Mar 10, 2020 2:54 PM
خاص

بركات: على السلطات تلافي سيناريو التخلّف عن الدفع غير المنتظم

المركزية- لفت المدير العام المساعد ورئيس قسم الأبحاث لدى بنك عودة الدكتور مروان بركات في حديث لـ"المركزية" إلى أن "التخلّف عن دفع استحقاقات الـ"يوروبوندز" يجب أن يكون منتظماً وأن يترافق مع خطة إصلاح مالي محدّدة الأهداف والالتزامات الزمنيّة".

وقال "يحتاج لبنان في هذا السياق وقبل كل شيء إلى خطة آنية لإعادة هيكلة الدين العام في سياق برنامج شامل لإدارة الدين العام وإرساء سيناريو الهبوط الآمن لضمان خفض تدريجي في العجز المالي العام وفي المديونية. وفي انتظار مثل هذه الخطة الشاملة لإعادة هيكلة الدين العام وإدارته، لا ينبغي على لبنان رغم ذلك، أن يتخلف بشكل غير منتظم عن التزاماته الداخلية والخارجية، مع الأخذ في الاعتبار أن سجلّ لبنان حافل في احترام التزاماته وفي عدم تخلّفه عن السداد. ما ينبغي تجنّبه بشكل أساسي هو سيناريو التخلف عن السداد بطريقة غير منتظمة مع ما يحمله من تداعيات سلبية على الاقتصاد الوطني والدولة والنظام المصرفي بشكل عام".

أضاف: من الأفضل هنا وضع مثل هذه الخطة تحت مظلّة صندوق النقد الدولي لتأمين الدعم المالي الدولي، فالمطلوب هنا تأمين التمويل من قبل صندوق النقد الدولي في مرحلة لاحقة بما يقارب عشرة أضعاف حصّة لبنان لدى الصندوق والبالغة 880 مليون دولار (أي 8.8 مليار دولار)، مع ما يشكّل ذلك من رافعة للتمويل الخارجي الدولي. في هذا الإطار، يجب أن تتضمن الخطة عدداً من التدابير التي تتمحور بشكل خاص حول تقشف في الإنفاق العام، تعزيز تعبئة الموارد، تحسين جباية الضرائب، تحقيق بعض الوفورات في خدمة الدين العام، إصلاح قطاع الكهرباء، ناهيك عن خصخصة بعض المؤسسات العامة. وهي كلّها تدابير ملائمة لوضع نسبة المديونية في لبنان على سكة المسار التنازلي المنشود.

أما على صعيد القطاع المصرفي، فلفت إلى أن "الأخير عرضة لأن يخضع لتقليص نسبي في حجمه وإعادة هيكلته، بهدف تحسين الملاءة وتعزيز عامل الثقة. وبالتالي فإن جهود إعادة الهيكلة تستلزم عمليات دمج واستحواذ على مستوى القطاع، بالإضافة إلى إعادة رسملة المصارف، وهي عملية بدأت بالفعل خلال الشهرين الماضيين. هناك أيضاً حاجة لمزيد من التخفيضات في أسعار الفوائد المدينة والدائنة في ظل القيود المفروضة على حركة الرساميل الخارجية". وتابع: في موازاة ذلك، هناك حاجة إلى إصدار قانون يشرّع القيود على حركة الرساميل الذي سيتم إصداره من قبل السلطات من أجل إدارة العلاقة بين المصارف وقاعدة زبائنها. ما من شأنه أن يوحّد المعايير والإجراءات المتخذة من قبل المصارف، لضمان الإنصاف والمساواة في الحقوق بين المودِعين وتأمين غطاء تشريعي مناسب للمصارف اللبنانية بشكل عام.

وخلص بركات إلى القول: يتعيّن على الحكومة الجديدة أن تواجه بصرامة خمسة تحديات ماكرو اقتصادية رئيسية، وهي:

- أولاً، إعادة النمو الاقتصادي وخلق الوظائف، بعد انتقال الاقتصاد الوطني حالياً من حلقة النمو المنخفض إلى وضعية الركود التي تؤثر على جميع قطاعات النشاط الاقتصادي.

- ثانياً، تصحيح القطاع الخارجي مع تفاقم الاختلالات الخارجية، علماً أن النموذج القائم على استدامة العجز التجاري الملحوظ بالاعتماد على تدفقات الأموال الوافدة لم يعد قابلاً للاستمرار نظراً إلى التراجع الملحوظ في حركة التدفقات المالية. هناك إمكانية لتحقيق توازن في ميزان المدفوعات من خلال تخفيض حجم الواردات بنسبة 40% وزيادة الصادرات بنسبة 20% وذلك رغم فرضيّة التراجع في حركة الأموال الوافدة بنسبة تقارب 25% خلال العام الحالي.

- ثالثاً، تصحيح الاختلالات القائمة على صعيد المالية العامة التي تشكّل عنصر الهشاشة الأبرز حالياً في الاقتصاد الوطني، علماً أن النموذج القائم حول تمويل العجز المالي العام عن طريق نمو الودائع غير قابل للاستدامة.

- رابعاً، تصحيح الوضع النقدي مع التراجع المتوقع في احتياطات مصرف لبنان في ظل الاحتياجات التمويلية الملحوظة بالعملات الأجنبية والتي تناهز على أقل تقدير بما يوازي 10 مليارات دولار في السنة.

- خامساً، تصحيح الأوضاع المصرفية مع ضرورة توحيد الإجراءات المصرفية بالترافق مع مزيد من التخفيض في معدلات الفوائد.

وقال: أنجزنا للتوّ ورقة مقترحات اقتصادية تبحث في ماهية الوضع الراهن الفعلي والحاجات على مستويات عدة من القطاع الحقيقي إلى القطاع الخارجي والقطاع العام والقطاع النقدي والقطاع المصرفي، للخروج من الأزمة الاقتصادية المستفحلة، وضمان سيناريو الهبوط الآمن الذي من شأنه أن يساعد لبنان على تجنّب التداعيات السلبية الناجمة عن غيابٍ للمبادرات الإصلاحية الجدّية.

وختم: رغم أن الاختلالات البنيوية القائمة في لبنان حالياً جسيمة، لا سيما على صعيد القطاعين الخارجي والعام، إلا أن المخارج ما زالت متاحة وتحقيق سيناريو الهبوط الآمن ما زال ممكناً، إذا تمّ اتخاذ خيارات وتدابير جذرية. فالأرقام ما زالت قابلة للاحتواء حتى هذه اللحظة إذا صدقت النوايا، وفي حال أُطلقت عجلة الإصلاحات الهيكلية بشكل ملائم، في إمكان لبنان أن ينتقل تدريجياً من حقبة الوهن الاقتصادي إلى حقبة الاحتواء التدريجي للمخاطر والتهديدات كشرط أساسي لأي نهوض اقتصادي منشود في المدى المتوسط إلى الطويل.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o