Oct 26, 2024 1:10 PM
خاص

الرد الاسرائيلي ينبئ باحتمال نضوج تسوية دبلوماسية... التوغل البري تأجيل لا إلغاء!

جوانا فرحات

المركزية – قبل 27 أيلول الماضي تاريخ اغتيال حسن نصرالله كان يمكن الركون إلى الوقائع التالية: لا إسرائيل، ولا إيران، تريدان حرباً شاملة. فإيران كانت تعمل على تفعيل أذرعها، مثل حركة "حماس" وجماعة الحوثي اليمنية، للقتال دعماً لـ"حزب الله" لكنها ستتخلى عن أي منها لتجنب الدخول في حرب مباشرة مع إسرائيل. من هنا يمكن القول إن المعركة خرجت من إطار معادلة "الحياة أو الموت" لتدخل مسار التحضير للتسوية المرتقبة في المنطقة ضمن ضوابط وشروط أميركا لجهة عدم ذهاب إيران إلى تصنيع القنبلة النووية.

بعد هذا التاريخ لا شيء تغير أقله على مستوى التنسيق القائم بين الولايات المتحدة وإيران والضربة الإسرائيلية على إيران أمس تثبت ذلك.

الكاتب السياسي ومؤسس "دار الحوار" بشارة خيرالله يقول" صحيح أن الضربة الإسرائيلية على إيران ليل أمس كانت محدودة لكنها محددة الأهداف ويبدو أن الولايات المتحدة نجحت في "المونة" على نتانياهو لئلا تكون ضربة قوية وموجعة بحيث شملت في البداية بطاريات دفاع جوي ورادارات في سوريا والعراق. كما أغارت الطائرات على منظومات دفاع جوي في إيران مع تجنب البنية التحتية للطاقة".

طبيعة الضربة الإسرائيلية على إيران تؤكد أن نتانياهو استمع لرغبات بايدن بعدما كان الرهان بأن يضرب برغبة الإدارة الأميركية الحالية ويوجه ضربة موجعة وقاسية لإيران بهدف رفع أسهم المرشح الجمهوري دونالد ترامب. إلا أن هذا الأمر لا يعني هبوط أسهم ترامب إنما ستتقدم ببطء من دون أن تحلق وتحدث فرقا شاسعا مع منافسته المرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس".

والسؤال البديهي الذي يطرح هل سيكون هناك رد على الرد؟ "هناك احتمال أن يكون هناك استكمال للضربة عشية الإنتخابات الأميركية بحسب قراءة خيرالله مما يعني أن الحرب النفسية والمفاجآت لا تزال قائمة. فهذه الحرب لن تنتهي بأنصاف الحلول إنما بغالب ومغلوب والدليل أن الحرب الإسرائيلية على لبنان لم تتوقف وكذلك في غزة بعد قتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، ولن تتوقف إلا بعد القضاء على النفوذ الإيراني وأذرعه كما على كل مستودعات السلاح التابعة لحزب الله في لبنان".

إذا الضربة الإسرائيلية على إيران كانت "حتمية " وأولوية، وهذا ما يفسر تأجيل التوغل البري الذي حشدت له حكومة نتانياهو العسكرية حوالى 50 ألف مقاتل. هذا لا يعني إلغاء العملية لأن القراراتُخذ ولا تراجع عنه قبل القضاء على كل مستودعات صواريخ وذخيرة حزب الله وكل ما يشكل خطراً على حدوده الشمالية.

فرضيات عديدة وُضعت حول طبيعة الرد الإسرائيلي إلا أن قراءة خيرالله كانت منذ البداية أنها "ستقتصر على إيران ولن تتوسع إقليميا أو عالميا لأن هناك ما يشبه الغطاء العالمي للحد من النفوذ الإيراني والتخلص من أذرعه. وبالنسبة إلى حلفاء إيران فقد أظهرت الوقائع أن لا روسيا التي تعمل على التخلص من إيران في سوريا، ولا النظام السوري الذي يضيق على مقرّات الحزب مستعدان للدفاع عن إيران. من هنا يختم خيرالله "الحرب بين إسرائيل وإيران ستكون محدودة بهدف الحد من نفوذها والقضاء على أذرعها. وهذا ما أثبتته طبيعة الضربة ليل أمس".

الكاتب السياسي أحمد الأيوبي يوضح عبر "المركزية" أن التأخير في الرد الإسرائيلي على ضربة إيران يعود إلى النقاش حول طبيعة وحجم هذه الضربة بين إدارة الرئيس جو بايدن ورئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو. فالأخير كان يريد توسعتها بمعنى أن تكون ضربة استراتيجية تطال كل منشآت النفط والمراكز الحيوية والذهاب إلى مكان موجع قد يدفع بأذرعها إلى مطارح أخرى خصوصا أن لديها قدرات عسكرية كبيرة تصل إلى حقل كاريش للنفط والغاز الطبيعي وهوحتى اليوم لا يزال مستبعدا من قبل أذرع إيران لأن قواعد الاشتباك لا تزال مدروسة وهذا ما يفسر سبب سكوت إيران عن اغتيال نصرالله، وكلام المرشد الأعلى الذي جاء بعد اغتياله في قوله بأن مرجعية شيعة لبنان هي في إيران. بينما على المستوى الإستراتيجي ترسل إسرائيل مسيرة "تخدش" زجاج منزل نتانياهو".

وفي قراءة لطبيعة الضربة الإسرائيلية أمس يلفت الأيوبي إلى أنها كانت شكلية "فالإدارة الأميركية نجحت على ما يبدو في التنسيق مع إيران بحيث أبلغتها بالمواقع التي ستصيبها الأهداف الإسرائيلية وتم إخلاء كل المواقع الإيرانية التي أبلغت عنها إسرائيل الإدارة الأميركية بشرياً ولوجستيا. حتى إسرائيل لم تطلب من سكان حيفا أخذ الحيطة والحذر قبل وخلال وبعد "ضرب" ايران!".

يتابع الأيوبي"واضح أن إيران ترفض أن تكون جزءاً من اللعبة الإنتخابية الأميركية لأنها لا تعلم ماذا ينتظرها علماً أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي طرح فكرة متقدمة تلاقي المرشح الجمهوري دونالد ترامب تجاوز فيها العرب في طرح حل الدولتين وذلك من خلال إجراء استفتاء عام في إسرائيل وإقامة دولة واحدة يقيم فيها الإسرائيليون والفلسطينيون".

ويختم الأيوبي" حتى اللحظة لا يمكن القول أن أياً من الطرفين سجل أهدافا نهائية والصراع المفتوح سيبقى قائما في لبنان الساحة المفتوحة على الصراعات، وغزة".

العميد المتقاعد أندريه أبو معشر يوضح أن " التنسيق للضربة الإسرائيلية لم يقتصر على الولايات المتحدة وحسب إنما مع روسيا التي أعطت إيران معلومات عن توقيت الضربة. ولم تمانع في استخدام إسرائيل للمجال الجوي السوري وخاصة لجهة الشمال والشمال الشرقي وخاصة المناطق التي يسيطر عليها الأكراد واربيل في العراق".

ويضيف"ما شهدناه اليوم من رد اسرائيلي وما سبقه من رد الرد الايراني لا يمكن وصفه الا بالاستعراض العسكري ضمن الضوابط والتقييدات التي رسمتها الإدارة الأميركية، وذلك يثبت أنه عندما تكون مصالح الولايات المتحدة على المحك فعندها فقط يصبح تأثير الإدارة الأميركية أكثر فاعلية وأكثر تقييدا لجميع الأطراف، الإيراني والاسرائيلي على حد سواء. عموما الرد الاسرائيلي ينبئ باحتمال نضوج تسوية دبلوماسية في المنطقة".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o