May 29, 2019 3:42 PM
اقتصاد

"مؤشر تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الأول
في أدنى مستوياته... تدهور الأسواق مستمر وإقفال مَحال

المركزية- تواصَلَ التراجع في النشاط الاقتصادي خلال الفصل الأول لسنة 2019، بحسب "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الأول من العام 2019، "وشهدت حركة أسواق تجارة التجزئة تباطؤاً ملحوظاً، لا بل يمكن القول إنه كان أسوأ من الفصول السابقة، بالرغم من الأجواء السياسية المستقرّة بعد تشكيل الحكومة الجديدة وبدء أعمالها، ومع استقرار الحال الأمنية والإمساك التام بالوضع الداخلي من قبل الجهات المختصة على اختلافها".

وأضاف: إنما لم تصدر خلال الفترة قيد الدرس أي إشارة لجهة إتخاذ تدابير إنقاذية واضحة للإقتصاد من قبل الحكومة العتيدة، سوى إنكباب وزارة المالية على إعداد موازنة 2019 تجاوباً مع متطلـّـبات مؤتمر CEDRE. وإفتقدت الأسواق أيضاً عودة الزوّار، لا سيما الخليجيين منهم لما لهم من ثقل تقليدي في الكثير من قطاعات الأسواق الإستهلاكية اللبنانية، وذلك بالرغم من التصريحات الرسمية برفع الحظر على قدومهم الى لبنان. علاوة على غياب بوادر فعلية لرجوع النازحين الى بلادهم وتخفيف وطأة تأثيرهم السلبي على الإقتصاد اللبناني.

كما جاء في المؤشر: "في السياق نفسه، ظلـّـت الأسر اللبنانية تلحظ مزيداً من التراجع في قوّتها الشرائية، وزادت من حرصها على تقنين المصروف وإعطاء الأولوية للمواد المعيشية الأساسية. وظلـّـت المؤسسات تتقشـّـف في توظيفاتها لا بل إن بعضها باتت مرغمةً على التسريح من موظـّـفيها. أضـِـف الى ذلك كلـّـه، تراجع كتلة تحويلات اللبنانيين من الخارج، الأمر الذي أدّى حتماً الى مزيد من الإنكماش في الإستهلاك.   

إذاً، يبقى الوضع الإقتصادي المتأزّم هو المسؤول الأول والأساسي عن حاالة التراجع الحاد التى ظلـّـت تشهدها الأسواق في معظم قطاعاتها، لا سيما القطاعات المعيشية كالمواد الغذائية والحياتية الأساسية، التى لحقت بالقطاعات الأخرى كقطاعات الملابس والأجهزة المنزلية والأدوات الكهربائية وحتى المطاعم إلخ ... كيف لا ومحرّكات الإقتصاد كلـًـها متوقـّـفة.

وتزامناً مع هذا الوضع، سجـّـل معدّل التضخـّـم ما بين الفصل الأول لسنة 2018 والفصل الأول لسنة 2019 نسبة + 4.08 % وفقاً للأرقام الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي، وذلك بالرغم من التخفيضات والعروضات السخية التى ظلّ التجار يقدّمونها طوال هذه الفترة، لا بل زادوا منها تجاوباً مع مبادرة " فكـّـر بلبنان" التى أطلقتها جمعية تجار بيروت من قصر بعبدا في أواخر شهر آذار المنصرم، والتى تهدف الى حثّ اللبنانيين على الإستهلاك في لبنان وتشجيع الصناعة والزراعة اللبنانية، علاوة على الدعوة للسياحة البينية وتوظيف اللبنانيين.

ولو نظرنا الى نسبة التضخـّـم في كل قطاع على حدى، نلحظ بعض النسب المرتفعة ما بين الفصل الأول لسنة 2018 والفصل الأول لسنة 2019...

 

عليه، أظهرت النتائج المجمـّـعة لأرقام أعمال قطاعات تجارة التجزئة إنخفاضاً حقيقياً في الفصل الأول لسنة 2019 بالمقارنة مع النتائج المجمـّـعة للفصل الأول للسنة السابقة (أي بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة لهذه الفترة) بنسبة بلغت – 7.21 %.

وبعد إستثناء قطاع المحروقات (الذي شهد زيادة في الكميات تناهز 2.58 % بالمقارنة مع مستويات الفصل الأول لسنة 2018)، يتبيـّـن أن التراجع الحقيقي في أرقام الأعمال المجمـّـعة لقطاعات تجارة التجزئة بلغ نسبة – 9.15 % بالمقارنة مع مستوى أرقام أعمالها المجمـّـع خلال الفصل الأول من السنة الماضية (أيضاً دون قطاع المحروقات).

كما في الفصول السابقة، ظلـّـت الأسواق تحاول الصمود في إنتظار القرارات التى سوف تتـّـخذها الحكومة العتيدة، والتى يـُـرجى أن تبعث برسائل إيجابية للمجتمع الدولي حول الإصلاحات المالية والإقتصادية التى يتوقـّـعها هذا المجتمع للسماح ببدء تفعيل إجراءات الدعم التى سبق وقرّرها في مؤتمر CEDRE في نيسان الماضي، والتى من شأنها أن تعيد النبض الى الشرايين الإقتصادية في البلاد، ومن بينها طبعاً الإستهلاك والأسواق التجارية.

ومن نتائج هكذا رسائل أيضاً إعادة إستقطاب الإستثمارات الداخلية والخارجية، من جهة، ومن جهة أخرى إهتمام السوّاح بالعودة لزيارة لبنان، لا سيما الخليجيين منهم، وعودة تأثير ثقلهم المعهود على نشاط الأسواق. إن تضافر هذه العوامل لا بدّ أن يعطي نفساً جديداً للعجلة الإقتصادية، وإنعطافاً مستحدثاً لدعم النمو الإقتصادي، وبالتالي تسريع إسترجاع العافية في القدرة الشرائية لدى الأسر اللبنانية، وهكذا دواليك.

وفي المقابل، المطلوب أيضاً من المستهلك اللبناني أن يـُـعطي الأفضلية في مصروفه للتبضـّـع في لبنان بدلاً من القيام بمشترياته في الأسواق الأجنبية، كما هو مطلوب من المؤسسات أن تعطي الأولوية لتوظيف اللبنانيين والمساهمة في إعادة الحيوية الى القدرة الشرائية للأسر اللبنانية، ومعاً نعيد تموضع مسار الاقتصاد اللبناني في الإتجاه التنموي المرجو. 

الى حينه، وبالنظر الى أرقام الفصل الأول من هذه السنة بالتفصيل، تشير النتائج التي سجـّـلها كل قطاع من قطاعات تجارة التجزئة خلال هذا الفصل الى أن نشاط الأسواق ظلّ يتراجع وأن التقشـّـف في الإستهلاك بات سلوكاّ طبيعياً لدى الأفراد والأسر بسبب التأنـّـي و/أو التروّي في الإنفاق، وذلك نتيجة لما يـُـعرف في علم الإقتصاد بتوقـّـعات الدخل المستقبلي التى تحدّد مدى الإقبال على الإستهلاك الحالي، بما أن دوافع الشراء والتبضـّـع ما زالت مرهونة لدى معظم الطبقات الإجتماعية بالتطوّرات التى سوف تشهدها الأوضاع المحلية والإقليمية، على ما لذلك من تأثيرات على الأوضاع المالية لدى الأفراد والأسر والأوضاع النقدية عامة في البلاد.

من جهة أخرى، وبالرغم من أن مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصلين الرابع لسنة 2018 والأول لسنة 2019 لم يتعدّى 1.16 %، تبيـّـن دراسة أرقام أعمال القطاعات المختلفة للفصل الأول من 2019 تراجعاً غير مسبوقاً بالمقارنة مع أرقام الفصل السابق له.

وكان التراجع الكبير ظاهرة عامة في كافة قطاعات تجارة التجزئة، ما عدا قطاع الوقود للسيارات وقطاع معدّات البناء وأخيراً قطاع الأحذية.

هذا التراجع كان متوقـّـعاً، مثل كل سنة، نتيجة للعوامل الموسمية التى تنشـّـط الأسواق في فترة نهاية السنة وتـُـضعفها مع بداية العام الجديد، أي بين الفصل الأخير للسنة الماضية والفصل الأول من هذه السنة. إنما المـُـلاحظ أيضاً هو أن تراجعاً أكبر من المتوقـّـع طال قطاعات معيشية أساسية كقطاع السوبرماركت والأغذية (حيث بلغ التراجع الحقيقي – 14.51 % بالمقارة مع تراجع – 5.21 % في نفس الفصل من السنة الماضية) ، وأيضاً قطاع المخابز (حيث بلغ التراجع الحقيقي – 9.04 % بالمقارة مع تراجع – 5.09 % في نفس الفصل من السنة الماضية)، علماً بأن مؤشر غلاء المعيشة في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية إرتفع بنسبة + 2.27 % لهذه الفترة، في الحين الذى سجـّـل فيه مؤشر غلاء المعيشة المجمـّـع + 1.16 %، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي.  

عليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجـّـل تراجعاً حقيقياً في أرقام الأعمال المجمـّـعة بنسبة – 14.45 % بعد إستثناء قطاع المحروقات (الذي شهد هو الآخر معدّل زيادة طفيفة في الكميات المباعة بلغ + 0.38 % لهذه الفترة).

على ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنـّـيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الأول من سنة 2019، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 1.16 %، نعلن عن أن "مؤشر جمعية تجار بيروت - فرنسَبنك لتجارة التجزئة" هو: 44.24 للفصل الأول من سنة 2019 مقابل 49.68 في الفصل الرابع من السنة الماضية.

إن "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الأول من سنة 2019 شهد، نتيجة للعوامل الفصلية أولاً، وللضغوطات الإقتصادية المستمرّة، تراجعاً كبيراً، وبات مستواه هو الأدنى منذ بدء احتسابه.

أما الرهان اليوم فهو على إقرار موازنة توفي بالتحدّيات التى يواجهها الإقتصاد المحلـّـي، وعلى وضع رؤية واضحة لاستنهاض هذا الاقتصاد، ومبادرة الحكومة بتفعيل خطـّـة عمل متكاملة لما تضمـّـنه البيان الوزاري من إستقرار مالي ونقدي، واستثمار عام، وتحديث للقطاع العام، والقيام بالإصلاحات الهيكلية والقطاعية المطلوبة، وإقرار استراتيجية للقطاعات الإنتاجية والخدماتية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ...".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o