Apr 07, 2020 7:19 AM
صحف

إجتماع بعبدا مهم ولكن...ونصائح دولية باللجوء الى صندوق ‏النقد

الحدث الذي تصدّر المشهد الداخلي في الساعات الماضية، كان ‏الاجتماع الذي دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لممثلي ‏دول مجموعة الدعم الدولية للبنان، والذي قدّم فيه عرضاً لواقع الحال ‏اللبناني، في ظل أزمته الاقتصادية والمالية، وكذلك تأثيرات الازمة ‏المتجددة جراء تفشّي وباء "كورونا"، وتقاطع معه رئيس الحكومة ‏حسان دياب، الذي شخّص الازمة واسبابها، واعداً بإكمال العمل ‏الإنقاذي وولادة قريبة للخطة الحكومة، ومعلناً انّ من أصل مجمل ‏الإصلاحات التي تعهّدت بإجرائها حكومته خلال المئة يوم الأولى ‏مشاريع قوانين أصبحت جاهزة للتصويت عليها في مجلس النواب.‏‏ ‏
الإجتماع مهمّ.. ولكن!‏‏ ‏
على أهمية هذا الإجتماع، وخلفيّة المبادرة الرئاسية الى عقده، والتي ‏ترتكز على عرض صورة الواقع اللبناني وأسباب تفاقم الأزمة فيه، ‏وبالتالي حَضّ دول مجموعة الدعم على فتح أبواب مساعداتها تجاه ‏لبنان، إلّا أنّه في جوهره، قد لا يحقق المرجو منه، كما يؤكد خبراء ‏إقتصاديون، حيث سجلوا عبر "الجمهورية" الملاحظات التالية:‏‏ ‏
‏- أولاً، من ناحية توقيته، فقد جاء هذا الإجتماع في الوقت الحرِج دولياً، ‏وفي لحظة بدأ فيها العالم كلّه يشهد تراجعاً مريعاً، جرّاء تفشّي وباء ‏‏"كورونا"، الذي أرخى سلبيّات كبرى على اقتصاد كل الدول، وخصوصاً ‏تلك التي يراهن لبنان على تَلقّيه مساعداتها، فهذه السلبيات عدّلت ‏في سلّم أولوياتها وبرامجها، وباتت منصرفة الى شؤونها الداخلية، ‏ومع هذا التعديل يُخشى أن يصبح لبنان خارج دائرة الإهتمام الدولي.‏
‏- ثانياً، من ناحية المضمون، لم يقدّم لبنان جديداً، بل لم يكن الإجتماع ‏سوى مناسبة تذكيرية بعمق الأزمة، تتوخّى التعجيل بمدّ لبنان بما ‏يحتاجه من مساعدات.‏
‏- ثالثاً، لم يدخل لبنان الى هذا الإجتماع بكامل عدّته الإقناعية، إذ غاب ‏المشروع الإقتصادي الإنقاذي الذي وعدت الحكومة بإنجازه ولم تفعل ‏ذلك حتى الآن. وهو أمر سعى رئيس الحكومة الى استدراكه في بداية ‏الإجتماع بوعد قَطعه بأنّ هذا البرنامج سيعلن قريباً، وهو حالياً في ‏طور وضع اللمسات الأخيرة عليه.‏
‏- رابعاً، شكّل هذا الإجتماع مناسبة جديدة لدول المجموعة لتسجّل ‏على لبنان التباطؤ والتأخر غير المبرر في انتهاج المنحى الإصلاحي ‏الجدّي، وفي الإيفاء بما التزم به من خطوات إصلاحية، خلال الإجتماع ‏الشهير لمجموعة الدعم في باريس قبل نحو سنتين، وخصوصاً تلك ‏التي لم تترك دول مجموعة الدعم مناسبة إلّا وتوجّهت فيها بالدعوة ‏الى لبنان للشروع في الإصلاحات المطلوبة، بدءاً بـ3 خطوات ملحّة: ‏تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء، والهيئة الناظمة لقطاع ‏الإتصالات، والهيئة الناظمة للطيران المدني، الى جانب غيرها من ‏الخطوات الإصلاحية والتعيينات، علماً انّ هذه التعيينات طيّرتها ‏الخلافات السياسية قبل أيام، والى أجل غير مسمّى.‏
لمسنا تفهُّماً‏ ‏
وقالت مصادر وزارية شاركت في الإجتماع لـ"الجمهورية": إنّ الإجتماع ‏فرصة لتأكيد موقف لبنان، وقد لمسنا تفهّماً كاملاً من قبل ممثلي ‏دول مجموعة الدعم، واستعداداً لمساعدة لبنان، مع التأكيد مجدداً ‏على لبنان في إحداث نقلة نوعية داخلية، عبر إجراء الإصلاحات ‏المطلوبة ومكافحة الفساد واتخاذ الخطوات الضرورية لتعزيز ثقة ‏المجتمع الدولي، وكذلك ثقة المستثمرين بلبنان، وهذه الثقة تشكّل ‏المفتاح الأساس لتدفّق المساعدات الى لبنان".‏
‏ ‏وعن النتيجة التي خلص اليها الإجتماع، قالت المصادر: كان الإجتماع ‏مهماً، ولكن لا نستطيع أن نقول أنّ باب المساعدات سيفتح في ‏القريب العاجل، فهناك خطوات منتظرة من لبنان، إن على صعيد ‏الخطوات الإصلاحية أو على صعيد ترسيخ الإستقرار السياسي فيه، ‏إنما الأهمّ هو الوضع الحالي والأزمة الإقتصادية على صعيد العالم ‏كله جرّاء فيروس كورونا، وما نخشاه هو أن يؤثر ذلك سلباً على لبنان.‏‏ ‏
أين البرنامج.. و"سيدر"؟‏ ‏
الى ذلك، علمت "الجمهورية" انّ جهات دوليّة عديدة، وجّهت في ‏الآونة الأخيرة أسئلة إستفسارية عن برنامج الحكومة، فيما نسبت ‏جهات سياسية لبنانيّة الى ما سمّتها "أجواء" ديبلوماسية غربية تفيد ‏بأنّ تقديمات "سيدر" لبنان قد انتهت، ولم يعد لها وجود، لأسباب عدّة ‏أهمّها تأخُّر برنامج الحكومة اللبنانية، وكذلك الأزمة الإقتصادية ‏العميقة التي بدأت تجتاح العالم.‏
‏ ‏ونَفت مصادر وزارية هذا الأمر، وقالت لـ"الجمهورية": إنّ لبنان لم ‏يتبلّغ شيئاً من هذا النوع، بل على العكس إنّ ما نسمعه من سفراء ‏الدول المعنية بمؤتمر "سيدر" لا يؤشّر الى وجود أي تبديل في ‏برنامجه حيال لبنان. بل يشدِّد على الإلتزام بمندرجاته، وهو الأمر الذي ‏يضعه لبنان في رأس سلّم أولوياته في هذه المرحلة، على اعتبار أنّ ‏الإفادة من تقديمات "سيدر" تشكّل أحد العناصر الأساسية المعوّل ‏عليها لتجاوز الأزمة.‏‏ ‏
وفي سياق متصل، كشفت مصادر ديبلوماسية غربية لـ"الجمهورية" ‏أنّ "نصائح متتالية ومتجدّدة تنقل الى الجانب اللبناني للتوجّه نحو ‏صندوق النقد الدولي وطلب مساعدته". ويأتي ذلك في وقت ما يزال ‏هذا الأمر محلّ انقسام بين اللبنانيين، حيث تعتبره فئة منهم فرصة ‏للحصول على جرعات من النقد يحتاجها الإقتصاد اللبناني، والتي من ‏دونها لا يستعيد لبنان عافيته، فيما تخشى فئة أخرى، يتقدّمها الثنائي ‏الشيعي، من أن تشكّل مساعدة صندوق النقد الدولي للبنان مدخلاً ‏لوضعه تحت وصاية الصندوق تزيد معاناة الشعب اللبناني، عبر ‏شروط قاسية وفرض ضرائب جديدة".‏
‏ ‏وبحسب المصادر فإنّ العديد من سفراء الدول الغربية، أكدوا على ‏هذه النصائح أمام كبار المسؤولين اللبنانيين، على اعتبار أنّ اللجوء ‏الى صندوق النقد الدولي، هو حاليّاً الخيار الوحيد المُتاح أمام لبنان، ‏وأنّ الجانب اللبناني مرحّب بهذه النصائح، ولكن من دون أن يشير الى ‏قرار واضح حيال هذا الأمر.‏
‏ ‏وعُلم في هذا الإطار أنّ لبنان تلقّى إشارات أمميّة، وفرنسية وألمانية ‏وكنديّة بهذا المعنى، على اعتبار أنّ اللجوء الى صندوق النقد من ‏شأنه أن يرتدّ بفائدة ملموسة على لبنان، ليس من الصندوق فحسب، ‏بل من الدول الغربية تحديداً، التي يشجّعها لجوء لبنان الى صندوق ‏النقد على التعامل معه بفعالية وإيجابية أكبر ممّا هي عليه في ‏وضعه الحالي.‏
‏ ‏وذكرت "الجمهورية" انّ الموقف الأميركي يندرج في هذا السياق ‏أيضاً، حيث عكسته السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، في ‏لقائها الأخير مع وزير المال غازي وزنة، حيث كان الوضع الإقتصادي ‏في لبنان محور اللقاء، إستوضَحت خلاله السفيرة الأميركية عن ‏البرنامج الإقتصادي للحكومة، وأكدت في الوقت نفسه أنّ من مصلحة ‏لبنان التوجّه نحو صندوق النقد، وأن يبادر الى تقديم برنامجه ‏الإقتصادي للصندوق، وهو أمر ضروري ومُلحّ، لافتة الى أنّ ‏المساعدات للبنان يمكن أن تأتي عبر صندوق النقد، ولكن قبل ذلك ‏ينبغي على لبنان أن يقدّم برنامجه، الذي على أساسه تتحدّد كيفية مَدّ ‏يد المساعدة للبنان"، علماً أنّ موقف واشنطن المُعلن من مساعدة ‏لبنان مرتبط بتنفيذ مجموعة خطوات، أهمها إجراء الإصلاحات ومكافحة ‏الفساد والنأي بالنفس.‏
‏ ‏وسألت "الجمهورية" مصادر مسؤولة في وزارة المال حول موقف ‏لبنان من التوجّه الى صندوق النقد، فقالت: "التوجّه الى الصندوق ‏مطروح، إنما لا قرار في شأن ذلك حتى الآن. وسبق لوزير المال أن أكّد ‏أنه في حال تقرّر التوجّه الى الصندوق، سيتم ذلك وفق شروط لبنان، ‏وعلى أساس التفاوض على أحسن الشروط التي تفيد الدولة ‏اللبنانية".‏

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o