هل تكسب عكر تحدي الحد من السلاح المتفلت؟

المركزية-  على طريقة "مصائب قوم عند قوم فوائد"، أسهم الحجر الصحي الذي فرضته جائحة كورونا في انخفاض نسبة الجريمة. لكن هذه الصورة انقلبت رأسا على عقب عند إعادة فتح البلاد أمام الحركة الاقتصادية. ذلك أن العودة إلى الحياة والحركة والأعمال جعلت الناس يلمسون لمس اليد مدى انخفاض قيمة العملة الوطنية، والاجهاز على القدرة الشرائية، ما يعني ارتفاع معدلات الفقر والجوع والجريمة...

وبينما يبدو هذا المشهد مألوفا ومتوقعا في أي دولة تواجه أزمة اقتصادية حادة كالتي يغرق لبنان في أتونها  في الوقت الراهن، فإن لبنان "بكل عرس إلو قرص". بدليل أن تردي الأوضاع الاجتماعية أعاد إلى دائرة الضوء قضية السلاح المتفلت الذي خطف حياة كثير من شباب لبنان وشاباته، في السنوات الماضية، لا لشيء إلا لأن هناك من لا يجد ضيرا في الاستقواء على الدولة وسيادتها وسلطتها، متلاعبا بحياة الناس بكل دم بارد.

وفي السياق، تذكر مصادر عليمة عبر "المركزية" بأن السنوات الماضية حفلت سجلاتها القضائية بالجرائم التي ارتكبها حاملو السلاح المتفلتون من وجه العدالة والقانون، وهم  ممن لا يقيمون لهما وزنا. فالذاكرة الجماعية لا تزال تحفظ الجريمتين اللتين أودتا عام 2015 بجياة كل من ايف نوفل وإليان سفطلي في ليلة كانونية اختارا تمضيتها في الملاهي الليلية الكسروانية، ولم يخطر في بالهما أن سهرة يفترض أن تكون مرادفا للفرح ستتحول إلى سواد وحزن وغياب. كذلك لا يزال لبنان يتذكر كيف ذهب الشاب روي حاموش ضحية السلاح المتفلت من جانب أناس لا يعرفون إلا الجريمة سبيلا لتصفية الحسابات، في دولة يغيب عنها بشكل مخيف منطق المساءلة والمحاسبة، بدليل أن أي تطورات قضائية مهمة لم تسجل في عدد من الملفات.

على أن المصادر تنبه في السياق عينه إلى أن في مقابل البطء في تحريك الملفات القضائية لأسباب يعرفها الجميع، فإن الحل موجود إذا كانت نيات السلطات المتمسكة بالشعارات الاصلاحية والتغييرية صافية. وفي هذا الاطار، تذكر المصادر أن من مسؤولية وزارتي الدفاع والداخلية إطلاق ورشة تنظيم قطاع السلاح الحربي، مع العلم أن من صلاحية وزير الدفاع وقف العمل بتراخيص السلاح عندما تدعو الحاجة إلى ذلك.

إلا أن بعض المطلعين على  شؤون وشجون هذا الملف يعتبرون أن اقتناء التراخيص المخصصة للسلاح الحربي قد لا يفي بالغرض منها لأن لا مكان لبيعها أصلا، ما يجعل اقتناءها محدودا، نظريا على الأقل. غير أن المشكلة تكمن في التهريب الذي يصل عبره هذا النوع من الأسلحة إلى الأراضي اللبنانية، في وقت لا تزال السلطة عاجزة عن إقفال الحدود لمكافحة هذه الآفة الخطرة. لكن المصادر لا تخفي أن وزيرة الدفاع زينة عكر عدرا قد تكون حملت إلى لبنان بصيص أمل في هذا المجال، حيث أن كلاما يدور في الكواليس عن أنها أقدمت على تحديد عدد رخص السلاح المسموح حملها من جانب السياسيين والعناصر الأمنيين المولجين حمايتهم، على أن يصار في مرحلة لاحقة إلى متابعة هذه الورشة عن طريق التنظيم التام لحمل السلاح وفق معايير محددة طال انتظارها.