Dec 17, 2019 6:49 AM
صحف

إستشارات ‏الخميس في حقل الغام..وموقف حاسم من الحريري

التأجيل الثاني لاستشارات التكليف أثار في الاجواء الداخلية سؤالاً ‏حول مصير الاستحقاق الحكومي برمّته، وعما اذا كانت الامكانية ‏متاحة بعد لإتمامه في هذا الطقس العاصف سياسياً وفي الشارع؟ ‏وفي الوقت نفسه، رسم علامات قلق كبرى في أوساط الناس جرّاء ‏معركة هي في حقيقتها صراع مصالح سياسية وحسابات ومكايدات ‏تجرّ البلد وأهله الى هاوية لا خلاص منها، تترافق مع تحرّكات في ‏الشارع على ما جرى في اليومين الماضيين في وسط بيروت، وليل ‏أمس أيضاً، الذي شهد تصعيداً كبيراً ومواجهات عنيفة مع القوى ‏الأمنية على جسر الرينغ ومحيطه. هذه الفوضى مثيرة للشبهات، ‏ولتساؤلات حول الجهة او الجهات او المصادر التي توحي بها‎.‎
بالتأكيد، انّ مهلة الـ 72 ساعة الفاصلة عن الموعد الثالث لهذه الاستشارات، ‏المحدد بعد غد الخميس، ستحدد وجهة السير التي سيسلكها الاستحقاق ‏الحكومي، في اتجاه من اثنين، الأول بقاء الرئيس سعد الحريري وحيداً في نادي ‏المرشحين لرئاسة الحكومة الجديدة، والثاني، عزوفه، بما يفتح المجال لدخول ‏شخصية بديلة الى هذا النادي، أكان عبر إعادة تعويم بعض الاسماء التي تم ‏حرقها سابقاً، او الذهاب الى طرح اسم واحد من رؤساء الحكومات السابقين. وكل ‏ذلك رهن بالموقف المنتظر من رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري‎.‎
الواضح في طيّات التأجيل الثاني انّ استشارات الخميس المقبل عالقة في حقل ‏ألغام، والمأزق الحكومي أمام حائط مسدود وتعمّق الى حد تبدو فيه كل نوافذ ‏انفراجه مقفلة، وانّ الحلبة الحكومية محكومة بلعبة تصفية حسابات، على خطوط ‏سياسية متعددة، ولاسيما بين "التيار الوطني الحر" والرئيس الحريري، وايضاً بين ‏الحريري و"القوات اللبنانية" التي رفعت بعد "التيار الوطني الحر"، ومن خلفه ‏رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، البطاقة الحمراء في وجه الحريري، بقرارها ‏عدم تسميته في استشارات الأمس المؤجلة‎.‎
واذا كان موقف "التيار الوطني الحر" معلوماً قبل الاستشارات لجهة رفض تسمية ‏الحريري، ربطاً بالتباين الحاد بينهما، إن على مبدأ استقالة الحريري او على شكل ‏الحكومة وما يتصل بما سمّيت "معادلة الحريري - باسيل"، وهذا الموقف تَكيّف ‏معه الحريري، الّا ان موقف "القوات"، التي تعتبر انه ينسجم مع قناعاتها التي ‏اكدتها منذ الايام الاولى للحراك الشعبي وقبله في استقالة وزرائها في الحكومة، ‏كان دويّه ثقيلاً جداً في اوساط المستقبل، وصادماً للحريري نفسه، الذي ظل ‏يراهن لآخر لحظة على موقف قوّاتي ايجابي، يترجم بتسميته في استشارات ‏التكليف، ربطاً بأجواء اللقاء السابق لاستشارات الاثنين بين موفده الى معراب ‏الوزير السابق غطاس خوري ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الا ان ‏رياح معراب جرت بما لا تشتهيه سفينة الحريري‎.‎
ماذا بعد؟
اللافت للانتباه في هذا الجو المعقد، ان رئيس الجمهورية أصرّ على تأجيل ‏محدود للاستشارات، في مواجهة الرغبات التي أبديت، خصوصاً من قبل الرئيس ‏الحريري، بمنح هذا التأجيل فرصة أسبوع حتى الاثنين المقبل، تكون كافية لإجراء ‏جولة مشاورات ومفاوضات مكثفة على الخطوط السياسية كلها لكي تأتي ‏الاستشارات المقبلة على أرضية اكثر توافقة من الاستشارات التي تأجّلت‎.‎
وبحسب مطّلعين على الاجواء الرئاسية، فإنّ عون لم يكن في وارد التأجيل من ‏الاساس، الا انه نزل عند الرغبة في التأجيل، ذلك ان استشارات الامس، لو بقيت ‏في موعدها، لكانت أحدثت إرباكاً من نتائجه الفورية تعطيل الاستشارات، خصوصاً ‏انّ مقاطعة كتلة تيار "المستقبل" للاستشارات كانت واردة جداً تبعاً للموقف ‏القواتي الذي فاجأها، ومن شأن هذا التعطيل أن يرخي على الواقع السياسي ‏العام، والحكومي بشكل خاص، تعقيدات يصعب احتواؤها‎.‎
لكن رئيس الجمهورية، بحسب المطلعين على الاجواء الرئاسية، لم يحبذ التأجيل ‏لأسبوع، بل أصرّ على التأجيل لـ3 ايام كافية في رأيه لحسم المواقف، ويوم ‏الخميس المقبل هو الموعد النهائي للاستشارات، وليكلّف من يكلّف في نهايتها‎.‎
وفيما بَدا للمراقبين انّ رئيس الجمهورية، وبهذا التأجيل القصير الامد، يسعى الى ‏حشر الجميع في زاوية الوقت، وفي مقدمهم الرئيس الحريري، بما يؤدي بهم الى ‏تليين المواقف المتصلبة حيال الحكومة الجديدة لناحية شكلها ومضمونها. قالت ‏مصادر قريبة من بيت الوسط لـ"الجمهورية": "انّ الرئيس الحريري لن يدخل في ‏لعبة الابتزاز، فضلاً عن انه لا يخضع لها‎".‎
بعبدا
وأوضحت مصادر بعبدا لـ"الجمهورية" ان "ليس لدى رئيس الجمهورية أي خطط ‏غير معلنة، وان تأجيل الإستشارات الى الخميس المقبل هو آخر المهل التي يمكن ‏إعطاؤها لطَي مرحلة التكليف‎".‎
ولفتت المصادر الى ان ما نسج من روايات حول وضع كتلة لبنان القوي اسم ‏الرئيس المكلّف في عهدة رئيس الجمهورية، واستذكار ما جرى في بداية عهد ‏الرئيس اميل لحود مع والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، هو سيناريو لا وجود ‏له، وهو كلام مختلق لا أساس له من الصحة‎.‎
ولفتت المصادر الى ان عون، الذي تمنّى على بري ان يزور الحريري بعبدا، فله أوّل ‏موعد في الاستشارات وعندها يناقشان طلب التأجيل. ولمّا اتصل به أبلغه ‏بالتأجيل الى يوم الخميس المقبل كحد اقصى، لأنّ يومين هما كافيان للتواصل مع ‏تكتل "لبنان القوي" وتكتل "الجمهورية القوية" لتسوية الوضع قبل يوم الخميس ‏المقبل، إن كانت المشكلة قد توقّفت عن المشاركة المسيحية في تسميته ‏مكلفاً لتأليف الحكومة‎.‎
بيت الوسط
وفي بيت الوسط، الذي سُيِّرت في اتجاهه امس تظاهرات لمناصرين للرئيس ‏سعد الحريري، بدأت عملية جوجلة لِما حمله يوم الإستشارات المُرجَأة وما يمكن ‏القيام به في الأيام الفاصلة عن موعد الخميس المقبل حتى الجولة الجديدة منها. ‏وقالت أوساطه لـ"الجمهورية": الساعات الـ72 المقبلة حاسمة، وسيكون للرئيس ‏الحريري خلالها موقف ممّا جرى في ضوء سلسلة من الاتصالات التي تقرر القيام ‏بها في المرحلة المقبلة‎.‎
وأضافت ان الرئيس الحريري دعا وما زال يدعو الى وقف تقاذف كرة النار بين أيدي ‏المسؤولين اللبنانيين. فالوضع الاقتصادي والنقدي ومعه الوضع السياسي لم يعد ‏يحتمل بعدما تجاوز كل الخطوط الحمر، ولا بد من اتخاذ الخطوات اللازمة لوضع حدّ ‏لِما هو متوقّع من مصاعب ومطبّات تشكل خطراً جدياً، وليس من الحكمة ‏الاستمرار بإخفائه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o