Apr 25, 2018 7:27 AM
صحف

هل يُلغي المجلس "الدستوري" موازنة 2018؟

قدم عشرة نواب بطعن بقانون الموازنة أمام المجلس الدستوري. في ‏المعطيات المطروحة، يبدو أن المجلس متجه لوضع اليد على قانون ‏الموازنة للمرة الأولى في تاريخه. فهل يصدر قراراً تاريخياً بإلغاء موازنة ‏‏2018 وإعادة الانتظام المالي إلى السكة الدستورية؟

منذ عشرين عاماً، لم يتلقَّ المجلس الدستوري أي طعن بقانون الموازنة العامة. في عام 2017، جرت محاولة من ‏حزب الكتائب، إلا أنه نتيجة الضغوط، التي تردد أنها مورست على النواب، لم يتمكن معدو الطعن من الحصول ‏على عشرة تواقيع تسمح بتقديمه. كان ذلك بعد نجاح الحزب نفسه في الحصول على التواقيع العشرة المطلوبة ‏للطعن بقانون الضرائب المرافق لسلسلة الرتب والرواتب، والذي أفتى المجلس الدستوري بإبطاله لاحقاً.

تؤكد مصادر كتائبية لـ"الأخبار" أن الطعن الذي قدمه أمس رئيس الحزب سامي الجميِّل إلى المجلس الدستوري، ‏أُعدَّ فور الانتهاء من إقرار الموازنة في 29 آذار الماضي، من قبل المحامية لارا سعادة، حيث بوشر بعدها السعي ‏إلى جمع عشرة تواقيع. وبالفعل، وقَّع المراجعةَ نوابُ الكتائب الخمسة (سامي الجميِّل، فادي الهبر، سامر سعادة، ‏إيلي ماروني ونديم الجميِّل) إضافة إلى النواب: سيرج طورسركيسيان، دوري شمعون، إيلي عون، بالإضافة إلى ‏جيلبيرت زوين ويوسف خليل، وهما يحملان حتى الآن صفة العضوية في تكتل التغيير والإصلاح!

عند النجاح في تحقيق العدد المطلوب (10 نواب)، لم يعد ينقص سوى انتظار نشر القانون في الجريدة الرسمية، ‏الذي تأخر إلى الخميس الماضي.

في السياق نفسه، كان قد صدر بيان عن رئاسة الجمهوية، يشير إلى أن الرئيس ميشال عون وجّه قبل ظهر أمس ‏رسالة إلى مجلس النواب بواسطة الرئيس نبيه بري، طالباً إعادة النظر في نص المادة 49 وبالشروط التي حددتها ‏المادة المذكورة لإعطاء الأجنبي حق الإقامة عند تملكه لوحدة سكنية. وقد أوضحت أوساط رئاسة الجمهورية أنه ‏على أثر الطعن، بادر عون إلى الاتصال ببري، وتوصلا إلى نتيجة أنه ما دام المجلس الدستوري وضع يده على ‏الطعن الذي يتناول بجانب منه المادة 49، ارتأى الرئيسان التريث في متابعة الموضوع، لأنه حسب القانون كان ‏سيدعو بري إلى جلسة لتلاوة رسالة الرئيس عون خلال ثلاثة أيام. وأشارت الأوساط إلى أنه بانتظار ما سيصدر ‏عن المجلس الدستوري "يبنى على الشيء مقتضاه".

وفيما ذكرت "الأخبار" أن رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان كان خارج البلاد، إلا أن من المتوقع أن يعود ‏اليوم، فيدعو إلى جلسة يتوقع انعقادها غداً، لدرس ما إذا كان يقتضي تعليق مفعول النص موضوع المراجعة. ‏وبحسب قانون المجلس، فإن الرئيس يقوم بتبليغ نسخة عن المراجعـة إلى الأعضاء ويعين مقرراً من بينهم (يبقى ‏اسمه سرياً). بعد ذلك، يضع المقرر تقريره ويقدمه إلى المجلس خلال مهلة أقصاها 10 أيام من تاريخ إبلاغه قرار ‏تعيينه، على أن يدعو رئيس المجلس الأعضاء خلال خمسة أيام للتداول في جلسة تبقى مفتوحة إلى أن يصدر ‏القرار، في مهلة أقصاها 15 يوماً. ويفترض بهذه الآلية أن تنتهي خلال مهلة شهر من تاريخ تقديم الطلب، حيث ‏يتخذ القرار بأغلبية سبعة من عشرة أعضاء.

ومعروف ان امام المجلس الدستوري مهلة شهر للبت بالطعن من تاريخ تقديمه، والا اعتبر كأنه لم يكن، وهذا يعني ‏ان المهلة تنتهي في 24 أيار، أي بعد انتهاء ولاية المجلس الحالي، وبالتالي فإن أولى مهمات المجلس الجديد ستكون ‏البت مجددا بقانون الموازنة في حال قبول الطعن، اما إذا لم يصدر خلال هذه المدة أي قرار، فيعتبر القانون قائماً ‏حكماً.‎‎

لا نقاش في أن الموازنة مخالفة للدستور. كل الخبراء الدستوريين يقولون ذلك. فهل يتمكن المجلس من استغلال ‏الفرصة لتثبيت قواعد إعداد الموازنة وفق الأصول؟ ثمة رأيان: الأول، يتوقع أن يؤدي انتهاء ولاية أعضاء ‏المجلس، والتوجه إلى تعيين مجلس جديد بعد الانتخابات، إلى تحرير أعضائه من أي ثقل سياسي، تمهيداً لإصدار ‏قرار تاريخي. أما الثاني، فلا يستبعد استعادة سيناريو التمديد الأول للمجلس النيابي، بحيث يتغيب عدد من ‏الأعضاء ولا يلتئم المجلس الدستور.ي‎

واوضحت مصادر مطلعة لـ "اللواء" ان رسالة عون إلى الرئيس بري طالباً إعادة النظر بالمادة 49 من قانون ‏الموازنة، جاءت بسبب الالتباسات الواردة في المادة المذكورة ومنعا لاساءة تفسيرها أو بسبب تناقضها ببعض ‏النقاط"، ولفتت إلى "ان الرئيس عون ارسلها صباحا قبل تقديم الطعن من النواب العشرة، لكنه بعد أن تبلغ باخبار ‏الطعن سارع للاتصال برئيس المجلس وتشاور معه حول الموضوع، واتفقا على التريث، ريثما يبت المجلس ‏الدستوري بالطعن الذي وضع الرسالة الرئاسية في مكان آخر، وكأنها لم تكن، على اعتبار ان الطعن يتقدّم على ‏إعادة النظر

كنعان:  وأوضح رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان لـ "الحياة" "أن المادة 49 تنص على الإقامة الموقتة لأنها تربط فترة الإقامة بفترة ملكية الشقة. وهذا التملّك خاضع لقانون تملّك الأجانب ولا يعطي الحق بالجنسية التي لا تمنح إلا بقرار من رئيس الجمهورية". وأكد أن "هذه المادة أرسلت إلى الحكومة وتمت مناقشتها وتعديلها من إقامة دائمة إلى إقامة موقتة".

وإذ لفت إلى "ان هذه المادة على أهميتها لا علاقة لها بحق التلّمك ولا تجنّس ولا تعطي إقامات لا يعطيها ​القانون اللبناني​"، سأل كنعان "هل جرّب النائب الجميل قراءة الجريدة الرسمية جيدا؟ وإذا لا، فليقرأ قانون الملكية صح. هل هناك ملكية دائمة"؟

وقال كنعان "المعروف أن الأجنبي من دون هذه المادة يستطيع أن يتملك في لبنان، أما عن التوطين المقنّع فهذا كلام مزايدات انتخابية لكسب الأصوات، ينتهي مع انتهاء ​الانتخابات".

الصايغ: من جهته، اوضح الوزير السابق سليم الصايغ "ان قانون الموازنة يتضمن عدة انتهاكات دستورية، لكن الأهم هو البعد الذي أخذته المادة 49، ولا يمكن أن تمرّ لأنها تمس بالهوية اللبنانية وقضية الاستملاكات"، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى "أن هذه المادة التي تحتاج إلى نقاش أوسع، ولا يمكن ان تمر في قانون الموازنة، "مرّت تحت ضغط إقرار الموازنة التي استعجل البرلمان إقرارها قبل مؤتمر "سادر"، بالنظر إلى أن لبنان تعهد بإصلاحات لقاء الحصول على الدعم الدولي في المؤتمر".

وقال الصايغ لا نعتبر هذه المادة جزءاً من الإصلاحات المطلوبة، بل مرّت في تزامن انتهازي يثير الشبهات". وأكد "أن المجتمع الدولي لم يطلب من اللبنانيين ما يتعلق بإقامة السوريين في لبنان"، مشدداً على "أن الاتصالات التي أجراها "الكتائب" مع دول مؤثرة أكدت أن المجتمع الدولي لم يطلبها من لبنان، لكن كان هناك تشاطر من قبل المسؤولين اللبنانيين للاستفادة من الظرف لتنشيط قطاع العقارات في مقاربة مصلحية مادية". وقال "إن الطعن بها يأتي من واقع أن منح الإقامة في بلد دقيق التوازنات وسلم أهلي هش واستقرار بحاجة لمظلة دولية، يأخذ إبعاداً وجودية في لبنان وليس مادية أو تجارية".

واعتبر الصايغ "أن الطعن به ورسالة عون لرئيس البرلمان لإعادة النظر بالقانون تمثل أكبر إحقاق للحق ونزع كل تشويه وتحوير للكلام وتزييف المشهد"، في إشارة إلى مقاربات سابقة اعتبرت الجدل حول المادة انتخابياً، مشيراً إلى ضغوط مارسها البطريرك الراعي لإلغاء المادة، مضيفاً "وُضع البطريرك بأجواء مختلفة لتداعيات المادة، وكانت محاولة لتصوير الأمور بشكل مغاير للحقيقة، لكن عندما طلب الوثائق واطلع على الحيثيات، وهو مرجع قانوني كبير، انتفض"، مشدداً على أنه "لا أحد يؤثر على موقف البطريرك". وقال الصايغ إن المادة "يترتب عليها خطر من توطين مقنع تحت الأمر الواقع"، موضحاً أنه "توطين اجتماعي واقتصادي بحكم الأمر الواقع".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o