Mar 05, 2020 6:12 AM
صحف

لبنان يعلن عدم دفع الدَّين السبت... وتمهيد لتنسيق الخطة التي سيعتمدها في مفاوضاته مع الدائنين

على مسافة ثلاثة ايام من حلول موعد استحقاق إصدار "يوروبوند" بقيمة 1,2 مليار دولار، ما زال البعض يعتبر انّ المماطلة في اتخاذ القرار هي نوع من اضاعة وقتٍ ثمين، وانّ الميوعة ستؤدي الى تكبير حجم الأزمة بدلاً من حلّها. الّا انّ مصادر مواكبة لحركة الاتصالات الجارية في هذا الشأن، تلفت الى "انّ الغموض في هذا الموضوع بنّاء، ولو انّه غير مقصود".

واعتبرت المصادر، "أنّ أزمة بيع السندات قبل الاستحقاق من قِبل المصارف اللبنانية الى مستثمرين أجانب، ما كانت لتحصل، لولا تسرّب معلومات حول وجود نيّة لدفع المال الى الأجانب، وتأجيل الدفع الى حَمَلة السندات اللبنانيين (مصارف) من خلال عملية "سواب". وبالتالي، في مواضيع حساسة من هذا النوع، يُستحسن الحفاظ على التكتّم من اجل إنجاح المفاوضات عندما تبدأ.

وفي السياق، كشفت المصادر نفسها لـ"الجمهورية"، انّ القرار اتُخذ مبدئياً بعدم دفع الاستحقاق، والدخول في مفاوضات رسمية مع الدائنين على اعادة هيكلة وجدولة كامل الدين باليوروبوند (حوالى 31 مليار دولار)، وانّ ما يجري حالياً، هو تمهيد لتنسيق الخطة التي سيعتمدها لبنان في هذه المفاوضات، مع الدائنين المحليين ومع الدائنين الأجانب.

علمت "الجمهورية"، انّ القرار اللبناني في شأن سندات "اليوروبوند" سيُعلن بعد لقاء رئاسي في القصر الجمهوري في بعبدا آخر الاسبوع، يضمّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة حسان دياب. ولم تستبعد المصادر ان يكون هذا اللقاء موسعًا، بحيث قد يضمّ وزير المال غازي وزني ووزير الاقتصاد راوول نعمة، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس جمعية المصارف سليم صفير.

واشارت المصادر، انّ رئيس الحكومة، سيتولّى بالتوازي مع اعلان القرار اللبناني النهائي، الإعلان ايضًا عن الخطة الإنقاذية التي ستعتمدها الحكومة خصوصًا في هذا المجال، مع تحديد الأسباب الموجبة التي دفعت الحكومة الى اتخاذ قرارها بعدم الدفع. مع الاشارة الى انّ هذا الموضوع سيكون نقطة بحث خلال جلسة مجلس الوزراء التي ستُعقد اليوم، مع احتمال ان يعقد مجلس الوزراء جلسة ثانية مرتبطة بهذا الموضوع السبت المقبل.

وعلمت "الجمهورية"، انّ الساعات القليلة الماضية شهدت حركة مشاورات مكثفة على الخطوط الرئاسية كلها، وكذلك على مستوى رئاسة الحكومة ووزارة المالية والجهات المصرفية والمالية الرسمية والخاصة. وقد دارت هذه الاجتماعات وسط توجّه اكيد نحو عدم الدفع. 

ما زالت هناك تباينات في الموقف بين الحكومة والجهات المصرفية اللبنانية بحسب مصادر وزارية معنية، حيث ما زالت المصارف تشدّ في اتجاه ان يبادر لبنان الى دفع السندات، اقلّه المستحقة في 9 آذار الجاري، وهي بذلك تشدّ في اتجاه ان تتقاضى حصّتها لقاء السندات التي تحملها، فيما المشاورات مستمرة مع حاملي السندات من غير اللبنانيين.

ولفتت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات الجارية في هذا الشأن الى "انّ الغموض في هذا الموضوع بنّاء، ولو انّه غير مقصود".

"هيركات" لـ"اليوروبوند"؟: كشف مشاركون في المشاورات الجارية بين لبنان والمؤسسات الدولية حول موضوع السندات لـ"الجمهورية"، أنّ المسألة ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض. فالحكومة اللبنانية في موقع حَرِج جراء العجز الكامل عن سداد السندات، والجهات الحاملة لسندات اليوروبوند في موقع حَرج ايضًا، لانّها امام خيارين كلاهما صعب ومرّ. الاول، الإصرار على السداد في الوقت المحدّد، فهذا معناه انّ لبنان لن يتمكن من الدفع، وان ذهبت الى المقاضاة، فقد تربح، الّا انّ لبنان لن يتمكن من الدفع، وبالتالي لن تستفيد شيئاً، وهذا معناه خسارة كاملة لها.

والثاني، القبول بالأمر الواقع، والتوافق مع الجانب اللبناني على سعر معقول للسندات، على ان يتمّ سدادها ضمن فترة معيّنة وبفائدة قليلة. وهذا معناه نصف خسارة، والبديهي هنا ان يختار حاملو السندات الخيار الثاني، اي نصف الخسارة، بدل ان يخسروا كل شيء.

بهذه الطريقة، يشير هؤلاء المشاركون، يكون لبنان قد اجرى نوعًا من "الهيركات" لـ"اليوروبوند"، وعلى ذات المنوال يمكن للحكومة ان تتفق مع المصارف اللبنانية، وبعدها تتفق مع كبار المودعين، لتخفيض الفائدة على هذه الودائع.

عدم السداد: من جهة أخرى، أشارت "الاخبار" الى أن من المنتظر أن يشهد يوم السبت المقبل الإعلان الرسمي اللبناني عن عدم سداد الديون المستحقة، بالدولار الأميركي، في التاسع من الشهر الجاري. اذ بات قرار التخلف عن السداد شبه محسوم، لكن محاولات المصارف إلزام الدولة بالدفع لم تتوقف.

وتردّد أمس أن المصارف اقترحت على الحكومة استعدادها للمساهمة في دفع قيمة السندات التي يحملها أجانب، على أن تدخل هي ومصرف لبنان في مفاوضات مع الحكومة من أجل إعادة جدولة السندات التي يحملها الدائنون اللبنانيون. لكن هذا الاقتراح الذي لا يزال فكرة غير مثبتة، ليس أكثر من محاولة "توريط" للحكومة بالالتزام بدفع الديون "إلى الأبد"، وفقا لـ"الأخبار".

نتائج التخلف عن الدفع: وأظهرت المعلومات المتوافرة لـ"النهار" عن الاجتماعات الكثيفة التي تواصلت أمس في السرايا الحكومية من مصادر معنية ان نتائج هذه الاجتماعات لا يمكنها تجاوز اهمية التحفظات والمحاذير التي أبدتها جمعية المصارف وافرقاء ماليون معنيون آخرون يتخوفون من الاثر الذي سيحدثه تخلف لبنان عن سداد ديونه للمرة الاولى ولو امتلك كل العوامل والاسباب والظروف المخففة والمبررة لهذا التخلف.

وقالت المصادر إنه على رغم الكتمان الشديد الذي تحاط به الاجتماعات الجارية لبت القرار النهائي للحكومة في شأن "الاوروبوند"، فإن البحث بلغ كما يبدو مراحله النهائية حول السيناريو التنفيذي التقني الذي يشمل عملاً أساسياً للاستشاريين الاجنبيين القانوني والمالي للحكومة لاطلاق مفاوضات اعادة البرمجة والهيكلة بعد اتخاذ القرار، واستنفدت تقريباً دراسة كل الاحتمالات التي ستترتب على هذا الخيار كما على خيار التزام التسديد بوجهيهما الداخلي والخارجي سواء على صعيد المالية العامة للدولة أو على صعيد العلاقات الخارجية. وأضافت المصادر أنه بعد اعلان القرار النهائي في شأن "اليوروبوند" ستكون للحكومة استحقاق اخر يتصل بالخطة المالية الداخلية والتي تردد امس ان رئيس الحكومة قد يكشف تفاصيلها بعد العاشر من آذار وهي تتضمن اجراءات وصفت بانها مؤلمة واضطرارية وغير شعبية للخروج من المأزق المالي الكبير والمعقد.

وقد تابعت جمعية المصارف مشاوراتها مع الحكومة، توصلاص الى تنظيم أي قرار محتمل بالتخلف عن السداد، نظرا الى المخاطر الكبيرة التي سيرتبها قرار كهذا قبل الجلوس الى الطاولة مع الدائنين والتفاوض في شأن الشروط الجديدة لاعادة هيكلة السندات.

وعلم في هذا المجال ان المصارف اقترحت حلاً يمكن ان يشكل مخرجا من المأزق الذي بلغه ملف "الاوروبوند" في ظل التباين الواضح بين القوى السياسية الداعمة للحكومة حيال الخيار الواجب السير فيه.

وفهم ان الاقتراح الذي عرضته المصارف لا يزال يلقى معارضة من داخل الحكومة كما من رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اعلن صراحة موقفه عبر زوار لقاء الاربعاء النيابي، فضلاً عن بعض المستشارين لدى رئيس الوزراء.

وكشفت المعلومات المتوافرة لدى "النهار" ان "حزب الله"، خلافاً لما يتم تداوله، لا يعارض الاقتراح المصرفي، خصوصاً أنه يدرك ان البديل قد يكون الفوضى. أما الاقتراح فيرمي الى تأمين تمويل يغطي دفعة من الاصدارات الثلاث للـ”الاوروبوند” المستحقة في آذار ونيسان وحزيران، تمهيداً لإتاحة الوقت للحكومة لتعزيز موقعها التفاوضي والاستعداد للجلوس مع الدائنين لوضع برنامج لاعادة الجدولة. وفي حين تحفظت مصادر مصرفية عن كشف مصادر التمويل المتاحة، كشفت ان الحكومة لا تزال رافضة للاقتراح، دافعة في اتجاه اعلان التخلف، على رغم ضيق الوقت المتاح لاعادة الجدولة، وعدم تقديمها أي خيار بديل بعد.

مرحلة التشاور: وفي هذا الصدد، قالت مصادر رسمية لـ"اللواء" ان خلافا لما يتم تسريبه عن رفضه، فإن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لم يقرر ‏موقفه النهائي بعد من سداد استحقاق يوروبوندز، وهو لازال في مرحلة التشاور مع الخبراء. واوضحت المصادر ‏ان اهتمام الرئيس بري ومشاركته عبر معاونه السياسي وزير المال السابق علي حسن خليل في النقاشات الجارية ‏حول ازمة المديونية بشكل عام، نابعة ايضا من استشعاره لحجم الكارثة، ومن اهتمامه بإيجاد حلول منطقية تسهم ‏في انقاذ الاقتصاد والخزينة العامة‎.‎

إلى ذلك، توقعت مصادر رفيعة المستوى ان يعلن الرئيس دياب شخصياً الموقف الذي سيتم التوافق عليه من قبل ‏الدولة، وانه سيكاشف الشعب اللبناني أسباب الموقف المتخذ والمسار الذي سيتم اتخاذه لاحقاً للخروج من الأزمة ‏الراهنة بأقل اضرار ممكنة، علماً ان كل الخيارات ما تزال مفتوحة، حتى إعلان الموقف النهائي". بحسب مصادر ‏وزارية متابعة للملف، والتي رجحت أيضاً ان يكون موقف الحكومة عدم الدفع، على الرغم من ان موقف ‏المصارف وغيرهم من الاقتصاديين هو عكس ذلك، أي المطالبة بسداد هذه الاستحقاقات‎.‎
وتوقعت المصادر ان تطلب الحكومة من الدائنين التفاوض من أجل جدولة الدين وتأجيلها خمس سنوات مع فائدة ‏صفر في المائة‎.‎

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o