مصير اليوروبوند بين سمعة لبنان "مصرفيـــا" وسقف السيادة "سياسيا"
وفد صندوق النقد يلتقي دياب ووزني وسلامة..استطلاع ما قبل النصيحة
عون: نعالج تراكمات السياسات الخاطئة 30 عاما وسيتحملون المسؤولية
المركزية- من السراي اقلعت رحلة لبنان مع الصندوق اليوم، على امل ان تحط في مطار الخيار الانسب لانقاذه من تداعيات الديون الكارثية. صندوق النقد الدولي الذي حطّ في بيروت يُفترض ان يسدي النصيحة الاساسية اولا باقفال كل صناديق الهدر في الدولة قبل اي اجراء آخر، ليُفتح النقاش الاخطر والاجرأ في آن. تسديد او عدم تسديد سندات اليوروبوند او اعادة هيكلة الدين.
المشوار بدأ: فيما بات شبه محسوم ان الدولة لن تسدد سندات "يوروبوند" المستحقة في 9 آذار المقبل، رأس رئيس الحكومة حسان دياب، في السراي اجتماعا مع وفد خبراء صندوق النقد الدولي برئاسة رئيس البعثة مارتن سيريزولة في حضور نائب رئيس مجلس وزيرة الدفاع زينة عكر عدره، وزير المالية غازي وزني، وزير الاقتصاد راوول نعمه، وزيرة العدل ماري كلود نجم، المدير العام للقصر الجمهوري انطوان شقير، الامين العام لمجلس الوزراء محمود مكية ومستشار رئيس الحكومة خضر طالب. وبعد الاجتماع أوضح الوزير وزني في دردشة مع الصحافيين، ان هذا الاجتماع خصص للتعارف، مشيرا الى أن "لبنان حضر خطة لمواجهة الازمة وكيفية الخروج منها". ولفت الى ان "صندوق النقد يعطي وجهة نظره في ظل الظروف الحالية وما يحتاجه لبنان من اجراءات اصلاحية واقتصادية ومالية، ومكمن الصعوبات والسبل الايلة الى الحلول". واكد أن وفد الصندوق "سيتابع عمله حتى الانتهاء من التعاون مع لبنان لاعداد الخطة"، موضحا "أننا في مرحلة المشورة التقنية حصرا".
اجتماع استطلاعي: وليس بعيدا، افادت معطيات صحافية "ان الاجتماع عرض للواقع الذي يمرّ به لبنان وتم تبادل لوجهات النظر بين الجانب اللبناني وصندوق النقد الذي وجه نصائح للبنان نابعة من قراءته للواقع اللبناني". ولفتت الى "ان بعد الاجتماع مع دياب، التقى وفد صندوق النقد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ثم وزير المال فيما لا لقاء مع رئيس الجمهورية اليوم". وأفيد ان اجتماع البعثة الخاصة بالصندوق مع دياب كان استطلاعياً اوّلياً وهو تحضيري للاجتماعات المقبلة". واكد وزني بحسب المعلومات أن الإجتماعات تخصّص لما يمكن أن تقدّم بعثة صندوق النقد الدولي من دعم فني ولن تدخل في تفاصيل إستحقاق آذار وستبحث في خطة إقتصادية شاملة في ما يخص هيكلة الدين وعلى الحكومة أن تتخذ القرار النهائي.
شركات المشورة: الى ذلك، افاد مصدر مطلع لوكالة "رويترز" ان حكومة لبنان ستفحص غداً مقترحات الشركات المنافسة على إسداء المشورة المالية والقانونية بخصوص خياراتها في سنداتها الدولية. وذكرت المعطيات ان لبنان سيتلقى بعد ظهر غد الجمعة اجوبة مكاتب الاستشارة القانونية والمالية الراغبة في مساعدة الحكومة اللبنانية في حال اتخاذ قرار بإعادة هيكلة الدين وسيتم فضّ العروض في رئاسة مجلس الوزراء".
بعيدا من السياسة: في غضون ذلك، عرض رئيس الجمهورية مع رئيس جمعية المصارف الدكتور سليم صفير، شؤونا مصرفية ومالية في ضوء التطورات الاخيرة. وقال صفير بعد اللقاء "البحث مع رئيس الجمهورية يتركز في هذه الفترة حول موضوع اليوروبوندز المستحقة الشهر المقبل . وشددنا على ضرورة العمل بسرعة على احد الحلول المطروحة ، فتراجع سعر السندات المستمر بالأسواق العالمية يحمل المصارف اللبنانية خسائر تزيد من الضغوط عليه . كما تمنينا على الرئيس مقاربة موضوع السندات بشكل تقني وبعيد عن السياسية . فعلينا السهر على مصلحة لبنان طبعا ولكن أيضا على سمعته . ووضعنا الرئيس بصورة إمكانية التوصل لحل مع الدائنين الدوليين غير صدامي وبشكل منظم خاصة وان الصناديق الاستثمارية في الخارج ابدت جهوزية للتفاوض. فالهدف الموحد للرئيس عون ودياب وجمعية المصارف هو الخروج من الأزمة باقل ضرر ممكن وبما يمثل افضل حل للبنان".
تحت سقف السيادة: في الاثناء، اعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة أن الوضع المالي والنقدي والاقتصادي الصعب الذي أصاب البلاد، يبقى قابلاً للمعالجة إذا ما توفّرت الإرادة السياسيّة التي تتوافق على المخارج العلميّة والتقنيّة التي يحدّدها أصحاب الاختصاص بعيداً من الميول والمجاملات لأصحاب النفوذ أو المصالح المصرفيّة الضيّقة. ودعت الكتلة الجميع وسط هذه الأزمة للتعاون الإيجابي بعيداً من الحسابات الضيّقة الفئويّة أو السياسيّة، معتبرة أنه يجب اختيار أنسب الحلول الماليّة والنقديّة والاقتصاديّة تحت سقف القرار السيادي الوطني الذي لا يقبل ابتزازاً ولا مقايضات ولا يؤدي بالبلاد إلى أيّ وصاية أو تبعيّة أو ارتهان. ورأت أن الأسباب المحليّة للتردي الاقتصادي عموماً في البلاد، والتي باتت على كل شفة ولسان، ينبغي ألا تصرف الانتباه لا عن دور سماسرة الأزمات وأثريائها من الانتهازيين قنّاصي الوجع، ولا عن التوظيف غير الوطني للأزمة، من أجل استدراج التدخلات والإملاءات أو الشروط الأجنبيّة تحت ذريعة إنقاذ الوضع، وبدافع تحقيق بعض المنافع الخاصّة المباشرة أو غير المباشرة وعبر استخدام التهويل والتضليل. واعتبرت أن مسؤوليّة الحكومة أن تكون يقظة تماماً إزاء محاولات هؤلاء وأولئك عند اعتماد الخيارات والحلول الوطنيّة الملائمة.
اجراءات للمحاسبة: وسط هذه الاجواء، عقد مجلس الوزراء جلسة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة والوزراء. وبحث في جدول اعمال، ابرز بنوده الموضوع المالي والنقدي. في مستهل الجلسة، قال الرئيس عون: عمل اللجان المختصة مستمر للوصول الى مقترحات عملية تعرض على مجلس الوزراء بعد انتهاء دراستها لاتخاذ القرار المناسب بشأن الأوضاع المالية. واضاف "لم أوقع قانون موازنة العام ٢٠٢٠ بسبب عدم التصديق على قانون قطع الحساب إذ لا يمكن اصدار الموازنة من دونه الا اذا صدر قانون يجيز ذلك كما حصل في العام الماضي من خلال القانون ١٤٣ / ٢٠١٩". وتابع ": ثمة معلومات لا نزال بحاجة اليها تتعلق بالوضع المصرفي، وهناك اجراءات سنتخذها ليتحمل المسؤولية كل من ساهم بإيصال الأزمة الى ما وصلته من خلال عمليات غير قانونية والمسؤوليات ستكون جسيمة".
دياب والتراكمات: واشارت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد الى ان رئيس الحكومة قال "إننا بدأنا اليوم معالجة تراكمات 30 سنة من السياسات الخاطئة، وأن قضية الدين العام استنزفت أموال الدولة، والبلد وصل إلى حائط مسدود وكبرت كرة النار كثيرا وقدرنا ان نتلقفها لإنقاذ لبنان". ولفتت الى ان "الرئيس دياب اعتبر اننا نعيش حالة طوارئ اقتصادية ومالية، وستعد وزارة المالية مشروع قانون معجل بشأن المصارف، والمرحلة القادمة صعبة علينا جميعا ونحن أمام منعطف تاريخي". وشدد رئيس الحكومة على انه "يجب ضم اشخاص من الحراك الشعبي الى اللجان وفاء لوعودنا". وأعلنت ان مجلس الوزراء بحث في قضية تعيين موظفي الفئة الأولى وآلية هذا التعيين. هذا ووافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بين الدولة اللبنانية والصندوق الكويتي للانماء الاقتصادي والاجتماعي بقيمة ١٦٥ مليون دولار.
كنعان: في الاثناء، أكّد رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان أنّ رفع السرية المصرفية يجب أن يكون تلقائيًا عن كل من يتولى مسؤولية عامة، مشيرًا إلى أنّ هناك اقتراحات جريئة لنقل المطالبات من الحراك والقوى السياسية الى قوانين. وبعد اجتماع اللجنة الفرعية لبحث ٥ بنود تتعلق بالأموال المنهوبة والاثراء غير المشروع ورفع السرية المصرفية، قال: "تبيّن لنا أن قانون الإثراء غير المشروع هو الأساس الذي يمكن العمل عليه وتطويره وإدخال تعديلات عليه. وأعطينا مهلة لفريق من اللجنة الفرعية حتى الثلاثاء المقبل لاعداد مسودة تتضمن صيغة موحدة نناقشها بالنسبة لاسترداد الأموال المنهوبة ورفع السرية المصرفية يضاف إليها المحكمة الخاصة بالجرائم المالية".
تحرك التيار: وليس بعيدا، وقبيل تحرك التيار الوطني الحر عصرا امام المصرف المركزي محملا حاكمه مسؤولية تهريب الاموال الى الخارج، غرّد رئيس "التيار" جبران باسيل عبر "تويتر"، كاتبا "لا للمسّ بليرة او دولار من اموال الناس قبل معرفة مين بعد ١٧ تشرين حوّل أموال للخارج وكميتها، ولازم اعادتها؛ كل مبلغ تحوّل للخارج سنة ٢٠١٩ بطريقة استنسابية حرم يلّي خلّوا اموالهم بلبنان من فرصة الحصول عليها. المصرف المركزي بيعرف وبيقدر وهو لازم يكون بخدمة الدولة والناس مش العكس".
ادلب: اقليميا، لم تحقّق المشاورات الروسية – التركية التي استضافتها موسكو في اليومين الماضيين، خرقا يعتدّ به، في جدار أزمة "الشمال السوري". وعليه، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن "المناقشات ليست على المستوى المرجو بعد"، مضيفا "هناك قدر من التقارب مع روسيا في المحادثات المتعلقة بمنطقة إدلب في سوريا". وقال جاويش أوغلو لقناة "تي.آر.تي خبر": إن تركيا وروسيا ستكثفان المحادثات الخاصة بإدلب في الأيام المقبلة، مضيفا أن "الرئيسين التركي والروسي قد يناقشان الأمر أيضا". وفيما تصعّد أنقرة تهديداتها بشنّ هجوم عسكري في شمال غرب سوريا، قال مسؤول تركي اليوم، إن أنقرة تبحث مع روسيا تسيير دوريات مشتركة في ادلب كأحد الخيارات لضمان الأمن هناك.