Aug 25, 2020 12:54 PM
خاص

عودة الحريري لرئاسة الحكومة اليوم انتحار سياسي واوكسيجين للخصم
الثنائي الشيعي يريده لتغطية وضعيته المهترئة في انتظار تشرين

المركزية- ابعد من تحديد او عدم تحديد موعد رئاسي للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف شخصية سنية تشكيل حكومة انقاذ البلاد من المصير الاسود الذي تخطو آخر خطواتها نحو قعره، وأبعد من التعاطي الاعتباطي للسلطة مع الملف الحكومي على قاعدة "business as usual" وكأن البلاد بألف خير ولا كارثة ولا شعب منكوبا يلعنهم كل لحظة، بدت لافتة موجة الغضب السني التي انفجرت امس رفضا لاستبعاد الطائفة عن حقها في ان تكون لها الكلمة الفصل في رئاسة الحكومة، كما هي الحال بالنسبة الى الشيعة في رئاسة مجلس النواب الذي يتربع على عرشه الرئيس نبيه بري منذ نحو ثلاثة عقود لأن ساسة طائفته يريدونه ونقطة عالسطر.

قد يكون نموذج لبنان الطائفي يعطي هذا الحق للسنّة، كما لغيرهم من الطوائف،  وهم على حق ما دامت الدولة لم تتحول الى مدنية، غير ان المطلب هذا لا بدّ الا ان يلبي رغبات الشارع السني ايضا وليس فقط الطاقم الروحي والسياسي كما تطلعات اللبنانيين الثائرين ضد الطبقة الحاكمة تحت شعار "كلن يعني كلن"، بعيدا من اي استثناء ومن اي مصلحة فئوية كانت ام حصصية.

تقول مصادر سياسية في المعارضة لـ"المركزية" لا نشكّنَ لحظة في وطنية الرئيس سعد الحريري وتفانيه وتضحياته التي تخطت كل حدود لمصلحة لبنان وقد بلغت الحد الاقصى بعد اغتيال والده، وهو لطالما ردد مقولة الرئيس رفيق الحريري "ما حدا اكبر من بلدو". الا ان مصلحة الرئيس الحريري الوطنية والشخصية والسياسية تقتضي اليوم رفض كل عرض يقدم في الداخل او الخارج للعودة الى رئاسة الحكومة راهنا، لأن هذه العودة، حتى لو كانت وفق شروطه بالكامل، وهو امر شبه مستحيل استنادا الى المعطيات السياسية القائمة، هي بكل بساطة انتحار سياسي وخدمة لا مثيل لها للفريق الحاكم الذي قاد البلاد بيده الى الانهيار لا لشيء الا لأن مصالحه الفئوية وتلك العابرة للحدود تقتضي ذلك، وهو، باعتقاد المصادر لن يتوان عن الاستمرار في مشروعه ليبقى هو ولو مات لبنان.

من هنا، تشدد المصادر على وجوب عدم انغماس الحريري في لعبتهم تحت اي ظرف، واذا اقتضى الامر فليسمِ من يريد من الشخصيات السنية الممكن ان تقود المرحلة بامتياز، وهي كثيرة. فقد اثبتت التجربة ان فريق 8 اذار الذي تمكن منذ العام  2005 حتى اليوم من فرض سطوته بكل اشكالها السياسية والعسكرية والامنية على الدولة، من دون ان يتورع عن تحريك اوراقه الترهيبية حينما اقتضت الحاجة، وأفشل كل المشاريع لمصلحة بقاء مشروعه مكرسا الانتصار تلو الاخر، ليس في وارد التراجع قيد انملة لمصلحة اي كان ولو كانت هذه المصلحة لانقاذ لبنان، الذي لم يبق منه ما يتناتشه من حصص مع حلفائه في السلطة، وقد لا تبقى سلطة ليتربع على كرسي رئاستها اي حليف.

ان جلّ ما يريده الثنائي الشيعي من عودة الحريري الى رئاسة الحكومة هو انقاذه من الفخ الذي نصبه حزب الله لنفسه، باعتبار انه اكثر الشخصيات السنية الممكن ان تعيد فتح خطوط المساعدات الدولية للبنان لتبيض له ذهبا يمكن ان يغطي الحزب ويمنع الانهيار الشامل حتى موعد الانتخابات الاميركية التي يراهن على نتائجها لفك الخناق المفروض عليه من ادارة الرئيس دونالد ترامب، فيمده بالاوكسيجين الضروري حتى ذلك الحين، من هنا يمكن فهم ضغط الرئيس بري في هذا الاتجاه، بحسب المصادر، فالحزب ليس في وارد تقديم اي تنازل جوهري، بل يستجدي تمديد التسوية والوضعية التي قامت قبل حكومة الرئيس حسان دياب، واستدراج تدخل لمصلحته بأوراق امنية وسياسية. فهل يدرك الرئيس الحريري هذا الواقع وينأى بنفسه عن جريمة تُرتكب في حقه وحق الفريق السيادي، فيقطع عن المنظومة الحاكمة خطوط الامداد بالاوكسيجين ويتركها تتحمل مسؤولية ما اقترفت في حق الوطن وشعبه؟ الايام المقبلة قد تحمل الجواب اليقين..

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o