Apr 15, 2020 12:45 PM
خاص

مياه "خزان الشرق الاوسط" مهدورة في السدود... فهل من بديل؟
أبي راشد: لإعادة النظر في الخطة الاستراتيجية للمياه...

المركزية - بعد فضيحة سد بسري، فتحت تجمعات في المجتمع المدني ملف السدود في لبنان انطلاقا من الفضائح التي رافقت مراحل تنفيذها وتبين ان الدراسات غير دقيقة بدليل ان بعض هذه السدود توقف تنفيذها. وتسأل الاوساط ماذا جرى في سد بلعه وجنة وبقعاتا والمسيلحة وغيرها من السدود بعدما تبين ان معظمها لم يحصل على التقرير البيئي.

رئيس الحركة البيئية اللبنانية بول أبي راشد قال لـ"المركزية": "المشترك بين السدود، من بريصا مروراً بجنة وبقعاتا وبلعة وصولاً إلى بسري، هو جيولوجية الارض المتشابهة، اي أنها متشققة كاريستية، تتسرّب منها المياه عند التجميع". لافتاً إلى "أن لا يكفي ان يكون لدى وزارة الطاقة مهندسون يجيدون بناء الجدران لبناء سد، بل يجب توفر شروط عدة، كالجدوى الاقتصادية وعدم توفر حلول بديلة، وهذا الامر لا يظهر إلا اذا أجرينا دراسة تقييم أثر بيئي".

أضاف: "كحركة بيئية، قدّمنا كتباً الى وزارة البيئة بخصوص خمسة سدود، أكدنا فيها عدم وجود تقييم للأثر بيئي قبل الشروع بالتنفيذ وهذه تعتبر مخالفة لقانون حماية البيئة تستدعي السجن ودفع الغرامات لمرتكبيها. هذه نقطة مشتركة بين خمسة سدود هي جنة وبلعة والمسيلحة وبقعاتا وبسري، حيث حصلت مخالفة صريحة للقانون وبوشر العمل قبل اجراء دراسة الاثر البيئي او انتهت صلاحيته كما في بسري"، لافتاً إلى "أن الدليل على ذلك، سد بلعة، الذي، بعد مضي ست سنوات، تبيّن ان الأرض مشققة، فحوّلوا البترون الى مقالع وكسارات لسد هذه الشقوق، كما تبيّن أن سدّ بقعاتا ايضاً لا يجمّع المياه، فارتفعت كلفة إنجازه، وفي بلعة ايضاً، قالوا انه سيكلف 40 مليون دولار تحوّلت لاحقاً إلى مئة مليون دولار، وفي بقعاتا يغلفون حاليا السد بنوع من الزفت bitumen لأن الارض تُسرّب المياه، وفي المسيلحة للمرة الثانية يملأون السد، وتعود المياه تنقص وتتسرب في الارض".

أضاف أبي راشد: "هذا يدلّ على ان طبيعة الارض سيئة. والأهم من ذلك أن المركز الوطني للبحوث العلمية عام 2015، أجرى دراسة للحكومة، وكانت الدراسة وقتها عن سدّ جنّة، خلاصتها أنه نصح بعدم إقامة السدود في جبل لبنان، وذلك لسببين: أولاً، طبيعة الارض الكاريستية وثانياً، وجود الفوالق الزلزالية التي من الممكن ان يؤدي تسرب المياه اليها إلى حدوث زلازل، وهذا ما يتحدث عنه الدكتور طوني نمر في بسري".

أما الحلول البديلة، فرأى أبي راشد أنها تكمن "في اعادة النظر بالخطة الاستراتيجية للمياه في لبنان، التي وضعها النائب جبران باسيل عام 2010 ومناقشتها مع المجتمع العلمي والمدني والبيئي والجامعات، لأنها غير صالحة، لأن، وفق القانون الصادر عام 2012، من المفترض ان تخضع لتقييم الاثر البيئي الاستراتيجي"، موضحاً "أن الخطة التي وضعها باسيل عام 2014، صدر تقرير بتقييمها وخلُص إلى وجوب تخفيف السدود، لكن وزارة الطاقة رفضته، من هذا المنطلق يمكن القول بأن عملهم غير علمي".

تابع: "عام 2014 صدرت دراسة عن برنامج الامم المتحدة الانمائي، كناية عن تحديث لدراسة سابقة له صادرة عام 1970 عن المياه الجوفية، والتي هي ثروة لبنان، اكدت فيه أن نحو 65 في المئة من ارضه كاريستية تسرب المياه الى جوف الارض، وان مياه الثلوج والامطار تخزن بنسبة تفوق الخمسين في المئة في جوف الارض". 

ورأى أبي راشد "ان ما يجب ان تدرسه الاستراتيجية وتسلط الضوء عليه، هو المحافظة على هذه الثروة الجوفية واستخدامها لأنها الانظف وتتبخر بنسبة اقل من المياه السطحية "، مضيفاً: "هناك صراع بين حلّين: إما اقامة سدود ومياه سطحية او استخدام المياه الجوفية، وهذا السؤال يجب طرحه وفتح حوار وطني علمي حوله"، متسائلاً: "ما هو مستقبل قطاع المياه في لبنان، هل هي السدود العشوائية الكبيرة المدمرة للبيئة ام المياه الجوفية بإدارة جيدة والمحافظة عليها وإدارتها بشكل مستدام، في ظل التغير المناخي المخيم على العالم؟"

وختم: "نظرا لغنى لبنان بالمياه، عرفه الفرنسيون بأنه "خزان مياه الشرق الاوسط (le chateau d’eau du moyen orient)،  كل هذه الينابيع تخرج من جوفه الى سوريا وفلسطين والاردن، نهر الاردن ينبع من لبنان، بحيرة طبريا تمتلئ من لبنان، كل هذه المياه في جوف الارض ونحن نسعى الى تخزينها فوق الارض؟ الم نتعلم درسا من القرعون وان كل ما هو فوق الارض "يُخَمخم" و"يُعفن". هل يمكن لأحد ما شرب مياه القرعون؟ وكل السدود ستصبح كسد القرعون". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o