انتخابات نقابتي المحامين..تمسك بالديمقراطية وتداول السلطة
يولا هاشم
المركزية – بتاريخ 3/11/2024، وبناء للدعوة الموجهة من مجلسي نقابتيهما، في بيروت وطرابلس، اجتمع المحامون في نقابتي بيروت وطرابلس للدورة الاولى من انعقاد جمعيتيهما العامتين، ولم يكتمل نصابهما المحدد بأكثر من النصف زائد واحد، وعليه تأجل انعقاد جمعيتيهما الى الأحد الثالث من تشرين الثاني وفق ما يحدده قانون تنظيم مهنة المحاماة.
حضور المحامين للدورة الاولى يؤشر الى حتمية ووجوب انعقاد الجمعية العامة للمحامين في الدورة الثانية في 17/11/2024، إذ تبين ان ليس ما يحول دون انعقادها في موعدها الحكمي، في ما إذا كانت الحال على ماهي عليه اليوم.
وتؤكد مصادر مطلعة لـ"المركزية" ان في نقابة بيروت، ينقسم المحامون الى رأيين: الاول يدعو الى تأجيل الانتخابات بسبب الظروف التي يمر بها البلد وحجتهم ان الظروف الاستثنائية تحول دون مشاركة المحامين الذين تضرروا في منازلهم ومكتسباتهم وبلداتهم واضطروا الى مغادرتها إن في الجنوب أو البقاع، فيتعذّر عليهم الانتقال الى قصر العدل في بيروت حيث مكان انعقاد الجمعية، ناهيك عن الخطر الذي يهددهم من العدو الاسرائيلي، ويستند أصحاب هذا الرأي الى رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل الذي ارتأى تأجيل انتخابات نقابتي الطوبوغرافيين والصيادلة، وما أسفر عن اجتماع نقابات المهن الحرة الذي انعقد في نقابة الاطباء في بيروت وصدرت عنه الدعوة الى تأجيل انتخابات هذه النقابات، وقد تميّز هذا الاجتماع بعدم حضور نقيب المحامين في بيروت الذي كان له موقف متباين عن موقف نقابات المهن الحرّة، وصرّح ان انتخابات نقابة المحامين في بيروت قائمة وفق القانون وأن لا صلاحية لمجلس النقابة بتأجيلها والمخرج القانوني الوحيد لذلك هو أن يُصدِر مجلس النواب قانوناً ينصّ على التأجيل.
الرأي الثاني، بحسب المصادر، يدعو الى انعقاد الجمعية العامة في موعدها المحدّد قانوناً عملاً بقانون تنظيم مهنة المحاماة وحجة أصحاب هذا الرأي ان الجمعيات العامّة للمحامين سبق أن انعقدت رغم الظروف التي كانت سائدة في حينه، ولم يتوانَ المحامون عن الحضور ايماناً منهم بأن العبرة من انعقاد الجمعية العامة هي المحافظة على الديمقراطية وتداول السلطة في حياة نقابتهم منذ تأسيسها.
وبسؤال أحد المحامين الحاضرين الدورة الاولى في 3/11/2024 التي لم يكتمل نصابها، يقول انه في سنة 2019 وبعد اندلاع ثورة 17 تشرين الاول 2019 وبالرغم من جائحة كورونا وتعاميم التعبئة العامة، انعقد مجلس النقابة بحضور الاعضاء المنتخبين والحكميين من النقباء السابقين في أواخر شهر تشرين الاول 2019، وقرّر بالإجماع انعقاد الجمعية العامة للمحامين في موعدها للدورة الثانية بمن حضر في 17/11/2019 دون الأخذ بنظرية الظروف الاستثنائية التي كانت قائمة في حينه من تظاهرات واعتصامات وقطع طرق وحواجز وأحداث، وبالفعل انعقدت الجمعية بحضور 4400 محام من أصل 7000 محام ممن يحق لهم الاشتراك فيها وصار انتخاب المحامي ملحم خلف نقيباً مع أعضاء مجلس النقابة.
ويقول محام آخر من الداعين لانعقاد الجمعية العامة في دورة تشرين الثاني 2024 أن الأسباب والمواقف التي اتخذت بالنسبة لانعقاد الجمعية العامة سنة 2019، هي ذاتها التي تحتم انعقاد الجمعية العامة لدورة تشرين الثاني 2024، وأن موقف وقرار مجلس النقابة المتخذ سنة 2019 يقتضي ان يكون هو ذاته الموقف والقرار بالنسبة لسنة 2024، وكل ذلك في سبيل مصلحة النقابة، لئلا يتعرّض أي قرار مخالف لما اتخذ سابقاً للطعن وسبيلاً للأخذ والرد والتأويل أو لنتيجة ضغوط لا تصبّ في مصلحة من يغيّر في القرار المتخذ سنة 2019 والذي من نتائجه انتخاب المحامي ملحم خلف نقيباً.
أما عن رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، فيقول أحدهم، ان قانون تنظيم مهنة المحاماة لا يشبه أي قانون آخر لأية نقابة مهنة حرة، لأنه بخلاف قوانين هذه النقابات، ان قانون تنظيم مهنة المحاماة حدّد انعقاد الجمعية العامة للمحامين حكماً في دورة اولى يوم الأحد الأول من تشرين الثاني يكتمل نصابها بأكثرية النصف زائد واحد من المحامين المسجلين الذين يحقّ لهم الاشتراك فيها، وفي حال عدم اكتمال نصابها، تنعقد الجمعية العامة حكماً في الأحد الثالث من تشرين الثاني ويكتمل نصابها بمن حضر من المحامين المسجلين الذين يحق لهم الاشتراك فيها، وهذا الأمر غير وارد في قوانين نقابات المهن الحرة الأخرى في لبنان، بحيث ان السبيل الوحيد لتأجيل انعقاد الجمعية العامة للمحامين في مواعيدها المحددة في قانون تنظيم مهنة المحاماة، محصور حصراً وفقط بصدور قانون عن مجلس النواب بقضي بتأجيل انعقاد هذه الجمعية والتمديد لمجلسها الحالي، الأمر غير الحاصل حتى تاريخه، مما يفيد أن انعقاد الجمعية العامة للمحامين هو حكمي ولا مجال لتأجيل انعقادها، إلا بقانون صادر عن مجلس النواب.
ويرى أصحاب هذا الرأي، أن مجلس النقابة ليس من صلاحياته أبداً أن يتخذ قراراً بتأجيل انعقاد الجمعية العامة كما ليس له ان يعدّل في مواعيد انعقادها. اما في حال حصول حادث أمني خطير صبيحة يوم الانتخاب في 17/11/2024، يؤدي الى منع المحامين من الحضور الى قصر العدل في بيروت حيث مكان انعقاد الجمعية العامة، عندها يتخذ المجلس قراراً برفع الجلسة وليس بتأجيل انعقاد الجمعية العامة، ونتيجة هذا الأمر، يستمر مجلس النقابة الحالي بأعضائه الثمانية غير المنتهية مدتهم الى حين انعقاد الجمعية العامة في تشرين الثاني 2025، وخلالها يصار الى انتخاب ثمانية أعضاء بمن فيهم النقيب، ليعود ويكتمل مجلس النقابة بأعضائه الاثني عشر.
وبانتظار اجتماع مجلس النقابة خلال هذا الاسبوع، للتداول في موضوع انعقاد الجمعية العامة للمحامين، والذي على ضوئه، ستتوضح المعركة الانتخابية بين المرشحين، أو من سيستمر منهم في الترشيح، سيصار الى وضع تصوّر حول المجريات والتحالفات التي لم تظهر بعد الى العلن، وتظهير موقف الأحزاب والتيارات السياسية، كما موقف المستقلين من المحامين الذين يشكلون الأكثرية في الهيئة الناخبة، دون أن ننسى موقف النقباء الذين بثقلهم الانتخابي والمعنوي قادرون على رفع حظوظ من يؤيدون من المرشحين. ان انعقاد الجمعية العامة للمحامين يؤكد حرصهم على مصلحة نقابة المحامين، نقابة القانون والديمقراطية، بشكل يعطي، كما العادة على مرّ السنين الطويلة، نموذجاً ومثالاً لتداول السلطة في بلد يفتقر في هذه الظروف الأليمة الى مثلها، وهي، اي نقابة المحامين، الوحيدة ان في بيروت او طرابلس، تثبت تمسكها بالقانون والديمقراطية وبمبدأ تداول السلطة، بينما أحجم سواها من نقابات وجمعيات وغيرها عن مثل هذا الموقف، المتصف بالشجاعة والمسؤولية، وخاصة في الظروف التي يمر فيها البلد، تختم المصادر.