4:41 PM
خاص

ربط العدالة في الحرب إستثناء ونزول القضاة إلى العدلية أساس...عندما تنهار "سلطة القبع"!

جوانا فرحات

المركزية- 28 أيلول 2020. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يقف أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة مستعرضا خرائط عن ثلاثة مواقع يخزن فيها حزب الله الأسلحة والمواد التي تستخدم لتصنيع الصواريخ الدقيقة في قلب بيروت. الأول لإنتاج مواد للصواريخ الدقيقة في قلب المنطقة الصناعية في حي الجناح. الثاني في حي الليلكي تحت أربعة مبانٍ سكنية مكونة من 7 طبقات ويقطنها حوالى 80 عائلة. والموقع الثالث في حي الشويفات ويقع تحت 5 مبانٍ تقطنها حوالى 50 عائلة. يومها دعا نتانياهو"الحكومة اللبنانية إلى معالجة الأمر قبل أن يؤدي أي خطأ من قبل عناصر الحزب في المكان إلى انفجار مدمر". وذكّر بانفجار مرفأ بيروت وقال"شاهدنا جميعا الانفجار المروّع الذي وقع في مرفأ بيروت الشهر الماضي وقد أدى إلى سقوط حوالى 220 شخصا وجرح الآلاف وتدمير منازل ومؤسسات لأكثر من ربع مليون شخص".

المواقع الثلاثة التي حددها نتانياهو على الخارطة التي استعرضها أمام أعضاء الجمعية العمومية للأمم المتحدة دُمرت بالكامل بعد أربعة أعوام في الحرب القائمة على لبنان. ومادة الأمونيوم التي تم تخزينها في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت وتسببت بجريمة العصر باتت معلومة المصدر إستناداً إلى أسماء القادة في حزب الله الذين استهدفتهم إسرائيل ومن بينهم المسؤول عن نقل شحنات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت. من هنا يطرح السؤال البديهي، ماذا يؤخر العدالة من أن تأخذ مجراها في ملف تفجير المرفأ وأيضا في ملفات شائكة وجدلية أخرى ومنها توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة؟. وهل يمكن ربط العدالة أو تبرير الإفلات منها بالحرب القائمة على الحدود الجنوبية والانتهاكات التي تطال المدنيين، وخلط الأمور والمفاهيم ببعضها البعض؟.

مرجع قضائي يبدأ مطالعته من واقع القضاء اليوم ويقول " مبدئيا العدلية منقوصة .لا مجلس قضاء أعلى ولا هيئة تفتيش قضائي والمحاكم تفتقد إلى مستشارين ولا يمكن تعيينهم في ظل حكومة مستقيلة . القاضي الوحيد المتبقي في العدلية هو رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود. بناء على ذلك تبقى كل الملفات معلقة في انتظار انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة".

هي ليست المرة الأولى التي يغرق فيها لبنان بدخان الحرب، وتتصدر لغة المدفع مشهدية الحياة. فخلال الحرب الأهلية (1975-1990) كانت المحاكم تعمل بشكل دوري وشبه طبيعي وفقا للظروف. لكنها كانت تعمل. أما اليوم، فيبدو أن العدالة مرتبطة مباشرة بالوضع الأمني والحرب القائمة بين حزب الله وإسرائيل. " وهذا طبيعي" يقول المرجع القضائي" لأنه خلال الحرب كانت هناك دولة ورأس الدولة ممثلا برئيس الجمهورية وحكومة غير مستقيلة. اليوم كل هذه الهرمية الدستورية في فراغ، والوحيد المتبقي في ميدان العدلية هو الرئيس سهيل عبود. ومع ذلك يستمرون في تعطيل عمله منذ 3 أعوام مما يؤكد أن الحرب على العدلية مستمرة من كل الجهات".

ثغرة إيجابية يمكن التعويل عليها وهي أن الجهة التي كانت تعطل عمل القضاء وتضع يدها على التشكيلات القضائية وتمنع حصولها بدأ يتغير "هواها" العسكري وإن كانت لا تزال تتعامل وفق منطق فائض القوة والسلاح. لكن الأمر لن يدوم في ظل المتغيرات التي فرضتها هذه الحرب .فهل يعني ذلك أن ملف تفجير مرفأ بيروت سيشهد على تحولات قد تساهم في كشف الحقيقة وتبريد قلوب أهالي الضحايا الذين كانوا حتى شهر حزيران الفائت يتحركون أمام قصر العدل للمطالبة بكشف حقيقة من فجر مرفأ بيروت؟.

بحسب المرجع،  فإن ملف تفجيرالمرفأ سيبقى قائما على رغم كل التحولات والتغييرات المرتقبة ويستطرد "عندما كان حزب الله في عز قوته ويعطل عمل القضاء ويهدد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار "بقبعه" عجز عن إطفاء شعلة الملف فهل يمكن أن يحصل ذلك اليوم في ظل المتغيرات على الأرض؟".  

في ما يتعلق بملف توقيف حاكم مصرف لبنان يشير إلى أن الملف عالق في القضاء "لكن يبدو أن ثمة أدلة ثابتة لاستمرار توقيفه في القضية المدعى عليه بها، بدليل رد كل طلبات إخلاء السبيل التي تقدم بها محاميه للقضاء المختص مما يؤكد أن الشبهات جدية".

ويختم بالإشارة إلى إمكانية استمرار عمل المحاكم "وفقا للظروف المحيطة بالمحكمة. وبالنسبة إلى المحاكم الموجودة في بيروت فلا شيء يبرر عدم انعقاد الجلسات فيها".

عضو مكتب الإدعاء في نقابة المحامين المحامي يوسف لحود يعتبر أن في الظروف الإستثنائية يكون دور العدالة أساسيا ولا مبرر لتوقفها. ويستشهد بواقعة لتشرشل خلال الحرب العالمية الثانية حيث كانت تتعرض بريطانيا للقصف من قبل القوات الألمانية إذ قال لأحد مساعديه "سوف نربح الحرب" بعدما أكد له أن قصور العدلية لا تزال تعمل على رغم كل ظروف الحرب.

قد لا تجوز المقاربة اليوم بين القادة العسكريين ورجالات السياسة بين الأمس واليوم ليس في لبنان وحسب إنما حتى في دول العالم المتحضر. "لكن مفهوم العدالة ثابت وإذا انهارت سقطت الدولة" يتابع لحود"المطلوب من القضاة اليوم أن يمارسوا سلطتهم ويضّحوا فهناك أصحاب حقوق وموقوفون في السجون وملفات جاهزة لتنفيذ الأحكام فيها. كل هذا يجب أن يتم البت به وإلا ستتكدس الملفات وتصبح هناك استحالة في إنجازها".

ويختم لحود" نعيش أوضاعا جد إستثنائية ولا تجوز مقاربة الأمور الإستثنائية بالمواقف الإستثنائية إنما إيجاد العلاج المناسب لأن ثمة وطنا يجب أن نسترده ودولة علينا أن نعيد بناءها".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o