1701 نتانياهو ضد 1701 حزب الله وضد 1701 بري وميقاتي!
تنتظر الحرب على لبنان بعد سنة على بدء الحرب تفسير القرار 1701 بالنار وليس بالتفاوض! وتنتظر الحرب على غزة قراراً اسرائيلياً من جانب واحد باقتحام كامل لرفح بعد أن أفشلت اسرائيل كل المبادرات الديبلوماسية في غزة وفي لبنان! فخيارات اسرائيل في 8 أكتوبر واضحة جداً؛
اختارت اسرائيل في 8 أكتوبر 2024... الحرب! وهي اختارت المواجهة العسكرية لتغيير خارطة المنطقة! اختارت الهجوم وليس الدفاع! اختارت المبادرة التدميرية وليس الانتظار! اختارت العنف المفرط مع لبنان بعد غزة، وعمليات الضفة، وصولاً الى إرادة قطع كل الأذرع الإيرانية! لا بل على ما يبدو، قريباً، الى ضرب إيران نفسها!
اختارت اسرائيل الغارات التدميرية والطلعات الجوية وإلقاء صواريخ بزنة طن واحد للصاروخ الواحد، وبقوة وصلت الى 80 طناً من المتفجرات للغارة الواحدة!
واختارت اسرائيل استهداف المدنيين والعسكريين معاً. وقتلت في غزة في سنة واحدة أكثر من 50.000 شهيد (وقد يكون الرقم في الحقيقة تحت الدمار هو 4 أضعاف هذا الرقم!). وأصابت أكثر من 100.000 فلسطيني! وأسرت حوالى 10.000 من فلسطينيي غزة والضفة معاً (15.000 بحسب البعض)! وأسقطت خلال أيام 2.000 شهيد في لبنان وأصابت أكثر من 10.000... "والحبل عالجرار"!
واختارت اسرائيل ضرب ديبلوماسية الأمم المتحدة وقرارات الهيئة العامة المؤيدة للاعتراف بدولة فلسطين. واختارت الضرب بعرض الحائط لقرارات المحكمة الدولية، وحتى لقرار من مجلس الأمن لوقف مؤقت للنار!
اختارت اسرائيل ضرب كل المبادرات الديبلوماسية؛ وضربت مبادرات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف النار في غزة. وضربت تحركات أنطوني بلينكن وآموس هوكشتاين... على الرغم من أن الموقف الأميركي هو دائم الدعم لاسرائيل على الرغم من اختلاف في الرؤى وفي الأجندات!
اختارت اسرائيل مؤخراً ضرب كل المبادرات الديبلوماسية الأخرى من الاتحاد الأوروبي ومن الدول العربية، وخاصة مؤخراً من فرنسا، ومبادرات الرئيس إيمانويل ماكرون وجهود جان إيف لودريان، وجان نويل بارو والذي اقترح هدنة ال 21 يوماً. فوافق رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو عليها... واغتال نصرالله في اليوم التالي!
كل ذلك، في حين أن محور الممانعة اكتفى في 8 أكتوبر 2023 بحرب إسناد من حزب الله لغزة وحماس، من دون محاولة للإطباق في عملية برية أو حرب جدية على اسرائيل! ومن دون تدخل إيراني مباشر أو فتح الجبهة السورية، على سبيل المثال!
خطة هجومية من الجيش الاسرائيلي مقابل خطة دفاعية تعتمد على "الهجمات المرتدة" من حزب الله ومحور الممانعة، مع ردود إيرانية محدودة و"لطيفة"، ومع صواريخ "حوثية" لإثبات الوجود المعنوي، من دون فاعلية جدية.
واحتاجت الضربة الجدية الأولى لحزب الله الأخيرة على حيفا البارحة سنة كاملة لتسجيل ضربة مقلقة للأراضي المحتلة!
اسرائيل نجحت أيضاً في اصطياد قادة حماس وحزب الله بسلسلة اغتيالات في طهران وفي بيروت. واغتالت اسماعيل هنية وحسن نصرالله وصالح العاروري، بالإضافة الى القيادات العسكرية مثل محمد الضيف، وفؤاد شكر وابراهيم عقيل وعلي كركي ومحمد سرور ومعظم قادة الرضوان، وصولاً، على الأرجح، الى هاشم صفي الدين (وحتى قائد الحرس الثوري اسماعيل قآني، المفقود حالياً)...
وفي 8 أكتوبر 2024 نجحت اسرائيل بفرض خيارها السياسي بقوة النار والتدمير على لبنان الرسمي الذي يطالب اليوم على لسان رئيس حكومته المستقيلة نجيب ميقاتي بدعم من القائد "الشيعي" الأساسي في لبنان رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير السابق وليد جنبلاط بتطبيق القرار 1701، الذي لم تطبقه لا اسرائيل ولا حزب الله منذ العام 2006 غداة حرب تموز!
أي 1701؟
كرر رئيس الحكومة اللبنانية المستقيلة نجيب ميقاتي في مقابلة تلفزيونية مع شبكة سكاي نيوز عربية أن الحكومة تلتزم بتطبيق القرار 1701 "كاملاً"! وكرر كلمة "كاملاً" مرات عدة!
ولكن كلمة "كاملاُ" تعني بالفعل تسليم حزب الله سلاحه (الى الجيش اللبناني)! ومن المؤكد أن الرئيس ميقاتي لم يقصد ذلك! وأن حزب الله ليس في هذا الوارد على الاطلاق!
فالقرار 1701 يشمل في بنوده تطبيق القرارات 1559 و1680! والخلاف سيقع سريعاً حول تفسير القرار 1701 بين اسرائيل ولبنان الرسمي وبين اسرائيل وحزب الله! إلا أن النص يميل الى التفسير الاسرائيلي:
إذ ينص البند الثالث من القرار 1701 على التالي: "بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي اللبنانية وممارسة سيادتها عليها وفق أحكام القرار 1559 والقرار 1680 لعام 2006، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة".
يريد حزب الله من ال 1701 وقف النار فقط. ويلتزم لبنان الرسمي فيه بتأمين منطقة منزوعة السلاح. في حين أن طموح نتانياهو بعد اغتياله للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله قد يصل في ال 1701 الى المطالبة ببنده الثالث أي بتنفيذ بال 1559 ونزع سلاح حزب الله!
في 8 أكتوبر 2024، هناك استنتاجات عدة، بينها استنتاج واحد أكيد؛ وهو أن الحرب مستمرة في المنطقة على لبنان وعلى غزة بوتيرة أكبر وأكثر تدميراً، مع أو من دون حرب مع إيران. ما يعني أنه لم يحن موعد الديبلوماسية بعد!
سمير سكاف - كاتب ومحلل سياسي