Apr 29, 2020 12:52 PM
اقتصاد

سلامة: ميزانية مصرف لبنان متطابقة مع المعايير الدولية.. ولا معلومات مكتومة
"المركزي" موّل الدولة لكنه لم يصرف الأموال... والودائع موجودة

المركزية- "لن يكون مصرف لبنان أداة للتحريض على عدم الاستقرار بل سيتصرف استناداً الى قانون النقد والتسليف ويحافظ على استقلال قراره"... الكلام لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي أعلن أن "مصرف لبنان لم يكلف الدولة اللبنانية ليرة واحدة، بل كان يسجل أرباحا ويحولها إلى الدولة اللبنانية وساهم في خفض دين الدولة في باريس 2 ، واستعملنا فروقات الذهب في مراحل معينة لإطفاء الدين". وأكد أن "التطمينات التي أثرناها كانت صادقة ونابعة من إرادتنا في المساهمة بحياة كريمة للبنانيين... نحن نطمئن اللبنانيين ونؤكد أن الودائع موجودة وهي تستعمل". كذلك أكد "الاستمرار في تمويل استيراد القمح والأدوية والفيول ما يؤدي إلى استقرار الأسعار لخدمة اللبنانيين". وقال: لم ولن نفلس المصارف وذلك من أجل المودِعين، كما طلبنا منها زيادة رأس المال وكل المصارف التزمت وتحاول تنفيذ الأمر بسرعة. وأكد أن "الانفاق تابع للنظام المالي لمصرف لبنان واما القول بالعكس فهو افتراء يهدف الى تضليل الرأي العام وايهامه بأن مسؤولية القرارات المالية في مصرف لبنان محصورة بشخص الحاكم وذلك من اجل تعزيز الحملة المبرمجة عليه شخصياً"..

كلام سلامة جاء في كلمة ألقاها من مقرّ مصرف لبنان الرئيسي، نُقلت مباشرة على شاشات التلفزة، وقال فيها: ليس من عادتي ولا هو دوري ان آتيكم بنظريات تحرك مشاعركم ولا تغنيكم عن الصعوبات ونحن في عمق وضع مأزوم يعمل بعضنا على محاولة استغلاله وبعضنا الآخر على الهروب من مواجهته وآخرون على التهرب من مسؤولياتهم او تحميلها لسواهم. انا لا اخاطب العواطف ولا احترف صناعة اليأس، انما التزم القانون واتحدث بالارقام. لذلك وبناءً على رغبة رئيس الحكومة، اضع بين ايديكم الحقائق والوقائع بالارقام وبموجب القوانين المرعية لمصرف لبنان. ما يهمني شرحه هو الاسس التي يعمل من خلال المصرف المركزي سواء بتحديد سياسته النقدية او تحديد حساباته ومحاسبته. وهي امور مذكورة في المادة 13 من قانون النقد والتسليف والمواد 41 الى 46 من نفس القانون والمادة 51.

وأضاف: البنك المركزي كما ينص القانون لديه مجلس مركزي مؤلّف من 4 نواب حاكم ومدير عام المالية ومدير عام الاقتصاد، ولا ينعقد اذا غاب اثنان هما مدير عام كل من وزارتيّ الاقتصاد والمال. وصلاحيات المجلس المركزي محددة في قانون النقد والتسليف لا سيما المواد 28 - 34 وفي المادة 33 في الفقرتين 10 و 11 التي تحدد ان المجلس المركزي يقرر موازنة المصرف ويقرر قطع الحساب. وبالفعل قام المجلس المركزي عبر كل السنوات التي كنت انا حاكما لمصرف لبنان بتحديد موازنة البنك وقطع الحساب له، وهذا الامر مهم لحماية استقلالية مصرف لبنان التي نتمسك بها. هناك قواعد الاشراف على حسابات المصرف تشير الى الحوكمة والشفافية. قرارات المجلس المركزي تبلغ الى مفوض الحكومة الذي يبلغها بدوره الى وزارة المالية، وحسابات مصرف لبنان ليست مخفية على احد. المجلس المركزي اقر نظاما ماليا خاصا بالبنك المركزي وهذا امر طبيعي لان المصرف المركزي لا يعمل بنفس الطريقة التي تعمل بها المصارف التجارية. وتحصل تدقيقات نظراً الى موجودات النظام المالي الخاص الموجود في كل المصارف المركزية ليلعب مصرف لبنان دوره كما حدده قانون النقد والتسليف لا سيما المادة 70 من حيث تأمين الاستقرار التسليفي وامور أخرى.

وتابع: نحن اكدنا على هذا الامر ببيان واضح منذ اسبوعين اشار مع مراجع وامثلة عن مصارف مركزية اخرى الى ان ميزانية مصرف لبنان متطابقة مع المعايير الدولية للمصارف المركزية وتستخدم نفس الاساليب التي تستخدمها المصارف المركزية في الخارج. في النظام المالي، صلاحية الحاكم في امور الانفاق لا تتعدى 150 مليون ليرة لبنانية اي حوالي 100 الف دولار وكل مبلغ يصرف فوق هذا المبلغ هو خاضع لقرار من المجلس المركزي ويبلغ الى مفوض الحكومة ووزير المال. لا توجد في مصرف لبنان معلومات مكتومة ولا احادية في قرارات الانفاق يمكن ان يتمتع بها حاكم المصرف. والانفاق تابع للنظام المالي لمصرف لبنان واما القول بالعكس فهو افتراء يهدف الى تضليل الرأي العام وايهامه بأن مسؤولية القرارات المالية في مصرف لبنان محصورة بشخص الحاكم وذلك من اجل تعزيز الحملة المبرمجة عليه شخصيا. بالاضافة الى ذلك فان البنك المركزي ينشر ميزانياته كل 15 يوما ويضمنها ملاحظات نضعها من اجل الشفافية ومنها حسابات الاصول المختلفة التي حكي عنها والتي اعتبرت بأننا نخفي شيئا في ميزانية المصرف المركزي وهي معلنة في ميزانيتنا كما هي موجودة في مصارف مركزية اخرى. البنك المركزي ينشر اسبوعيا الكتل النقدية وينشر في الجريدة الرسمية نتائج حساباته ويمكن الرجوع اليها من 2006 الى 2014 موجودة في العدد 4 بتاريخ 28-1-2016. اما نتائج 2015 ففي العدد 36 بتاريخ 14-7-2016. ونتائج 2016 في العدد 29 بتاريخ 29-6-2017. ونتائج 2017 العدد 29 في 28-6-2018 ونتائج 2018 العدد 31 في 20 حزيران 2019. اردت ان اؤكد اننا ننشر حساباتنا بعد ما سمعناه في هذا الموضوع والكلام غير الصحيح الذي صدر.

وأضاف: سلمت شخصيا لرئيس الحكومة في 9 آذار 2020 بتوقيعي حسابات البنك بالاضافة الى حسابات التدقيق وهناك شركتان دوليتان تدقق في حسابات مصرف لبنان منذ 1993 وتصدر بياناتهما سنويا هما "ديلويت" و"إرنست يونغ". كذلك سلمته حسابات ديلويت من سنوات 2015 و 2016 و2017 ونحن في انتظار انتهاء الشركات من تدقيق 2018 وهي تأخرت بسبب الاوضاع ومن لديه شك بذلك فليراجعهم ليشرحوا له سبب التأخير. هذه الحسابات جرى تسليمها الى وزير المال وكذلك وبطلب من رئيس الحكومة ووزير المال الى نائب رئيس مجلس الوزراء، اجتمعوا مرتين بحضور 5 مدراء لشرح كل هذه الحسابات ولذلك لا يوجد لدينا اي حساب غير مسلم الى الدولة. في 24-4-2020 في ميزانياتنا هناك سيولة يمكن استخدامها بقيمة 20 ملياراً و 894 مليون دولار علماً ان المصرف كانت لديه ارقام اكبر قبل، لكن تم إنفاق 863 مليون دولار صُرفت على استيراد المواد الاولية ودفع ديون واكلاف الفيول ومصاريف على الدولة وهذا يشكل 843 مليون دولار، اي 863 مليونا للقطاع الخاص لإراحة اللبنانيين في موضوع البنزين والمازوت والادوية والقمح و 843 مليون دولار صرفت للفيول وغير امور لها علاقة بالدولة. ونحن اقرضنا المصارف ما يساوي 8 مليارات دولار. الفرق الموجود في ميزانيتنا هو اليوروبوند الذي يساوي 5 مليارات دولار والذي بدأنا بتكوين مؤونات عليه توازي 1.5 مليار دولار نظراً إلى تخلف لبنان عن سداد سندات يوروبوند.

وقال: بالنسبة إلى مكامن العجز في القطاع العام أؤكد ان مصرف لبنان لم يكلف الدولة اللبنانية اي ليرة بل على العكس، كان يسجل ارباحا ويحوّلها الى الدولة بشكل تلقائي كما ساهم في تخفيض دين الدولة في مؤتمر باريس 2، واستعملنا فروقات الذهب في مراحل معينة لاطفاء الدين على الدولة، ولو نظرنا الى المدخول الذي ضاع من 2003 حتى اليوم فنحن ساهمنا من خلال فروقات الذهب بخفض الاكلاف على الدولة اللبنانية. كل هذه الامور جرى تسليمها الى الحكومة من اجل الشفافية وليعلم الجميع ما يجري في مصرف لبنان.

أضاف: اما بالنسبة الى تمويل الدولة على رغم انها في وضع عجز عدم تحقيق الاصلاحات المطلوبة، فهناك قوانين وعلى مصرف لبنان الالتزام بها. ففي موازنات 2018 و 2019 و2020 التي صدرت بقوانين من مجلس النواب فان المطلوب من مصرف لبنان ان يؤمن مداخيل كشكل من التمويل لكن الاهم اننا اذا عدنا الى قانون النقد والتسليف فالمادة 91 تنص انه عند اصرار الحكومة علينا ان نؤمن التمويل والمادة 96 تنص على امكانية طلبنا سندات مقابل هذا التمويل وهذا ما قمنا به. هذا التمويل ادى الى وجود سندات بقيمة 5 مليار دولار لليوروبوند وحساب مكشوف مع وزارة المال اسمه حساب الحصيلة بحيث اننا دفعنا بالدولار عن الدولة اللبنانية على امل ان نسترده بشكل ما بمبلغ 16 مليار دولار ونحن قادرون وما زلنا على تحمل هذه المبالغ، لكن في حال عدم عودتها الى مصرف لبنان يتغير وضع ميزانيته وقدراته للتدخل في السوق. كما اننا نسيطر على 60 بالمئة من الدين بالليرة وهذا يترجم في ميزانيتنا بسندات خزينة نحملها عن الدولة.

وتابع: ساهمنا في خفض كلفة الدين العام وذلك من خلال اقراض الدولة بفوائد ادنى من فوائد السوق تصل احيانا الى اقل من 1% لكن في الوقت نفسه لدينا مهمة اخرى يحدّدها قانون النقد والتسليف وهي مدى قدرتنا على تأمين تمويل القطاع الخاص بفوائد مقبولة وهذا يخلق خسائر على مصرف لبنان بأن يأخذ ودائع بفوائد السوق وفي الوقت نفسه يخسر عندما يسلف الدولة. وهذا الامر موجود عندنا ومصارف مركزية في العالم لذلك نحن دخلنا هذه الاكلاف ووضعنا مقابلها ما يأتينا من مدخول من القدرات الابرائية. وهذه المداخيل اتت مقابل المصاريف التي تكبدناها على الفوائد وهي موجودة في ميزانية مصرف لبنان وهذا الامر يمارس في اهم المصارف المركزية في العالم ونحن لم نعمل شيئا خارج المعترف به دولياً لان لبنان يعيش بأزمات متتالية ومنها السياسية والتطور السلبي في ميزانيات الدولة.

وأردف: معدل الفوائد بالدولار 5.6% ندفع نصفها بالليرة اللبنانية اي ان الكلفة على ودائعنا بالدولار كمصرف مركزي تكون اقل من 3%. ومعدل الفوائد على الليرة اللبنانية 10.25% والبنك المركزي هو الذي يصدر العملة ومعيار عدم الاصدار لتفادي التضخم هو ما نجحنا به في الماضي. علينا ان ننظر، في موضوع اداء مصرف لبنان، الى كمية زيادة وتطور العجز وبالرغم من ذلك كانت الفوائد تنخفض في اواخر 10 سنوات ولم يتغيّر هذا الامر في اواخر 2019. الفوائد المرتفعة التي يحكى عنها والهندسات المالية التي تعتبر مؤشرات سلبية اكلافها بالنسبة الى نسب الفوائد لدى مصرف لبنان مقبولة وهذه الهندسات اضطررنا إلى إجرائها ليكسب لبنان الوقت لإصلاح نفسه وهندسات 2016 أكسبت بعض الوقت للبنان واوصلته الى مؤتمر "سيدر" واذا لم تنفذ مقررات "سيدر" فالمسؤولية ليست على مصرف لبنان لان هناك قرارات كانت مطلوبة من الدولة لم تنفذ.

وقال: مصرف لبنان وزّع ارباحاً للدولة وتحمّل اكلافاً عنها وهذا دوره من حيث المساهمة في الاستقرار التمويلي في البلد. نحن نبحث عن الارقام، لكن الحاصل نتيجة عجزين متزامنين: الاول عجز في الحساب الجاري اي الميزان التجاري والتحاويل من والى لبنان. هذا العجز من 2015 الى 2019 كان 56 ملياراً و 232 مليون دولار وهي اموال خرجت لتمويل الاستيراد ومصرف لبنان ليس لديه الامكانات لمعرفة هذه المواد المستوردة او التي يمكن التوفير من خلالها وان الدولة هي الوحيدة التي يمكنها التدقيق في هذا الامر لمعرفة سبب تلك المبالغ الكبيرة في وقت لا يُسجَل نمو في الاقتصاد. وتقديراتنا وجود 4 مليارات دولار لم يكن لبنان بحاجة إلى استيرادها سنويا. العجز الثاني هو عجز الموازنة اذا جمعناه خلال 5 سنوات يساوي 25 مليار دولار ومجموع العجزين 81 مليار دولار في 5 سنوات وهذا يشكل الفجوة وليس حسابات مصرف لبنان.

وأضاف: لبنان بحاجة سنويا الى 16.2 مليار دولار ليستمر وهو يفيد المجتمع اللبناني والاقتصاد والوظائف القائمة والقدرة الشرائية وهذا ما عمل عليه مصرف لبنان لان اقتصادنا مدولر من خلال ايجاد الدولارات اللازمة لثبات الاستقرار فمن ناحية هناك تمويل الدولة والحساب الجاري والتدخل في السوق لثبات استقرار الليرة.

وقال: الليرة المستقرة قرار وطني رأيناه في البيانات الحكومية والاجتماع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية في ايلول 2019 ولكننا كمصرف مركزي مقتنعون به لاننا نعلم مدى انعكاسات التحرك في رسعر الدولار على القدرة الشرائية للشعب اللبناني. المصرف المركزي موّل الدولة لكنه ليس هو من صرف الاموال. هناك من صرف الاموال وهنا يجب ان نعرف كيف صُرفت. هناك الدولة ومؤسسات دستورية وادارية تتحمّل مهمة كشف كيفية الانفاق. عندما يحملون المصرف المركزي وتحديداً الحاكم بمفرده موضوع التمويل ومراقبته من دون ان تكون لديه إمكانات، فأنا اعتبرها عنصراً من عناصر التعبئة للحملة الممنهجة ضد مصرف لبنان والحاكم.

وتابع: لكن من ناحية اخرى في حال لم يموّل المصرف المركزي فكيف ستدفع الرواتب وكيف تؤمن الكهرباء والخدمات؟ نحن مولنا جزءاً من حاجات الدولة لان القطاع المصرفي قد موّل والمؤسسات الدولية وبيوت المال العالمية موّلت واشترت "يوروبوند" بالاضافة الى مؤتمرات "باريس" المتتالية التي صدر عنها قرارات وموّلت الدولة. كلنا فعلنا ذلك لانه كانت هناك وعود بالاصلاح من قبل الدولة كلها لم تترجم لأسباب سياسية وفراغ طويل في سدة الحكم والحكومة وتعطيل لأعمال مجلس النواب مع الشك في وجود إرادة فعلية للإصلاحات. والمصرف المركزي كان دائما يطالب بتلك الاصلاحات وفي 7 تشرين 2012 حضرت جلسة لمجلس الوزراء وعبّرت بشكل علني وخطي عن ضرورة الاصلاحات وحذرت من سلسلة الرتب والرواتب وطالبت بتقسيطها لاننا نريد ان يتحسّن وضع مَن في القطاع العام لكن بشكل حقيقي وليس كما ترجم لاحقا.

وأردف: بقي مصرف لبنان يتدخل في سوق القطع بالرغم من كل المعطيات وذلك لخدمة اللبنانيين والاقتصاد اللبناني. ما يحصل في مصرف لبنان من اكلاف والتي يتحملها، وميزانيته مستقلة عن ميزانية الدولة. وهذه الأكلاف ناتجة عن وضع صعب على صعيد القطاع العام، وهو نتيجة وليس سببا، وهذه النتيجة تحملها ايضا القطاع المصرفي. ان السياسة النقدية بمفردها لا تستطيع حل المشكلة، وامكانات الحكومة كبيرة إن ارادت ونجحت في معالجة الاسباب ولا تكتفي بالنظر الى النتائج وتحميل كل ذلك الى أداء الحاكم.

وقال: استطاع مصرف لبنان على الرغم من الصعوبات، ان يحافظ على استقرار سعر الصرف، حتى اليوم لا يزال سعر الصرف ثابتا في القطاع المصرفي ويستفيد منه اللبنانيون في أمور عدة. وحينما كنا نتحدث عن تطمينات وهم ينتقدوننا عليها اليوم، هذه التطمينات كانت صادقة ونابعة من ارادتنا بالمساهمة بحياة كريمة للبنانيين. ولو انصعنا الى صناعة اليأس التي تجسدت بحملات مستمرة ضد سعر الصرف واقتصاد السوق، لكنا ناقضنا ضميرنا وقلبنا لتقديم الأقصى من اجل اللبنانيين، تريدون إلقاء اللوم عليّ لهذا السبب، إفعلوا. غابت هذه التطمينات بعد الصدمات المدمّرة والمتتالية في اقفال المصارف الذي حصل اواخر سنة 2019، وفي التخلف عن دفع مستحقات الـ"يوروبوند" في شهر آذار الماضي، وهناك جائحة "كورونا" التي اثرت علينا كما على كل دول العالم.

وأضاف: لكن على الرغم من كل ذلك، ظل النظام واقفاً على رجليه، وما زالت أموال المصارف موجودة. ونحن نطمئن اللبنانيون ونؤكد لهم ان ودائعهم موجودة وهي في القطاع المصرفي وتستعمل. ان المبالغ التي استعملت خلال هذه الأشهر في الازمة واستطاعت المصارف تلبيتها ودعم بذلك مصرف لبنان. انها مبالغ مهمة كان في إمكانها ان تلغي القطاع المصرفي وتخفف القدرة الشرائية اكثر بكثير مما هي. ما حصل في الدول التي تعاني من "كورونا" مثلا في الولايات المتحدة الأميركية وصل سعر برميل النفط الى الصفر، لم يقل احد ان مجلس الاحتياطي الاتحادي للنفط مسؤول عن هذا الامر. كذلك انخفض سعر الاسترليني والـ"يورو" بسبب أوضاع مختلفة، ولكن بالرغم من هذا الامر بقي الوضع المالي متماسكاً.

وتابع سلامة: ان الخطر كان في ان يختفي النظام المالي في لبنان، وهذا الامر كان ليشكّل الخسائر عليكم. نحن في تعاطينا مع المصارف هناك حركة أموال، وخلال السنوات الثلاث الماضية اعطينا اموالاً للقطاع المصرفي اكثر مما اخذنا منه، وذلك في حدود خمسة مليارات دولار. والقطاع المصرفي موّل تجارة البلاد لذلك لديه ضغط في سيولته بسبب العجز في الميزان التجاري عموماً، لذلك ليس هناك من خطأ في هذه العملية، انما هناك اعادة تكوين للودائع الجديدة التي يجب ان تأتي الى لبنان كي تبقى حركة الدوران للقطاع المصرفي تؤمّن السيولة.

وقال "ليس هناك من ضرورة أبداً ولا يجب اعتماد الـ haircut، على العكس. ان الكلام عن هذا الموضوع والطروحات الاخرى هي التي تُرعب المودِعين، وتؤخّر اعادة إقلاع القطاع المصرفي ودوره في تمويل الاقتصاد. وهنا نرى ايضا، ان في كل دول العالم لم يحصل haircut على الودائع، حتى في قبرص. ما حصل ان بعض المصارف أفلست فتم الدفع للمودِعين" القرش الدائر" وأعطوا أسهماً في تلك المصارف كتعويض لهم".

وعن خروج الودائع قال سلامة: سمعنا من دولة الرئيس ان هناك 5,7 مليار دولار خرجت من القطاع المصرفي، والرقم الفعلي هو 5,9 مليارات دولار بعد حسم الضمانات النقدية، انما الى اين ذهبت هذه الأموال؟ هذه الأموال من أصل 5,9 مليارات دولار هناك 3,7 مليارات دولار استعملت لتغطية قروض. وهناك ما يساوي 2 مليار ومليونين دولار سُحبت نقداً من حسابات الزبائن، منها ما هو بالليرة اللبنانية ومنها ما هو بالدولار الأميركي 587 مليون دولار. وبالتالي لم يخرج من لبنان 5,9 مليار دولار، اما ان تتحرك هذه الأموال ضمن لبنان، فهذا حق طبيعي لأصحاب المال.

وأضاف: كما أن دولة الرئيس بفي تصريحه قال "إن مصرف لبنان خسر 7 مليارات دولار خلال ثلاثة اشهر ونصف الشهر"، واستند مستشاروه الى التحرك الذي حصل في حساب الأصول المختلفة والذي زاد في حدود عشرة آلاف وخمسمئة مليار ليرة لبنانية ونحن نعلن عن هذا الامر في البيان الموجز الذي نصدره، ما يهمنا ان نوضح ما يلي، اولا هناك 772 مليار ليرة دفعت للدولة اللبنانية، وهناك تسعة آلاف مليار ليرة دفعت كفوائد، وفي المقابل كانت هناك فوائد تم قبضها. وإذا نظرنا الى المبلغ الصافي بين الفوائد التي دفعت والتي قبضت نرى ان هناك أربعة آلاف مليار ليرة أعباء على مصرف لبنان اي ما يوازي 2,650 مليار دولار وليس 7 مليارات دولار.

وتابع: ان الاعباء التي تحملناها هي 1,460 مليار ليرة لبنانية أي أقل من مليار دولار، وليس ثلاثة مليارات كما قيل. ان الفرق كبير بين الأرقام التي حُكي عنها وتلك الواقعية. ونحن كنا نتمنى لو تم الاستفسار منا عن هذه التحركات قبل اعطاء هذه الارقام الى دولة رئيس مجلس الوزراء. خلال هذه الازمة اتخذنا قرارات عدة، من اجل المحافظة على نظامنا. اولا نحن مستمرون في التعميم الذي يموّل الاستيراد للمحروقات على أنواعها والقمح والادوية، وهذا الامر يخدم اللبنانيين، لان سعر هذه السلع لم يرتفع. وهذه الأمور يستطيع المصرف المركزي القيام بها لانه استباقياً ومن خلال هندساته التي تُنتقد، استطعنا جمع الدولار للأيام العاطلة التي وصلنا اليها، ولو لم نكن نملك هذه الدولارات لما استطعنا ضبط أسعار تلك المواد الأساسية.

وأردف: القرار الثاني الذي اتخذناه، اننا لم نفلس المصارف ولن نفعل هذا، وهذا الامر ليس بسبب المصارف انما لأجل المودِعين فيها. كما طلبنا من المصارف زيادة رأسمالها مع نهاية شهر حزيران 2020، وقد التزمت وتسعى الى تنفيذ هذا الامر بالسرعة الممكنة. كما قمنا بتسليفهم بالدولار. ونأمل في أن تتحسن الأمور وتعود الى مجراها بمجرد ان تكون هناك رؤية ومشروع اقتصادي واضح وإصلاحي وجوّ سياسي افضل في لبنان. كما قمنا بخفض الفوائد الذي ارتد على الفوائد المدينة وهذا يخدم الحركة الاقتصادية ومن يعمل في الاقتصاد اللبناني.

وقال: بما ان هناك صعوبة في الاستيراد وبما انه خف عرض الدولار في لبنان، تجاوب مصرف لبنان مع وزارة الصناعة ووضع 100 مليون دولار لاستيراد المواد الأولية للصناعة، كما انه يواصل اتصالاته الخارجية لزيادة هذا المبلغ والمفاوضات قائمة. كذلك عمل مصرف لبنان على تأسيس صندوق في الخارج سميناه oxygen الذي سيجمع 750 مليون دولار من اصلها 100 مليون من مصرف لبنان بهدف تمويل الاستيراد للمواد الأولية للزراعة والصناعة. إن الانتاج والاقتصاد المنتج من اهم الحلول المستقبلية للبنان، لقد مارسنا هذا الامر عندما قدمنا القروض المدعومة للصناعة والزراعة والسياحة، ودعمنا اقتصاد المعرفة الرقمية. نعلم انه يجب ان يكون هناك انتاج للبنان يمكن تصديره لانه لا نستطيع الاستمرار في تأمين كل مداخيلنا فقط من المودِعين في الخارج الذين يحولون الى لبنان. كما اننا شرعنا من خلال التعاميم الحسابات الخارجية للمصارف التي ليس عليها اي قيد.

وأضاف: شرعنا ايضا من خلال تعميم الحسابات الخارجية في المصارف التي ليس عليها اي قيد، والتي اذا ما دخل اليها ما يسمى الأموال الجديدة نقداً او كتحويلات من الخارج، فيمكن ان تحوّل بشكل واضح وسريع خارج لبنان.

واعتبر ان "الحركة في هذه الحسابات تتحسن وتقلباتها ترتبط بما يسمعه المودِعون في لبنان وخارجه في ما يتعلق بالأوضاع السياسية او بالبرامج الإصلاحية للدولة. آمل ان يكون الإهتمام بإعادة الثقة موجوداً في كل التصريحات التي تطلق".

وتابع: قمنا بضخ سيولة بالليرة اللبنانية وهي توازي 3 مليارات دولار. وانعكس ذلك على خفض الفوائد بين المصارف، فعاد الـ"أنتربنك" الذي وصل الى ما يفوق الـ 50 في المئة. واصدرنا تعميماً لجدولة الديون، إذا استحقت بين الفترة الممتدة من آذار الى حزيران، فيمكن ان تحوّل الى 5 سنوات بفائدة صفر في المئة، ويموّل البنك المركزي المصرف الذي يقوم بهذه العمليات بصفر في المئة. وبدأت بعض المصارف بتسليمنا الطلبات، ومنحناها أيضا القدرة على ان تسلف بصفر في المئة، للأكلاف التشغيلية للرواتب التي تطاول فترة الأربعة اشهر الآنفة الذكر. ونأمل من المصارف ان تواكب هذا التعميم وتنفذه لأن ما حصل في لبنان بسبب "كورونا" أوجب تدابير مختلفة لا يقوم بها لبنان فقط، انما تطبق في العالم كله، لذلك نأمل من المصارف ان تساعدنا وتواكبنا في هذه الإجراءات.

وأضاف: بالنسبة الى صرف الليرة لدى الصرافين، فهذا موضوع يتأثر بالعرض والطلب وبالصدمات التي ذكرنا، ولكن نحن لم نتفرج، بل عملنا مع الصرافين وحاولنا ان نضبط تحرك سعر الدولار لديهم، وأقدمنا بالإتفاق معهم على خلق وحدة نقدية لدى مصرف لبنان. نحن نُعِدّ منصة تسعير تمكن تأمين التنظيم والشفافية أكثر في هذه السوق، نظراً الى الإختلافات الكبيرة في الأسعار وفي طريقة التعامل.

وقال: بالنسبة الى الصيرافين الأمر ليس سهلاً، فعلى مصرف لبنان ان يضخّ لهم أوراقاً نقدية ("بنك نوت") فمصرف لبنان لا يتدخل معهم كما يتدخل مع المصارف من خلال القيد المصرفي. ويجب ان يكون لدى مصرف لبنان هذا "البنك نوت" ويجب ان يعرف الى اين تذهب، فمثلا إذا قمنا بضخ "بنك نوت" وأخذه العمال الأجانب وحوّلوه الى بلادهم، فبماذا نكون قد خدمنا البلد؟

وأعلن ان "الدولارات التي سيجمعها مصرف لبنان، وتلك الآتية من التحاويل ستخصص لدعم المواد الغذائية الأساسية، وسنتواصل مع وزارة الإقتصاد وسنحدّد المواد الغذائية الأساسية التي يجب ان تمول "بنك نوت". وبدل ان يتوجه التجار الى الصرافين لشراء الدولار، يتوجهون الى المكان الذي سنحدده مع الوزارة ويحصلون على الدولار ويفتحون الاعتمادات، وبهذه الطريقة نكون وفّرنا ما يحتاج اليه لبنان من المواد الغذائية، وضبطنا الأسعار، ونأمل بهذه الطريقة ان نساعد في المحافظة على القدرة الشرائية لدى اللبنانيين".

وتابع: حررنا الأموال من المصارف بموجب تعاميم منها سداد الحسابات التي سقفها 3 آلاف دولار أو 5 ملايين ليرة. وهذا السداد يتم بسعر السوق، واعطينا ميزة لمن لديه حسابات بالليرة اللبنانية بأن يحوّلها بالسعر الرسمي للدولار وأن يتسلمها بسعر السوق بالليرة اللبنانية، وبذلك نكون عوّضنا المودِع القدرة الشرائية التي خسرها وفعلنا الشيء نفسه بالحسابات الباقية. وقلنا عن سقف السحوبات يمكن ان يصل الى 5 آلاف دولار شهرياً بسعر السوق.

وقال: وفّر هذان التدبيران الحماية للقدرة الشرائية للمواطن اللبناني عبر استعمال الليرة اللبنانية. وتقوم المصارف الآن بإعداد الآليات اللازمة ونأمل أن يكون هذا الأمر متوافراً في أسرع وقت... الآن نفعّل الأسواق المالية، فالودائع الموجودة في المصارف اليوم يمكنها ان تساهم في تمويل وانشاء شركات منتجة في لبنان.

ورأى "ضرورة وجود سوق سنوية، لمن يشتري سهما او سندا ليتمكن من بيعه، ويمكن هذه الأسواق ان تستقطب من الخارج، فكل ما يرد من اموال بعد 18 تشرين الثاني حرّ في دخوله وخروجه، وهذا الأمر سيتم عبر انجاز منصّة إلكترونية ستنظم سوقا سنوية للأسهم والسندات. وسنطلق ايضا العملة الرقمية التي تسمح للبنانيين بان يتعاملوا بكلفة بسيطة للدفع، وسمحنا بان يكون الدفع من الخليوي من خلال تطبيق".

وأضاف: اما بالنسبة الى شركات نقل الأموال التي كان من المفترض ان تجرى على اساس دفع الدولارات التي تتسلمها بالليرة اللبنانية بموجب تعميم قائم منذ عام ونصف العام، ولأن هذا التعميم اصبح مجحفا لمتسلمي هذه التحاويل، ارتأينا تسليمهم الأموال بالدولار ظناً منا انهم سيعرضونها في السوق، مما يخفف من ارتفاع الأسعار لدى الصرافين، ولكن هذا الأمر لم يعطِ نتيجة، وظلت الأسعار ترتفع، وتجاوباً مع طلبهم قلنا بتحويل الدولارات الى سعر السوق وعندها تذهب الدولارات الى مصرف لبنان الذي سيضخها في السوق بطريقة منظمة لإستيراد المواد الغذائية.

وتابع: أقرّ مجلس النواب الحماية للودائع لغاية 75 مليار ليرة لبنانية وهذا مهم. وما يهمنا هو الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن، ونحن نقوم بكل جهدنا للنجاح في ظل ظروف صعبة ومعاكسة، وهذا لا يتم بطريقة مباشرة إنما بتدابير يلزمها وقت لتنفيذها، ولكن نعمل بسرعة فائقة.

ولفت إلى أن "السياسة النقدية سمحت بتعزيز الثقة وبخفض الفوائد لغاية 2017، بينما كان العجز في الدولة والدين العام يرتفع".

وقال: مارسنا السياسات عن اقتناع وإخلاص، والمهم اننا نريد ان ندافع عن استقلال المصرف المركزي. ولذلك عندما نصدر تعاميم فنصدرها تبعاً للقوانين ولتوجّهاتنا في السياسة النقدية، لا شيء في القانون يقول إن كل تعميم نصدره يجب ان يكون منسقاً مع جهات حكومية. نريد دائماً أن نكون في تنسيق مع الحكومة اللبنانية، ولم تطلب منا مرة شيئاً وتلكأنا، ولكن القول ان "التعميم الذي يصدر عن المصرف يجب ان يأخذ موافقة الحكومة" فهو مَسّ باستقلال المصرف المركزي وبقانون النقد والتسليف.

وختم: سيبقى مصرف لبنان متعاوناً مع الحكومة ومع رئيسها كما كان متعاوناً في الماضي مع الحكومات المتتالية والمختلفة في توجّهاتها السياسية، ولن يكون أداة للتحريض على عدم الاستقرار بل سيتصرف استناداً الى قانون النقد والتسليف ويحافظ على استقلال قراره، كما نص القانون الذي اقسمنا اليمين كحاكم ونواب حاكم واعضاء مجلس المركزي امام فخامة رئيس الجمهورية على احترامه وتنفيذه.

* * *

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o