ادعاء صوان يزلزل الشارع السني...موجة تضامن غير مسبوقة مع دياب
الحريري في السراي: من الآخر رئاسة الحكومة ليست للابتزاز...
التشكيل في خبر كان وحزب الله مع الدولة والمؤبد "خماسيا" لعياش
المركزية- أحدث ادعاء قاضي التحقيق العدلي في جريمة تفجير مرفأ بيروت فادي صوان على رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب والوزراء علي حسن خليل وغازي زعيتر ويوسف فنيانوس، زلزالا على المستوى الطائفي السني، ناقلا القضية من قضائية الى سياسية طائفية مذهبية بامتياز، معمقاً الشرخ بين بعض القوى ومقرباَ اخرى لم يكن ليجمعها شيء قبل الادعاء. موجة من الغضب عمت المستويين السياسي والشعبي السني، شدّت عصبه وحملت الرئيس المكلف سعد الحريري للمرة الاولى الى السراي منذ خروجه منها منذ اكثر من عام تعبيرا عن تضامن مباشر مع "خصمه" دياب الذي لم يكن حتى الامس القريب يمثل النبض السنّي. مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، اتصل به داعما ورافضا التطاول على الموقع ومشيدا بموقفه وبنظافة كفه، فيما هبت عاصفة ردود الفعل الشاجبة من كل حدب وصوب، بعدما وجدت في الادعاء، خطوة كيدية استنسابية، هدفها استهداف مَن لا يقدمون الطاعة للعهد.
الادعاء القضائي قذف بملفي تشكيل الحكومة والدعم الى صفوف الاهتمام الخلفية، فغابت الاجتماعات والتحركات على المحورين في انتظار جديد غير متوقع قريباً وعلى الارجح بعيداً حتى، بعدما دخل التوتر المذهبي على الخط التشكيلي وذهبت التقديرات في اتجاه عدم تشكيل حكومة قبل تسلم الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم، بما يعني ذلك على مستوى استمرار الانهيار في ظل امتعاض فرنسي- اوروبي من التعاطي اللبناني مع التشكيل وبدء تلاشي الرهان على ابصار الحكومة النور قبل زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون لبيروت.
التعدي على الدستور: أبرز التطورات التي سجّلت على هذه الضفة اليوم، كانت زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى السراي الحكومي، متضامنا مع دياب، في زيارة هي الاولى من نوعها. وبعد اللقاء، قال الحريري "أتيت إلى رئاسة الحكومة لكي اعبّر عن رفضي المطلق للخرق الدستوري الواضح والفاضح الذي ارتكبه القاضي بالادّعاء على رئيس الحكومة. الدستور واضح، ورؤساء الحكومات يمثلون فقط امام محكمة خاصة يُشكّلها المجلس النيابي. رئاسة الحكومة ليست للابتزاز، من الآخر، وهذا الأمر مرفوض، ونحن لن نقبل به. من حق اهالي الشهداء معرفة الحقيقة، من حقهم ان يعرفوا من ادخل هذه الباخرة ومن غطّى عليها. اما التعدي على الدستور والادّعاء على رئاسة الحكومة فهذا امر مرفوض، وانا اتيت للوقوف مع رئيس الحكومة والتضامن معه".
حملة كيدية: من جانبه، اكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في بيان "ان الادّعاء على مقام رئاسة الحكومة استهداف سياسي غير مقبول وتجاوز للدستور ولقانون محاكمة الرؤساء والوزراء السابقين، ويصبّ في اطار حملات كيدية واضحة للعيان لا تخدم العدالة لفريق معيّن دون اخر لتصفية حسابات سياسية". واعلن "اننا مع القضاء النزيه الشفّاف ومع الحرص على تحقيق العدالة وفقاً لأحكام القانون والتزام الدستور، واي تسييس او استنساب ادّعاء لكشف حقيقة انفجار مرفأ بيروت هو جريمة اخرى بحق الوطن، فالكل مسؤول في هذا الحادث المفجع". واضاف "ليعلم الجميع ان الوطن لا يُبنى على المصالح الخاصة والكيديات ولا على الاستنساب. فلندع القضاء يأخذ مجراه بكل تجرد وانفتاح بعيداً من الضغوط ودون تقييده بسلاسل السياسة".
غياب المعايير: اما حزب الله، فانضم الى امل والمردة اليوم في التصويب على قرار صوان. فأكد في بيان الحرص على "أن تكون جميع الإجراءات التي يتخذها قاضي التحقيق بعيدة عن السياسة والغرض، مطابقة لأحكام الدستور، غير قابلة للاجتهاد او التأويل أو التفسير، وان يتم الادعاء على اسس منطقية وقانونية، وهذا ما لم نجده في الاجراءات الاخيرة وبالتالي فإننا نرفض بشكل قاطع غياب المعايير الموحدة والتي ادت الى ما نعتقده استهدافا سياسيا طال اشخاصا وتجاهل اخرين دون ميزان حق، وحمل شبهة الجريمة لأناس واستبعد اخرين دون مقياس عدل، وهذا سوف يؤدي مع الاسف الى تأخير التحقيق والمحاكمة بدلا من الوصول الى حكم قضائي مبرم وعادل".
زعيتر يصعّد: من جانبه، وغداة رد حسن خليل على القرار ، مذكرا بأن رئيس الجمهورية كان اعلن انه على علم بوجود النيترات في المرفأ، صعّد زعيتر ضد استهدافه اليوم. فمن مجلس النواب، اعتبر في مؤتمر صحافي ان "المحقق العدلي القاضي فادي صوان تجاوز صلاحياته، وتوجه إلى المجلس النيابي وزعم وجود شبهة على كل وزراء الأشغال والمال، كما أنه انحاز بموقفه وخالف الدستور". وقال: "هل المحقق العدلي سأل عن الباخرة التي دخلت عام 2013 غير المعروف مكان تواجدها"، مضيفا: "الحقيقة يا سعادة المحقق العدلي تسكن في المرفأ سواء كانت آتية من الداخل أو الخارج، ومن الغريب أن نقيب المحامين لم يتصل بنا كوننا محامين". واشار الى ان "بارودي حجز السفينة وخابر هيئة القضايا دون الرجوع إلي أو إطلاعي على الملف، وقد خالف بذلك الدستور، ولا يوجد أي مستند أو أي ملف يقول أنني على علم بالباخرة حتى كتاب السفارة الروسية والذي لم يذكر فيه وجود مواد خطرة". وقال زعيتر: "بئس القضاء إذا كان فيه قاض كفادي صوان، ولن نسكت أو نصغي لأي أجندات سياسية وغير سياسية".
الحزب والتشكيل: هذه المستجدات القضائية الصاخبة، أعادت على ما يبدو فرملة مساعي تشكيل الحكومة واثرت عليها سلبا، مفاقمة تعقيداتها. وفي السياق، اعتبر نائب الامين العام لحزب الله نعيم قاسم أن "لبنان لن تقوم له قائمة من دون تأليف حكومة تفتح الباب للمعالجة، واذا اتفق المعنيون في لبنان سيستجيب الغرب وأميركا غصبا عنهم، ومن يحتج في الخارج ويسوف ويضيع الوقت ويراكم الخسائر لن يجني شيئا. المواطنون وصلوا إلى حد الاختناق والرهان الوحيد النافع هو التفاهم وتدوير الزوايا". وشدد على أن "حزب الله" مع قيام الدولة وانتظام مؤسساتها، وهو دعامة من دعامات استقرار لبنان وحمايته واستقلاله وبنائه ونهضته، وسيكون دائما شريكا فاعلا للباحثين عن الحلول وإعمار بيروت ولبنان ومعالجة المسائل الاقتصادية والاجتماعية".
ماكرون المحرّك: ودائما على الخط الحكومي، زارت سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال، وقالت من هناك "أتيت لكي إستطلع فرص الشراكة والتعاون بين فرنسا ولبنان لا سيما مع طرابلس، ومشاريع الغرفة تعطي معان حقيقية لأهمية التنمية في لبنان، وهذا يزيد أيضا قناعاتي بالطاقات والقدرات، وهي التي دفعت الرئيس ماكرون لدعم لبنان وإستنهاض المجتمع الدولي للوقوف الى جانبه. فالرئيس ماكرون هو المحرك الإستراتيجي لكي نقف معكم والى جانبكم ولأن مشاريعكم بالفعل طموحة وتعزز الثقة في الشراكة، وهناك الكثير من المستثمرين من مختلف قارات العالم يهمهم لبنان ولا أخص بالذكر فقط الفرنسيين".
عون والتدقيق: وفي انتظار الحل السياسي، الازمة الاقتصادية المالية على حالها. وفي السياق، رأى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون "ضرورة تحديد العلاقة بين المصارف والمودعين ووضع حد للغبن اللاحق بالمودعين نتيجة الإجراءات التي تتخذها المصارف اللبنانية منذ احداث 17 تشرين الأول 2019 والتي تزداد صعوبة على المودعين يوما بعد يوم". واكد في خلال استقباله وفدا من جمعية "صرخة المودعين في المصارف"، "ضرورة احترام القوانين التي تحفظ حقوق المودعين في المصارف احتراما أيضا للملكية الفردية التي حفظها الدستور للمواطنين ومنعت القوانين المساس بها الا في حالات محددة قانونا". وأشار الى "الظروف الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها البلاد التي دفعت بالمصارف الى اعتماد إجراءات انعكست سلبا على مصالح الناس وحاجاتهم وقيدت حركة التداول المالي"، معربا عن امله في "ان تزول هذه الأسباب قريبا لتعود الحياة المصرفية الى طبيعتها". واكد الرئيس عون ان "الدولة تراقب عمل المصارف كما سائر المؤسسات العامة والإدارات الرسمية في محاولة لوضع حد للتجاوزات".
المؤبد لعياش: وسط هذه الاجواء الملبدة، حكمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على سليم عياش المدان بالتآمر لقتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري بخمس عقوبات بالسجن المؤبد، وذلك في جلسة عقدتها للنطق بحكمها بعدما ادانته في آب الماضي بالقتل وارتكاب عمل إرهابي في ما يتعلق بمقتل الحريري و21 آخرين. وتمت محاكمة عياش غيابيًا وهو لا يزال طليقًا، وستُنفذ الأحكام الخمسة في التوقيت نفسه.