Jan 12, 2021 6:28 AM
صحف

تشكيل الحكومة في مهب الريح... كلّ طرف حَدّد سقفه العالي رافضاً أيّ مخرج وسطي

 أكد معنيون بملف التأليف لـ"الجمهورية" انّ كلّ طرف حَدّد سقفه العالي، رافضاً أيّ مخرج وسطي من شأن إنقاذ التأليف وانتشال الحكومة من عمق المأزق، وما بلغته العلاقة المتوترة بين تيّار "المستقبل" و"التيار الوطني الحر"، ومن خلفهما الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري، أكد بما لا يقبل أدنى شك استحالة تعايشهما تحت سقف حكومي واحد. وهو ما يؤكده المقرّبون من الطرفين. وبحسب معلومات مصادر مسؤولة لـ"الجمهورية" أنّ حركة اتصالات جرت في الساعات الأخيرة سعياً لتقريب وجهات النظر بين الرئيسين عون والحريري، اصطدمت بتصَلّب متبادل بين بعبدا و"بيت الوسط"، ورفض التراجع عمّا يعتبره كلّ منهما "طروحات وقائية" تمنع الطرف الآخر من التحكّم بالحكومة وقراراتها.

وبحسب ما ينقل مطلعون على الاجواء الرئاسية، فإنّ رئيس الجمهورية ثابت على موقفه لجهة رفض تجاوز موقعه وصلاحيته وشراكته الكاملة في تأليف الحكومة، وهذا التجاوز تبدّى في اللوائح التي عَرضها الرئيس المكلف، والتي تفتقد للحد الأدنى من معايير العدالة والمساواة. وتبعاً لذلك، فإنّ رئيس الجمهورية لن يوقّع أي مسودة حكومية خارجة على المعايير المطلوبة، كتلك التي قال الرئيس المكلف أنه قدمها الى رئيس الجمهورية. فضلاً عن الاصرار على هذه المسودة هو إصرار على تجاوز رئيس الجمهورية، وبالتالي هو إصرار على عدم تشكيل حكومة مُتفاهَم عليها. وبالتالي، فإنّ رئيس الجمهورية اكد من البداية استعداده للتعاون والتفاهم مع الرئيس المكلف وصولاً الى تشكيل حكومة إنقاذية، وهو التالي يعتبر انّ الكرة في هذه الحالة ما زالت في ملعب الرئيس المكلف لإعادة النظر، إن كانت لديه رغبة في تشكيل حكومة.

على انّ الصورة تبدو معاكسة تماماً في بيت الوسط، وعلى ما ينقل مطلعون على الأجواء هناك، فإنّ شعوراً طاغياً يفيد بأن الرئيس المكلف يتعرض للعرقلة المتعمّدة من قبل فريق رئيس الجمهورية، وتحديداً من قبل الوزير جبران باسيل، لمنعه من تأليف حكومة تبدأ عملية الانقاذ وتباشر في إعادة إعمار بيروت، وذلك خلافاً للتسهيلات التي لمسها الرئيس المكلّف من سائر القوى السياسية التي تدرك تماماً من هو المعطّل لتأليف الحكومة.

وبحسب هؤلاء المطلعين، فإنّ الحريري قدّم مسودة حكومية الى رئيس الجمهورية تتضمن كفاءات يشهد لها بنزاهتها وخبرتها وأهليتها في التصدي للمرحلة المقبلة وللمهمات التي تنتظر الحكومة، ومع ذلك تمّ رفضها جرّاء الاصرار على الإمساك بزمام الحكومة والتحَكّم بها بعد تأليفها، ويتأكّد ذلك من الاصرار على منح الثلث المعطّل لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي فيها.

ويلفت المطلعون الى شعور عارم في بيت الوسط بأنّ الهدف الاساس من عرقلة تأليف الحكومة هو دَفع الرئيس المكلف الى الاعتذار عن عدم تشكيلها، وهو أمر لن يحصل على الاطلاق، ولن يحقق الرئيس المكلف لباسيل ما يرمي اليه. ولذلك، فإنّ الرئيس المكلف أنجَز مسودة حكومته، وهي أقصى ما يمكن ان يقدمه، ووضعها في يد رئيس الجمهورية ولا ينقصها سوى التوقيع وإصدار مراسيم تأليفها.

وما بين موقفي الطرفين، تبرز دعوة مصادر مسؤولة الى تَوقّع الأسوأ على الخط الحكومي، وهي إذ تؤكد على "الهوة العميقة السياسية والشخصية الفاصلة بين عون والحريري، وهو ما لمّحَ اليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وحاول رَدمها وفشل"، تؤكد في الوقت نفسه أننا بلغنا "أزمة تأليف" مستعصية، تنعدم فيها إمكانية تأليف حكومة في ظلّ هذه الهوة التي يستحيل ردمها. بل هناك أكثر، لأنّ هناك قراراً لدى بعض المعنيين بالتأليف بتوسيعها أكثر".

وبحسب المصادر، فإنّ "ما ورد على لسان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في اطلالته امس الأحد، أطلق الرصاصة القاتلة لكل أمل بتشكيل حكومة لا الآن ولا في أي وقت آخر، علماً أنه قدّم نفسه شريكاً اساسياً لرئيس الجمهورية في عملية التأليف، وتَقصّد استفزاز الحريري الى حَدّ وَصفه بأنه لا يُؤتَمَن. وهذا معناه انّ أفق الحكومة قد سُدّ بالكامل، الّا في حالة وحيدة، وهي إذا تَمايَزَ رئيس الجمهورية عن باسيل، وعاد الى استئناف المشاورات بينه وبين الرئيس المكلف من النقطة التي انتهى اليها لقاؤهما الاخير قبل عيد الميلاد.

مسعى حزب الله: من جهة أخرى، اعتبرت مصادر مطّلعة على الملف الحكومي أن الكلام المسرب عن رئيس الجمهورية ميشال عون من شأنه أن يؤخر تأليف الحكومة ويزيد من الصعوبات، وسألت ما إذا كانت هذه التسريبات مقصودة لدفع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى الاعتذار، لافتة إلى أن ما قيل عن مسعى يقوده حزب الله بين عون والحريري لتقريب وجهات النظر وتعجيل التأليف، إذا ما صحّ، فإنه بالتأكيد بات أمام صعوبات وعراقيل أكبر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o