فوضى دستورية في نصاب جلسة الثقة وجنبلاط يفي بوعده لبـري
الثوار في الشارع رفضاً: مواجهات عنيفة.. ورئيس المجلس ممتعض
الجيش: لسنا للسلطة ولم نستخدم القوة... وجرمانوس ينهي خدماته
المركزية- صوت الشعب الثائر "لا ثقة" لحكومة الرئيس حسّان دياب اقوى من تلك التي سيمنحها المجلس النيابي دستوريأً، ولم تكن لتنالها لولا توفير رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط نصاب جلسة كان مفقودا قبل ان ينضم نواب "اللقاء الديموقراطي" اليها، بذريعة عدم تعطيل المؤسسات التي قادت الى المجلس ايضا فريقي نواب "المستقبل" و"الجمهورية القوية"، اللذين ربطا مشاركتهما بتوفير النصاب خشية تحملهما تبعاته على المستوى الشعبي. سدد جنبلاط صفعة للثوار الذين شحذوا الهمم لمنع النواب من الوصول الى البرلمان متحَدّين الظروف المناخية الصعبة وكل الحواجز المرفوعة في وجههم لايصال صرخة "اللاثقة"، بسلطة وحكومة جندّت اجهزتها الامنية كلها، وواجهوا قرارات مجلسها الاعلى للدفاع، ومع انهم لم يتمكنوا من منع انعقاد الجلسة الا ان "الصوت بودّي" الى حيث يجب في الداخل والخارج.
مشاهد الفوضى والكر والفر بين الثوار والقوى الامنية لم تقتصر على الطرق المحيطة بالمجلس بل وصلت الى داخل اروقة البرلمان حيث حصلت "فوضى دستورية" في شأن النصاب القانوني للجلسة مع تضارب المعلومات حول عدد النواب الذين دخلوا الى قاعة المجلس للمشاركة في جلسة الافتتاح التي تأخرت ستاً وثلاثين دقيقة قبل ان يحسمها رئيس المجلس نبيه بري باعلانه "ان جلسة الثقة افتتحت بحضور 67 نائبا. الا ان النائب وائل ابو فاعور اكد في تصريح "ان عندما دخل اربعة نواب من اللقاء الديمقراطي الى الجلسة، هم بلال عبدالله، هادي ابو الحسن، فيصل الصايغ وأكرم شهيب، كانت الجلسة بدأت، ومن ثم انا انضممت اليهم". ولفت إلى "ان ليس من واجبنا ان نقول ان كان النصاب قد تأمّن وليس من مسؤوليتنا عدّ النواب. نحن شاركنا انطلاقا مما كنا قد اعلناه سابقًا بالمشاركة وحجب الثقة".
النصاب: وافادت مصادر نيابية ان حينما قرع الجرس كان عدد النواب في الداخل 58 فدخل الرئيس نبيه بري القاعة العامة بعدما اُبلغ ان نواباً من الديموقراطي في طريقهم الى القاعة العامة اضافة الى اربعة نواب آخرين وصلوا الى المطار وتوجهوا فورا الى المجلس بما يؤمن النصاب القانوني. وفي حين افادت المعلومات ان دخول رئيس المجلس الى القاعة يفترض ان يتم فور اكتمال النصاب استنادا الى الدستور اكد نائب رئيس المجلس ايلي الفرزلي انه يحق له الدخول ما دام النواب الباقون داخل حرم المجلس.
ورفض تكتل "الجمهورية القوية" في البداية الدخول الى قاعة المجلس قبل تأمين النصاب، لان معركة النصاب على حدّ قوله من مهمة الاكثرية النيابية التي ستؤمّن الثقة، قبل ان يشارك لاحقا في الجلسة. اما كتلة "المستقبل" فلم تحضر بشكل جماعي الى المجلس. ونُقل عن مصادر الكتلة تأكيدها "ان النصاب مسؤولية الاكثرية النيابية التي ستمنح الحكومة الثقة وليس من مسؤولية الكتل المعارضة التي اعلنت حجب الثقة والسؤال موجّه الى الاكثرية اذا كانت ستؤمّن الثقة ام لا".
عدد الكلمات: وفيما بلغ عدد طالبي الكلام من النوّاب 43، اجرى الرئيس بري الذي ابدى في بداية الجلسة عتبه على الثوار لتعرضهم للنائب سليم سعادة وتكسير سيارات وزراء ونواب، اتصالات لتخفيض العدد قدر الامكان من اجل الانتهاء سريعا في تكرار لسيناريو جلسة اقرار الموازنة، وتحدث في الجلسة قبل الظهر 10 نواب اثر تلاوة الرئيس حسان دياب البيان الوزاري،على ان يستكمل الباقون في الجلسة المسائية.
جنبلاط: وأكد رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط "أننا نحترم الأصول البرلمانية، ونزلنا إلى المجلس النيابي، وربما اكتمل النصاب بوجودنا، لكننا لسنا كغيرنا من الكتل المعارضة نُزايد حول اكتمال النصاب كي نكسب أصواتاً شعبية فقط، بل نحن نحترم الأصول وخارج المزيدات لبعض المعارضين".
محاولات الثوار واصابة سعادة: خارج البرلمان والجدران الاسمنتية التي ارتفعت بين الشعب وممثليه، كانت
الثورة بكل زخمها تنزع الثقة عن الحكومة لافتقارها الى أدنى مقومات الانقاذ. باكرا حضروا بالمئات من كل المناطق متحدين برودة الطقس وموجة الصقيع، ومنهم من بات ليلته في الخيم، استعداداً لثلاثاء الغضب، مطلقين شعار "لا ثقة".عمليات كر وفرّ متتالية شهدتها المنطقة حاول الثوار خلالها تخطي العوائق الحديدية بالقرب من جريدة النهار، وسط تعزيزات امنية غير مسبوقة حوّلت قلب العاصمة الى ثكنة عسكرية، في ظل انتشار امني كثيف، وتمكنوا على الرغم من المواجهات بالحجارة والقنابل المسيلة للدموع، من فتح ثغرات في الجدار الاسمنتي الذي اقيم بين مبنى الجريدة وفندق لوغراي، فيما منعت عناصر قوى الامن المحتجين حتى من الدخول سيراً على الاقدام الى منطقة البيال. وامام فندق فينيسيا وشارع عمر الداعوق الذي شهد انتشارا امنيا كثيفا حاول الثوار وضع العوائق، لمنع النواب من الوصول الى ساحة النجمة كما قطع السير عند تقاطع برج المر، وحاول محتجون في زقاق البلاط إقفال الطريق المؤدي الى السراي، غير ان النواب نجحوا في الوصول الى البرلمان، فيما تعرض نائب القومي سليم سعادة لاصابة في الرأس جراء رشقه بحجر، ما أدّى الى نقله الى مستشفى الجامعة الأميركية حيث تمت معالجته، وعاد لاحقا الى الجلسة.
الجيش ليس للسلطة: وفي السياق، وفي حين اعلن الصليب الاحمر نقل ٢٦ جريحاً إلى المستشفيات وإسعاف ١٧٥ مصاباً في المكان نتيجة المواجهات، اكدت مصادر عسكرية لـ"المركزية" ان الجيش اللبناني لا يتصرف على الارض وفق اهواء سياسية لأنه ليس منحازا لفريق في الوطن في مواجهة آخر، الا ان عمله ينطلق من مهمتين اساسيتين، اولاهما حماية المتظاهرين السلميين وجميع المواطنين من دون تمييز في ما بينهم مهما كانت انتماءاتهم، والثانية العمل على تأمين الحماية الكاملة للشرعية ومؤسسات الدولة، تالياً لا يمكن ان يتعارض هذا المبدأ مع قرار حماية المواطنين، لكنه ضد اقفال الطرق. وفي حين، نشر الجيش تغريدة عبر "تويتر" دعا "فيها الى المحافظة على سلمية التحرك لحماية الجميع"، شددت المصادر على ان الجيش ليس جيش السلطة. ولفتت الى ان عين المجتمع الدولي اليوم على الحكومة ونيلها الثقة او عدمه وفي انتظار عملها لكي يبنى عليه في استنهاض البلد. وأوضحت ان الجيش لم يستعمل القوة مع المتظاهرين السلميين ودفعهم لا يعتبر استعمالا للقوة.
جرمانوس ينهي خدماته: في مجال آخر، قدم اليوم مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس طلبا لانهاء خدماته في السلك القضائي، بعدما اعلن منذ ايام انه سيقدم استقالته لاسباب محض عائلية. وافادت مصادر قضائية "المركزية" ان طلب انهاء الخدمات لا يبت فورا انما يستلزم بعض الوقت، ما يعني ان جرمانوس سيستمر في السلك الى حين انهاء الاجراءات في هذا الخصوص.
الحريري ونصرالله: على خط آخر، تترقب الساحة السياسية اثر مرور قطوع الثقة محطتين بارزتين نهاية الاسبوع. الاولى ذكرى اغتيال الرئيس رفيق الحريري التي يحييها الرئيس سعد الحريري في بيت الوسط للمرة الاولى بعد ظهر الجمعة المقبل حيث تؤكد اوساطه ان خطابه سيكون "ناريا" سيصوب في شكل خاص على التيار الوطني الحر، ويرد التهم التي تلصق بالمستقبل وبالحريرية ككل، عن مسؤوليتهما في شأن الدرك المتدني الذي بلغته البلاد اقتصاديا وماليا ونقديا. اما الثانية فخطاب امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في الثانية والنصف بعد ظهر الاحد المقبل في ذكرى القادة الشهداء واربعين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، المتوقع بحسب ما تشير مصادر قريبة من الضاحية ان يتطرق في شكل مفصّل الى ملفين الاول داخلي تفرضه مناسبة نيل الحكومة الثقة والثاني اقليمي يتناول فيه بالتفصيل صفقة القرن وتداعياتها.
اردوغان يُهدد سوريا: اقليمياً، هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان "النظام السوري بدفع الثمن "غاليا جدا" في حال شنّ هجوما جديدا على القوات التركية في شمال غرب سوريا"، غداة قصف سوري في إدلب أسفر عن مقتل 5 جنود اتراك. واعلن إردوغان في خطاب من أنقرة: "نال النظام عقابه، لكن ذلك لا يكفي، ستكون هناك تتمة. كلما هاجموا جنودنا، سيدفعون الثمن غاليا، غاليا جداً"، مشيراً الى "ان تدابير إضافية ضد النظام السوري سنُعلنها غداً"، من دون ان يعطي المزيد من التفاصيل.