الحكومة المطوّقة بنيران الخصوم والشارع تتهدّدها ضغوط متعاظمة من "أهل البيت"
حزب الله غير مرتاح لأداء دياب و"يُرشده": للاسراع في الخطة الاصلاحية والكهرباء
أرقام "كورونا"مضبوطة ومشجعة..والصرافون: نحتكم للسوق بالتنسيق مع "المركزي"
المركزية- غداة التصعيد غير المسبوق في الخطاب السياسي بين مكونات العهد والحكومة من جهة، والمعارضة من جهة ثانية، هدأت النبرة نسبيا اليوم، متأثرة على الارجح بدخول البلاد عطلة عيد الفصح لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشرقي. الا ان هذه الاستكانة تبدو لالتقاط الانفاس عشية مرحلة جديدة تتجه نحوها البلاد، مرحلة لن تكون سهلة على الاطلاق. نقول ذلك لأن لبنان الذي يتخبط اليوم في أزمتين صحية ومالية- اقتصادية من العيار الثقيل، سيضاف الى واقعه الصعب، تحلّلٌ جديد سيصيب حكومتَه المفترض ان تعمل يدا واحدة لايصاله الى بر الامان. ففيما تُشتمّ في الاجواء السياسية، رائحةُ جبهةِ معارَضةٍ حقيقية بدأت تتبلور في وجه الحكومة وسياساتها - تضم الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية اللذين اجتمعا في معراب امس، وتيار المستقبل الذي عاد رئيسه سعد الحريري الى بيروت امس (وتبقى معرفة ما اذا كانت ستتمكّن من رص الصف وتوحيد الكلمة) - يبدو ان بعض أهل البيت الوزاري الداخلي، باتوا غير مقتنعين بأداء الحكومة! والفوارق التي ظهرت بين مَن هُم مبدئيا "حلفاء" في 8 آذار، في ملفات التعيينات والكابيتال كونترول والهيركات (...)، هذه التباينات يبدو انها آخذة في التوسع، حتى باتت الحكومة حكومات، بحيث انقسمت بين فريق يقوده رئيس مجلس النواب نبيه بري وآخر يقوده رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل. والاخطر ان ضابط ايقاع الصراع بين هؤلاء، وعرّابَ الحكومة الأول، أي حزب الله، بات هو الآخر، غير راض عن أداء رئيس الحكومة حسان دياب، وفق ما قالت اوساط مقربة من الضاحية لـ"المركزية". فهل يريد من هذا الموقف حثّ الاخير، على العمل بوتيرة أفعل لأنه بات يشعر بأن الوضع المعيشي بلغ دركا غير مسبوق يستحيل على الضاحية ضبط تداعياته شعبيا؟ ام ان الحزب يمهّد من خلال "هز العصا" هذا، لطرح فكرة تعديل وزاري ما، من دون المس بالاطار الحكومي العام لصعوبة تأمين البديل راهنا؟
الحكومة مطوّقة: بين معارضتين داخلية وخارجية، وتحت وطأة عودة تحركات الثوار "الجياع" الى الشارع في بعلبك اليوم بعد طرابلس بالامس.. تُواصل الحكومة الاسبوع المقبل جلساتها واجتماعاتها لانضاج - او محاولة إنضاج - الخطة الاقتصادية الانقاذية الموعودة منذ اشهر، وقد باتت أكثر من ضرورية بعد تيقُّن كل مكوناتها، ان الحاجة ملحّة لتمويل خارجي سريع، لن يؤمّنه الا صندوق النقد الدولي على الارجح، خاصة بعد سقوط محاولاتها لسدّ هذه الحاجة، من جيوب المودعين.
الحزب يرشد دياب: وفي وقت جددت كتلة التنمية والتحرير برئاسة بري اليوم رفضها "مطلقاً أي خطط أو برامج قد تستهدف ودائع اللبنانيين وأموالهم في المصارف"، دخل حزب الله بالمباشر على خط الضغط على دياب، وبدا كمن يرشده الى الطريق الذي يجب ان يسلك. فقد قالت اوساط مقربة من الضاحية لـ"المركزية"، ان "المطلوب من رئيس الحكومة نقلة نوعية في الاداء تُثبت صوابية إختياره كرجل المرحلة وبأنه الرئيس المناسب لقيادة سفينة الوطن الى برّ الامان". وشددت على "ضرورة ان يتحرّك دياب بصفته رئيساً للحكومة في اتّجاه القوى المشاركة في التركيبة الوزارية من أجل تعزيز التضامن الحكومي والتفتيتش عن القواسم المشتركة في مقاربة الملفات، لان الاوضاع الحسّاسة والدقيقة التي يمرّ بها البلد لا تحتمل "ترف" الجدل السياسي بين "أهل البيت" الواحد". ولفتت الاوساط الى "ان الحكومة سقطت في امتحان التضامن في أكثر من ملف وقضية وهذا إن دلّ الى شيء فإلى انها لا تعمل كفريق عمل واحد ومنسجم"، وأعطت امثلة على ذلك منها قول الرئيس دياب انه سيُنجز الخطة الاقتصادية في سرعة وهي حتى الان لم تبصر النور، كما ان ملف الكهرباء الذي يُعدّ اولوية ملفات الاصلاح لم يتم وضعه على سكة الحل الحقيقية".
معارك الداخل: ودائما على خط المعارك الداخلية في قلب الحكومة، رأت "التنمية والتحرير" ان "على الحكومة أن تبادر نحو تشكيل الأجهزة الرقابية لمكافحة الفساد والقيام بإصلاحات حقيقية تزيل العبء عن مالية الدولة وفي مقدمها ملف الكهرباء من خلال المبادرة إلى تعيين الهيئة الناظمة ومجلس الإدارة"... واذ دعت "وزارة الاقتصاد ومصلحة حماية المستهلك الى المسارعة لاتخاذ الاجراءات الرادعة والحاسمة بحق المتلاعبين بأسعار السلع الاستهلاكية"، غرّد وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة على تويتر "الوقت الآن ليس للمؤامرات ولا للمناكفات السياسية الرخيصة. نحن أمام أزمة اقتصادية ومالية موروثة وأزمة صحية مستجدة تهدد بلدنا ووجودنا. المعارضة الصادقة مرحب بها لأنها بناءة وفعالة في هذه الأزمة. أما المعارضة لغايات سياسية فغير بناءة تغرق لبنان واللبنانيين وتعرضهم لخطر أكبر".
تهديدات بالانسحاب: وليس بعيدا، وفي حين يُحكى عن خطوط تواصل مفتوحة بين الرئيس بري ومكونات المعارضة، اشار عضو اللقاء الديموقراطي النائب هادي ابو الحسن الى ان "هناك تهديدات بالانسحاب من الحكومة داخل الفريق الواحد"، مضيفا "يعبثون بالقضاء ونحن سنبقى نقول الحقيقة حتّى النهاية"، وقال "نحن ذاهبون إلى فوضى بعد "كورونا" ستلتهم كلّ شيء".
الجميل: وسط هذه الاجواء، صوّب رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، سهامه على السلطة. فقد اعتبر في مؤتمر صحافي ان "حتى اليوم لم يتم اتخاذ اي خطوة تظهر ان الدولة تقوم بعملها، معتبرا ان كل اصحاب النفوذ والذين يجب ان يخضعوا للهيركات هربوا اموالهم من لبنان". وفي وقت دعا الى "اعادة تكوين السلطة في اسرع وقت والى انتخابات نيابية"، رأى أن الموازنات التي اقرت منذ 2017 الى 2020 باجماع في مجلس النواب، وقد اعترضنا عليها كلها، هي التي خلقت الفجوة في الموازنة العامة وادت الى ثغرة في موازنة الدولة"، كاشفا أن "الاموال التي تُصرف اليوم وكل ليرة تُدفع هي من أموال المودعين لان الدولة مفلسة".
الصرافون: ماليا، على وقع قرار "المركزي" ضخ دولارات في سوق الصيارفة لخفض اسعار العملة الخضراء التي تجاوزت الـ3200 ليرة في الساعات الماضية، جددت نقابة الصرافين بعد لقائها وزير الداخلية العميد محمد فهمي، تأييدها "توحيد سعر الصرف بين المصارف والصرافين بالتنسيق مع المصرف المركزي"، وأشاد المجتمعون باللقاء البنّاء والمفيد الذي عقدته مع الوزير بناء على طلبها حيث أطلعته على حيثيات وتوجّهات النقابة والتي تتفق مع توجهات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة". وتمحور اللقاء وفق النقابة، حول "استمرار الجهات القضائية والأمنية مشكورة بملاحقة وقمع منتحلي صفة مهنة الصرافة، غير المرخص لها، وتركيز الثقل الأمني الردعي تجاههم. وتأكيد النقابة إعتمادها أسعار التداول للعملات الأجنبية بما فيها الدولار الأميركي محتكمين لقوة السوق الخاضعة للعرض والطلب بالتنسيق مع الوحدة المختصّة في مصرف لبنان. واعلنت النقابة "انها تحاول جاهدة تحقيق المصلحة العامة وفق توجّهات مصرف لبنان وتشدد على أهمية قمع الغير مرخص لهم وتسهيل عمل الشركات المرخّص لها سواء لجهة تمديد دوام عملها واستثنائها من نظام المزدوج والمفرد".
أعداد مشجعة: صحّيا، اعداد اصابات كورونا مضبوطة ومشجّعة. وفي انتظار ما سيقرره مجلس الوزراء في شأن التعبئة العامة، والقرارات التي سيتخدها مجلس النواب للمساعدة في مكافحة الوباء وتدعيم القطاع الاستشفائي في جلسته في الاونيسكو الاسبوع المقبل، أصدرت وزارة الصحة تقريرها اليومي عن فيروس كورونا، حيث تم تسجيل 4 إصابات جديدة (من اصل 1040 فحصا أجري في الـ24 ساعة الماضية) ليرتفع عدد الحالات الى 672. وأشارت إلى أن "العدد التراكمي للوفيات بلغ 21 حالة". في الموازاة، زار وزير الصحة حمد حسن للمرة الثانية، مستشفى الدكتور عبدالله الراسي الحكومي في حلبا، ومستشفى طرابلس الحكومي، مسلّما إدارتيهما جهاز فحص الـ PCR، علما ان تسليم هذه الاجهزة سيشمل اكثر من مستشفى في الايام المقبلة.