جمعية الشفافية الدولية في لبنان: 1048 طن من المساعدات العينية ومنح مالية للتضامن مع لبنان وشعبه
صدر عن جمعية الشفافية الدولية في لبنان:
في ظل الظروف الراهنة في لبنان وتحت وطأة نزوح حوالي مليون وأربعمئة ألف شخص بحسب الأرقام الرسمية من مدنهم وقراهم، وفي ظل الجهود المبذولة والمقدرة من كافة الجهات الحكومية والمحلية والدولية لتأمين الاحتياجات الأساسية لهم لاحترام كرامتهم الانسانية بكل ما فيها من متطلبات. تبرز أهمية الشفافية والمساءلة كركيزتين أساسيتين لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها. ومن موقعنا كجمعية تُعنى بالشفافية وكشف الفساد، نؤكد على تحمل مسؤوليتنا في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ بلدنا، ساعين إلى تحقيق إدارة سليمة للملف الإنساني بغية ضمان عدالة التوزيع وقطع الطريق أمام كلّ ساعٍ لاستغلال المأساة والأزمة الاجتماعية.
إن التزامنا اليوم ليس مجرد شعار، بل هو دعوة صريحة للجهات كافة، الحكومية منها وغير الحكومية، الدولية والمحلية، للعمل معاً لتحقيق أقصى درجات الشفافية والعدالة. هذا الدور الذي سعينا اليه وكرّسنا له عمل دؤوب وفعّال في أعقاب انفجار مرفأ بيروت، حيث قمنا بإطلاق منصة إلكترونية تتيح للجمهور الاطلاع على كل ما يتعلق بالهبات والمساعدات المقدمة إلى لبنان وآليات توزيعها وتابعناها من خلال حملات اعلامية ومؤتمرات، كذلك قمنا ببلورة ادوات لقياس مدى الشفافية على مستوى التمويل الدولي وضعناها بين أيدي اصحاب القرار، بالإضافة إلى ذلك تم تقديم ونشر اقتراحات عملية للحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي حول تعزيز الشفافية وفعالية توزيع المساعدات. نستكمل اليوم هذه المهمة التي أصبحت بحجم الوطن، والتي تهدف إلى مراقبة ورصد ونشر الهبات والمساعدات التي تصل إلى لبنان، بالإضافة إلى آلية توزيعها على المستفيدين.
وضمن إطار عمل وحدة الرصد في الجمعية، رصدنا حتى تاريخ 29 تشرين الأول 2024، 53 اعلان عن تقديم منح مالية ومساعدات عينية للبنان، من خلال مصادر إعلامية وصحافية مختلفة والمواقع الإلكترونية للدولة اللبنانية والجهات المانحة. فتبيّن أن إجمالي الالتزامات الموثقة للبنان بلغ حوالي 682 مليون دولار أمريكي، بما فيها التزامات من مؤتمر باريس. في حين أن البيان النهائي للمؤتمر عبّر عن أن الدول المانحة التزمت بتقديم حوالي الثمانمائة مليون دولار كمساعدات انسانية ومئتيّ مليون كدعم للجيش اللبناني، ولكن لم نتوصل إلى أي مصدر عام يوضح تفاصيل المبالغ المرصودة. تشمل المعونات مساهمات من عدة دول، منها الولايات المتحدة التي قدمت 300 مليون دولار، والإمارات العربية المتحدة بـ 100 مليون دولار، وكندا بـ 15 مليون دولار، إلى جانب مساهمات أوروبية كفرنسا وألمانيا التي بلغت 100 مليون يورو و96 مليون يورو على التوالي. كما قدم الاتحاد الأوروبي 30 مليون يورو، وإيطاليا 17 مليون يورو، وصندوق لبنان الإنساني الممول من قطر 24 مليون دولار، ليصل الإجمالي حوالي 682 مليون دولار.
أما بالنسبة للمساعدات العينية، فقد بلغ حجمها حوالي 1048 طن، تضمنت مواد طبية وغذائية. شملت هذه المساعدات 90 طنًا من الأدوية والمواد الغذائية والملابس قادمة من باكستان، و375 طنًا من المساعدات الإماراتية، و55.7 طنًا من المعدات الطبية من الصين، و25 طنًا من شحنة اليونيسف المدعومة من بريطانيا، إضافة إلى 30 طنًا من المساعدات الطبية التركية. يمكن الإشارة هنا إلى وجود بعض الالتباس الناتج عن عدم نشر المعلومات بين المساعدات المالية المخصصة للبنان على شكل نقدي وتلك المخصصة للمساعدات العينية.
كما رصدنا أيضًا تحديات في الشفافية بشأن استلام هذه المساعدات العينية، حيث إن 33.9٪ منها لم يُحدد المستفيدين منها بوضوح، في حين تم توجيه 43.3٪ لإدارات رسمية لبنانية، مثل وزارة الصحة العامة والجيش اللبناني، و22.8٪ منها ذهبت لمنظمات غير حكومية.
في المحصلة العامة، رغم التصريحات المتكررة منذ بداية الأزمة عن الشفافية في إدارة المساعدات الإنسانية، إلا أن الالتزام بنشر المعلومات حول الهبات والمساعدات المقدمة ما زال محدوداً،وذلك بحسب معايير مبادرة الشفافية الخاصة بالمعونة الدولية التي تشمل نشر بيانات دقيقة، محدثة، ومفتوحة عن التمويل والمستفيدين، مع الالتزام بالتنسيق، المساءلة، ومعايير الجودة لضمان وصول المعونات بفاعلية وشفافية.
بالرغم من الجهود الآنية الحثيثة التي بذلت، ما زالت الحكومة اللبنانية تفتقر إلى منصة موحدة متاحة للجمهور لنشر تفاصيل المساعدات المستلمة وكيفية توزيعها. هذا الضعف في تطبيق معايير الشفافية يؤكد الحاجة لإيجاد آلية واضحة لنشر المعلومات للعموم، مع التركيز على إنشاء منصة موحدة يمكن من خلالها للجميع متابعة حجم المساعدات، نوعيتها وآليات توزيعها.، وبحسب المعايير الدولية.
إن بلدنا بحاجة لكل مساعدة، لذا من المهم الالتزام بأقصى معايير الشفافية الدولية لضمان استمرار تدفق المعونات، لنعبر سوياً هذه المحنة ونعيد إعمار ما تهدم، في سبيل بناء وطن أكثر عدالة وشفافية.
نبذة عن جمعيّة الشفافيّة الدوليّة – لبنان:
تُعتبر جمعيّة الشفافيّة الدوليّة في لبنان من أبرز المدافعين عن الشفافيّة والمساءلة والحوكمة الرشيدة في لبنان. منذ العام 1999، تعمل الجمعيّة في الخطوط الأماميّة لمكافحة الفساد، وتسعى إلى تعزيز النزاهة المؤسسيّة في القطاعَيْن العام والخاص في لبنان. بصفتنا الفرع الوطني لمنظّمة الشفافيّة الدوليّة، فإنّنا نتطلّع إلى أكثر من مجرّد تصوّرٍ لمجتمعٍ خالٍ من الفساد؛ ونعمل بلا كللٍ على تحقيق ذلك من خلال دفع التغيير وتمكين المواطنين ومحاسبة المؤسسات.
تعتمد الجمعيّة نهجًا يتمحور حول الأشخاص؛ فتعالج الفساد من زوايا متعدّدة، مسترشدةً بمصفوفة تأثيرٍ قويّة تؤكّد على ثلاثة مجالاتٍ أساسيّة: تغيير السياسات والمؤسسات، وتغيير السلوك، والتوعية والتواصل. نحن، في الجمعيّة، نؤمّن التوجيه والتواصل بين المنظّمات الدوليّة والمجتمع المدني والمواطنين، ونخلق سلسلةً من الحوارات والتعاون تعزّز النهج التشاركيّ لجهود مكافحة الفساد. يعزّز هذا التبادل المستمرّ للمعلومات الشفافيّة، ويضمن بقاء المجتمعات على اطّلاع، ويسدّ الفجوات بين المعايير العالميّة والاحتياجات المحلّية.
لتحقيق تغييرٍ هادفٍ ودائم، تبني جمعيّة الشفافيّة الدوليّة – لبنان شراكاتٍ قويّةٍ وطويلة الأمد مع شبكةٍ من المنظّمات الوطنيّة والمحليّة والدوليّة المتخصّصة التي تعمل في جميع أنحاء لبنان. تعمل هذه الشراكات على تعزيز نطاقنا الاستراتيجيّ، ممّا يدفع الجمعيّة إلى تقديم مبادراتٍ لمكافحة الفساد تتوافق عالميًا وتصنع تأثيرًا محليًا. من خلال الجمع بين المعايير الدوليّة والمشاركة المجتمعيّة العميقة، فإننا نضمن أن تلبّي برامجنا المعايير العالميّة وأن تستجيب إلى حدٍّ كبيرٍ لتحدّيات الحوكمة الفريدة في لبنان ومختلف احتياجات المجتمع.