Dec 21, 2019 3:27 PM
خاص

السلطة حين تحاول حرف الثورة عن مسارها عمداً...

المركزية- لا تنفك السلطة تمد الثورة بكل أسباب ودوافع الانطلاقة المتجددة مع كل خيار يرسو عليه قطار أهل الحكم، متجاوزا مطالب الناس المنتفضين في الشارع منذ أكثر من 60 يوما. هذه المرة، كان انسحاب رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري من نادي المرشحين لرئاسة الحكومة، معطوفا على تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة العتيدة، الفتيل الذي أشعل جولة جدية من الكباش بين الثوار، والقابضين على زمام الحكم منذ أكثر من 3 سنوات. فهل تنتهي هذه الفورة الشعبية، وإن اتخذت طابع منزلق أمني خطير في بعض المناطق الشديدة الحساسية، إلى اعتذار الرئيس المكلف حسان دياب عن المهمة الشاقة؟

قد يكون من المبكر الاجابة عن هذا النوع من التساؤلات، خصوصا أن الرجل ما انفك يبدي حرصا شديدا على تأكيد كونه شخصية أكاديمية مستقلة، وسعيه إلى تأليف حكومة من الاختصاصيين، في ما يعد إشارة ايجابية في اتجاه الحراك. لكن مصادر سياسية تتوقف عبر "المركزية" عند الرسائل التي حملها الشارع المنتفض في اليومين الأخيرين إلى القيمين على مسار التكليف والتأليف، فلفتت إلى أن لا يخفى على أحد أن المناطق البيروتية التي تحرك الناس فيها في الساعات الماضية، واضحة الهوية السياسية، وهي تلك المحسوبة على تيار المستقبل.

وتشير المصادر في هذا الاطار إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتحرك فيها "الشارع الأزرق" لنصرة الرئيس الحريري، فقد ساد المشهد عينه في مناطق برجا وسواها من الشوف وإقليم الخروب، كما طرابلس والبقاع الشمالي، لتأكيد أن الحريري لا يزال الممثل الأول للسنة في البلاد، وهو ما يفسر الغطاء "الميثاقي" الذي لا يزال الرئيس المكلف يفتقر إليه، بدليل السهام المركزة التي لم يتأخر الرئيسان فؤاد السنيورة وتمام سلام في إطلاقها، وإن بشكل مبطن، في اتجاه الرئيس المكلف. من جهته، ذهب النائب نهاد المشنوق إلى حد دعوة دياب إلى الاعتذار، هو موقف يؤشر إلى أن المزاج السني لا يزال لغما على طريق التوليفة العتيدة.

غير أن المصادر تنبه إلى أن الأهم يكمن في أن الجولة الجديدة من تحركات الشارع في المعاقل الزرقاء تكتسب أهميتها من كونها تأتي بعيد "غزوات" نفذها أنصار حزب الله وحركة أمل لخيم المعتصمين السلميين في وسط بيروت التجاري، الذي احتضن الثوار السلميين على مدى أكثر من شهرين، ما أجج المخاوف إزاء إنزلاق البلاد إلى الفوضى، بعد تعطيل الثورة، لافتة إلى أن  أهمية الغضب السني المتجدد تكمن في كونه إنفجر في وجه المرشح المدعوم من حزب الله، في تجربة يمكن اعتبارها نسخة منقحة عن سيناريو القمصان السود"، مع فارق بسيط يكمن في أن في العام 2011، أحرق حزب الله تكليف الحريري بنيران الاطارات التي أشعلها أنصاره في الشارع، فيما الغموض يغلف ما سينتهي إليه تكليف مرشح دعمه حزب الله، المحروم حتى اللحظة من غطاء سني، في وقت يبدو الشارع "المستقبلي" المحتقن والذي انجر إلى أعمال شغب وعنف ومواجهة خطرة مع الجيش، سيفا مسلطا فوق رؤوس الثوار وتحركهم السلمي.

وإذ لا تستبعد المصادر أن تستمر بعض أحزاب السلطة التي لا يناسبها مشهد اتحاد اللبنانيين تحت راية 17 تشرين، في العمل على إجهاض الثورة وحرفها عن مسارها السلمي، تؤكد ان ثابتة وحيدة يصعب تجاوزها في المعادلة السياسية والأمنية المتقلبة في البلاد: القفز فوق كلمة الشارع ما عاد وارداً. 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o