Aug 10, 2024 3:14 PM
دوليات

"التحدي الأكبر" لبوتين.. موسكو تكافح توغلا أوكرانيا في أراضيها

عقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الجمعة، اجتماعا لمجلس الأمن القومي، وسارع القادة العسكريون بإرسال تعزيزات في مواجهة التوغل العسكري الأوكراني، الذي وصف بأنه "التحدي الأكبر" لموسكو منذ أزمة تمرد قائد مجموعة "فاغنر".

وقال الجيش الروسي، السبت، بحسب ما أوردت وكالة فرانس برس، إنه يقاتل التوغل الأوكراني عبر الحدود لليوم الخامس على التوالي.

وقالت وزارة الدفاع الروسية: "تواصل القوات المسلحة صد محاولة القوات المسلحة الأوكرانية التوغل عبر الحدود"، مشيرة إلى أنها استخدمت نيران الطيران والمدفعية لضرب القوات الأوكرانية والمعدات العسكرية داخل الأراضي الروسية.

وفرضت روسيا، السبت، نظاما أمنيا شاملا في 3 مناطق حدودية بعدما اقتحمت القوات الأوكرانية الحدود خلال وقت مبكر من صباح الثلاثاء، واجتاحت بعض الأجزاء الغربية من منطقة كورسك الروسية.

وأمر مدير جهاز الأمن الفدرالي الروسي، ألكسندر بورتنيكوف، بفرض نظام لمكافحة الإرهاب بمناطق كورسك وبريانسك وبيلغورود، وفق رويترز.

"محاولة غير مسبوقة"

وقالت اللجنة الروسية لمكافحة الإرهاب إن "النظام الحاكم في كييف نفذ محاولة غير مسبوقة لزعزعة استقرار الوضع في عدد من مناطق بلادنا"، مضيفة أن هناك خسائر في صفوف المدنيين.

وتمنح هذه الإجراءات أجهزة الأمن سلطات واسعة تمكنها من إغلاق منطقة ما، بما يشمل فرض قيود على الاتصالات وتقييد بعض الحريات، في وقت تم خلاله إجلاء آلاف المدنيين من منطقة كورسك.

وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" في تقرير لها، الجمعة، أن التوغل الأوكراني في الأراضي الروسية يعتبر بمثابة "التحدي الأكبر" أمام بوتين منذ تمرد قوات "فاغنر" عام 2023.

وقاد زعيم فاغنر السابق، يفغيني بريغوجين، تمردا فاشلا عندما تقدم بقواته باتجاه موسكو في 24 حزيران2023.

وقضى بريغوجين في حادث طائرة بعد شهرين من تمرده، وخضعت مجموعته لإعادة تنظيم بحكم الأمر الواقع، ووضعت تحت سلطة وزارة الدفاع التي ندد بها المتمردون منتقدين فسادها وعدم كفاءتها وبطء تدابيرها اللوجستية.

بالعودة إلى تقدم القوات الأوكرانية في كورسك، ذكرت وكالة رويترز أن الهجوم المفاجئ ربما يهدف إلى كسب نفوذ من أجل محادثات وقف إطلاق النار التي قد تجرى بعد الانتخابات الأميركية المقررة في تشرين الثاني المقبل.

وقال مدونون عسكريون روس إن الوضع استقر بعد أن أرسلت موسكو قوات لوقف التوغل الأوكراني المباغت، لكنهم ذكروا أن كييف تحشد قواتها بسرعة وأن هناك معارك ضارية جارية حتى الآن.

ونقلت "واشنطن بوست" عن أحد رجال الأعمال الروس الذي رفض الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة الأمنية أو القضائية: "هذه ضربة قوية لسمعة السلطات الروسية والجيش وبوتين؛ لأنه على مدار عامين ونصف العام، كان هناك قليل من الضرر يصل الأراضي الروسية ... باستخدام المسيّرات".

وتابع: "لا يوجد عدد ضحايا واضح حاليا وهناك بعض الدمار، ومن الواضح أنهم غير قادرين على إيقاف ما يحدث بسرعة".

وذكرت وكالة أنباء "ريا"، السبت، أن شركة الطاقة النووية الحكومية الروسية "روساتوم"، ناقشت الوضع في محطة للطاقة النووية بمنطقة كورسك مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أعقاب توغل أوكرانيا في المنطقة.

وفي مكالمة هاتفية مع رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل جروسي، قال أليكسي ليخاتشوف من شركة "روساتوم" إن التوغل الأوكراني "خلق تهديدا مباشرا ليس فقط لمحطة الطاقة النووية في كورسك، ولكن لصناعة الطاقة النووية الدولية بأكملها".

مخاوف روسية

قال محللون روس للصحيفة الأميركية ذاتها أيضا إنهم يخشون من أن يستغرق الأمر الكثير من الوقت لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها القوات الأوكرانية والبالغة 100 ميل، وذلك حال تأخر الهجوم الروسي المضاد لعدة أيام أخرى.

وتابعوا أن التأخير سوف يمنح القوات الأوكرانية الوقت الكافي للتشبث بالمواقع المحصنة، ما قد يمنح كييف ورقة مساومة قوية حال الوصول إلى وقف إطلاق نار أو الدخول في مفاوضات سلام في المستقبل.

وهاجم أحد أعضاء البرلمان الروسي البارزين الاستجابة "الفاشلة" لهذا التوغل الأوكراني.

ودعا أندريه غوروليوف، وهو نائب سابق للمنطقة العسكرية في روسيا عبر حسابه بمنصة "تليغرام"، المدعي العام العسكري إلى التحقيق في قرارات القادة العسكريين بنقل القوات من منطقة كوسك قبل الهجوم.

ونقلت "واشنطن بوست" عن سيرغي ماركوف، المحلل السياسي المرتبط بالكرملين، قوله إن هناك إخفاقات واضحة، موضحا أن "هذه ضربة قوية؛ لأنه من الواضح أن هناك إشارة وصلت القيادة من الاستخبارات ... لكن لم يتم اتخاذ التدابير اللازمة. هذا فشل لنظام الاستخبارات بأكمله، وبما أن بوتين مسؤول عنه، فهذه ضربة لبوتين".

ووصف بوتين الهجوم الأوكراني بأنه "استفزاز كبير".

وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة أكبر داعم لأوكرانيا، لم تكن على علم مسبق بالهجوم وتسعى للحصول على مزيد من التفاصيل من كييف.

صمت أوكراني

والتزم الجيش الأوكراني الصمت حيال الهجوم على مدينة كورسك الروسية، رغم أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أشاد بقدرة الجيش، الخميس، على إحداث "مفاجأة" وتحقيق نتائج.

وقال زيلينسكي إن موسكو يجب أن "تشعر" بالعواقب المترتبة على غزوها لأوكرانيا، مضيفا: "جلبت روسيا الحرب إلى أرضنا ويجب أن تشعر بما فعلته" دون الإشارة مباشرة إلى الهجوم الأوكراني.

وفي تحليل لشبكة "سي إن إن"، ربط هذا التحرك بوصول الأسلحة الغربية، خاصة مقاتلات "إف-16"، التي من شأنها تغيير موازين القوى الجوية لصالح أوكرانيا، رغم استمرار بعض التحديات مثل نقص الذخيرة.

وحول اتخاذ مثل هذه الخطوة في هذا التوقيت، قال التحليل إن هناك دوافع استراتيجية أخرى، إذ إنه للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب، بدأت تلوح في الأفق بوادر محادثات سلام. وتشهد الفترة المقبلة دعوة روسيا للمشاركة في مؤتمر سلام ترعاه أوكرانيا وحلفاؤها.

ومع تزايد احتمالات التوصل إلى حل تفاوضي، يسعى الطرفان، وفقا للمصدر ذاته، إلى تعزيز مواقعهما الميدانية قبل بدء أي مفاوضات محتملة.

وبغض النظر عن الدافع، فإن هذه العملية تمثل مجازفة استثنائية وكبيرة بالنظر إلى محدودية موارد كييف، وفقا للتحليل.

ولعل هذا التحرك الجريء، يشير إلى قناعة متنامية لدى القيادة الأوكرانية بقرب حدوث تحول جوهري في مسار الصراع أو بتغيرات استراتيجية وشيكة على الساحة السياسية أو العسكرية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o