Apr 06, 2019 7:07 AM
صحف

الهجوم على سلامة وتّر "سيدر": تصحيح لعون وموقف قريب للحريري

مثل الهجوم الذي شنّه وزير الاقتصاد منصور بطيش على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أول انتقاد سياسي من "التيار الوطني الحر" لسلامة، منذ تشكيل الحكومة، واعتبره بعض المسؤولين مفاجئاً، بينما رأى آخرون أنه "هجوم مستغرب" بالنظر إلى أن الحاكم يطلع رئيس الجمهورية ميشال عون، بشكل دائم، على التطورات المالية، فيما تطرق بطيش إلى ملفات اقتصادية مدرجة ضمن البيان الوزاري.

وجاءت انتقادات بطيش في مؤتمر صحافي عقده، أول من أمس، وتوقف فيه عند "هواجس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي أتفهمها، وهو اعتبر أن العجز المالي مصدر كل العلل، ودعا لتقليص حجم القطاع العام"، مشيراً إلى أنه "ارتفع 34 في المائة بالنسبة للناتج المحلي"، وأعرب بطيش عن اعتقاده أنه "التبس عليه (سلامة) مساهمة القطاع العام في الناتج المحلي ونسبة الإنفاق العام لهذا الناتج، فمدفوعات الفوائد استأثرت على الإنفاق العام، وهو لا يعبر عن حصة القطاع العام بهذا الإنفاق، ولا نختلف أن نسبة العجز المالي مرتفعة بالنسبة إلى حجم الاقتصاد، ولا بد من إجراءات سريعة لتخفيضها".

ومع أن "التيار" لم يصدر أي تعليق على حديث بطيش، فإن ما تحدث عنه عضو تكتل "لبنان القوي" النائب سليم عون في حديث إذاعي، أوحى بتبنّي ما ورد في كلام بطيش، حيث أشار النائب عون إلى أن وزير الاقتصاد "لم ينتقد السياسة النقدية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، بل أبدى رأياً معاكساً، طارحاً بدائل علمية"، ولفت إلى أن هذا الموضوع يأتي ضمن وجهة نظر اقتصادية أخرى"، داعياً إلى "الأخذ بالجانب الإيجابي من كلام بطيش".

واستغربت مصادر وزارية ما يقوله بطيش، كون الملف المالي "محصوراً بين رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان ووزير المال ورئيس الجمهورية الذي يتم إطلاعه على كل التفاصيل"، مشيرة إلى "ان سلامة يضع رئيس الجمهورية بالتفاصيل بشكل دوري ومتكرر". وقالت المصادر لـ"الشرق الأوسط»" "لم يسبق أن طرح بطيش شيئاً من هذا القبيل على طاولة مجلس الوزراء، علماً بأن الأفكار التي طرحها واردة في البيان الوزاري، وإذا كانت هناك أفكار جديدة، فيجب طرحها على طاولة مجلس الوزراء".

ويأتي الانتقاد الآن في ظل خلافات حول تعيين نواب حاكم مصرف لبنان، وتحديداً الخلاف على اسم نائبه من الطائفة الدرزية. كما تأتي الانتقادات في ظل تعيينات أخرى منتَظَرة بينها مجلس الإنماء والإعمار ومرفأ بيروت ومجلس إدارة شركة "طيران الشرق الأوسط" وغيرها.

وظهرت عدة ترجيحات لخلفيات الهجوم، بينها "انتقاد هذا الموقع الحسّاس في (مصرف لبنان) بهدف الضغط للحصول على مواقع في ملف التعيينات في مواقع أخرى".

ومن ضمن الترجيحات أن يكون الانتقاد ناتجاً عن عجز في تحقيق الوفر المطلوب لتخفيض عجز الموازنة، وبالتالي يتم الضغط على سلامة لتخفيض خدمة الدين العام، علماً بأن 36 في المائة من إجمالي ديون الدولة اللبنانية، هي لمصرف لبنان، ومعظمها بالليرة اللبنانية، باستثناء 4 مليارات دولار بالعملة الصعبة. ويقرض المصرف المركزي الحكومة بفائدة 1 في المائة.

لكن مصادر اقتصادية تقول إنه إذا كان الضغط لتحقيق هذه الغاية، فهي مستحيلة، بالنظر إلى أن المادة 113 من قانون النقد والتسليف، تفرض على المصرف المركزي دفع 50 في المائة من أرباحه للحكومة، وتُصبح 20 في المائة للمصرف المركزي و80 في المائة للدولة، في حال بلغ الاحتياط العام نصف رأسمال المصرف. وترى المصارف أن الأجدى أن يتم الهجوم على المصارف التجارية، كونها هي التي تستفيد من فوائد القروض للدولة اللبنانية.

خلف الاكمة ما خلفها: واستغربت مصادر مسؤولة ما وصفتها «الحملة المفتعلة» على حاكم مصرف لبنان، وقالت "انها لم تجد حتى الآن ما يبررها لا من حيث الشكل ولا من حيث التوقيت ولا من حيث المضمون".

وعبّرت هذه المصادر عن شكوكها في "أن يكون خلف الأكمة ما خلفها»، وسألت: «هل ثمة جهات معينة في الدولة تقف خلف هذا الهجوم المفاجىء"؟ وقالت: "حتى الآن لم نجد ما يبرر هذه الحملة"، واعتبرت "ان ما يثير الريبة انّ الهجوم على حاكم مصرف لبنان، من شأنه أن يوجّه رسالة شديدة السلبية الى الخارج، وخصوصاً للجهات الدولية المانحة او للمعنيين بمؤتمر "سيدر"، إذ ماذا نقول لهؤلاء؟ ألا يمكن لهذه الحملة أن تزيد شكوك الخارج بنا، وأن يرسم ظلالاً من الشك حول صدقيتنا في توجّهنا نحو الانقاذ المالي الذي نحتاجه بشدة، ويتطلب عدم الدخول في أي مطبّات او افتعال أي عراقيل او نثر أي غبار حول وضعنا الداخلي، خصوصاً حول المؤسسات المالية في البلد"؟

ورداً على سؤال عما إذا كانت الحملة تنطوي على أهداف ترمي إلى تغيير كامل في حاكمية مصرف لبنان، قالت المصادر المسؤولة نفسها: "لا نعرف، ولكن بصرف النظر عمّا إذا كان هذا الهدف صحيحاً او غير ذلك، التغيير في حاكمية مصرف لبنان غير مطروح، فضلاً عن انه غير ممكن، نظراً إلى أنّ هذا الامر، أي التغيير، ينبغي أن تتوافر خلفه موافقة القوى السياسية الأساسية عليه، وهذا غير متوافر، إضافة إلى أنّ التمديد للحاكم رياض سلامة قد تم منذ فترة غير بعيدة، وليس هناك ما يوجب فتح هذا الملف الآن. ثم انّ هناك تعقيدات ماثلة امام تعيين نواب الحاكم، فتكفينا هذه التعقيدات. ولسنا بحاجة إلى تعقيدات أكبر".

موقف للحريري: وعُلم في هذا الاطار أنه سيكون لرئيس الحكومة سعد الحريري موقف من الهجوم على سلامة قريباً، فقد سبق له أن حصل تفاهم بينه وبين الدول المانحة على تحييد مصرف لبنان بشخص حاكمه عن المعارك السياسية الدائرة في البلاد، لأنّ هذه الدول تعتبر سلامة محاورها الاساسي في القضايا المالية والاقتصادية في لبنان الى جانب رئيس الحكومة ووزير المال.

وافادت المعلومات ان مرجعيات دولية لم تتأخر أمس في ابلاغ لبنان أن مسار مؤتمر «سيدر» يرتكز اساساً على صدقية حاكم مصرف لبنان، وان اي مسّ باستقرار الحاكمية المصرفية سيكون له انعكاسات سلبية على مؤتمر «سيدر»، الذي تصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لانعقاده، وما أصدره من قرارات لدعم لبنان إقتصادياً ومالياً مشروطة بإصلاحات مالية واقتصادية على الحكومة اللبنانية أن تجريها.

وذكرت مصادر سياسية مساء امس أن أطرافاً سياسية مشاركة في الحكومة ستثير الهجوم على سلامة في مجلس الوزراء، خصوصاً ان هناك معلومات موثقة تفيد أنّ بطيش، حين كان مديراً عاماً لأحد المصارف اللبنانية، زار حاكم مصرف لبنان يرافقه صاحب المصرف لكي يطلبا منه إشراك مصرفهما في الهندسة المالية التي انتقدها أمس.

وإذ رفض سلامة الردّ على هجوم بطيش «لأنه لا يدخل في سجالات سياسية»، حسب ما أفادت مصادره، فإنّ هذا الهجوم كان له انعكاس سلبي على سوق القطع طوال يوم امس بحيث ارتفع الطلب على الدولار مقابل الليرة، ما اضطرّ مصرف لبنان الى تغطية الأمر.

وذكرت مصادر سياسية أنها تنتظر أن يصحّح رئيس الجمهورية العماد ميشال عون موقف وزير من تيّاره في أقرب وقت، خصوصاً انّ حاكم مصرف لبنان كان قد زار القصر الجمهوري قبل أقل 48 ساعة.

وعلم في هذا الاطار ان الحاكم تحفّظ عن اسمين طُرحا لنيابة الحاكمية، نظراً لكونهما لا يتمتعان برضى المرجعيات المالية والدولية، وكان من شأن تعيينهما ان يؤثر على صدقية مصرف لبنان تجاه المجتمع العربي والدولي.

في هذا الاطار، افادت المعلومات انه كان من المقرر ان تحصل زيارة لبنانية رسمية لغرفة التجارة والصناعة ورجال الاعمال في باريس «ميديف» MEDEF، وأرجأت الهيئات الفرنسية تلك الزيارة بناء على توجيه المراجع الفرنسية الرسمية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o