المنطقة العازلة في الجنوب بأمرة القوات الإسرائيلية؟
جوانا فرحات
المركزية- قبل حوالى الشهر بدأ الكلام داخل الكابينيت عن تهديد إسرائيل بإقامة منطقة عازلة عند الحدود الجنوبية مع إسرائيل والسيطرة عليها. الخطة بدأ تنفيذها بالتوغل البري وتدمير الجيش الإسرائيلي حوالى 11 قرية في جنوب لبنان محاذية للحدود بينهما، مما أثار مخاوف من مساع إسرائيلية لإنشاء منطقة عازلة خالية من السكان، وهي استراتيجية طبقتها بالفعل على حدودها مع غزة.
القرى المدمرة اختفت عن الخارطة اللبنانية ومن بينها رامية وعيتا الشعب وبليدا ومحيبيب والعديسة وكفركلا والخيام ومارون الراس. فما هي المنطقة العازلة في المفهوم العسكري؟
تعرف المنطقة العازلة بأنها منطقة محايدة تقع بين منطقتين أو أكثر من الأراضي، وعادة ما تكون تابعة لدولتين، اعتماداً على نوع المنطقة العازلة، فقد تعمل على فصل المناطق أو ربطها. ومن الأنواع الشائعة للمناطق العازلة المناطق منزوعة السلاح والمناطق الحدودية وبعض مناطق الأحزمة الخضراء، وقد تتألف هذه المناطق من دولة ذات سيادة، لتشكل دولة عازلة.
تتمتع المناطق العازلة بأغراض مختلفة، سياسية أو غير سياسية، إذ يمكن إنشاؤها لأسباب متعددة، مثل منع العنف، وحماية البيئة، وحماية المناطق السكنية والتجارية من الحوادث الصناعية أو الكوارث الطبيعية، أو حتى عزل السجون، لكن غالباً ما تؤدي المناطق العازلة إلى ظهور مناطق كبيرة غير مأهولة بالسكان، وهي نفسها جديرة بالملاحظة في العديد من المناطق المتقدمة أو المزدحمة على نحو متزايد في العالم.
فهل يتكرر سيناريو الإستراتيجية التي سبق ونفذتها إسرائيل على طول الحدود مع غزة في لبنان وتحديدا في جنوبه؟
الكاتب والمحلل السياسي خالد زين الدين يوضح لـ"المركزية" "أن المنطقة العازلة التي تنوي إسرائيل تنفيذها في الجنوب اللبناني تقع على مساحة 20 كلم وهي تسعى للسيطرة عليها بهدف حماية المستوطنات الشمالية وإعادة الأمان والإستقرار لسكانها. وبهذه المساحة التي تنوي إسرائيل تعميق دخولها في عمق الجنوب اللبناني يكون القرار 1701 قد أصبح من التاريخ".
ويلفت زين الدين "إلى أن أمن المنطقة العازلة سيكون بيد القوات الإسرائيلية لكن بلباس قوات أممية قد تكون ألمانية أو أميركية أو سواها من البزات العسكرية الأممية وذلك لتأمين المراقبة المباشرة على الحدود وبموافقة أميركية.
بالتوازي يشير إلى أن "الدور الفرنسي في لبنان انتهى وسيحل السفير الألماني كراعٍ على لبنان في وقت تلعب فيه ألمانيا دور الراعي للمنطقة بتوجه أميركي. وما حصل في عملية الكوماندوس التي نفذتها قوات إسرائيلية على شاطئ البترون منذ يومين يؤكد على الدور الألماني في المرحلة المقبلة كونها تتولى قيادة اليونيفيل البحرية منذ تاريخ كانون الثاني 2021 بعدما كانت تتولاها البرازيل.
معالم المنطقة العازلة التي أظهرتها صور الأقمار الصناعية تدمي القلوب. فالدمار الكلي الذي لحق بالمنازل محا معالم حوالى 15 بلدة وقرية جنوبية بأكملها ودفن تحت ركامها صفحات ومجلدات من الذكريات والصور التي لن يسترجعها أهلها ولو حتى في الذاكرة. وفي وقت ينشغل العالم بما ستسفر عنه نتائج الإنتخابات الرئاسية في أميركا يبدو أن مخطط الحرب الوجودية والعقائدية التي تخوضها إسرائيل مستمر بنفس الوحشية وبغض النظر عما ستكون عليه النتائج "فهمّ إسرائيل هو ترسيخ وجودها. فإما أن تكون أو لا تكون. ونفوذ الولايات المتحدة مرتبط مباشرة بوجود إسرائيل".
وفي قراءة مقتضبة لخيوط التسوية المقبلة على المنطقة، يلفت زين الدين إلى أن تقاسم الحصص سيتم بين الروس والصين والولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الصراع المباشر لن يحصل بالمطلق في ما بينهم . ويضيف"هناك عقد اتفاق روسي-تركي يقضي بتسليم أنقرة الشمال السوري مقابل تسلم الروس الملف الكردي وذلك برعاية أميركية. فهدف أميركا هو تحويل فلسطين إلى أرض إسرائيلية على أن يتوزع سكان غزة والضفة الغربية في لبنان (حوالى 300 ألف) والباقون أمام ثلاثة خيارات: إما أن يقاوموا حتى الرمق الأخير أو يموتون جوعا أو يقبلوا بالإندماج في الدولة الإسرائيلية كمواطن درجة ثانية" .
"بالنسبة إلى أهالي القرى الشيعية في الجنوب التي دمرت بالكامل، يقضي المخطط بتهجير قسم منهم إلى العراق على أن يتوزع الباقون في المناطق التي تهجروا إليها ولا تشمل الخطة ترحيل قسم من شيعة لبنان إلى إيران لأنهم شيعة عرب وليسوا شيعة فارس".
"الحرب طويلة ومدمرة وقد نشهد اغتيالات ويخطئ من يسوق لفكرة أن إسرائيل ستوافق على هدنة أو توقف هذه الحرب كما حصل في حرب تموز 2006 لأنها لا تريد أن تكرر الخطأ نفسه، ولن تسمح بأن تعيد إيران المقبلة بدورها على تغيير في النظام، هيكلة أحزابها وأذرعها في المنطقة كما لن تسمح بنموذج حزب الله -2- في سوريا ولو كلفها الأمر اقتحام العاصمة دمشق "يختم زين الدين.