"التسـوية" تحت نيران المصالح الفئوية...والتيار: قائمة ولا نسـتهدف الحريري
عون: لا حصانة لأحد في المعركة ضد الفساد ويعقوبيـان: اجماع على حمايتـه
محادثات ثلاثية عسكرية في دمشق وعملية مشتركة تركية- ايرانية ضد الاكراد
المركزية- يبدو المشهد الداخلي متجها الى حيث لم يحسب له أحد، اذا لم تفرمل الاندفاعة القوية نحو المواجهة المفتوحة بين اركان التسوية السياسية الرئاسية بما يمكن ان تؤدي اليه. فالتصعيد المتوالي فصولا منذ اكثر من اسبوع ينذر بفتح ازمة بدأت بملف النزوح وقد لا تنتهي بالتعيينات والكهرباء ومكافحة الفساد وما بعدها. حتى ان تساؤلات بدأت تطرح قبل انعقاد مجلس الوزراء في جلسته الرابعة المتوقعة الخميس المقبل، تذهب في اتجاهات لا تقتصر على الظاهر الداخلي لأزمة العلاقة بين ركني التسوية تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، ومنها كيف أمكن تذليل العقبات التي حالت دون تشكيل الحكومة قبل أقل من شهرين، ثم اصطدم هذا الانجاز الطري في أول الطريق بالاخفاق؟ وهل كانت الحكومة مجرد هدنة عابرة ذات أفق اقليمي هش، ثم طرأت عوامل غير مرئية باتت تتهددها الآن لدرجة ان استمرار التسوية بات عصياً على أصحاب المساعي الحميدة؟ وهل حقيقة ان الطموحات الشخصية والمصالح الخاصة تقف خلف سوء العلاقة المستجد ام ثمة ما هو ابعد؟ ولمصلحة من يحصل كل ذلك والعهد لم يتمكن بعد عامين ونصف العام من الاقلاع بحكومته الاولى؟
التسوية قائمة: كل التعقيدات التي طرأت على الوضع الداخلي لن تنسف التسوية، تؤكد اوساط التيار الوطني الحر لـ"المركزية" فهي قائمة والتيار ورئيسه متمسكان بها كما بالحكومة وهذه ثوابت لا يمكن ان يحيد عنها، لكنّ الثوابت لا تعني الذوبان في التسوية لدرجة عدم التعبير عن الرأي. ان مواقف الوزير جبران باسيل لا تستهدف الرئيس سعد الحريري ولا الحكومة التي يشكل التيار جزءا منها ويدفع في اتجاه تنشيطها وانتاجيتها، بل المؤتمرات الدولية التي عوض ان تعمل على تحفيز النازحين على العودة بتقديم الضمانات والمستلزمات الحياتية لهم في الداخل السوري تحصّن وضعهم في الدول المضيفة ولا تسعى الى اعادتهم بدليل انها لم تضع حتى الساعة خطة واحدة لاعادتهم. وبالنسبة الى لبنان الذي يتحمل الوزر الاكبر من ازمة النزوح، فإنه لم يعد قادرا على الاستمرار، ولا بد من رفع الصوت في وجه من يعنيهم الامر عوض مسايرتهم. من هنا جاءت صرخة الوزير باسيل التي لا تستهدف التسوية، تضيف المصادر، وكل رهان على ذلك ساقط، لكن الوضع لم يعد يحتمل ولا بد من اجراءات سريعة وفورية لاعادة النازحين بأي طريقة آمنة.
كوبيتش في السراي: وفيما الخلاف بين المكونات السياسية يتهدد مصير الحكومة الملقاة على عاتقها مهمة مكافحة الفساد وتطبيق الاصلاحات ومعالجة أزمة النزوح، استقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في السراي، المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش الذي قال "كان اجتماعا جيدا ومثمرا، وانا مسرور ان التقي الرئيس الحريري بشكل مستمر وبوتيرة عالية، واجتماعي اليوم يأتي قبيل عقد مجلس الأمن اجتماعه الأسبوع المقبل في نيويورك. وقد اردت التطرق اليوم معه الى مسائل عدة منها كيفية دعم الحكومة والوزارات والقوى السياسية عملية الإصلاح التي تنوي الحكومة القيام بها، ليس هناك اي تحويل لهذا الهدف خاصة لناحية الخدمات المقدمة للمواطنين ومحاربة الفساد، وكان مهما التأكد من ان الحكومة ماضية في هذه الإصلاحات"، مضيفا "ومن اهم الخطوات ايضا اقرار موازنة جديدة في اسرع وقت ممكن على ان تكون موازنة اصلاحية تتضمن خفضا تدريجيا للعجز المالي وغيره. وقد جددت دعم شركائنا الدوليين لبرنامج الاصلاحات هذا. كما ناقشنا مؤتمر بروكسيل -3 والرسالة التي اكد عليها بضرورة تامين العودة الطوعية والأمنة للاجئين السوريين الى بلادهم وفقا للقوانين الدولية وباحترام كامل لها والتعاطي مع هذا الموضوع من منطلق انساني. ان اللجنة
الإنسانية التابعة للأمم المتحدة ستتابع تسهيل هذه العودة وفي الوقت نفسه دعم المجتمعات المضيفة لهم بشكل مؤقت منها هنا في لبنان والذي يشكل موضوع اللاجئين حملاً ثقيلاً عليها. كذلك تطرقنا الى زيارة الجنرال لاكروا التفقدية لقوات اليونيفيل وكل الخطوات المطلوبة لاستمرار الهدوء في المنطقة والتأكيد على ألا تؤدي المشكلات الصغيرة الى مشكلات اكبر".
عون يرفع السقف: وسط هذه الاجواء، رفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نبرته في مسألة مكافحة الفساد، فقال خلال إطلاق الحملة الوطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني تحت عنوان "فكّر بلبنان": الفساد السبب الأكبر للضرر في لبنان. هو عاد بالخير على الفاسدين والمفسدين، ولكنه تسبب بالشقاء لمن يدفعون الضرائب، ولا يتلقون الخدمات اللازمة التي يستحقونها من الدولة. الآن بدأت معركة الفساد، وهذا عهد قطعته على نفسي، وان شاء الله قبل هلال رمضان المقبل، سيكون هناك قسم كبير منه قد صححناه. الآن نسمع اعتراضات، ولكن في هذه المعركة ليس هناك حصانة لأحد، وهذا ما يجب ان يعرفه الجميع. انا اول شخص كنت متهما في الجمهورية اللبنانية، وكان كلما طرح سؤال على المسؤولين في لبنان عن سبب ابعادي كان الجواب نفسه: اني متهم بملف مالي، والقضاة الموجودون هنا يعلمون جيدا ان الملف فارغ. كنت بريئاً ولم أتوسط لأحد لإظهار براءتي وطالبت التيار الوطني الحر الذي كان يتظاهر بوجه الوجود السوري في لبنان ويقاومه يومياً، ألا يتظاهر لأجل المطالبة ببراءتي التي بيّنها القضاء بعد عودتي الى لبنان". واضاف: "أنا نموذج لأكبر متّهم في لبنان، وعلى كل متهم ان يمثل أمام القضاء، وإلا نكون أمام مشكلة كبيرة. والشعب اللبناني عليه ان يصبح شعبا مقاوما. فالمقاومة لا تكون دائماً بهدف الحصول على الحرية والسيادة والاستقلال، وهذه اعتدنا عليها وقدمنا دماً لأجلها، ولكن علينا اليوم أن نقاوم لنحسّن اقتصادنا.
عنصر سلبي: الى ذلك، اشار الى ان "ما يشكل خلافاً حاليا، هو مسألة معالجة مشكلة النازحين السوريين، الذين رفعوا نسبة البطالة لدينا، كما رفعوا نسبة الجريمة بمعدل 30%، حتى صارت سجوننا غير قادرة على الاستيعاب. وزادت بسببهم المشاكل الاجتماعية، ومشاكل البنى التحتية. وأحدثوا ضرراً في السوق التجارية الصغيرة، من خلال المحلات التي يبيعون فيها. فاللبنانيون يدفعون الضرائب فيما هم لا يدفعونها. اذاً اصبح النزوح عنصرا مؤثرا سلبا في اقتصادنا ومضرا بمصلحة عمالنا وتجارنا الصغار".
جنبلاط والنزوح: وعلى خط النازحين ايضا، اشار رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى ان "عودة النازحين السوريين لن تتحقق طالما ان النظام السوري يرفضها". واعتبر في حديث على هامش المؤتمر الذي عقده الحزب بعنوان "لبنان والنازحون من سوريا: الحقوق والهواجس وديبلوماسية العودة"، في فندق "راديسون بلو" في فردان، ان "هناك خوفا لدى هؤلاء"، سائلاً "من سيؤمن العودة الآمنة لهم كي لا يعودوا ويُعذبوا ويُقتلوا"، مضيفاً "نؤيد المبادرة الروسية ولكن عليها ان تعطي ضمانات". تابع جنبلاط: "نتمنى ان يبقى هذا الملف بعيداً من الوزارات المعنية كي يؤمَن الحد الادنى لهم من العيش الكريم في التعليم وغير التعليم".
خليل والجمارك: على صعيد آخر، عقد وزير المال علي حسن خليل إجتماعاً مع رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي وعضوَي المجلس هاني الحاج شحادة وغراسيا القزي والمدير العام للجمارك بدري ضاهر، بعد استدعائهم لجلسة مناقشة ومصارحة بالمشاكل الحاصلة بين المجلس الأعلى والمدير العام للجمارك. وقال وزير المال بعد الاجتماع "يجب احترام القرارات والتعميم وإذا بقيت المشكلة انا مضطر أن أرفعها الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب"، مضيفا " أنا بصدد اتخاذ تعيمم يتم بموجبه توضيح الصلاحيات المحددة بموجب القانون بعد الخرق الكبير للصلاحيات كل من طرفه والاجتهادات القانونية".
يعقوبيان: وليس بعيدا، اشارت النائبة بولا يعقوبيان، الى "ان من سمع كلمات النواب في جلسة الثقة ويسمع كلمات رؤساء الأحزاب يشعر ان هناك اجماعا في البلد على محاربة الفساد، في حين ان هناك حماية للفساد والفاسدين"، اسفةً "لأن الفساد بات ميثاقياً ويتم الاختباء وراء الطائفة لتخبئة الفساد الذي يدفع ثمنه كل اللبنانيين".
وقالت في مؤتمر صحافي "فُتحت عليّ ابواب جهنّم وتبلّغت الدعوى القضائية من وزير الخارجية جبران باسيل بقيمة 75 الف دولار لتشويه شرفه وسمعته وكرامته، لكن انا لا اريد تشويه شرف احد كما لا اريد ان ينال احد من سمعتي، لكن لدي معطيات واوّل خيط متعلق بتغريدة اطلقها هو". مشددةً على "ان من غير المسموح أن مسؤولا أول في العهد يقول كلاما من هذا النوع من دون محاسبة".
فرعية طرابلس: اما على خط فرعية طرابلس، وفيما يتقدم خيار فوز ديما جمالي بالتزكية مع اتجاه سامر كبارة نحو سحب ترشيحه، استقبل الوزير السابق اللواء اشرف ريفي، في مكتبه في طرابلس، الوزير السابق رشيد درباس والمرشحة جمالي، وعرض معهما مستجدات المعركة الانتخابية في المدينة. بعد اللقاء، قالت جمالي "زيارتنا للواء أشرف ريفي زيارة مودة واحترام، ومن أجل شكره على خطوته النبيلة، بانسحابه من المعركة الانتخابية. شددنا سويا على مبدأ الوحدة والعمل يداً بيد، وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة، وهذا الامر سينعكس ايجابا على مدينتنا طرابلس، ونأمل ان تكون الانتخابات الفرعية ديموقراطية".
القائد في قبرص: من جهة ثانية، غادر قائد الجيش العماد جوزيف عون إلى جمهورية قبرص على رأس وفد عسكري في زيارة رسمية، تلبية لدعوة قائد الحرس الوطني لجمهورية قبرص الجنرال إيليا ليونتاريس. وسيلتقي العماد عون خلال الزيارة عدداً من المسؤولين العسكريين للبحث في سبل تفعيل العلاقة وتعزيز التعاون بين جيشي البلدين.
سوريا: اقليميا، استضافت دمشق محادثات ثلاثية يحضرها كبار المسؤولين العسكريين في إيران والعراق، شارك فيها رئيسا أركان القوات العراقية والإيرانية ووزير الدفاع السوري علي أيوب. في الموازاة، أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ان تركيا وايران أطلقتا "عملية مشتركة" ضد المتمردين الاكراد من حزب العمال الكردستاني التركي. وقال الوزير حسب ما نقلت عنه وكالة الاناضول التركية للانباء "أطلقنا هذا الصباح عملية مشتركة مع ايران ضد حزب العمال الكردستاني على حدودنا الشرقية" بدون اعطاء المزيد من التوضيحات.