Sep 05, 2020 7:09 AM
صحف

الحكومة.. نبض التأليف يخفت والايام المقبلة حاسمة
أديب متفاجىء بإداء يرفض بعض طروحاته ويفرض عليه طروحات مقابلة

أكَّدت مصادر موثوقة لصحيفة “الجمهورية”، أن الحذر من المماطلة بشأن تأليف الحكومة واضح، ومن ان يخنث السياسيون في ما وعدوا الالتزام به، وحثّ على التعجيل، ذلك انّ فترة الاسبوعين التي حُدّدت كسقف زمني لولادة الحكومة، وإن كانت فترة معقولة، الّا انّها تبدو طويلة، طالما انّ كل الاطراف عبّرت عن استعدادها لتقديم اقصى الايجابيات والتسهيلات. وفحوى الكلام الفرنسي المتجدّد، أن ليس هناك ما يدعو الى اي تأخير، او الى اي تباطؤ، وباريس تأمل أن تبصر حكومة مصطفى اديب النور خلال ايام قليلة جداً.

وربطاً بالاستعجال الفرنسي لتأليف الحكومة، اكّدت مصادر مسؤولة من قلب “الحاضنة السياسية الجديدة” التي كلفت الدكتور مصطفى اديب تشكيل الحكومة، “اننا امام ايام حاسمة، وانّ المشاورات انطلقت على مختلف الخطوط السياسية، لإنضاج تأليف الحكومة، ضمن سقف زمني يفترض الّا يتجاوز نهاية الاسبوع المقبل”.

وقالت المصادر لـ”الجمهورية”: “ان النتائج الاولية لهذه المشاورات يمكن اعتبارها ايجابية، الّا انّها ليست نهائية حتى الآن، فما زلنا في بداية الطريق الذي يدرك الجميع انّه طريق قصير جداً، ومحكومون بالوصول خلاله الى حكومة في غضون ايام”.

وكشفت المصادر، انّ خريطة المشاورات متوزعة على خطوط عدة:

الخط الأول، بين ثنائي حركة “امل” و”حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، حيث تجري هذه المشاورات بوتيرة عالية وبلقاءات متتالية بين المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، والمعاون السياسي للامين العام لـ”حزب الله” الحاج حسين خليل ورئيس التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل. والمطلعون على اجواء هذه المشاورات يقاربونها بإيجابية ملحوظة، مع تأكيد الالتزام بتقديم كل التسهيلات والإسهام الفاعل في ولادة ميسّرة للحكومة.

الخط الثاني، بين عين التينة وبيت الوسط. وبحسب مصادر واسعة الاطلاع، فإنّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري، اكثر من متحمّس لمشاركة تيار المستقبل تحديداً في حكومة مصطفى اديب، لا أن يكون شريكاً فقط في تسميته في استشارات التكليف، بل شريك بفاعلية في التأليف وفي الحكومة، وبالتالي التشارك مع سائر الاطراف في تنفيذ برنامج الاصلاحات الانقاذية للبنان.

وتشير المصادر، الى انّه على الرغم من اعلان الرئيس سعد الحريري بأنّه لن يشارك في الحكومة لا عبر تيار “المستقبل” ولا عبر شخصيات يسمّيها، فإنّ رئيس المجلس يرى انّ المرحلة تتطلب تعاون الجميع من دون استثناء، وبالتالي هو لا يعتبر انّ باب مشاركة الحريري مقفل، وهذا ما يفترض ان تحسمه المشاورات بينه شخصياً وبين الحريري، او عبر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل.

الخط الثالث، مع المرجعيات السنّية السياسية والدينية، ومن بينها رؤساء الحكومات السابقون، وذلك سعياً لترجمة غطائها للرئيس المكلّف وحكومته التي يسعى الى تشكيلها، وثمة توجّه بشكل خاص نحو الرئيس نجيب ميقاتي بالنظر الى “علاقة القربى السياسية وغير السياسية” التي تجمعه بالرئيس المكلّف، سعياً لمشاركته في الحكومة، سواء عبر كتلته النيابية مباشرة، او عبر اسماء يسمّيهم من خارجها.

الخط الرابع، مع رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، حيث تؤكّد مصادر على صلة بخريطة المشاورات، انّ للرئيس نبيه بري دوراً قد يلعبه مع جنبلاط، في محاولة لإقناعه بالمشاركة في الحكومة، برغم ما سبق واعلنه “اللقاء الديموقراطي” خلال استشارات التكليف لجهة عدم المشاركة في حكومة اديب.

التأليف والتزام الأطراف: سياسياً، انقضى يوم جديد من مهلة الاسبوعين التي التزم بها الاطراف السياسيون بتشكيل الحكومة خلالها، مع وعد قطعوه للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بتسهيل تأليفها، وعدم وضع أي شروط تعطيلية مسبقة، او اي عراقيل من اي نوع تؤخّر هذا التأليف.
الحضور الفرنسي في لبنان لم ينتهِ مع مغادرة الرئيس ماكرون بيروت، بل انّ باريس، وربطاً بهذا الالتزام، يبدو انّها تلحق بالسياسيين الى باب الدار. فلقد غادر ماكرون بيروت بعد يومه اللبناني الطويل، بما فيه من جهود ومحاولات لإلباس اللبنانيين ثوب المسؤولية والانتماء الى بلدهم للشراكة في انقاذه، الّا انّ الهاتف الفرنسي بقي شغّالاً مع بعض المقرات الرسمية. وفيه تأكيد فرنسي متكرّر على الوفاء بما ألزمت به الاطراف نفسها في التعجيل في ولادة الحكومة.

وفي الكلام الفرنسي المتكرّر، وكما تؤكّد مصادر موثوقة لـ"الجمهورية"، "حذر واضح من المماطلة، ومن ان يخنث السياسيون في ما وعدوا الالتزام به، وحثّ على التعجيل، ذلك انّ فترة الاسبوعين التي حُدّدت كسقف زمني لولادة الحكومة، وإن كانت فترة معقولة، الّا انّها تبدو طويلة، طالما انّ كل الاطراف عبّرت عن استعدادها لتقديم اقصى الايجابيات والتسهيلات. وفحوى الكلام الفرنسي المتجدّد، أن ليس هناك ما يدعو الى اي تأخير، او الى اي تباطؤ، وباريس تأمل أن تبصر حكومة مصطفى اديب النور خلال ايام قليلة جدا".

شكل الحكومة: بحسب معلومات "الجمهورية"، فإنّ المشاورات تنصّب حالياً على حسم شكل الحكومة، بين ان تكون حكومة تكنوسياسية من غالبية وزراء اختصاصيين، مع عدد محدود وغير مستفز من السياسيّين، يشكّلون الدعامة السياسية للحكومة، وحصانتها ومنصّة الدفاع عنها وحمايتها في المحطات الصعبة. وبين ان تكون حكومة اختصاصيين تسمّي وزراءها الاطراف السياسية، على ان تشكّل الحاضنة السياسية التي سمّت الدكتور مصطفى اديب لرئاسة الحكومة، الحاضنة السياسية الواسعة لها وحصانتها من خارجها.
وتشير المعلومات، الى انّ كلا الخيارين غير مستبعدين حتى الآن. ويقول مرجع سياسي معني بحركة المشاورات لـ"الجمهورية"، انّ كلا الخيارين يحققان الهدف، ولن يكون هذا الامر محل خلاف.
ورداً على سؤال عمّا اذا كان اعتماد صيغة حكومة اختصاصيين يشكّل استنساخاً لحكومة حسان دياب، قال المرجع: "مع كل الاحترام للحكومة السابقة ووزرائها، فقد كانت تجربة جعلتنا نستفيد منها الى اقصى الحدود، وخصوصاً لناحية اختيار الوزراء واختصاصاتهم وكفاءاتهم".
اضاف: "ثم انّ الحكومة الجاري العمل على تأليفها، فحتى لو شُكّلت من اختصاصيين وبلا سياسيين، لن تكون مستنسخة عن حكومة حسان دياب، ذلك انّ حكومة دياب احدى نقاط ضعفها الاساسية، انّها كانت حكومة لون واحد، وكانت مؤيّدة من حاضنة سياسية ثلاثية؛ التيار الوطني الحر، وحركة امل، و"حزب الله" مع بعض الحلفاء، فيما السنّة بمستوياتهم السياسية والدينية بشكل عام كانوا ضدّها، وكذلك قوى سياسية في لبنان كانوا ضدّها، فضلاً عن انّها كانت شبه معزولة دولياً. اما مع الحكومة الجاري تشكيلها، فإنّ الوضع مختلف جذرياً، ذلك انّ الحاضنة السياسية لهذه الحكومة واسعة، يُضاف الى ذلك تمتعها بالغطاء السنّي الكامل، السياسي والديني، وهنا تكمن اهم اسباب قوّتها، اضافة الى الحاضنة الدولية لها، التي تشكّل فرنسا بالتفاهم مع الولايات المتحدة الاميركية، نقطة الارتكاز فيها".

حجم الحكومة: وبحسب معلومات "الجمهورية"، فإنّ المشاورات تتمحور حول هدف اساس، هو تقديم صيغة حكومية تحظى بالمقبولية الداخلية، وتنسجم بشكل كلي مع متطلبات المبادرة الفرنسية. ومن هنا، فإنّ ثلاث صيغ حكومية طُرحت على بساط البحث: حكومة واسعة ثلاثينية، حكومة متوسطة 20 وزيراً، وحكومة مصغّرة من 18 وزيراً. الّا انّ التوجّه الغالب كما توحي اجواء المشاورات، هو نحو حكومة متوسطة على شاكلة الحكومة السابقة، مع إصرار على اشراك سياسيين فيها. الّا انّ هذا الأمر لم يُحسم نهائياً بعد، في انتظار مشاورات مباشرة بين اطراف الحاضنة الجديدة والرئيس المكلّف، الذي يُتوقع ان يكون له لقاء قريب مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري. علماً انّ خط التواصل مفتوح بينه وبين النائب علي حسن خليل.

وبعيداً من الاضواء بدأت مفاوضات تأليف الحكومة، بعدما تشاور رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف بشكلها ومهماتها. وتشير المعطيات القليلة المتوافرة  بحسب "النهار" الى ان عدد اعضاء الحكومة قد يكون عشرين وزيراً اي بين ما كان يفضله رئيس الجمهورية ?? وما كان يفضله الرئيس المكلّف ?? وزيراً من اجل ان يتمكن كل وزير من التفرغ لوزارته وما تحتاجه من ورشة اصلاحات مطلوبة من هذه الحكومة.
وتشير المصادر الى ان مسألة التوقيع الشيعي والاحتفاظ بوزارة المال للطائفة الشيعية لن يثير مشكلة وقد يتم التفاهم عليه بين الثنائي الشيعي ورئيس "التيار الوطني الحر" انطلاقاً من مبدأ الميثاقية. كذلك لن تشكل المداورة عقدة بحيث يسمي رئيس الجمهورية ثلاثة اسماء مقبولة في وزارات الخارجية والعدل والطاقة، وتبقى الحقائب السيادية والاساسية على توزيعها الحالي.
وعلم ان الرئيس المكلّف لم يحسم رأيه بعد بتوزير مسيسين فيما تلقى نصيحة بأخذ رأي رؤساء الكتل في تسمية ممثليهم نظراً لكون الحكومة تحتاج الى ثقة الكتل النيابية.
وأفادت مصادر أخرى مواكبة للاتصالات الجارية "النهار" ان ثمة اتجاها لدى الرئيس المكلف الى تسريع تشكيل الحكومة ضمن فترة قصيرة قياسية. وعلى ضرورة التريث في تحديد أي مواعيد غير ثابتة في هذا الصدد فان المصادر نفسها تلفت الى مناخ عام مختلف تماما هذه المرة في مجريات تشكيل الحكومة الجديدة، وطبعا يعود الكثير من مسبباته الى الرعاية الفرنسية الضاغطة باستمرار للدفع نحو استعجال تأليف الحكومة والشروع في تنفيذ الاجندة الطارئة لمهماتها والتي توافق عليها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مع القيادات السياسية اللبنانية في اجتماع قصر الصنوبر. ومع ذلك فان الأيام القليلة المقبلة ستشكل الاختبار والمحك الحاسمين لالتزام القوى السياسية ما تعهدته سواء في لقاءاتها مع ماكرون او في الاستشارات النيابية التي اجراها الرئيس المكلف لجهة تسهيل الولادة الحكومية والدفع نحو استعجالها كما لجهة تأليف حكومة اختصاصيين. وتكشف المصادر ان ثمة مسائل لم تبت تماما وبشكل حاسم بعد من شأنها ان تبقي باب المفاجآت قائما بمعنى تأخير الاتفاق على التركيبة الحكومية قبل بت هذه المسائل ومنها توزيع الحقائب السيادية والخدماتية وما اذا كان الجميع سيوافقون على اسقاط حصرية الحقائب لبعض الافرقاء كحقيبة المال للفريق الشيعي والطاقة للتيار الوطني الحر . ثم ان ثمة شكوكا حيال امكان تحفظ أطراف مثل "حزب الله" على حصر الحكومة باختصاصيين غير سياسيين وغير حزبيين وما اذا كان ذلك سيؤدي الى استيلاد مواقف مقابلة من أطراف آخرين بما يهدد مسعى الرئيس المكلف الى تأليف حكومة اختصاصيين صرفة .
وطبقا لما كانت أوردته "النهار" قبل يومين افادت وكالة رويترز نقلا عن مصادر لبنانية ان المدير العام لجهاز المخابرات الفرنسية السفير الفرنسي السابق في لبنان برنار إيمييه انضم الى الجهود لدفع لبنان لتشكيل حكومة جديدة واجراء الإصلاحات. وقال ثلاثة مسؤولين لبنانيين ان ايمييه على اتصال بمسؤولين لبنانيين في شأن القضايا التي نوقشت خلال زيارة الرئيس ايمانويل ماكرون الأخيرة لبيروت . وردا على سؤال عما اذا كان ايمييه يلعب دورا في هذا الشأن قالت الرئاسة الفرنسية ان "الرئيس يقوم بالمتابعة وكل شخص داخل الدولة يقوم بعمله وسيقوم وزير الخارجية باجراء الاتصالات اللازمة أيضا. واكد مسؤول لبناني ان ايمييه يتابع جميع الملفات التي قدمها ماكرون في زيارته الأخيرة ولذا فهو على اتصال بالعديد من المسؤولين اللبنانيين من مختلف الأطياف السياسية ويحثهم على الإسراع في تنفيذ الإصلاحات.

تركيبة الحكومة: اما في ما خصّ تركيبة الحكومة، فبحسب مصادر المعلومات، فإنّ الاولوية هي لحكومة بوجوه جديدة، بحيث لا تضمّ في صفوفها اياً من الوجوه الوزارية السابقة. كما انّ المشاركة في هذه الحكومة مفتوحة بالدرجة الاولى على مختلف القوى الحاضنة للتكليف.
وتؤكّد المصادر، أنّ "حزب الله" ليس مستثنى من هذه المشاركة، على الرغم من كل الدعوات التي تدعو الى استبعاده، وآخرها من الاميركيين الذين عبّروا بشكل واضح، وفق ما نقلت "العربية" عن المتحدثة بإسم الخارجية الاميركية، عن انّ واشنطن لا تريد ان يكون "حزب الله" ضمن الحكومة الجديدة.

وقالت مصادر سياسية معنية بحركة المشاورات، انّه بمعزل عن الكلام المنسوب الى المتحدثة بإسم وزارة الخارجية الاميركية، فإننا لم نتبلغ من الاميركيين لا مباشرة او مواربة، اي كلام من هذا النوع، بل على العكس، فإنّ الاميركيين يدعون الى الاسراع في تشكيل حكومة تنفّذ اصلاحات وتحقق متطلبات الشعب اللبناني. وهذا ما سمعناه مباشرة من وكيل وزارة الخارجية الاميركية دايفيد هيل، الذي قال صراحة، انّ بلاده تعايشت في السابق مع حكومات كان "حزب الله" شريكاً فيها بوجوه حزبية، وكذلك لمسناه من الموقف الاخير لوزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، حينما قال انّ الوضع في لبنان غير مقبول، وينبغي ان تكون هناك حكومة تقوم بالاصلاحات الحقيقية لإحداث التغيير، من دون ان يشير الى اي شرط - كإبعاد الحزب عن الحكومة - من شأنه ان يتعارض مع المبادرة الفرنسية، والتي قال بومبيو، انّ بلاده على تواصل دائم مع الفرنسيّين حيال لبنان.

وبحسب المصادر، انّ الفرنسيين اكّدوا انّ مبادرتهم تجاه لبنان منسقة مع الاميركيين، وبالتالي اي اشتراطات من اي نوع، مثل محاولة ابعاد اي طرف عن الحكومة سواء "حزب الله"، هي اشتراطات في وجه المبادرة الفرنسية التي تدعو، من موقع التفهّم الكامل للتركيبة اللبنانية وتوازناتها، الى شراكة كل القوى اللبنانية بما فيها "حزب الله" في عملية الانقاذ.

وتلفت المصادر، الى انّ اي اشتراطات من هذا النوع، ولاسيما لجهة وضع "فيتو" على مشاركة الحزب في الحكومة، لا تساهم في التعجيل بتشكيل الحكومة، بل تعقّد الامور. إذ كلما جرت الاشارة لمثل هذه الشروط بصورة صريحة او مواربة من قِبل الاميركيين المعروف موقفهم من الحزب، او من قِبل غيرهم، تجعل "حزب الله" متصلباً اكثر ومصرًّا على شراكته في الحكومة اكثر فأكثر. وهذا ما تؤكّد عليه اجواء "حزب الله". ولا ينفصل موقف الحزب هنا عن موقف حلفائه في حركة امل والتيار الوطني الحر.

الأحجام والحقائب: وفيما تؤكّد اجواء المشاورات على انّ الهدف هو تأمين فريق عمل حكومي متجانس، وهو ما يؤكّد عليه الجميع، وفي مقدّمهم الرئيس المكلّف مصطفى اديب، الّا أنّ مسألتين اساسيتين تواجهان عملية تأليف الحكومة:

الاولى تتعلق بأحجام القوى التي ستتمثل في الحكومة، وخصوصاً انّ التيار الوطني الحر تحديداً، يؤكّد على شراكة توازي حجمه النيابي والتمثيلي، الى جانب حصّة رئيس الجمهورية.

الثانية، تتعلق بتوزيع الحقائب الوزارية، وهنا يبرز رفض التيار الوطني الحر ان يُحاط وحده بشروط، كمثل استبعاده عن حقائب وزارية معينة وتحديداً وزارة الطاقة، او بشروط القصد منها فقط استهداف التيار، فهذا المنحى مرفوض. بل هو يقبل بشروط تسري على الجميع. ومن هنا جاءت دعوة رئيسه جبران باسيل الى المداورة في الوزارات.
وفي هذا السياق، يبرز ايضاً اصرار الرئيس نبيه بري على انّ ابقاء وزارة المالية اساساً في الحصّة الشيعية في الحكومة، وهذا الاصرار ليس إصراراً سياسياً، بل هو إصرار مبدئي، لأنّه جرى التأكيد على هذا الأمر في الطائف، وتمّ القفز عليه في بعض المحطات، قبل ان يُعاد الأمر الى مساره الصحيح في الحكومات الاخيرة. الّا انّ بعض المصادر لم يستبعد ان يحصل تطوّر ما حيال هذا الامر، ربطاً بإعلان الرئيس بري عن انّه سيكون متجاوباً جداً، اكان في تأليف الحكومة، او في جعل المجلس النيابي ورشة عمل داعمة للحكومة وعلى جهوزية تامة لاقرار ما تطلبه من مشاريع تخدم ورشة الاصلاح الموعود.

جميعهم محشورون: الى ذلك، لفتت مصادر معنية بملف تأليف الحكومة لـ"الجمهورية"، انّ الرئيس المكلّف، وبناء على التجاوب الذي لمسه من مختلف الاطراف، حدّد لنفسه مساحة زمنية محدودة جدًا، يضع خلالها مسودة حكومته لعرضها على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في غضون ايام قليلة. على ان تأتي ضمن العنوان الذي حدّده "حكومة عمل منسجمة".

وبحسب المصادر، فإنّ الرئيس المكلّف منفتح على الجميع، ولن يخطو اي خطوة استفزازية لأي طرف، بل انّ التوافق هو الاساس، باعتباره يشكّل عامل التحصين لحكومته، بما يمكنها من تنفيذ مهمتها الاصلاحية والانقاذية الموكلة اليها بالسهولة والسرعة التي يريدها.

واذا كان الرئيس المكلّف لم يُقابل حتى الآن بمواقف متصلبة على مسار التأليف، فإنّ المصادر عينها تلفت الى انّ كل الاطراف محشورة بسقف مهلة الاسبوعين التي يُفترض ان تتشكّل الحكومة خلالها، ومحشورة ايضاً بسقف التزاماتها التي قطعتها امام الرئيس الفرنسي، وبالتالي كل الاطراف، ولتحقيق ولادة سريعة للحكومة، محكومة بتقديم تنازلات وعدم تكرار لغة الشروط المتبادلة، والتي لطالما تسببت بتأخير تشكيل الحكومات لاشهر عدة، فيما وضع لبنان لا يحتمل التأخير ولو لبضعة ايام بعد مهلة الاسبوعين.

ما كان يدور همساً في كواليس التأليف حول وجود "نقزة" وريبة من احتمال عودة ذهنية العرقلة إلى تسيّد المشهد الحكومي، جاهر به أمس عدد من المواكبين لعملية مشاورات التشكيل مستغربين بروز طروحات ومطالب خارجة عن سياق التعهدات التي قطعها بعض المسؤولين أمام الراعي الفرنسي. فبعدما تسارع "نبض التكليف" تحت وطأة وهرة الرئيس إيمانويل ماكرون ووهج زيارته الميدانية للبنان، سرعان ما عاد "نبض التأليف" ليخفت تحت أنقاض المطالب والشروط الرئاسية والسياسية، حتى يكاد البحث عن جديد المعطيات المتصلة بعملية التأليف يحتاج إلى كلب تشيلي آخر على نسق "فلاش" يعيد الأمل بوجود ومضات ضمير قابل للحياة لدى المسؤولين، لكن على ما يبدو "عادت حليمة لعادتها القديمة" وعادت معها "الذهنية نفسها والنهج نفسه" في التعاطي مع استحقاقات تشكيل الحكومات، وفق ما عبّرت مصادر سياسية مطلعة على سير الأمور حكومياً، معربةً عن أسفها لكون "البعض لا يزال يرى الأمور من منظار مصالحه الضيقة رغم أنّ البلد وصل إلى مرحلة مفصلية بلغ معها اللبنانيون منعطفاً مصيرياً حتى أصبحوا حرفياً لا مجازياً أمام قضية حياة أو موت".

عراقيل مقنعة فاجأت أديب: وأوضحت المصادر لـ"نداء الوطن" أنّ "الرئيس المكلف مصطفى أديب لا يزال على اندفاعته وعلى الخطوط العريضة التي رسمها لتصور تشكيلته الوزارية، غير أنّ عراقيل مقنَّعة عدة بدأت بالظهور تباعاً غداة إقلاع طائرة الرئيس الفرنسي من بيروت، لا سيما لناحية محاولة فرملة جنوحه نحو ولادة تشكيلة اختصاصية مصغرة منزهة عن أي وصمة تسييس أو محاصصة"، موجهةً صراحةً إصبع الاتهام إلى "أطراف لطالما عرقلوا وأخّروا تشكيل الحكومات من أجل تسميات وحصص وحقائب، لا سيما منهم رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل الذي تبدو بصماته جلية خلف إلحاح الرئاسة الأولى على مطالب معينة تطال شكل التشكيلة الحكومية وجوهر تركيبتها".

وفي هذا المجال، تكشف المصادر أنّ أديب الذي زار قصر بعبدا على عجل أمس الأول لبلورة آلية تسريع الولادة الحكومية "سمع كلاماً لا يوحي بالاستعجال في التأليف، لا بل تفاجأ بأداء يرفض بعض طروحاته ويفرض عليه طروحات مقابلة"، مشيرةً إلى أنّ "عون رفض على سبيل المثال تشكيل حكومة مصغّرة وأعاد على مسامع الرئيس المكلف تكرار ما كان باسيل قد طالب به حرفياً من على منبر استشارات "عين التينة" لناحية ضرورة أن يكون لكل حقيبة وزير وعدم دمج عدة حقائب بوزارة واحدة". أما في موضوع "المداورة" فلفتت المصادر إلى أنّ "إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على حقيبة المالية أثار حفيظة باسيل فخرج حينها بنظرية المداورة لكي تُسحب هذه الحقيبة من يد الثنائي الشيعي رداً على قبولهم بسحب حقيبة الطاقة من يده".

عون يلوّح بالفيتو: إلى ذلك، برز خلال الساعات الأخيرة ما نقلته مصادر نيابية لـ"نداء الوطن" عن اتجاه رئيس الجمهورية نحو التلويح بحق "الفيتو" على أي إسم يطرحه الرئيس المكلف في تشكيلته الوزارية من دون رضى عوني، كاشفةً في هذا الإطار عن "إعداد دوائر بعبدا بالتنسيق مع رئيس التيار الوطني مجموعة من الأسماء المطلوب توزيرها على قاعدة وجوب أن يكون رئيس الجمهورية شريكاً في عملية التسميات مع الرئيس المكلف ربطاً بتلازم توقيعيهما دستورياً على مرسوم التأليف".

وإذ ترى المصادر النيابية أنّ "مهمة الرئيس المكلف لن تكون سهلة على ما يبدو إذا لم يتجدد الضغط من الخارج" مرجّحةً أن يبدأ "رنين هواتف" بعض المسؤولين اللبنانيين باتصالات واردة من باريس إذا ما استمرت العرقلة بعد انقضاء أسبوع على التكليف، تؤكد أوساط مطلعة على أجواء الرئيس المكلف في المقابل أنه "عازم على تجاوز العقبات التي برزت خلال الساعات الأخيرة"، لافتةً إلى أنه يواصل مشاوراته الرئاسية والسياسية بإسناد فرنسي مباشر "ولا يزال يبحث في السير الذاتية التي وردته عن شخصيات اختصاصية تتماشى في كفاءاتها مع تصوره لتشكيلته المرتقبة"، مع التشديد على أنه لا يزال يميل إلى أن تكون تشكيلة مصغّرة "باعتبارها أقدر على الحركة والإنجاز بعيداً عن الحكومات الفضفاضة التي تخدم بتركيبتها الموسّعة فكرة المحاصصات السياسية أكثر من كونها تخدم مهمة الإصلاح".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o