Apr 09, 2019 5:56 PM
اقتصاد

أفيوني في منتدى المال والاعمال: اصلاحات الحكومة في "سيدر" ضرورية للبنان

قدم الوزير أفيوني مداخلة في الجلسة الثانية من منتدى المال والاعمال حول "مشاريع المؤتمرات فرصة لإنعاش إقتصاد لبنان"، قال فيها: "يتفق الجميع في لبنان على دقة الوضع الاقتصادي الذي نراه جمودا وتراجعا في مختلف المرافق والقطاعات، بالرغم من أن "حكومة إلى العمل" منذ تشكيلها بدأت ورشتها لمعالجة وضع مالي ومعيشي عسير بعدما شكل مؤتمر سيدر الذي مضى عام على إنعقاده في باريس أحد المنافذ الايجابية والضرورية لوضع الاقتصاد اللبناني على سكة النمو الصحيح عندما أعلن المجتمع الدولي دعمه للبنان ب 11 مليار و 800 مليون دولار، ليشكل بذلك تجديدا لخط ائتمان دولي لوطننا الحبيب بعدما قدمت الحكومة اللبنانية برنامج إنفاق إستثماري يستجيب لإحتياجات الاقتصاد اللبناني في مواجهة التحديات ويحدد القطاعات والمشاريع الرئيسية التي سوف تعزز النمو منها إقرار الموازنة وتخفيض العجز بنسبة 1 بالمئة سنويا على الاقل وتعزيز البنى التحتية في الكهرباء والنقل. وتعد هذه الخطوات من المحركات الرئيسية للتنمية الاقتصادية، وقد حظيت بدعم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي".

اضاف: "ولا شك، أن خلفية إنعقاد مؤتمر "سيدر" سببها حرص دولي على إستقرار لبنان في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه منذ بدء الازمة السورية وإنعكاساتها ووعي من الحكومة اللبنانية لإقامة عهد من الثقة بين لبنان والمجتمع الدولي، وقد أرسلت إليه إشارات إيجابية جدا عن إرادتها في مواجهة هذا التحدي لكنها لم تنكر عدم قدرتها على الاستثمار في قطاعاتها الاقتصادية والانتاجية بحجم كبير وأساسي يسمح لتحفيز النمو الاقتصادي. كما كانت لديها الشجاعة للقول بأن الحل هو باللجوء إلى الرساميل الخارجية لسد هذا العجز وهيأت الارضية التشريعية التي تسمح بجذب القطاع الخاص للإستثمار في لبنان عبر إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في المجلس النيابي، وبذلك شكلت مقررات سيدر المنفذ نحو الرساميل المطلوبة ودخل لبنان إلى المؤتمر بإستراتيجية تقوم على خطة إستثمار وإصلاحات هيكلية وطلب دعم الدول والمنظمات الدولية، على أن تتقدم الاستثمارات والإصلاحات بشكل متواز لأنها الطريقة الوحيدة التي ستسمح بإنتعاش لبنان".

وأكد الوزير أفيوني ان "مؤتمر "سيدر" شكل نقطة انطلاق لتنفيذ استراتيجية تختلف عن الاستراتيجية السابقة، لم يطلب لبنان خلاله المنح، بل كان التحول جذريا عندما طلب الدعم لوضع الاقتصاد على أسس متينة ولم يطلب لبنان خلاله للمالية العامة بل طلب الاستثمار في مشاريع معينة حيوية ومنتجة وتم إدخال آلية لمتابعة التزاماته لكي يضمن مساهمة الأطراف في المدى الطويل والتركيز على مشاريع قابلة للتنفيذ والاستثمار، وهذا برهان على الجدية، وهي ضرورة للنجاح وتشجيع إضافي للمستثمرين على المشاركة في برنامج الإنفاق الاستثماري والإصلاحات".

وقال: "من هنا نرى ان الاصلاحات التي عرضتها الحكومة اللبنانية في مؤتمر "سيدر" ضرورية للبنان ونريد ان ننفذها، لأننا نؤمن بأنها مفيدة وملحة. ولذلك قدم لبنان برنامجا إصلاحيا كشرط أساسي للحصول على القروض من الدول والمنظمات المختلفة، ومن أبرز بنوده إصلاح المالية العامة لخفض العجز خلال خمس سنوات والتعهد بإصلاح القطاع العام ومكافحة الفساد وتطوير استراتيجية لتنويع القطاعات الاقتصادية والخدماتية. كما تعهدت الحكومة اللبنانية بإصلاحات داخلية ومشاريع اقتصادية اجتماعية وأهمها مكافحة الفساد الإداري والمالي وتعزيز الحوكمة والمساءلة، لا سيما في إدارة المالية العامة وتحديث قواعد استدراج العروض إصلاح الجمارك تحسين إدارة الاستثمار العام ودعم جهود مكافحة تبييض الأموال واتخاذ التدابير الرامية إلى مكافحة تمويل الارهاب وفقا للمعايير الدولية".

اضاف: "كل هذه الاجراءات ستعبد الطريق نحو تحقيق هدف آخر لا تملك الحكومة اللبنانية السبيل لتحقيقه وحدها، وهو جذب الرساميل والاستثمارات الخارجية والشركات الخاصة عبر تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وبهذه الطريقة يكون لبنان قد طبق الجزء الذي أوصت خطة ماكينزي بهدف ايجاد بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات الخارجية وتفعيل قطاعات إنتاجية تنافسية قادرة على تعزيز مؤشرات الأداء الإقتصادي وخلق فرص العمل، إذ أن "ماكينزي" تبحث معمقا في القطاعات الانتاجية القادرة على خلق فرص العمل لأن التنمية الاقتصادية تستدعي خلق فرص عمل".

وتابع: "شخصت لجنة ماكينزي حالة لبنان بأنه يدور في حلقة مفرغة منذ أربعين عاما من دون أن يتمكن من تحقيق نمو حقيقي في القطاعات المنتجة، وفندت خمسة خطوط يجب على الاقتصاد أن يستند إليها للوصول إلى النتائج المرجوة هي الاقتصاد المعرفي، الصناعة، الزراعة، السياحة والخدمات المالية، وهذا الأمر سيسمح بتحسين مناخ الأعمال لكنه يتطلب التخطيط وإعتماد الشفافية وتحديث القوانين والتشريعات وحماية المستثمرين ودعمهم بأدوات إستثمارية عصرية، وهذه الإصلاحات ضرورية لكي يتمكن القطاع الخاص من أن يكون مشاركا في هذه الاستثمارات".

وقال: "دقت حكومة "إلى العمل" جرس الانطلاق نحو تأسيس آلية تمويل جديدة وعصرية ومتنوعة للاقتصاد اللبناني، لم يعد يجوز ان نستمر بالاعتماد على الاستدانة حصريا، لأن الجميع مؤمن بأنه ليس بالدين وحده تنمو الاوطان، وعلى الاستثمارات المباشرة ان تصبح جزءا لا يتجزأ من برنامج الحكومة التمويلي نحن لا ننكر أن لبنان بالغ في الاعتماد على الدين في تمويل اقتصاده خلال العقدين الماضيين حتى وصلنا الى نسب مديونية عالية لم نعد بوسعنا تحملها والاستمرار بها. وهذا ينطبق على القطاع العام طبعا، الا انه ينطبق كذلك على القطاع الخاص وهو وضع غير سليم. وأعتقد أنه آن الاوان لان نبني سياسة تمويلية تركز على استقطاب الرأسمال وتشجع على الاستثمار وتعتمد على المساهمة والمشاركة، لأنه على الاقتصاد اللبناني ان يلحق بركب القرن الواحد والعشرين ويتبنى سياسات عصرية لاستقطاب المستثمرين وأدوات مالية حديثة. وهذا من شأنه ان يزيد من قدرتنا على تمويل الاقتصاد أضعافا".

اضاف: "هنالك معين شاسع من المؤسسات المالية العالمية المتخصصة بالأسواق الناشئة ومن المستثمرين العالميين ناهيك عن معين لا ينضب من أموال المغتربين اللبنانيين. وهذا المعين لا يتوخى بالضرورة الاستثمار بسندات عائدها محدود، بل بالعكس فان الغالبية الكبرى من هؤلاء المستثمرين تبحث عن الاستثمار بعوائد أعلى وربحية مرتفعة عبر المشاركة بالمخاطر وعبر المساهمة بالرأسمال وقد آن الاوان أن نركز على هؤلاء المستثمرين ونطلق خطة طموحة وشاملة لإستقطابهم الى لبنان ولتشجيعهم على الاستثمار، ولنستعيض عن المزيد من الاستدانة بالاستثمارات المباشرة ويتطلب هذا التحول البنيوي بتركيبة تمويل الاقتصاد اللبناني خطة حكومية جذرية وطموحة وطويلة المدى لفتح أبواب الاستثمار وانشاء البيئة الحاضنة والتنافسية التي تشجع الرأسمال العالمي والمؤسسات المالية، وتقدم لهم منصة جاذبة للاستثمار في لبنان".

وأكد أفيوني "أن مشاريع البنى التحتية المطروحة والموافق عليها في مؤتمر C?DRES تشكل أول فرصة لاستقطاب المستثمرين والصناديق الدولية الى لبنان عبر فرص استثمار حيوية ذات ربحية جذابة وتحت مظلة دولية، وهذه فرصة فريدة. ولأنه يمكن لمشاريع CEDRE أن تشكل الانطلاقة الاولى لتحفيز الاستثمار في لبنان ووضع لبنان على خارطة الاستثمار العالمي، ولذلك من المهم اطلاق عجلة هذه المشاريع في أسرع وقت وتحديد جدول زمني وخطة مفصلة للتنفيذ والتمويل وتسويق هذه المشاريع عالميا لدى المستثمرين وهذه هي خطة عمل الحكومة الحالية".

وقال: "كل ما تقدم يدفع للسؤال كيف نضع لبنان على خارطة المستثمرين العالميين؟ وإسمحوا لي هنا عرض بعض الأفكار التي قد تشكل نواة لخطة إطلاق الاستثمار:

أولا: إطلاق خطة عمل إستثمارية مهمتها استقطاب الاستثمارات المالية والمنتجة والمباشرة وإطلاق الإصلاحات المطلوبة لتحقيق ذلك، وتكون هذه الخطة أساس برنامج الحكومة في التعامل مع المؤسسات الاستثمارية العالمية وأسواق المال، ومثل هذه الوزارة موجود في الكثير من الدول الناشئة وسيشكل إنشاؤها رسالة ثقة للأسواق ودليل على جدية الحكومة في تشجيع المستثمرين وفي معالجة الوضع المالي والاقتصادي.

ثانيا: تشجيع قيام صناديق إستثمارية تديرها مؤسسات متخصصة بإدارة الأصول بطريقة مستقلة وشفافة، هذا الصندوق مهمته الاستثمار في المشاريع والبنى التحتية ذات المنفعة الاقتصادية والاجتماعية ويتوخى الربحية، ويتم تسويق الاستثمار بهذا الصندوق عالميا لدى المؤسسات المالية ولدى الثروات الاغترابية، كما يتم ادراجه في بورصة بيروت لتشجيع المواطنين على المشاركة ولمنحهم فرصة المساهمة والاستفادة من ورشة الإعمار.

ثالثا: خصخصة بورصة بيروت كما ينص القانون ودعمها عبر سلسلة من الإجراءات وتحفيز الشركات الكبرى على إدراج أسهمها في البورصة، وعلى الاخص، الشركات المستفيدة من امتيازات مع الدولة على ادراج جزء من اسهمها في بورصة بيروت مع تخصيص جزء من هذه الأسهم حصريا لصغار المستثمرين ومنح الشركات الخاصة حوافز لتشجيعها على ادراج أسهمها في البورصة. هذه أفكار اساسية من شأنها تفعيل دور البورصة في تمويل القطاع الخاص والمشاريع العامة، كما من شأنها فتح مجال الاستثمار في مشاريع مربحة أمام عامة المستثمرين من مقيمين ومغتربين وافساح المجال لأي مواطن في المساهمة بالفرص الاستثمارية مهما كان حجمه والتأسيس لرأسمالية شعبية تصهر المواطنين دور البورصة. كذلك طبعا أساسي في استقطاب المؤسسات المالية العالمية اذ تمنحهم منصة للاستثمار والتداول بشفافية وفعالية.

رابعا: إطلاق يد المؤسسات المحلية مثل شركات التأمين وغيرها للاستثمار بالأسهم والمشاريع المحلية ضمن معايير الحذر العالمية، والهدف من هذه الخطوة التأسيس لرأسمالية مؤسساتية تلعب بها المؤسسات المحلية دور المستثمر الطويل المدى وتبث الثقة في الاسواق وتشكل عامل استقرار يحد من التقلبات في الأسعار وتشجع المستثمرين الخارجيين على اللحاق بها.

خامسا: إطلاق برنامج شامل وعالمي لتسويق لبنان كوجهة استثمارية جذابة ولتسويق ميزاته التنافسية وفرص الاستثمار المتوافرة والإصلاحات الجارية والتواصل مع المؤسسات المالية العالمية والكتل الاستثمارية الاغترابية مباشرة ومنحها الحوافز الضرورية والضمانات المطلوبة لتسهيل الاستثمار وتشجيعه، فقد آن الاوان لكي نسوق لبنان ونضعه على خارطة الاستثمارات العالمية شأنه شأن الكثير من الدول الناشئة التي لا تتفوق علينا بقدرتها التنافسية بتاتا".

وختم: "هذا غيض من فيض وهي أفكار اعتمدتها معظم الدول الناشئة في العقد الأخير لتحفيز الاستثمارات الخارجية وحري بلبنان ان يلحق بهذا الركب وينافس على استقطاب المستثمرين العالميين ويؤسس لاقتصاد عصري عنوانه التخفيف من الاستدانة وترشيد التمويل وتنويع مصادره". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o