائب نقولا نحاس أن ما شهدته مدينة طرابلس في الأيام القليلة الماضية من أحداث أمنية وعمليات تخريب ومحاولة اقتحام سراي المدينة ومن ثم إحراق المحكمة الشرعية السنية ومبنى البلدية الذي يعتبر إرثا تاريخيا هو عمل خطير جدا ومشبوه، لافتا الى أن المواجهات التي وقعت بين المحتجين الغاضبين على الأوضاع المعيشية نتيجة سوء الأحوال في ظل الإقفال العام وبين القوى الأمنية جرى استغلالها من قبل مجموعات مندسة لديها أجندات راحت تعبث بأمن المدينة واستقرارها.
وطالب نحاس الأجهزة الأمنية بكشف الفاعلين وإجراء تحقيق حول ما جرى وإحالة الفاعلين الى القضاء المختص لمعرفة من يقف وراء عمليات التخريب التي وقعت وكادت تودي بالمدينة وأهلها إلى ما لا تحمد عقباه.
وأكد نحاس في تصريح لصحيفة "الأنباء" الكويتية أن ما حصل في عاصمة الشمال طرابلس لا يجوز أن يمر مرور الكرام، رافضاً تحميل جهة معينة مسؤولية ما جرى، لافتا إلى أيادٍ خفية تقف وراء عمليات التخريب وأن على الدولة المسارعة الى كشف الفاعلين ومحاسبتهم وإلا فإنها شريكة فيما حصل.

نادر: الى ذلك رأى العميد المتقاعد جورج نادر أن ما يجري في طرابلس ليس أعمال شغب وفوضى كما يحلو للسلطة وأحزابها توصيفه بهدف شيطنة المدينة وأهلها، انما ثورة جياع حقيقية كانت منتظرة، لأن السلطة وضعت الطرابلسيين وكل اللبنانيين امام خيارين، اما الموت جوعا نتيجة فسادها، واما الموت بالحجر المنزلي دون تأمين رغيف الخبز لهم، فاختاروا الثورة على سلطة اقل ما يقال فيها انها فاسدة وفاسقة.
ولفت نادر في تصريح لـ"الأنباء الكويتية" الى "أن اصطدام الثوار بالجيش والقوى الأمنية مرفوض بالمطلق، لكن ما هو مرفوض ايضا وبالمطلق محاولات قمع الثورة عبر استخدام العنف والرصاص الحي بذريعة الرد على زجاجات المولوتوف، علما ان السلطة وجريا على عادتها، دست عناصرها بين المتظاهرين لحرف الثورة عن مسارها وأهدافها، وعلى مخابرات الجيش الموجودة اصلا بين الثوار، والتي تملك اجهزة مراقبة ورصد وقدرة استعلامية عالية، اعتقال هؤلاء المندسين وكشف هوياتهم امام الرأي العام، وسوقهم الى القضاء لفصل الحق عن الباطل، ولتبيان الحقيقة المرة بأن مندسي السلطة هم الذين يعتدون على الجيش والقوى الأمنية".

وعليه، أكد نادر ان ما يجري في طرابلس، هو استمرار لثورة 17 تشرين الأول، انما بصورة مختلفة تتوزع ألوانها بين البطالة والفقر والجوع والموت على ابواب المستشفيات، معتبرا  ان بعد كل ما نشهده من انهيارات بالجملة، يأتي النائب ماريو عون ليتحفنا بكلامه عن التمديد لرئيس الجمهورية.

وختم نادر مطلقا جملة متسلسلة من المطالب أهمها:
1 - اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري فورا عن تشكيل الحكومة، حفاظا على ما تبقى من خميرة والده الشهيد رفيق الحريري، قائلا له: "انت لا تستطيع ان تترأس حكومة اختصاصيين، لأنك ساهمت مع سائر المنظومة الفاسدة في انهيار البلاد".
2 - إجراء انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي وتحت ضغط الشارع، لأنه لا حزب الله ولا حركة أمل ولا التيار الوطني الحر سيسمحون بانتخابات نيابية تنتزع منهم الأغلبية في مجلس النواب.
3 - تشكيل حكومة اختصاصيين بأسرع من الصوت، تكون قادرة على معالجة الانهيار.
4 - اعادة النظر بحجم الوظيفة العامة وتنقيتها على قاعدة "الرجل المناسب في المكان المناسب".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o