Sep 02, 2020 11:29 AM
خاص

مروان بركات: بريق أمل في الأفق على وقع المبادرة الفرنسية

المركزية- اعتبر كبير الاقتصاديين رئيس قسم الأبحاث لدى "بنك عودة" الدكتور مروان بركات أن "مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في شأن لبنان الذي زاره البارحة حاملاً في جعبته خارطة طريق سياسية واقتصادية لإنقاذ البلد من أزمته المُستعصية، قد حرّكت بدون شكّ، المياه الراكدة في الداخل اللبناني وأعطت بريق أمل بأبعادها التي من شأنها، إن نجحت، أن ترسم معالم مستقبل البلاد السياسي والاقتصادي والمالي والاجتماعي في المدى المتوسط".

وقال في حديث لـ"المركزية": في الواقع، إن المبادرة الفرنسية، في ما تشكّل من فرصة ذهبية على اللبنانيين تلقّفها بجدّية وعزم، تحمل في طيّاتها بنوداً أساسية تصبّ بالدرجة الأولى في خانة تشكيل حكومة جديدة فاعلة ومُنتجة، تُحاكي وجع الناس ومتطلّباتهم، وقادرة على مواكبة التحديات الجمّة وإطلاق عجلة الإصلاحات الهيكلية المنشودة، ما يفتح الباب أمام المساعدات الدولية التي يحتاج اليها لبنان بشدّة لفرملة الانهيار المالي.

وأضاف: في هذا السياق، يتعيّن على الحكومة العتيدة أن تواجه خمسة تحديات ماكرو اقتصادية رئيسية، هي:

- أولاً، تصحيح الوضع النقدي مع التراجع في احتياطيات مصرف لبنان السائلة إلى ما دون 20 مليار دولار في ظل الاحتياجات التمويلية الملحوظة بالعملات الأجنبية والتي تناهز على أقل تقدير، ما يوازي 10 مليارات دولار في السنة. من هنا أهمية المساعدات الخارجية تكون محورها فرنسا، وإرساء برنامج كامل مع صندوق النقد الدولي من قبل الحكومة العتيدة يضمن مصداقية الدولة في تنفيذ الإصلاحات الموعودة ويكون له أثر الرافعة على الدول المانحة بشكل عام.

- ثانياً، تصحيح الأوضاع المصرفية مع ضرورة توحيد الإجراءات المصرفية ضمن مشروع قانون Capital Control يصدر عن السلطة التنفيذية وتتبنّاه السلطة التشريعية بالترافق مع جهود إعادة هيكلة القطاع المصرفي لتعزيز مكانته المالية وحوكمته وتحفيز قدرته على الصمود.

- ثالثاً، تصحيح الاختلالات القائمة على صعيد المالية العامة التي تشكّل عنصر الهشاشة الأبرز حالياً في الاقتصاد الوطني، علماً أن النموذج القائم حول تمويل العجز المالي العام عن طريق الودائع المصرفية غير قابل للاستدامة، إذ أن قاعدة الودائع انخفضت بمقدار 15 مليار دولار في العام 2019 وبمقدار 14 مليار دولار في النصف الأول من العام 2020. من هنا أهمية خفض الدولة لحاجاتها التمويلية عن طريق تعزيز الإيرادات وتحسين الجباية ومكافحة التهرّب الضريبي وخفض الإنفاق وخدمة الدين وإصلاح قطاع الكهرباء وخصخصة بعض المؤسسات العامة من أجل خفض نسب العجز والاستدانة.

- رابعاً، تصحيح القطاع الخارجي مع تفاقم الاختلالات الخارجية، علماً أن النموذج القائم على استدامة العجز التجاري بالاعتماد على تدفقات الأموال الوافدة لم يعد قابلاً للاستمرار نظراً إلى التراجع الملحوظ في حركة التدفقات المالية. هناك إمكانية لتحقيق توازن في ميزان المدفوعات من خلال تخفيض حجم الواردات بشكل إضافي وزيادة الصادرات، وذلك على رغم فرضية التراجع في حركة الأموال الوافدة خلال العام الحالي. من هنا أهمية رفع الضرائب على الاستيراد وتحفيز الإنتاج المحلي والتصدير عن طريق دعم القطاعات ذات القيمة المضافة العالية في لبنان.

- خامساً، إعادة النمو الاقتصادي وخلق الوظائف، بعد انتقال الاقتصاد الوطني حالياً من حلقة النمو المنخفض إلى وضعية الركود التضخمي في ظلّ انخفاض الناتج المحلي الفعلي بما يزيد عن 10% هذا العام وارتفاع نسبة التضخم إلى 90%. من هنا أهمية تحفيز الاستثمار الخاص الذي له رافعة على النمو الاقتصادي خصوصاً في ظل استحالة تعزيز الإنفاق العام نظراً إلى ضرورة الإجراءات التقشفية. وهنا تبرز أهمية تحفيض النفقات التشغيلية وتحسين معايير مزاولة الأعمال وخفض معدلات الفوائد التي كان لها آثار استبعادية على الاستثمار الخاص خلال العقد المنصرم.

وختم بركات: الاختلالات البنيوية القائمة في لبنان حالياً جسيمة بلا شكّ، إلا أن المخارج ما زالت متاحة إذا صدقت النوايا وتمّ اتخاذ خيارات وتدابير جذرية بدون أي مماطلة من قبل الحكومة العتيدة والسلطات المعنيّة، تعبُر بلبنان إلى برّ الأمان.

* * *

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o