هل يعاد خلط أوراق التحالفات ورسم حدود جديدة بين القوى الكبرى؟
أبو زيد: "الكورونا" فضحت هشاشة تضامن النظام العالمي

المركزية – أظهرت أزمة "الكورونا" التي عصفت بمعظم دول العالم هشاشة النظام العالمي في التضامن مع بعضه البعض لمواجهة هذه الكارثة الصحية. فهل نحن أمام نظام عالمي جديد ترسم خطوطه العريضة من خلال كيفية مواجهة الدول لفيروس "كورونا"؟

العميد المتقاعد شربل أبو زيد قال لـ"المركزية": "نظرة سريعة على كيفية مواجهة الدول للفيروس كفيلة باعطائنا صورة واضحة عما يجري"، لافتاً إلى "أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب اعترف أمس، أن مستوى عدوى الكورونا في الولايات المتحدة الأميركية مذهل، لم يُرَ له مثيل، وإن النظام الصحي الأميركي قديم، وغير مجهز للتصدي لفيروس كورونا المعقد، بعد أن فاق عدد الإصابات في الولايات المتحدة ٧٠٠٠ ، وتجاوز عدد الوفيات ١١٥، ما أجبرها على إقفال حدودها بالتنسيق مع كندا، ودفع  بالرئيس الاميركي إلى إطلاق قانون الإنتاج الدفاعي لتحفيز الشركات الخاصة للمساهمة في التصدي للوباء، وطلب من الكونغرس ضخّ تريليون دولار لدعم الاقتصاد، اضافة الى ٤٥،٨ مليار دولار للوكالات التي تكافح فيروس الكورونا. الأمر الذي أدى إلى توقف بورصة نيويورك، فانخفضت اسهمها اكثر من ٧٪".  

وأضاف: "في المقابل ظهر أن أميركا لا تستطيع مساعدة حلفائها الأوروبيين في هذه الأزمة العالمية، بعد أن أغلقت أبوابها في وجههم.  كما ظهر فشل الاتحاد الاوروبي في التصدي لتفشي الوباء، حيث عمدت كل دولة الى الاعتماد على نفسها في كل المجالات. كما اطلق البنك المركزي الأوروبي برنامج شراء السندات بقيمة ٨٢٠ مليار دولار، للمساهمة في تخفيف تأثير كورونا على الاقتصاد الاوروبي. كما أن دول العالم كأستراليا ونيوزيلندا وسواها أغلقت حدودها خوفاً من تفشي الوباء اكثر وعدم القدرة على احتوائه".

واعتبر أبو زيد "أن هذا الوباء الخطير الذي يهدد معظم الدول، أظهر هشاشة تضامن النظام العالمي، حيث نرى إيطاليا مع عدد وفيات يناهز ٣٠٠٠ شخص متروكة لوحدها، في مصارعتها للوباء، وكل دولة تنغلق على نفسها وتعيد حساباتها، لتحشد قواها الاقتصادية والمالية والصناعية والعسكرية وسواها لمواجهة الوباء منفردة".

وتابع: "روسيا من جهتها تغلق حدودها مع بيلاروسيا، وتفرض قيودا على الرحلات الجوية مع دول الاتحاد الأوروبي، وتمنع دخول الأجانب عبر الحدود مع النرويج وبولندا". وسأل: "إذا كانت إجراءات أعظم دول العالم في مواجهة فيروس كورونا، ليست على المستوى المطلوب أو الذي كان متوقعا منها، فكيف بالدول الصغيرة؟"

وشدد على "أن لبنان، وبالرغم من انه يمر في أحلك الظروف في تاريخه الحديث، وضعت الحكومة استراتيجية وفقاً لقدراتها، هادفةً بمعونة الوعي الوطني الشامل لكافة أبناء الوطن، الى التصدي لهذا الوباء الفتاك، وقد أظهرت النتائج لغاية تاريخه إيجابية في هذه الإستراتيجية، ما يبشر بأنه يمكننا تجاوز هذه المحنة بأقل الخسائر الممكنة، اذا ما التزمنا منازلنا، واتبعنا التوجيهات الوطنية العامة".

وختم أبو زيد: "الأكيد أن النظام العالمي الذي عرفناه لن يبقى كما هو، حيث أن وباء كورونا سيترك على جسد هذا النظام الكثير من العلامات والجروح، فهل نحن أمام نظام عالمي جديد، يعاد فيه خلط أوراق التحالفات والشراكات، ورسم حدود القوى الكبرى من جديد؟ بالتأكيد نعم، لنر إذاً كيف سترسم هذه الجائحة النظام العالمي الجديد، وأن غداً لناظره قريب".