Jan 11, 2020 7:22 AM
صحف

جمود على خط المشاورات وعون ينتظر ردّ دياب

يطغى الجمود على مشاورات تأليف الحكومة، المتوقفة تقريباً منذ اللقاء الأخير بين رئيس الحكومة المكلف حسان دياب ورئيس الجمهورية ميشال عون، يوم الأربعاء الماضي. وبينما يسود الترقب انطلاقاً من التبدلات التي طرأت على مواقف بعض الأطراف، ولا سيما موقف رئيس البرلمان نبيه بري، بدعوته لتأليف حكومة تكنوسياسية، تقول مصادر وزارية مقربة من عون لـ«الشرق الأوسط»، إن رئيس الجمهورية ينتظر الإجابات من دياب على التوضيحات التي طلبها حول توزيع الوزارات والأسماء المطروحة لتوليها، مشيرة في الوقت عينه إلى أنه طلب منه دراسة العودة إلى تشكيل حكومة «تكنوسياسية» بما يتلاءم مع المستجدات الأخيرة في المنطقة. وأشارت إلى أنه حتى الآن لا يزال رئيس الجمهورية ينتظر الرئيس المكلف للرد على ما تم بحثه خلال لقائهما.
وكانت مصادر دياب قد أكدت بعد يومين على اللقاء الذي جمعه بعون، أنه لا يزال متمسكاً بخيار الحكومة المصغرة من 18 وزيراً، من «المتخصصين وغير السياسيين». وتوقفت آخر المباحثات عند الخلاف بين دياب ووزير الخارجية جبران باسيل حول الوزراء المسيحيين في الحكومة، وبشكل أساسي وزارة الخارجية التي يدعم دياب الوزير السابق فنيانوس قطار لتوليها، وهو ما يرفضه باسيل.
يأتي ذلك في ظل المعلومات التي تشير إلى أن دياب يتجه إلى الاعتذار لأسباب عدة، منها تحفظ دار الإفتاء والمفتي عبد اللطيف دريان على تكليفه، والطريقة التي كلِّف بها، إضافة إلى رفضه استقباله، وأنه لن يستقبله إلا إذا كان يريد الاعتذار. وفي هذا الإطار، نفت مصادر مطلعة على موقف دار الفتوى نفياً قاطعاً هذه المعلومات، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «إن دياب لم يطلب موعداً أساساً من المفتي حتى يرفض استقباله»؛ موضحة في الوقت عينه أنه في العادة يلتقي رئيس الحكومة المفتي بعد التأليف، وليس بعد التكليف.
وفي رد على سؤال حول موقف المفتي الذي يلتزم الصمت من كل ما يحصل بشأن تشكيل الحكومة، تجيب المصادر: «الصمت موقف بحد ذاته».

تراجعات عن التراجعات: من جهتها، لم تستبعد أوساط متابعة للاتصالات الجارية في الملف الحكومي عبر "النهار" ان تبرز تراجعات عن التراجعات التي ادت الى عرقلة مهمة الرئيس المكلف، خصوصاً ان أفرقاء التحالف الداعم لتكليفه لا يملكون بديلاً منه، كما لم تبلغ شروط كل منهم حدود اعادة النظر في دعم دياب، بل ان الفرملة التي طرأت على مواقفهم من التشكيلة الحكومية بدت نتيجة حسابات متأخرة يتصل بعضها بالواقع الاقليمي الطارئ في ظل تصاعد المواجهة الاميركية - الايرانية، كما يتصل بعضها الآخر بطموحات وصفت بانها "جشعة" في شأن الحصص الوزارية. وأكدت الاوساط في هذا السياق ان توتراً ساد اجواء العلاقات بين افرقاء الاكثرية المؤيدة لدياب، كما انعكس هذا التوتر على العلاقات "الطرية" الناشئة بين دياب وبعض القوى الاساسية المؤيدة له الامر الذي طبع المشهد السياسي في الايام الثلاثة الاخيرة بجمود واسع كثرت معه التكهنات والتقديرات ان دياب قد يقدم على الاعتذار عن تشكيل الحكومة. لكن الرئيس المكلف عاد عبر الاوساط القريبة منه الى التشديد على انه مستمر في مهمته ولن يعتذر ولن يبدل تركيبة حكومته التكنوقراط من 18 وزيراً.

وفي ظل هذه المعطيات تعتقد الاوساط نفسها ان مطلع الاسبوع الجديد سيحمل ملامح تحركات كثيفة لبت موضوع التركيبة الحكومة نهائياً والتوافق عليها بين الافرقاء وبينهم وبين الرئيس المكلف لان عامل الوقت تحول الى كابوس ضاغط على الافرقاء كما على سائر اللبنانيين بعدما تحركت المخاوف بقوة غير مسبوقة مع تصاعد وتيرة التراجعات المالية في بورصة "دولار الصرافين" الذي بلغ أمس عتبة 2450 ليرة لبنانية كما سجل تصاعد مخاوف جديدة من صدامات بين مودعين ومصارف في ظل تكاثر الحوادث المتصلة بهذه الظاهرة. فعلى رغم عدم اعتراف السلطة ومصرف لبنان بسوق الصرافين واعتبارها سوقاً سوداء، إلا أنّ المصارف التي تُعدّ "رسمية" وخاضعة لقوانين الدولة اللبنانية من ناحية تحديد الدولار، لا تعطي العملة الصعبة للمواطنين فيبقى الصرافون ملاذهم الوحيد. وهنا يُطرح السؤال: هل يصل الدولار إلى 3000 ليرة وأكثر؟ وأين سيُصبح لبنان بقطاعاته في حينه؟

هل يحسمها نصرالله؟ وأمام هذا الإمعان في سياسة "الأخذ والرد" واستنزاف الوقت على حساب قوت يوم المواطنين وتدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية، وتقهقر سعر صرف الليرة دراماتيكياً على مدار الساعة، تترقب الأوساط السياسية ما سيقوله الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله غداً عن الملف الحكومي، في ظل ما بدا من عجز فاضح لدى أكثرية 8 آذار يحول دون الاتفاق على تركيبة حكومتها برئاسة دياب، في حين توقعت مصادر مطلعة لـ"نداء الوطن" أن يحسم نصرالله الجدلية القائمة حول ما إذا كان التعثر الحكومي مرتبطاً بأبعاد إقليمية، لا سيما بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، تمهيداً كي ينتقل بعدها "الحزب" إلى محاولة دفع مكونات الحكومة المرتقبة نحو الالتقاء على كلمة سواء تُعيد الأمور إلى انتظامها على سكة التأليف.

عون مُنزعج! واوضحت مصادر مقربة من بعبدا لـ" اللواء" ان الرئيس عون مُنزعج من التأخير بتشكيل الحكومة، لكنه متمسك بوحدة معايير التشكيل وبما اتفق عليه مع الرئيس دياب.‏ وذكرت ان الرئيس عون قدم ملاحظات وتعديلات على التشكيلة التي عرضها عليه الرئيس دياب خلال لقائهما الاخير، وينتظر اجابات منه.
‏لكن المصادر اكدت ان الوقت بات ضاغطاً على الجميع ولم تعد هناك امكانية للانتظار اكثر نسبة الى خطورة الاوضاع.
واشارت مصادر اخرى الى انه لا موعد لولادة الحكومة طالما ان البحث عاد الى مربع شكلها، اختصاصيين ام مطعّمة بسياسيين يواكبون الاوضاع الخطيرة المستجدة داخلياً واقليمياً، علماً ان هذه الأوضاع تتدحرج من سيء إلى أسوأ، على حدّ ما قال الرئيس برّي.

حكومة تترنّح: وبحسب ما تُفيد الرواية من مطبخ التأليف كما ذكرت "الجمهورية"، جعل الحكومة المنوي تشكيلها تترنّح قبل ان تبصر النور، واعترض الرئيس بري على الطريقة التي تتم فيها عملية التأليف واختيار الشخصيات للتوزير حيث لوحظ انّ صفة الاختصاصيين مُنتفية لدى كثير من الاسماء المطروحة. ويقول صراحة: يبدو اننا الوحيدون الذين تعاطوا بجدية وعن قناعة في موضوع الاختصاصيين، وأنا من جهتي سمّيتُ شخصاً واحداً حتى الآن، هو الدكتور غازي وزني، فهو معروف انه ليس شخصية سياسية بل اختصاصي في المجال الاقتصادي والمالي، وهو لا ينتمي الى حركة أمل، يعني لا صفة سياسية او حزبية له، وهو مستشار منذ 3 سنوات للجنة المال والموازنة النيابية، وليس مستشاري كما روّجوا.
وتشير الرواية الى انّ الأمور أخذت تحتدم داخل غرف النقاش حول التأليف، وأرسل رئيس المجلس جملة اقتراحات الى مطبخ التأليف، أوّلها ان يُصار الى تأليف حكومة اقطاب انقاذية على غرار حكومة العشرة التي شكّلت في عهد الرئيس امين الجميّل، ولعلها اهم الحكومات التي شكّلت في لبنان حيث ضَمّت أقطاب السياسة كلهم مع مجموعة اختصاصيين. الّا انّ هذا الاقتراح لم يلق استجابة.
هذا الوضع المهتزّ على خط التأليف، وكما تقول الرواية، تفاعَل اكثر في الايام القليلة الماضية. إذ انه بعد الاشتباك الاميركي الايراني الاخير على خلفية الاغتيال الاميركي للقائد الايراني قاسم سليماني، برز تطوّر لافت في موقف رئيس الجمهورية، تجاوز فيه الحديث عن حكومة اختصاصيين وطَرح الذهاب الى حكومة سياسية بالكامل، باعتبارها الوصفة الملائمة والمطلوبة لبنانياً في موازاة التطورات الاقليمية. ويقال انّ "حزب الله" لم يكن بعيداً عن هذا الطرح، علماً انّ الحزب لم يصدر عنه شيء من هذا القبيل.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o