Dec 28, 2020 4:03 PM
خاص

إحراق خيم النازحين السوريين رمانة شعبية وليس قلوب مليانة
مطلوب من سوريا فتح باب العودة الآمنة لا وضع الدولة اللبنانية في قفص الإتهام

المركزية- المشهد بات من المسلمات عقب كل خلاف فردي يحصل بين مواطنين لبنانيين وعمال سوريين. وما حصل في بلدة بحنّين قضاء المنية من إحراق مخيم يأوي حوالى 75 عائلة وتشريد حوالى 360 سوريا من النازحين القاطنين فيه بحسب المفوضية العليا للاجئين وتحويل المخيم إلى أرض محروقة يؤكد أن المسألة مجرد فشة خلق ورد فعل عفوي لكن ثمة من يريد تحويلها إلى "قلوب مليانة والآتي أعظم إلا إذا"...

في الظاهر يمكن اعتبار الحادث الذي وقع ليل 26 كانون الأول مجرد إشكال حصل ويحصل في أي مكان وزمان بين شبان لبنانيين وعمال سوريين. مصادر أمنية أكدت أن الخلاف وقع بين شبان من عائلة آل المير من المنية وعمال سوريين مما أدى إلى حصول اشتباك تطور إلى إطلاق نار وإحراق المخيم في بلدة بحنين . وبعد تدخل القوى الأمنية تمكنت عناصر من الجيش اللبناني من توقيف ثمانية أشخاص. هي ليست الحادثة الأولى التي تحصل بين لبنانيين وعمال سوريين. قبلها حصلت أحداث مماثلة وجرائم لا تمت إلى الإنسانية بصلة والجناة عمال سوريون. فهل تكون حادثة إحراق الخيم في بحنين بمثابة إنذار لإعادة تحريك ملف النازحين السوريين ومعالجته بشكل جذري؟

من حادث مقتل الشابة ريا فرنسوا الشدياق (26 عاما) في بلدة مزيارة  قضاء زغرتا بعد اغتصابها على يد حارس قصر منزلها العائلي السوري الجنسية الى يوم 9 كانون الأول 2011  حينما هزّت قضية اغتصاب وذبح الشابة ميريام الأشقر في ساحل علما على يد السوري فتحي س. الرأي العام اللبناني نظرا إلى فظاعة الجريمة التي صُنِّفت في خانة الجرائم الاستثنائية في لبنان، والسرعة القياسية التي أُجريت فيها التحقيقات. وعلى رغم توقيف الجناة من قبل الأجهزة الأمنية في غالبية هذه الجرائم إلا أن الغضب الشعبي وردات الفعل التي تجلت في في جريمة مقتل المواطن جوزف طوق في بشري في 25 تشرين الثاني الماضي وقيام الأهالي بطرد العمال السوريين وعائلاتهم من القضاء يؤكد أن مسار مشهدية تحول الخلافات بين لبنانيين وعمال سوريين بات يتطلب معالجة جذرية لمشكلة النازحين السوريين في لبنان خصوصا أن أي قرار أو مرسوم لم يصدر من قبل الحكومات المتعاقبة منذ بدء عملية النزوح في آذار 2011 تاريخ بدء الحرب في سوريا، ولا شيء يبشر في إيجاد أطر لمعالجة هذا الملف في ظل الفراغ الحكومي الحالي، حتى لو تشكلت حكومة لا  نية لدى بعض الأفرقاء في التوقيع على مراسيم من شأنها أن تنظم مسألة النازحين السوريين في لبنان.

هذا على المستوى السياسي العام لكن ماذا عن مسار الملفات القانونية؟ مصادر حقوقية مطلعة على ملف مقتل المواطن جوزف طوق أكدت لـ"المركزية" أن الملف يسلك مساره القانوني بشكل طبيعي والتحقيقات لا تزال جارية مع المدعى عليه. أما على الأرض فما قبل جريمة جوزف طوق لا يشبه ما بعدها. الشوارع والأحياء والأزقة في القضاء باتت تغيب عنه مشهدية النازحين السوريين يسرحون ويمرحون بشكل فوضوي وغير منظم. وتوضح مصادر بشراوية مطلعة أن القرار السياسي اتخذ من قبل نواب المنطقة بضرورة الفصل بين العمالة السورية والنزوح السوري، وتولت بلدية بشري واتحاد بلديات القضاء عملية تنظيم العمالة السورية بحيث يتوجب على كل عامل سوري التصريح عن إسم الكفيل ومكان إقامته والتعهد بعدم اقتناء أي قطعة سلاح. في الموازاة يتوجب على الكفيل التصريح عن عدد العمال العاملين لديه والمقيمين لديه إفراديا أو مع أفراد عائلته إذا دعت الحاجة الإنتاجية لذلك.

الترتيبات التي اتخذها نواب قضاء بشري يمكن أن تنسحب على كل الأقضية والبلدات .المسألة لا تحتاج إلى أكثر من قرار رسمي وإرادة شعبية. لكن أن يتحول النظام السوري الذي كان السبب في تهجير شعبه بعد المجازر التي ارتكبها في حقه إلى محكمة ويضع الدولة اللبنانية في قفص الإتهام بتحميله المسؤولية عما حصل ويحصل في حق النازحين السوريين على خلفية حادث إحراق الخيم في بلدة بحنين في المنية، فهذا يرسم أكثر من علامة استفهام.

وكالة الأنباء السورية "سانا" نقلت عن مصدر رسمي في وزارة الخارجية تأكيده أن "سوريا تهيب بالقضاء اللبناني المختص والأجهزة اللبنانية المعنية و تحملها كافة  المسؤولية في معالجة هذا الحادث وتأمين الحماية والرعاية للمهجرين السوريين".  موقف أثار أكثر من علامة استهجان لدى مرجعيات سياسية ورسمية وشعبية. مصدرملم بملف النازحين السوريين في لبنان في قضاء المنية أكد أن مواقف نواب القضاء التي نددت برد فعل المعتدين والدور الإنساني الذي أظهره أهالي المنية في فتح ابواب منازلهم لإيواء النازحين من أطفال ونساء ومسنين تلك الليلة كافية للتأكيد على الرفض الرسمي والشعبي للأحداث التي جرت خصوصا أنها تحصل في كل مكان وزمان وليس للأمر علاقة بما أشيع عن مشاعر كراهية وعنصرية.

وردا على الكلام الصادر عن المصدر الرسمي السوري، علق المصدر "كان من الحري بالدولة التي هجرت وقصفت بالبراميل والغازات السامة أن تصمت حتى لا نقول"تخرس" لأن هؤلاء النازحين موجودون كنتيجة لممارسات النظام الإجرامية والمطلوب من أسياد هذا النظام أن يعملوا على فتح باب العودة الطوعية والآمنة والمنظمة للنازحين برعاية المفوضية العليا للاجئين وتحت إشراف الأمم المتحدة". وعلى المستوى اللبناني لفت المصدر إلى أن المعالجة الجذرية تبدأ في الضرب بيد من حديد ومحاسبة كل من يجرؤ على القيام بجريمة مماثلة في حق الإنسانية وأن تتولى البلديات عملية تنظيم العمالة داخل القرى والبلدات.

بعد ساعات على عملية إحراق المخيم تلقى مرجع شمالي مسؤول اتصالا من مركز سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وتم إبلاغه بتقديم الخيم والحاجات المنزلية والبطانيات والمواد الغذائية والأدوية للنازحين ووزعت على القاطنين المتضررين.كما تولت المفوضية العليا للاجئين عملية تقييم الأضرار والمساعدة بإعادة بناء ما تهدم . لكن من يعيد بناء ما تهدم في النفوس؟ يجيب المصدر"نحن في حال إنكار. الدولة غائبة وما تبقى منها في عجز كلي. وحتى تستعيد الدولة هيبتها وتحكم بالعدل تبقى كل المعالجات منقوصة وآنية...".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o