Mar 21, 2019 7:07 AM
صحف

ما بعد الاشتباك: إختبارات صعبة

اذا كانت الوساطات التي جرت في الايام الاخيرة قد نجحت في إطفاء فتيل الاشتباك بين "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل"، ولقيت استجابة من قبل أطرافه، وهو ما تجلّى في اليومين الماضيين بتقصّدهما سلوك منحى التبريد السياسي وإطلاق تبريرات وإشارات تطمينية لمستقبل الوضع الحكومي، فإن الحكومة تقف في هذه الفترة أمام "غرفة اختبارات" صعبة ومتتالية لها، بدءاً من جلسة مجلس الوزراء المقرر انعقادها اليوم في القصر الجمهوري، والتي تشكّل محطة لمكوّنات الحكومة ومعها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لاختبار القدرة على إدخال الحكومة الى غرفة الانعاش من جديد، ليس فقط لغسل القلوب المحقونة داخلها، على حد تعبير أحد الرؤساء، بل لتنظيم الخلافات بين مكوّناتها، ذلك ان هذه الحكومة قد تم تشكيلها بشق النفس، وهي ليست حكومة من لون واحد، بل هي مجمّعة من قوى سياسية مختلفة سياسياً حول العديد من القضايا، لا يستطيع اي طرف التحكّم بها او الذهاب بها الى حيث يريد. 
الاختبار الصعب
والاختبار الأصعب للحكومة، كما تصفه مصادر نيابية بارزة، هو تمكّنها من إثبات جديتها على تأكيد تماسكها من جديد، وقدرتها على اطلاق ورشة العمل الذي وعدت بها، وتصويب مسارها في الاتجاه المنتج الذي ينفي عنها تهمة الهروب من المسؤولية، والتباطؤ المُريب والمماطلة في مقاربة ما قطعته على نفسها من وعود والتزامات، خصوصاً حيال الملفات التي يصنّف حسمها في خانة الانجاز.
وأوّل الطريق الى هذا الانجاز، تضيف المصادر، يبدأ في التعجيل بإحالة مشروع الموازنة الى مجلس النواب، فلا عذر للحكومة لمزيد من التأخير في إحالة المشروع الى المجلس، ومن باب حَثّها وضعنا سقفاً لها حتى آخر أيار للصرف على القاعدة الاثني عشرية، ومع ذلك لم نرَ شيئاً حتى الآن. 
فكأن الحكومة بمماطلتها هذه تضرب الثقة التي منحها إيّاها المجلس عرض الحائط، وهي في الوقت نفسه تضرب ثقة العالم الخارجي بلبنان، بل لم تبادر الى استعادة هذه الثقة، وعلى حد قول النائب ياسين جابر "ان لبنان اليوم في أزمة شديدة، وهو امام معركة جدية لاستعادة ثقة الدول الخارجية به، وهذا يتطلّب مبادرات وخطوات من قبل الحكومة تعزّز موقف لبنان في هذه المعركة. من هنا لا عذر للحكومة في اي تأخير، او مماطلة او تلكؤ في مقاربة متطلبات مؤتمر "سيدر" كما ينبغي، وبما يبدّد تشكيك رعاته، بصدقية الجانب اللبناني وجديته في السعي الى استفادة لبنان من تقديمات "سيدر". فإن بقينا على هذه الحال فالخسارة ستكون كبيرة، وقد لا تكون هناك ابواب أخرى لتعويضها". 
الاختبار الكبير
والى جانب ذلك، يبقى ما تصفه مراجع سياسية بـ"الاختبار الكبير" المنتظر مع وصول وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو الى بيروت، حيث تكمن نقطة الاختبار الاساسية في قدرة الجانب اللبناني على تجاوز انقسامه وتبايناته حول قضايا خلافية اساسية، وبالتالي صياغة موقف لبناني رسمي موحّد حيالها. 
وفيما اكدت أوساط رسمية ان موقف لبنان من مختلف القضايا، وأيّاً كانت الطروحات التي يحملها معه وزير الخارجية الاميركية، محدّد في البيان الوزاري للحكومة، وسيجري التعبير عنه من قبل مختلف المستويات اللبنانية الرسمية التي سيلتقيها بومبيو. 
وكشفت مصادر ديبلوماسية ان زيارة بومبيو الى لبنان لا يمكن اعتبارها استثنائية، تحمل افكاراً اميركية يمكن وصفها بالجدية او النوعية، ذلك ان التحضيرات الديبلوماسية الاميركية لهذه الزيارة لم تؤشّر الى ذلك، بل هي تتويج لسلسلة الزيارات المتتالية التي قام بها مسؤولون اميركيون الى لبنان في الاشهر الاخيرة.
ولفتت المصادر الى ان جدول اعمال زيارة بومبيو مكمل لما أثير في تلك الزيارات، والذي اكد ان "حزب الله" هو البند الاساس في أجندة الضغط الاميركي، الرامية الى تشديد الخناق عليه باعتبار انه يُشكّل في نظر الادارة الاميركية وحلفائها مصدر قلق على مستوى المنطقة والعالم، وتهديداً لاستقرار لبنان. 
وذكرت المصادر بـ"أن بومبيو، وكما كشف نائب وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب مارشال بيلينغسلي امام شخصيات لبنانية خلال زيارته لبنان في كانون الثاني الماضي، هو صاحب فكرة وضع الحكومة اللبنانية تحت المجهر الاميركي خلال العام الحالي كتعبير عن استياء اميركي من إشراك "حزب الله" فيها، وإسناد وزارة الصحة الى وزير محسوب على الحزب، من شأنه ان يسخّر الوزارة وامكاناتها لأغراض تمويلية لـ"حزب الله" لتعويض ما يعانيه من ضائقة مالية وتمويلية". 
وفيما لم تستبعد المصادر الديبلوماسية ان يكون ملف الحدود البحرية عنواناً اساسياً في زيارة بومبيو، قال مرجع معني بهذا الملف ان لبنان، وتبعاً للتجربة مع الاميركيين في هذا الملف، لا يثق بالاميركيين كوسيط نزيه في هذه المسألة. وبالتالي، لا يتوقع ان يثير وزير الخارجية الاميركية هذه المسألة خارج سياق مصلحة اسرائيل. 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o