إن واكبت ايران الانتخابات الاميركية بإقفال اجوائها..خطة متفردة أم ثمة شريك؟
طوني جبران
المركزية - قبل التوصل الى اي صيغة تبشر بإمكان وقف الحرب في غزة ولبنان والبحث في مصير مجموعة المبادرات الدولية والاقليمية التي أطلقت لهذه الغاية، قفزت الى واجهة الاهتمامات التهديدات الايرانية بالرد على الضربة الاسرائيلية الاخيرة الاحد الماضي باتجاه المنشآت العسكرية الايرانية ومجموعة من المصانع التي تتولى انتاج معدات عسكرية واخرى مكملة لها ومعها تلك التي تنتج الطاقة الكهربائية، وهو ما قاد الى مجموعة من السيناريوهات التي تم ربطها بالتطورات الأخيرة والمعطيات المتصلة بمجريات العملية الانتخابية في الولايات المتحدة بعدما قررت مواكبتها بالاعلان عن اقفال اجوائها قبل ساعات قليلة على فتح صناديق الاقتراع والى ما بعدها بمهلة مماثلة تلي اقفالها.
وفي الوقت الذي انتظرت فيه المراجع السياسية والديبلوماسية تفسيرا ايرانيا مغايرا لتلك المهلة التي حددتها المذكرة الرسمية الصادرة عن هيئة الطيران المدني، انشغلت في رصد ردات الفعل الدولية والاقليمية على مثل هذا القرار . وفي الوقت الذي التزمت فيه معظم دول المنطقة بالصمت، صدرت اول ردات الفعل الاميركية على لسان مسؤول أميركي لم يحدد مستواه ولا موقعه الذي قال عبر موقع "أكسيوس" بأن ادارته ابلغت إيران "أن رد إسرائيل على أي هجوم جديد لن يكون مثل السابق". وارفق التحذير الأميركي بتفصيل اضافي قال فيه المسؤول عينه ان "إسرائيل قد ترد على أي هجوم إيراني ولو نفّذ من الأراضي العراقية" الأمر الذي فسرته هذه المراجع على عدة مستويات اقليمية ودولية وهذه عينة منها على سبيل المثال لا الحصر.
- ان ايران قررت أن تستمر بلعبتها العسكرية التي جندت لها اذرعها في المنطقة من خارج اراضيها وان قررت إلحاق الساحة العراقية بالساحتين اللبنانية والفلسطينية فإن الأمور قد تتدحرج على اكثر من مستوى عسكري وقد تنتج حربا شاملة قصيرة المدى تستثني الأراضي الايرانية وهو أمر لا يمكن أن يتجاهله العارفون بنتائج الضربة الاسرائيلية باتجاه المنشآت الايرانية والتي قد تكون انتهت الى ما لم يكن يتوقعه احد وخصوصا من اولئك الذي "سخروا " منها وتشاركوا مع الإيرانيين في تسخيفها.
- ان المخاوف الناجمة عن لجوء ايران إلى الأراضي العراقية لتكون مصدرا لأي ضربة يزيد المخاوف على مختلف الساحات التي تربط بين تل أبيب وطهران ولا سيما الساحتين السورية واللبنانية وهو امر لا يبشر بالخير لمجرد انه يقدم تفسيرا لا يريده أحد لما انتهت اليه الوساطة الاميركية مع تل أبيب ،التي تجاوزت في طروحاتها الاخيرة الكثير مما كان مطروحا مع شركائه المصريين والقطريين والفرنسيين، وهو ما عبرت عنه المهمة التي قام بها مستشارا الرئيس بايدن اموس هوكشتابين و بريت ماكغورك من فشل على الرغم من الغموض الذي انتهت إليه مهمتهما بحيث انهما عادا مباشرة من تل أبيب الى واشنطن دون المرور بالعاصمة اللبنانية ومن دون خرق الأجواء اللبنانية باتصال هاتفي كان يترقبه رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ولم يتحقق لأي منهما.
وإذ لم تشأ المراجع السياسية والديبلوماسية التوغل في الكثير من السيناريوهات الاخرى لسبب بسيط كما قال أحد الديبلوماسيين العارفين بالكثير من التفاصيل الذي قال انه لم يعد بالإمكان التوسع في التوقعات التي تفكر بها الادارة الايرانية ، فالايام القليلة المقبلة الفاصلة عن "الثلاثاء الكبير" باتت معدودة ويمكن احصاؤها بالساعات للتثبت من النوايا الإيرانية التي عبرت عنها المعلومات ،والتي قالت بان المرشد الإيراني علي خامنئي طلب الاستعجال بالرد على اسرائيل بعدما تبلغ بالنتائج النهائية لحصيلة الضربة الاسرائيلية من دون الإفصاح عن اي تفاصيل أخرى عنها.
والى هذه المؤشرات المطروحة للبحث في اندية ديبلوماسية واستخبارية مغلقة، فإن ما يثير القلق ان يكون هناك شريك كبير للايرانيين في تدبير الضربة وبرمجتها قبل الحديث عن توقيتها. ومرد هذا القلق، أن العارفين مجددا بعناوينها يتوقعون ان الشريك قد يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالنظر الى نتائج التقاطع الذي اجري بين مجموعة من المعلومات التي قالت إن من أهداف تلك الضربة الاستهداف الاسرائيلي ومن خلفه الاميركي لادق واخطر الاسلحة الروسية عندما يتصل الامر بتدمير الـ " S400" التي تعد حتى اليوم بأنها درة التاج الروسي. وهو أمر تم الربط بينه وما تسرب من معلومات الى وسائل اعلام اسرائيلية واجنبية في اليوم التالي للضربة وما تلاه والتي تحدثت عن خروج معظم وسائل الدفاع الجوية عن الخدمة التي لم تقتصر على الايرانية منها بعدما شملت المنصات الروسية المخصصة لمواجهة الصواريخ البعيدة المدى ومنها الـ " S300 " التي قيل ان ثلاثة منها قد دمرت في ارضها وقبل انطلاق اي من صواريخها في المحافظات الثلاثة التي استهدفت بالاضافة الى رابعة من طراز الـ " S400 " التي نصبت على تخوم العاصمة طهران ولم تمر فترة طويلة على تسلمها من موسكو ولم تنتقل امرتها ال الإيرانيين بعد.
وما زاد في الطين بلة، وعزز المخاوف مما هو آت من تطورات تم ربطها بالمعلومات التي قالت بوصول قاذفات أمريكية من طراز " B52" إلى منطقة عمليات القيادة العاملة بالشرق االاوسط تزامنا مع الأوامر باعادة تكثيف البوارج الاميركية مجددا في المنطقة ومحيطها بالسرعة القصوى، وفي وقت قياسي يعكس المدى الذي قاد الى اخراجها منها بعد الضربة الايرانية الاخيرة على اسرائيل. ذلك انه لم تكن هناك حاجة لاعادتها بعدما استعيض عنها بمنصات "ثاد" الاميركية التي نصبت على الاراضي الاسرائيلية استعدادا للرد الايراني على الرد وان لم تكن مثل هذه الخطوة كافية لمواجهة ما هو متوقع، لا بد من اعادة تكوين هذا الحشد البحري وهو ما حصل.
وختاما، وبالنظر الى ما توحي به هذه التطورات والمخاوف الناتجة عنها، على المراقبين أن يتوقعوا أياما مقبلة مثقلة بالمفاجآت. فلن يكون امر عادي ان تنضم روسيا الى ايران في هندسة الضربة الجديدة إلى أن يتبين إن كانت ستحصل على خلفية مهمة. فقد تعددت الخيارات وتساوت التوقعات بإمكان حصولها بمعزل عن المواعيد الانتخابية. فان لم تستبق فتح صناديق الاقتراع قد تحصل بعدها ولربما قد تكون ضرورية ان تلاقت الارادة الاسرائيلية المتشددة مع تلك التي يمكن أن يتبناها الرئيس الجمهوري دونالد ترامب ان انتهت الانتخابات الى عودته الى البيت الابيض ولذلك فانه لن يطول انتظار الخبر اليقين من كل هذه الاحتمالات المأساوية.