Mar 24, 2019 7:00 AM
صحف

كيف ستؤثر مواقف بومبيو "الخشنة" على لبنان؟

رغم "العاصفة" التي شكّلها الهجوم الأعنف على الإطلاق الذي شنّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو من بيروت و"بلا قفازات" مستهدفاً "حزب الله" وإيران، فإنّ أوساطاً مطلعة ترى أنّ "الرسائل الخشنة" التي وجّهها رئيس الديبلوماسية الأميركية لن تترك تشظياتٍ على الواقع السياسي الداخلي و"ستاتيكو الواقعية" الذي يحْكمه، وإن كان تعمّد واشنطن قرع طبول المواجهة التصاعدية مع الحزب وطهران من لبنان يعني عملياً أن الأخير بات يسير على "حبلٍ مشدود" أوّله كيفية الحفاظ على "بوليصة التأمين" لاستقراره الداخلي في غمرة "صراع الفيلة" في المنطقة الذي تشكل إيران أحد "جبهاته المحتدمة" والذي ترتبط به "بلاد الأرز" عبر "حزب الله"، وآخره التحديات الكبيرة التي تطلّ من "الخاصرة الرخوة" المالية - الاقتصادية والتي تتشابك "وصفات" معالجتها مع التعقيدات السياسية بأبعادها الاقليمية - الدولية.

ورأت هذه الأوساط عبر "الراي"، أن خلاصة زيارة اليومين لبومبيو والتي أنهاها أمس، عكست وضوح الرؤية الأميركية حيال استراتيجية المضيّ بالضغط غير المسبوق على إيران و"حزب الله" لـ"تضييق الخناق عليهما ووقْف سلوكهما الخبيث"، وفي الوقت نفسه التمسّك بدعم المؤسسات الشرعية ولا سيما الجيش، مع تشديدٍ على محاذير أيّ التفافٍ على العقوبات على الحزب أو السماح بالتفلّت منها عبر القطاع المصرفي أو تحويل لبنان "ممرّاً خلفياً" لطهران لفكّ طوق الحصار الذي سيشتدّ حولها.

وتوقّفت الأوساط نفسها عند نقطتين: الأولى الموقف الرسمي اللبناني الذي سمعه بومبيو، معتبرةً أنه لم يكن مفاجئاً وقد انطلق سواء من اقتناعاتٍ فعلية أو من رغبةٍ في عدم تحويل مشكلة "حزب الله" مع الخارج صاعق تفجير داخلياً، وهو ما عبّر عنه كلام رئيسي الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل حول ان الحزب ليس إرهابياً "بل مكوّن لبناني له حضور نيابي وحكومي ويحظى بتأييد شعبي كبير وأن المقاومة ضد ايّ احتلال او اعتداء حقّ تكفله القوانين الدولية" في موازاة تأكيد رئيس الوزراء سعد الحريري أن الحكومة تلتزم البيان الوزاري والنأي بالنفس عن صراعات المنطقة.

أما النقطة الثانية فهي تخيير بومبيو لبنان وشعبه بين "إمّا المضي قدماً وبشجاعة كأمة مستقلّة وفخورة وإما السماح لطموحات إيران وحزب الله بأن تهيمن وتحدد مستقبلكم"، ودعوته الى "التصدي لإجرام حزب الله وإرهابه وتهديداته"، وصولاً الى إعلانه في حديث صحافي: "يجب أن يعرف الجميع في لبنان أنهم غير مجبرين على الخضوع لحزب الله وأمينه العام حسن نصرالله وإيران"، واعتباره أن "لبنان مهدَّد لأن علي خامنئي وقائد قوة القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني وإيران يريدون الاستيلاء والسيطرة عليه والوصول إلى البحر المتوسط"، مضيفا:"أميركا مستعدة لتقديم المساعدة للبنان وأعتقد أن العالم أيضاً مستعدّ لفعل ذلك".

وتستبعد الأوساط نفسها أن يكون كلام بومبيو في سياق انتهاء مرحلة التسليم الخارجي بـ"عجز" لبنان عن التعاطي مع مسألة "حزب الله" أو دعوة الداخل لأن "يأخذها بيده" ما يعني "تفجير" البلاد، بقدر ما أنّه تأكيدٌ على ان الإدارة الأميركية لن تتهاون مع أيّ مظاهر أو سلوك يشي بانتقال "بلاد الأرز" بالكامل الى الحضن الإيراني أو وقوفها عملياً بوجه مسار العقوبات، ومتوقفة في إطار متصل عند التسريبات حول لوائح جديدة "مرشّحة" لتطالها العقوبات وقد تشمل حلفاء للحزب وربما شخصيات رسمية.

وكان بومبيو أعلن في الكلام الوحيد الذي أطلقه بعد لقاءاته الرسمية وجاء في بيان مكتوب تلاه عقب زيارته باسيل، أن "حزب الله يسرق موارد الدولة التي هي ملك الشعب، وهو يقف عائقاً أمام آمال الشعب اللبناني، ومن خلال الترهيب المباشر للناخبين هو ممثّل بالبرلمان، ويتظاهر بدعم الدولة"، مركّزاً على أنّ "شبكات إيران الإجرامية ومحاولاتها تبييض الأموال، تضع لبنان تحت مجهر القانون الدولي"، متسائلاً "ماذا قدّم حزب الله وإيران للدولة سوى النعوش والأسلحة"؟ ومشيراً إلى أنّ سليماني، "يستمرّ في تقويض المؤسسات الشرعية وأمن الشعب اللبناني".

وفيما لم يصدر أي ردّ مباشر من "حزب الله" على القنابل السياسية لبومبيو، تحدّث رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد عن "ناس خائفة ومرعوبة من الأميركي وعلى قاعدة سمعا وطاعة"، سائلاً "إلى أين سيصل بهم الأمر؟ بالطبع إلى حائط مسدود، فكل الذين تعاملوا مع الأميركي وصلوا إلى حائط مسدود، مثال على ذلك فيتنام والعراق وسوريا".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o