Mar 01, 2018 6:50 AM
صحف

ما قبل زيارة المملكة ليس كما بعدها!

في "وداع" رئيس الحكومة سعد الحريري بعد الصخب الذي أحدثته استقالته من الرياض في 4 تشرين الثاني الماضي، قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان "الحريري مسلم سنّي ولن يستمرّ في توفير غطاء سياسي لحكومة لبنانية يتحكّم بها بالأساس "حزب الله"، الذي تتحكّم به إيران".

وفي استقبال الحريري العائد الى السعودية للمرة الأولى بعد 115 يوماً قال الأمير محمد بن سلمان "الحريري الآن في موقعٍ افضل في لبنان مقارنةً بميليشيا "حزب الله" المدعومة من إيران".

الموقفان اللذان أطلقهما ولي العهد السعودي، عبر صحيفة "نيويورك تايمز" ثم الـ"واشنطن بوست"، عَكَس اولهما "المسرح السياسي" لأزمة الاستقالة وما عبّرت عنه حينها من ملاحظات سعودية على المسار اللبناني منذ إبرام التسوية التي انهت الفراغ الرئاسي نهاية تشرين الأول 2016 ومن إعلان "طفح الكيل" إزاء ملامح "قبض" "حزب الله" على مفاصل القرار الاستراتيجي للبنان، فيما جاء ثانيهما ليظهّر تقويما سعودياً إيجابياً لما هي عليه الآن مكانة الحريري الذي كان عاد عن استقالته في 22 تشرين الثاني على أساس قرارٍ أعلنت كل مكونات الحكومة الالتزام به لجهة النأي بالنفس عن أزمات المنطقة والتدخّل في شؤون الدول العربية.

وعلى متن هذا "التحوّل" الذي عبّر عنه كلام ولي العهد السعودي الذي نشرته "واشنطن بوست" وقال فيه ايضا انه تعرّض لانتقادات غير مُنصفة في سياق ما أشيع عن ضغطه على الحريري للاستقالة، حطّ رئيس الوزراء اللبناني في الرياض فجر أمس ليلتقي بعد ساعات قليلة وفي مشهدية لافتة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قبل اللقاء المرتقب مع الأمير محمد بن سلمان.

واشارت "الراي" الكويتية الى "ان حرارة اللقاء بين خادم الحرمين الشريفين ورئيس الحكومة وكلام الأمير محمد بن سلمان حول مكانة الحريري إضافة الى ما تم استخلاصه من مباحثات العلولا في بيروت التي يفترض ان يزورها مجدداً قريباً، كلّها مؤشرات الى أن ذيول مرحلة الاستقالة انتهت وان المملكة تتّجه إلى فتح صفحة جديدة مع لبنان والى ملاقاة الاندفاعة الغربية لدعمه وعدم تركه يتهاوى في المحور الإيراني.

كما أن عودة العلاقة اللبنانية – السعودية الى دائرة التطبيع ولو على نفس "قواعد الاشتباك" مع "حزب الله" بوصفه الذراع الإيرانية التي تعبث بالأمن القومي الخليجي، الى جانب استعادة علاقة الحريري بالمملكة حرارتها، لا يمكن فصلها حسب دوائر سياسية في بيروت عن استحقاق الانتخابات النيابية المقررة في 6 أيار المقبل والمخاوف الخارجية من مفاجآت سلبية قد تحملها صناديق الاقتراع لجهة تمكين "حزب الله" من الإمساك بمفاصل اللعبة السياسية ان لم يكن عبر الأكثرية فمن خلال الثلث المعطّل، ولا سيما في ظل القانون الجديد الذي سبق للمملكة ان اعتبرت انه يخدم الحزب.

ونقلت "الراي" عن اوساط سياسية قولها "ان  العلولا الذي سيعود الى بيروت لمواصلة لقاءاته التي كان اختصرها بسبب تحديد موعد زيارة الحريري للرياض، سيكمل من حيث انتهت محادثات رئيس الحكومة في المملكة والتي يصعب تصوّر ان يكون ما بعدها كما قبلها. علما ان "حزب الله" أعطى إشارات سلبية تجاه محطة موفد الديوان الملكي في لبنان إذ انتقدها واعتبرها في سياق "المسارعة للملمة الصفوف" ومؤشراً لحصول الانتخابات في موعدها.

العرب اللندنية: وفي السياق، نقلت صحيفة "العرب اللندنية" عن مصادر سياسية لبنانية اعتقادها "ان الهدف من زيارة الحريري للمملكة التنسيق لمرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة في 6 ايار"، مشيرة الى "ان هناك خطوطا عريضة بات متفقا عليها بين الحريري والجانب السعودي في ما يخص مرحلة ما بعد الانتخابات، تقوم على المرونة والمحافظة على الاستقرار في لبنان في الوقت ذاته، لكن من دون التخلي عن الثوابت. وهذا يعني عدم التراجع عن المواجهة المستمرّة مع "حزب الله" ودون الاصطدام المباشر به".

وذكرت المصادر "ان الحريري سيبحث اليوم مع ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، أنجع الطرق للتصدي للمخطط الإيراني في المنطقة، خصوصا في لبنان"، ولم تستبعد حصول رئيس الوزراء اللبناني على دعم سعودي كي يتمكن من الحصول على كتلة نيابية كبيرة في المجلس المقبل".

ولفتت أوساط دبلوماسية سعودية لـ"العرب اللندنية" الى "ان لقاء الحريري بأعلى سلطة في المملكة من خلال اجتماعيه مع العاهل السعودي وولي العهد، يرسل إشارة واضحة إلى الداخل اللبناني كما إلى كافة العواصم المعنية بالشأن اللبناني حول الرعاية التي توليها الرياض لشخص الحريري قبل شهرين من الانتخابات التشريعية ولموقع الرجل داخل المشهد السياسي في لبنان".

وافادت المعلومات المتوافرة ان الحريري الذي كان يفضّل أن يُستقبل كرئيس حكومة لبنان منذ وصوله الى الرياض، استُقبل كإبن السعودية في المطار، وكرئيس حكومة لبنان في القصر الملكي في اليمامة، بحيث جلس على كرسي الى يمين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وفق البروتوكول السعودي الخاص باستقبال رؤساء الدول.

وتضيف المعلومات "ان اجتماع الحريري مع الملك سلمان اتّخَذ "الطابع البنَوي"، ورَطّب الاجواء الشخصية بعد ملابسات زيارته السابقة في 4 تشرين الثاني الماضي، وان اجتماعه المرتقب اليوم مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان يُعد الاجتماع الحاسم الذي سيتمّ خلاله رسم نوعية العلاقات بين الرجلين من جهة، وبين المملكة ولبنان في المرحلة المقبلة من جهة أخرى.

ووفق المعلومات فإن الموفد السعودي نزار العلولا الذي عاد من لبنان الى المملكة، نقل أجواء إيجابية عن مختلف المسؤولين والشخصيات الذين التقاهم، وعلى أساس نتائج هذه الزيارة ستحدّد المملكة خطة تحرّك لها في لبنان، وقد لا تكون محصورة فقط بالاستحقاق الانتخابي الذي بات صعباً تغيير مساره نظراً لنوعية قانون الانتخاب ولتقدّم فريق الثامن من آذار وحلفائه، إلّا في حال حصلت تحالفات جديدة في الايام والاسابيع القليلة المقبلة.

من جهتها، توقعت مصادر عبر "النهار" بروز خلاصات مهمة عن الصفحة الجديدة التي فتحت في العلاقات اللبنانية – السعودية، منها ان الاطلالة السعودية على الوضع في لبنان في هذا التوقيت تعكس اعادة لبنان الى مستويات متقدمة في أولويات الرياض تداركاًً لتوظيف ايران أي نقاط ضعف في التوازنات اللبنانية لاظهار نفسها مسيطرة على لبنان، خصوصاً مع اقتراب العد العكسي للانتخابات النيابية في لبنان التي يكثر التهويل بسيطرة طهران على القرار اللبناني من خلالها.

بدورها، نقلت صحيفة "الحياة" عن مصادر سياسية لبنانيةواكبت لقاءات الموفد السعودي في بيروت المستشار العلولا يومي الإثنين والثلثاء الماضيين، قولها "ان المملكة العربية السعودية مهتمة بإعادة التوازن إلى سياسة لبنان الإقليمية وإلى التزامه النأي بالنفس عن الصراعات والحروب الإقليمية، بعد أن أخذ النفوذ الإيراني فيه عبر "حزب الله" يضغط على توجهاته العربية في السنوات الأخيرة. وذكرت المصادر نفسها "أن الرياض استفسرت عما يأمله لبنان من مؤتمرات الدعم الدولية المنوي عقدها في الشهرين المقبلين لمساندة قواته المسلحة واقتصاده ومعالجة عبء النازحين السوريين. وأشارت إلى أن هذا الأمر سيكون مدار بحث خلال زيارة الحريري الرياض، خصوصاً أنها تعطي أهمية لوجهة استثمار هذا الدعم لجهة إفادة استقلال السياسة اللبنانية وحفظ سيادة لبنان.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o