Dec 20, 2019 6:36 AM
صحف

طريق الرئيس المكلف مزروعة بمجموعة ألغام معقّدة التفكيك... الشارع السُّني ينتفض... "الثوّار" منقسمون حوله... فهل يعتذر؟

تسود حالة من الغضب الشديد الشارع السني وقياداته السياسية والروحية، نتيجة الانقلاب على الميثاقية الذي قاده الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر، بـ"تعيين" الوزير السابق حسان دياب، وليس تسميته رئيساً مكلفاً للحكومة، وهو الأمر الذي دبر في ليل، بعدما تم التكتم على اسمه طويلاً، وسط توجه كما علمت "السياسة"، لإعلان موقف سني رافض لتسمية دياب الذي يمكن اعتباره ممثل الثامن من آذار على رأس الحكومة الجديدة في حال تمكن من تشكيلها، فهو لا يحظى بأي غطاء سني، لا سياسياً ولا روحياً، بدليل أن الذين اقترعوا له من النواب، معروفون أنهم من سنة الثامن آذار ولا يمكن اعتبارهم يمثلون طائفتهم بالشكل المطلوب، وسط دعوات لدياب للاعتذار.

وفي الأثناء، أشارت المصادر إلى أن قرار الثامن من آذار المجيء بالأستاذ الجامعي المغمور، وإن كان وزيراً سابقاً، لرئاسة الحكومة، بمثابة تحد بالغ الخطورة للطائفة السنية، بما يتضمنه من لعب بالنار واستفزاز خطير للمجتمعين العربي والدولي، الأمر الذي سيزيد من احتمالات الانفجار الكبير في لبنان، بعدما أطبق حزب الله على رئاسة الحكومة، وهو الذي سبق له وجاء بالرئيس ميشال عون حليفه التاريخي، رئيساً للجمهورية، بالتوازي مع توقع عزلة شديدة سيواجهها لبنان من العرب والدول الخارجية التي ترفض إمساك المحور السوري الإيراني بالقرار الداخلي، حيث الجميع يؤكد أن لبنان ذاهب إلى الانهيار، فكيف الحال بتشكيل حكومة من لون واحد؟.

إلى ذلك، أكدت المصادر أن حزب الله الذي عمل طوال الشهرين الماضيين على تأجيج الفتنة بين اللبنانيين، من خلال الغزوات الليلية لمناصريه على المناطق المسيحية والسنية، قد أحكم قبضته كلياً على مقدرات الدولة، من خلال وجود الرئيس عون في قصر بعبدا، إلى جانب حليفه في مجلس النواب الرئيس نبيه بري، والآن مع تكليف دياب رئاسة الحكومة، وبالتالي وضع نفسه مع حلفائه في مواجهة الطائفة السنية، والعالمين العربي والدولي، محذرة من نتائج هذا الانقلاب الكارثية وعلى مختلف المستويات، والتي ستغرق لبنان بالمزيد من الفوضى والخراب، حيث سينهار الهيكل على رؤوس الجميع، محملة رئيس الجمهورية مسؤولية أساسية في ما قد يحصل، لأن دياب ليس مدعوماً من طائفته ليكون رئيساً للحكومة، وبالتالي كان بالإمكان تأخير التكليف، أو إجراء استشارات جديدة، تفضي إلى اختيار شخصية جديدة.

وعلمت "السياسة الكويتية"، أن حملة الاعتراض في الشارع السني على طريقة تسمية دياب، ستتسع في الأيام القليلة المقبلة، سعياً لدفعه إلى الاعتذار، ورفضاً لإقدام حزب الله على الاستهانة بمشاعر الطائفة السنية، ووضع العقبات أمام ممثلها الوحيد الرئيس سعد الحريري، والعمل على ترشيح شخصية لا تلقى قبولًا من طائفته، دون استبعاد حصول اجتماع لرؤساء الحكومات السابقين، بحضور الرئيس الحريري، رفضاً لتولي دياب رئاسة الحكومة.

الثوار: حتى ليل أمس، لم يكن قرار المجموعات المدنية قد اتخذ بعد حيال التحركات المقبلة، فيما عقدت اجتماعات متتالية للوصول الى قرار مشترك. وانقسم هؤلاء، بحسب "الأخبار"، الى ثلاث فئات: قسم يرى أن اسم حسان دياب ليس مستفزاً بمعنى تجرده السياسي، بالإضافة الى كلامه الإيجابي حول رغبته بالعمل مع الجميع وعلى رأسهم الحراك والمستقلون لتشكيل حكومة اختصاصيين.

في مقابل هؤلاء، قسم آخر يعارض التكليف "المبني على نكايات بين الأطراف السياسية. ومثلما رفضنا الحريري نرفض دياب لأنه ناتج من لعبة السلطة". 

الفئة الثالثة لا تنكر أن "استبعاد الحريري إنجاز كبير، لكنها تحمل في الوقت عينه مسؤولية كبيرة للنواب الذين لم ينتخبوا أي مرشح وتخلّوا عن مسؤولياتهم، وعلى رأسهم القوات". 

ألغام: بحسب الاجواء المحيطة بهذا الاستحقاق الحكومي، فإنّ الرئيس المكلف أمام مهمة شاقة وطريقه مزروعة بمجموعة ألغام معقّدة التفكيك، بحسب "الجمهورية".

أولها، اللغم السنّي ومحاولة انتزاع ثقة الطائفة التي بَدا جلياً انها محجوبة عنه في غالبيتها العظمى امس.

ثانيها، لغم الحكومة نفسها، الكامن في شكلها، وما اذا كان الرئيس المكلف قادراً على تشكيل حكومة اختصاصيين، لا سياسية، أو انه "مُكره أخاك لا بطل" على تشكيل حكومة تكنو- سياسية، يشكل اسمها استفزازاً للحراك الشعبي، والذهاب اليها، أشبه بعود ثقاب لإشعال تحركاته الاحتجاجية وبنحو أعنف ممّا كان عليه الحراك قبل التكليف.

ثالثها، لغم الثقة وما إذا كان الرئيس المكلف قادراً على تقديم نفسه كشخصية موثوقة للداخل، وكذلك للخارج. وما اذا كان يخبّئ في جعبته صيغة حكومية موثوقة وتوحي بالصدقية والثقة، تُحاكي المواصفات التي نصح بها المجتمع الدولي.

رابعها، "لغم الصمود"، وما اذا كانت "الجرأة" التي تمتع بها دياب بقبوله "التكليف"، متجاوزاً بذلك الموقف السني العام، وشرعية واسعة من القوى السياسية المعترضة عليه، ستثبت أمام ما تبدو انها هجمة مرتدة عليه في الشارع او على مستوى الطائفة، وسيستمر ماضياً نحو تأليف حكومة حَدّد روحيتها في بيانه من بعبدا بعد تكليفه، أم انّ هذه "الجرأة" ستذوب أمام الضغط، فيتحوّل مساره من التأليف الى اعتذار؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o