الخارج يراقب تموضع الحكومة السياسي وتنفيذ الاصلاحات كشرط للدعم
تحقيقات ومواقف تدين "الشغب"..والوفاء للمقاومة" لا مجاملة في السيادة
تسليم وتسلم في الوزارات...وايران منفتحة علـى الحوار مـع جاراتها
المركزية- على وقع موجة التصعيد اليومية المتجهة تصاعديا في وسط بيروت والمنذرة بامكان الانزلاق الى مستوى بالغ الخطورة فيما لو لم يتم احتواؤها، في ضوء انتقال الشغب امس الى مواقع جديدة واستهداف ممتلكات خاصة في شوارع العاصمة بعدما تركز سابقا على العامة، بدأ الوزراء الجدد تسلم مهامهم الرسمية تباعاً، في حين باشر رئيس الوزراء حسان دياب استقبالاته في السراي وعينه من جهة على المواقف الخارجية التي تشترط تنفيذ الاصلاحات واستعادة ثقة الشعب ومن اخرى على كيفية سحب فتيل الاحتدام الذي أثاره تأليف الحكومة في الشارع، علّه يبدأ من البيان الوزاري عبر مضمون متكيف مع التحديات التي تواجهها البلاد ولئن كان الثوار لا يترقبون اكثر من بيان فولكلوري ووعود وتمنيات من حكومة حكموا عليها بالاعدام كون خطيئتها الاصلية تكمن ليس في نوعية افرادها فالكثير من بينهم يتمتعون بالكفاءات بل في كونها غير مستقلة تتحكم بقراراتها مرجعيات سياسية من لون واحد اوصلت الثوار الى الشوارع والبلاد الى الافلاس، وخاضت حروبا بين اجنحتها في عملية تناتش للحصص والمقاعد.
دعم اوروبي مشروط: وعشية اجتماع لجنة صياغة البيان الوزاري في السراي، سجلت حركة دبلوماسية لافتة في السراي. فقد استقبل رئيس مجلس الوزراء سفير فرنسا في لبنان برونو فوشيه الذي اشترطت بلاده مجددا اليوم تنفيذ الاصلاحات لمساعدة لبنان. ثم التقى رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي في لبنان رالف طراف الذي قال لدى مغادرته: "اتفقنا مع دولة الرئيس على ان الحكومة تحتاج الى التركيز على الملفات الاقتصادية لمعالجة الازمة ووضع اصلاحات بنوية لتحسين اداء الحكومة"، مشيرا الى أن "الاتحاد الاوروبي مستعد للالتزام ايجاباً بالمساعدة اذا نفذت الحكومة الاصلاحات"، مشددا على مسألة الناي بالنفس والابتعاد عن مشاكل المنطقة، وقال: سنراقب تموضع الحكومة سياسيا. رافضا التعليق عما اذا كانت حكومة من لون واحد او حكومة حزب الله.
..وسويسري: ثم استقبل سفيرة الاتحاد السويسري مونيكا شموتز كيرغوز، التي اعتبرت "ان الوضع في لبنان والمنطقة يحتاج الى اجراءات عاجلة، ولم يعد في الامكان تجاهل مطالب الاعداد الكبيرة من اللبنانيين، إذا كانوا من الذين يشاركون في الاحتجاجات أو ممن يتمنون تغييرا عميقا وهادئا، وبالنسبة الى سويسرا يهمها استقرار لبنان والعمل بموجب القوانين بطريقة شفافة عبر المشاركة والحكم الرشيد. ويجب على الشعب اللبناني أن يثق بحكومته وحكامه، فالحوار والتعاون بين صانعي القرار والمجتمع هو المفتاح لحل مختلف المسائل وتجنيب البلد العنف والتطرف.
وعقد دياب اجتماعات مع وزراء المال والأشغال والعمل والبيئة تتركز حول وضع المسار الذي يجب أن تسلكه الحكومة لإستعادة ثقة المواطنين.
الوفاء للمقاومة: في الاثناء، أبدت كتلة الوفاء للمقاومة ارتياحها لتشكيل الحكومة، وأكدت أن "على الحكومة الإستعجال في البيان الوزاري لمعالجة الأزمات في أسرع وقت ممكن". وتمنت من الرأي العام عدم الإستعجال في الحكم على اداء الحكومة وتجنب الأحكام المسبقة. وأملت أن يقر مجلس النواب الموازنة في الوقت المحدد وعدم التأجيل لمعالجة الأزمة المالية والإقتصادية في أسرع وقت ممكن، مشيرةً إلى أهمية استرداد الأموال المنهوبة والإصلاحات الفورية على مختلف الصعد. وأكد البيان أنه “لا مجاملة مع أحد في السيادة والقرارات الوطنية واستثمار مواردنا".
مواجهات بيروت: وسط هذه الاجواء، بقيت مواجهات مساء امس التي دارت عنيفة بين القوى الامنية والثوار في محيط مجلس النواب وشوارع وسط العاصمة، في الضوء اليوم. وفي السياق، أعلن المكتب الإعلامي لوزيرة العدل ماري كلود نجم انها اجرت إتصالا بالمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، وإطلعت منه على أحداث الليلة الفائتة ومسار التحقيقات في شأنها، وطلبت منه المثابرة عليها لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المعتدين. وأكدت حرية التظاهر والتعبير عن الرأي اللذين يكفلهما الدستور والقوانين، مع التنديد الكامل بأعمال التخريب والشغب، والتعرض للمواطنين الآمنين والإعلاميين وعناصر قوى الأمن والممتلكات العامة والخاصة.
الحريري: من جانبه، أكد الرئيس سعد الحريري أن "استباحة بيروت وأسواقها ومؤسساتها عمل مرفوض ومدان ومشبوه كائنا من كان يقوم به أو يغطيه ويحرض عليه.... وقال عبر "تويتر" "عندما تتضافر الجهود لحماية بيروت من الفوضى واعمال العنف نقطع الطريق على أي مخطط يريد استخدام غضب الناس جسرا تعبر فوقه الفتنة. واعتبر "إن أعظم ما أنتجته الساحات الشعبية في المناطق كان خروج شباب وشابات لبنان من عباءة الولاء للطوائف وتكريس معادلة الولاء للبنان واجتماع اللبنانيين على مطالب مشتركة. هذا الإنجاز التاريخي وضع كل الأحزاب والقيادات في الزاوية ويجب الدفاع عنه وتحصينه لمنع استدراجه إلى الفخ الطائفي". وقال "بالنسبة الى الحكومة من السابق لأوانه إطلاق الأحكام في شأنها، مع ملاحظة ان تشكيلها كان خطوة مطلوبة سبق أن شددنا عليها لضرورات دستورية وعملية ومن الطبيعي أن نراقب عملها ونتابع توجهاتها آخذين في الاعتبار حاجة البلاد إلى فرصة لالتقاط الأنفاس. في المقابل لن تصح مقاربة الوضع الحكومي بمعزل عن رصد مواقف الأشقاء والأصدقاء أو بالقفز فوق ردة الفعل الشعبية والشعور السائد بأن الحكومة لا تشبه مطالب الناس. هناك غضب حقيقي يستدعي وعيا لتحديات المرحلة ومخاطرها الاقتصادية والمعيشية والأمنية والعبرة في ممارسات الأيام الآتية".
كوبيش: اما ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبتش، فاعتبر عبر "تويتر" أن "العنف والنهب في بيروت يبدو كمناورة سياسية لتقويض السلم الأهلي للبنان".
فهمي لن يقبل: وليس بعيدا، أعلنت وزيرة الداخلية السابقة ريا الحسن، خلال حفل التسليم والتسلم في الوزارة، انني "عملت كي لا تستغل الانتفاضة من مجموعات لا تريد خيرا للبنان، وأعتقد أن طريقة تعاملي معها جنبت لبنان الكثير من الدماء".من جهته، شكر وزير الداخلية محمد فهمي "رئيس الحكومة حسان دياب وكل من وضع ثقته بي لتولي هذا المنصب في ظل الوضع الراهن الذي يشكل تحديا صعبا، وقال: "لا بد من التوقف عند العمل الدؤوب الذي بذلته الوزيرة الحسن والذي سيشكل نقطة الإنطلاق بالنسبة إلي". وقال: "أؤكد أن قوى الأمن لن تعتدي على أحد وستبذل كل جهد ممكن من اجل ضمان حق التعبير وحقوق الإنسان"، معتبرا "ان أي لبناني لا ولن يقبل بأن تقف القوى الأمنية مكتوفة الأيدي عند التعدي عليها وعلى القوانين واستباحة الأملاك العامة والخاصة".
تحديات مالية: الى ذلك، سلّم وزير المال السابق علي حسن خليل وزارة المال إلى الوزير الخلف غازي وزني. واعتبر خليل في المناسبة، أن "الحكومة في حاجة إلى فرصة كي تعمل وتحقق فرقاً، مؤكداً "أننا أمام مرحلة جديدة بعد الحراك الشعبي الأخير". وأشار إلى أن "المجال اليوم هو للعمل بمستويات مختلفة وأولها كيفية معالجة الأزمة المالية، والبدء بتحوّل المسار الاقتصادي لنخرج من أزمتنا البنيوية". وقال: الدولة اللبنانية وإدارتها بتجربتي في المالية يمكن الوثوق بها، ولدينا طاقات إدارية وكادرات يرفع الرأس بها وبالطبع هناك أشخاص غير كفوئين وفاسدين ويجب الاستمرار على رغم كل ما يُحكى. من جهته، رأى وزني أن "لبنان يواجه تحديات لم يشهدها من قبل"، لافتاً إلى أن "مسؤولية الحكومة الجديدة كبيرة جداً، وكذلك مسؤولية وزارة المال والوضع اليوم يتطلب أفعالاً وليس أقوالاً". وقال: التحديات الرئيسية التي تواجهها الحكومة هي أزمة الاستقرار المالي ولدينا أزمة المالية العامة التي تتفاقم أكثر وأكثر، وهناك أزمة نمو مع إقفال المؤسسات الاقتصادية، إضافة إلى ذلك نواجه أزمة اجتماعية، في حين أن هناك مَن يراقب ليرى ما الإصلاحات التي ستستحدثها الحكومة الجديدة.
المحروقات: معيشيا أيضا، أكد ممثل موزعي محطات المحروقات فادي أبو شقرا التمسك بالحوار بين وزارة الطاقة وموزعي المحروقات، نظرا الى الأوضاع والظروف الإقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد والتي تنعكس سلبا على جميع المواطنين. وأشار الى ان هناك نية لدى موزعي محطات الوقود لتأجيل الجمعية العمومية لأصحاب المحروقات التي تعقد غدا، إفساحا في المجال لمزيد من الإتصالات والمفاوضات مع الحكومة الجديدة، بغية عدم اقفال باب الحوار بين الطرفين.
ظريف: اقليميا، أكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن بلاده ترحب بالحوار مع جيرانها، وذلك وسط احتدام التوتر في الشرق الأوسط. وكتب ظريف تغريدة باللغة العربية على تويتر قال فيها "تبقى إيران منفتحة للحوار مع جاراتها ونعلن استعدادنا للمشارکة في أي عمل تکاملي يصب في مصلحة المنطقة ونرحب بأي خطوة تعيد الأمل إلی شعوبها وتأتي لها بالاستقرار والازدهار".