Jan 23, 2019 7:04 AM
صحف

أسبوع التأليف: البحث عن جواد عدرا آخر!

بالإمكان، انطلاقاً من الوقائع عينها المرتبطة بمضي وقت كافٍ (ما يقترب من 242 يوماً)، منذ تكليف الرئيس سعد الحريري (25/5/2018) لجهة تبيان المطالب والمفاوضات والمناورات، وحالات الرفض والقبول، والشروط رفيعة السقف، والمخفض منها، والمعقول والمقبول، بالإمكان القول ان لا حاجة لاضاعة وقت إضافي، ناهيك عن أسئلة رؤساء الوفود العربية التي مثلت بلدانها في القمة التنموية الرابعة عن الأسباب التي تحول دون وجود حكومة أصيلة، مشكّلة أصولاً، إلى جانب المخاطر المحدقة بمقررات مؤتمر "سيدر" وبالنظرة السلبية للاقتصاد اللبناني، في حال استمرت المراوحة في الملف الحكومي.

على أن الأجواء التي اشاعها الرئيس نبيه بري، لا سيما لجهة علاقته مع الرئيس ميشال عون والوزير جبران باسيل قرئت على انها إشارات توحي بأن المعالجة لمأزق تمثيل سُنة 8 آذار، باتت تأخذ منحى أكثر جدّية.

واعتبرت مصادر مقربة من أجواء التأليف، ان الأسبوع الجاري لن ينقضي قبل اتضاح آلية إنهاء آخر العقد، بعد اقتناع مختلف الأفرقاء ان صيغة الـ3 عشرات هي الأكثر مرونة، وملائمة للجميع، بما في ذلك فريق رئيس الجمهورية.

وقالت المصادر لـ "اللواء" ان البحث جارٍ عن جواد عدرا "رقم 2" او تعويم جواد عدرا الأوّل، بحيث يتم التفاهم حول صيغة مشاركته مع سُنة 8 آذار، وحضوره اجتماعات تكتل لبنان القوي والتصويت مع فريق 8 آذار؟

هل ثمة علاقة بين عودة النشاط على خط تأليف الحكومة والتخفيض الائتماني للبنان الذي اعتمدته مؤسسة "موديز" من B3 سلبي إلى CAA1 ومن ثم تعديله إلى مستقر، في أعقاب التفاؤل الذي اشاعه الرئيس نبيه برّي بعد لقائه الرئيس المكلف سعد الحريري، فضلاً عن تلبد الأجواء الساخنة في المنطقة مع اتساع المواجهة الأميركية الإيرانية، واستئناف قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب اعمال تدشيم الجدار الفاصل على الحدود بالاسلاك الشائكة، مع إقامة دشم مسلحة، بما يستوجب تحصين الساحة الداخلية وتدعيمها بحكومة وفاق وطني لا تُكرّس جنوح لبنان نحو محور من المحاور المتنازعة في المنطقة؟

وبالتالي، هل يمكن القول ان نافذة أمل حقيقية فتحت هذه المرة باتجاه السماح بولادة الحكومة قبل ان تدخل شهرها التاسع غداً؟ وهل اقتنع المعطلون والمعنيون بالتأليف، ان الحاجة باتت ماسة لحكومة لبنانية بمعزل عن الصراع الحاصل في المنطقة، وعدم الافساح في المجال لشياطين التفاصيل والحقائب والتمثيل، لأن تعطل عملية التشكيل مثلما دأبوا على مدى الأشهر الثمانية الماضية؟

لا احد يملك جواباً، ربما باستثناء أهل الحل والربط، وما عدا واقعة تصنيف "موديز"، خصوصاً وأن اللبنانيين ملوا من تكرار إطلاق المواعيد، ولم يعودوا يصدقون، حتى يصبح "الفول في المكيول" على حدّ تعبير رئيس المجلس، وحتى يلمسوا باليد مرسوم التشكيل مع الصورة التذكارية للحكومة العتيدة.

ومع ذلك لا يمكن نكران ان حركة ناشطة على خط تأليف الحكومة، سجلت منذ ارفضاض القمة الاقتصادية في بيروت، وكان البارز فيها، أمس زيارة الرئيس الحريري إلى عين التينة، غداة لقائه رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل، وقبله رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط الذي تحدثت معلومات عن احتمال زيارة أخرى له إلى "بيت الوسط" مستقبلاً.

وفي هذا السياق، قالت مصادر "اللقاء التشاوري" لـ"اللواء": "بأن لا مشكلة لدينا بالتنسيق مع الرئيس عون في مجلس الوزراء حول كل الأمور إذا تمّ اختيار وزير من حصة اللقاء ويلتزم قراراته".

من جهتها، قالت مصادر تكتل "لبنان القوي" لـ "اللواء" "نحن طرحنا أفكاراً للحل، منها حكومة 32 وزيراً ولا مشكلة في ان يكون الوزير السني السابع مستقلا، اذ سبق للرئيس بري ان تنازل عن وزير شيعي في حكومة ميقاتي لمصلحة تسمية فيصل كرامي، ولكننا لا نطرح الان نفس الطريقة اي ستة وزراء سُنة وخمسة وزراء شيعة بل سبعة سُنة وستة شيعة، ويكون السُني السابع من حصة اللقاء التشاوري وايضا من حصة الرئيس عون كما هو الحال بالنسبة لوزير الطاشناق او تكتل ضمانة الجبل مع المير طلال ارسلان. اذ يحضر الوزيران اجتماعات تكتل الارمن وتكتل ضمانة الجبل وفي الوقت ذاته يحضران اجتماعات تكتل لبنان القوي.

وفي انتظار استكمال الحريري مشاوراته، يبدو التكتم هو سيّد الموقف، وذلك لكي لا يتعرّض المسعى الحالي لأي تشويش او مداخلات تساهم في خلق مطبّات او تعقيدات، على حد قول مصادر معنية بهذه المشاورات، اكتفت بالقول لـ"الجمهورية": "واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، لكن كما هو واضح فإنّ العمل جار على اخراج صيغة حكومية متّفق عليها بين الجميع، بالاستفادة من كل مطبّات وتعقيدات المرحلة السابقة التي أضاعت 8 اشهر من عمر البلد، وبالتالي صار من الضروري والملحّ أن نكتفي بهذا الوقت الضائع وننتقل بالبلد الى مرحلة حكومية جديدة تنهض به". 
لماذا التفاؤل؟ اما لماذا العودة الى التفاؤل، بعد فترة الاشهر الضائعة التي حكمها التشاؤم والتعطيل، قالت مصادر متابعة "ان جميع اطراف الملف الحكومي وصلوا الى طريق مسدود، وكشفوا أوراقهم كلها على طاولة التأليف، وكلها اوراق متصادمة بعضها مع بعض، ومناقضة، او بمعنى أدق ناسفة بعضها لبعض". 
واكدت "ان بلوغ التوافق بالطريقة التي اعتمدت منذ تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيلها في ايار الماضي، هو ضرب من المستحيل، وابقاء هذه الاوراق على الطاولة معناه ان لا حكومة على الاطلاق". 
ولاحظت المصادر تزامن التفاؤل الذي يعبّر عنه الحريري مع اللقاء الذي عقده امس الاول مع باسيل، وقالت انه ما كان ليعبّر عن هذا التفاؤل لو لم يكن قد لمس ايجابيات نوعية من باسيل، الا أن ماهية هذه الايجابيات لم تتضِح نظراً الى الكتمان المطبق حول ما يدور من أحاديث ويُتبادل من افكار جدية. 
وفيما يبدو من الاجواء المحيطة بحركة المشاورات انّ صيغة الحكومة الثلاثينية هي الاوفر حظاً في أن تعتمد في الحكومة الجديدة، أعربت مصادر متابعة للملف الحكومي، عن خشيتها من ان تكون جرعة التفاؤل الجديدة تشبه سابقاتها التي ظهرت اكثر من مرة على خط التأليف وفي فترات متفاوتة، وثبت في النهاية أنها فارغة وبلا أي معنى، ولا تستند الى أسس متينة. 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o