هل يتحوَّل التضامن الوطني إلى انفراج سياسي؟
أظهر تكاتف اللبنانيين مع بعضهم البعض، لمساعدة ضحايا وجرحى مأساة الاعتداءات الإسرائيلية الاليمة، التي طالت محازبين ومؤيدين لحزب الله ومدنيين، والتضامن معهم، سياسيا وانسانيا، ومد يد العون لهم طبيا في المستشفيات والتبرع بالدماء، مدى غيرتهم على بعضهم البعض، عمق اواصر الروابط في ما بينهم، والحرص على صحة وسلامة، ابناء الوطن الواحد، في مواجهة المخاطر والتداعيات الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية، بالرغم من كل أساليب التفرقة والتنابذ وحتى الخصومة، التي حاول بعض الاحزاب والسياسيين، زرعها بينهم طوال السنوات الماضية، لغايات ومصالح التزعم السياسي، اوموالاة الخارج والتسويق لنفوذه ومشاريعه الاقليمية على حساب المصلحة الوطنية العليا.
لم يستطع اي طرف انكار هذا التضامن والاشادة فيه، حتى الأمين العام للحزب حسن نصرالله، تطرق اليه في كلمته الاخيرة، بينما ذهب بعض السياسيين إلى اعتبار ما حصل، بمثابة رسالة شعبية موجهة لكل السياسيين، للاقتداء بها، ولإنهاء الانقسام السياسي الداخلي، والمبادرة للتلاقي والعمل معا للخروج من ألازمات المتتالية والمخاطر المحدقة،التي تعصف بلبنان وتهدد كيانه ووحدته.
وضع اللبنانيون بتضامنهم مع بعضهم البعض في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطنهم، جميع الاطراف السياسيين، أمام مسؤولياتهم، للاخذ بعين الاعتبار رغبات الشعب اللبناني، لوضع حد لحال التصادم والخلافات القائمة، والأخذ بعين الاعتبار المخاطر والتحديات الصعبة التي يواجهها لبنان حاليا، من أكثر من اتجاه، ولاسيما من قبل إسرائيل، والقيام بكل مايلزم لانقاذ الوطن بأسرع وقت ممكن وقبل فوات الأوان.
الآن تتوجه انظار اللبنانيين، على كيفية تصرف حزب الله سياسيا بالداخل والخارج معا، بعد مآسي الاعتداءات الإسرائيلية الاليمة التي اصابت الحزب بالصميم، وهل يستمر في نهج تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية بالقوة، ومصادرة الحياة السياسية العامة، أم يوظف حالة التضامن الوطني التي حصلت، لتجاوز حالة الخلافات والتباعد القائمة مع مختلف الاطراف السياسيين، ويعمل للانفتاح والتلاقي،ويفك أسر الانتخابات الرئاسية ويسهل انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأسرع ما يمكن، ويوقف مسار المواجهة العسكرية الدائرة مع إسرائيل جنوباً، ويترك للدولة اللبنانية مسؤولية مفاوضة إسرائيل والقيام بما يلزم للتوصل إلى اتفاق نهائي لاستتباب الامن وارساء الاستقرار في المنطقة الحدودية.
الأيام المقبلة، تشكل اختبارا حقيقيا، لإمكانية توظيف حزب الله، لحالة التضامن الوطني التي عبَّر عنها اللبنانيون مؤخرا بين بعضهم البعض، في تغيير تعاطيه السياسي المعرقل لملف انتخاب الرئيس اولا، ورفع الهيمنة عن كل المؤسسات والادارات العامة، بالرغم من كل الأعذار التي يتلطى وراءها، إلى تفويض الدولة القيام بمهامها في حل مشاكل الحدود اللبنانية الجنوبية، وإن كانت المؤشرات الظاهرة لا تشجع على ذلك بعد.
معروف الداعوق - اللواء