الدولة تتفرج على الانهيار و"الثنائي" على مناكفات الحريري- باسيل
شينكر يحض عون على استخدام سيف الشفافية والعقوبات مجمدة
فرض عمليات المبيعات بالليرة نقدا يشعل القطاعات...ازمة محروقات؟
المركزية- في السياسة وتحديدا في الملف الحكومي صمت مطبق وجمود مطلق. كل فريق يرابض على جبهته في انتظار اشارة من الآخر، من دون ان تبرز اي ملامح في هذا الاتجاه حتى اللحظة. الرئيس سعد الحريري فاض واستفاض في ما عنده، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل رد بما لديه رافعا سقف المواجهة الى حده الاقصى. الرئاسة ارجأت الاستشارات والخميس لناظره قريب.
في الوسط يقف "الثنائي" الشيعي المزهو بلعبة تضييع الوقت حتى موعد الانتخابات الاميركية. يؤيد من جهة تكليف الحريري ويبعث من جهة ثانية رسائل في شأن اعادة نظر في بنود الورقة الفرنسية والاصلاحات التي تتطلبّها، معلنا انه لا يقبل الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي التي تصيب المواطنين، ورافعا متاريس العراقيل امام "مرشحه" الحكومي. فكيف تنتهي اللعبة ولمصلحة من؟
ووسط الجمود، يتحرك مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الادنى دايفيد شينكر بين المقار السياسية مستمعا ومناقشا وحاملا رسائل للمعنيين.يحرص على عدم التصريح كي لا توظف مواقفه في خانة عرقلة التشكيل، غير ان ما يُنقل عنه يؤكد مضي واشنطن في تشددها الذي لا تراجع عنه ازاء حزب الله، وقد اشير الى انها لن تتعاطى مع اي حكومة يشارك فيها حزب الله.
التأجيل وارد!: بعد مرور نحو 48 ساعة على قرار رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مساء الاربعاء، إرجاء الاستشارات النيابية التي كانت مقررة امس الخميس، اسبوعا، بقيت المواقف على حالها. واشارت المعطيات الى ان إمكانية تأجيل الاستشارات واردة إذا لم يحصل أيّ اتصال بين بيت الوسط والنائب جبران باسيل. وافيد بأن ما من بوادر تواصل بين الحريري وباسيل حتى اللحظة. وقد لفتت مصادر مقربة من بيت الوسط الى ان زعيم المستقبل ليس في وارد اتخاذ اي خطوة او عقد اي لقاء مع اي كان في المهلة الفاصلة عن الخميس المقبل.
استمرار التباعد: وفيما تردد ان نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي دخل على خط تقريب وجهات النظر بين الرجلين، نفى الفرزلي لـ"المركزية" اي دور له في هذا المجال مؤكدا استمرار التباعد بينهما الى ما بعد الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية الخميس المقبل والتكليف، لتنطلق بعدها الوساطات انطلاقا من حاجة الجميع الى الحل سيما وان افق المرحلة المقبلة سوداوي وخطر جدا ويتطلب التنازل . واكد ان لا بديل من الرئيس سعد الحريري لتأليف الحكومة في هذه المرحلة كونه المرشح الوحيد لترؤس الحكومة والذي يحظى بدعم محلي وفرنسي وحتى اميركي .
اميركا ستقاطع؟: وسط هذه الاجواء، موقف اميركي لافت في حال صحّ. اذ أفادت معلومات mtv، انّ مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط أبلغ بعض من التقاهم بأنّ الولايات المتحدة الأميركيّة لن تتعاطى مع أيّ حكومة تضمّ ممثلين عن حزب الله. واذ نفت مصادر بعبدا حصول اي اتصال بين عون والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الساعات الـ48 الماضية، قالت معلومات صحافية ان اللقاء بين عون وشينكر اليوم لم يأت على ذكر اسم حزب الله لا من قريب ولا من بعيد لا في ملف الحكومة ولا في ملف ترسيم الحدود. من جهتها، اشارت مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" الى ان العقوبات على حزب الله وحلفائه مجمدة الى ما بعد الانتخابات الاميركية.
عون والاصلاح: وكان شنكر واصل اليوم جولته على المسؤولين اللبنانيين واستهلها من بعبدا حيث أبلغه رئيس الجمهورية ان لبنان يعوّل كثيرا على الدور الأميركي الوسيط للوصول الى حلول عادلة خلال المفاوضات التي بدأت قبل أيام لترسيم الحدود البحرية الجنوبية، معتبرا ان هذا الدور يمكن ان يساعد في تذليل الصعوبات التي قد تعترض عملية التفاوض. وشكر الرئيس عون الولايات المتحدة الأميركية على الدعم الذي قدمته للبنان بعد المحنة التي نتجت عن الانفجار في مرفأ بيروت، والمساعدات التي أرسلتها الى المتضررين. واكد للموفد الأميركي ان العمل يجري حاليا من اجل قيام حكومة نظيفة تركز على تحقيق الإصلاحات الضرورية للنهوض بالبلاد من الأوضاع الاقتصادية والمالية المتردية التي تمر بها، مركزا على أهمية التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، والذي يعتبر خطوة أساسية في الاطار الإصلاحي واستعادة حقوق الدولة وانهاض الاقتصاد اللبناني.
جولة شنكر: بدوره، اكد السفير شنكر استمرار الدور المسهّل والوسيط الذي تلعبه بلاده في المفاوضات على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، متمنيا العمل على انجاز هذه المفاوضات في اسرع وقت ممكن والوصول الى نتائج إيجابية.
سيف الشفافية: ونوه شنكر بالدور الايجابي الذي يلعبه الرئيس عون في قيادة مسيرة مكافحة الفساد وتغيير النهج الذي كان سائدا في السابق، معتبرا ان الإصلاحات في لبنان أساسية لاسيما وان لا فرق بين السياسة والاقتصاد. واعرب عن امله في ان يتم تشكيل حكومة منتجة تعنى بتحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية.... ولاحقا اوضح المتحدث باسم السفارة الاميركية في بيروت "ان شينكر حضّ الرئيس عون على ان يستخدم سيف الشفافية( في اشارة الى سيف موجود في مكتبه) من اجل تغيير النموذج الحاكم، وقد دوّن عليه" الشفافية هي السيف الذي يقهر الفساد"
ولاحقا، زار الدبلوماسي الاميركي الرئيس نجيب ميقاتي ورئيس تيار المرده سليمان فرنجية والرئيس الحريري ثم رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ويشارك مساء في مأدبة عشاء خاصة تحضرها بعض الشخصيات.
الترسيم عند بري: وليس بعيدا من ملف الترسيم، وفي ظل تحفظ الثنائي الشيعي على طبيعة الوفد اللبناني الى المفاوضات، استقبل رئيس مجلس النواب نبيه بري رئيس الوفد اللبناني التقني المكلف التفاوض لترسيم الحدود البحرية الجنوبية العميد الركن الطيار بسام ياسين.
أزمة محروقات: في الغضون، الازمة الاقتصادية المعيشية تتفاقم. وفي وقت واصل وزير الصحة جولته الفجائية على مستودعات الادوية لدى الشركات والصيدليات للتثبت من منع التخزين، بقيت معضلةُ المحروقات على حالها. واكد ممثّل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا ان "قرار مصرف لبنان الذي يفرض أن تكون جميع عمليات المبيعات بالليرة اللبنانية نقداً من الصعب تطبيقه وإذا لم نصل إلى حلّ خلال يومين فسنذهب إلى أزمة في البلد". في الموازاة، أعلنت المديرية العامة للنفط في بيان ان "بعد صدور التعميم الأخير عن مصرف لبنان الوارد في القرار الوسيط رقم ١٣٢٨٣ الذي يفرض ان تكون جميع عمليات المبيعات بالليرة اللبنانية نقداً؛ تتوقف منشآت النفط في طرابلس والزهراني عن تسليم مادة الديزل أويل للسوق المحلي نظراً إلى غياب الآلية الواضحة لعمليات البيع والتسليم والإيداع كما والنقص الحاد في العنصر البشري الكفيل القيام بمهمات نقدية معقدة؛ في انتظار وضوح الاتصالات الجارية في هذا الصدد".
التجار يرفضون: الى ذلك، عُقد اجتماع استثنائي ضمّ مختلف مكوّنات القطاع التجاري من جمعيات ولجان أسواق ونقابات تجارية من كافة المناطق، بدعوة من رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، للوقوف عند التداعيات المدمّرة المحتملة للقيود المصرفية على السحوبات بالعملة الوطنية. وقال الشماس ان هذه التدابير تهدف الى ضبط الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية التي تسبب التضخم اضافة الى حماية سعر الصرف. وشدد ان رغم ذلك، هناك انعكاسات سلبية على هذا القرار خصوصا على التجار.ورأى أن الثقة وحدها قادرة على تخفيض سعر صرف الدولار، ووسائل الدفع الالكتروني لن تساعد كثيرا اليوم ومرتكزات العمل المصرفي ستتأثر بشكل سلبي. واشار الى ان المشكلة الاكبر في لبنان هي الخلافات السياسية المستحكمة وتعثر المبادرة الفرنسية.