كامالا هاريس تسلط الضوء على عملها السابق في ماكدونالدز لتعزيز شعبيتها
منذ إعلان انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية، وتركه المجال لنائبته كامالا هاريس، خضعت أدق تفاصيل حياتها الشخصية للتدقيق، سواء من قبل وسائل الإعلام أو الناخبين أو بالطبع من قبل معسكر غريمها دونالد ترامب، وهو ما أدى إلى تكشف العديد من الجوانب الخفية عنها، والتي من بينها ما ظهر مؤخراً من أنها كانت عاملة متواضعة لفترة من حياتها في أحد مطاعم ماكدونالدز الشهيرة.
ومع تكشف المعلومة الجديدة أمام الناخبين الأمريكيين، لجأت هاريس إلى حيلة ذكية؛ إذ تطرقت إلى هذه الفترة من حياتها، معتبرة أنها تنتمي إلى الطبقة الكادحة، وجعلت وظيفتها السابقة نقطة ارتكاز في ظهورها العام.
وفي إعلان ظهر لأول مرة يوم الجمعة الماضي، سلطت حملة هاريس الضوء على الفترة التي قضتها في «ماكدونالدز»؛ إذ أظهر الإعلان مجموعة من الصور العائلية القديمة لها، بينما يقول التعليق إنها «نشأت في منزل من الطبقة المتوسطة. كانت ابنة أم عاملة. وعملت في ماكدونالدز أثناء حصولها على شهادتها الدراسة.
كما ذكرت هاريس الوظيفة، في تجمع يوم السبت في لاس فيغاس؛ حيث أخبرت حشداً متحمساً أنه «فقط في أمريكا» يمكن لطفلين من الطبقة المتوسطة، في إشارة إليها ونائبها حاكم ولاية مينيسوتا تيم والز، أن يكبرا ليكونا في السلطة، ويخوضا تجربة الانتخابات لأعلى منصبين في الولايات المتحدة. وقالت: «كانت لديّ وظيفة صيفية في ماكدونالدز»، في تدليل على خلفيتها الاقتصادية المتواضعة.
وسبق أن وصفت هاريس بعض التفاصيل حول فترة عملها في ماكدونالدز، ووصفت أيضاً عملها على ماكينات الآيس كريم الصعبة في السلسلة.
ورغم تطرقها إلى تلك الفترة من حياتها، لكن من المؤكد أن تجربتها كعاملة وجبات سريعة لا تحظى بشهرة واسعة، مثل العديد من العلامات في سيرتها الذاتية، ومن بينها شغلها منصب المدعي العام في كاليفورنيا، أو عضو مجلس الشيوخ، أو نائب الرئيس، أو حتى طباخة متعطشة وصانعة أحذية رياضية. ولذلك بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين تعرفوا إلى هاريس بعد انسحاب بايدن تعد هذه معلومات جديدة تماماً.
1 من 8 ـ
ولكن هذه الوظيفة رغم عدم شهرتها بالنسبة لهاريس، فلا تعد مفاجأة للكثير من الأمريكيين، وذلك بالنظر للإحصائية التي تكشف أن واحداً من كل 8 أمريكيين عمل في ماكدونالدز في مرحلة ما من حياتهم. وأعلنت شركة ماكدونالدز هذه الإحصائية العام الماضي عندما قدمت مبادرة 1 من 8، وهي حملة للاحتفال بجيشها الضخم من العاملين الحاليين والسابقين.
وقد ارتدى مشاهير آخرون زي ماكدونالدز، بما في ذلك جيف بيزوس، ولين مانويل ميراندا، وفاريل ويليامز، وشانيا توين، والمرشح السابق لمنصب نائب الرئيس بول رايان.
وتقول مارثا ماكينا، الخبيرة الاستراتيجية الإعلامية التي تصنع إعلانات تلفزيونية للمرشحين الديمقراطيين، إن استخلاص هذا الجزء من السيرة الذاتية لهاريس لا يقتصر فقط على الظهور بمظهر «الشعبي». وتشير إلى أن قطاع الخدمات يمثل الجزء الأكبر من الاقتصاد الأمريكي، مضيفة: «يعمل الملايين من الناس في مجال الخدمات الغذائية، وعندما تقول لقد مررت بهذه التجربة، وقد شكلت سياساتي، فهذا أمر قوي»، وفقاً لصحيفة واشنطن بوست.
وتؤكد ماكينا أن ذلك يثير المزيد من التناقض مع خصمها الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب، موضحة: «إنه جزء كبير من حياتها وخبرتها ويساعدها على تسليط الضوء على الرجل الذي ورث ثروته، والذي ولد وفي فمه ملعقة ذهبية».
والز يقتنص الفرصة ـ
بدوره، سلط والز الضوء على هذه النقطة خلال خطاب ألقاه الثلاثاء الماضي أمام حشد من النقابات، مشككاً في أخلاقيات عمل ترامب، على النقيض من عمل هاريس في مطعم الوجبات السريعة. وقال: «هل يمكنك ببساطة أن تتخيل دونالد ترامب وهو يعمل في مطعم ماكدونالدز، ويحاول صنع ساندوتش أو شيء من هذا القبيل؟».
دلالات سياسية ـ
يقول جوزيف مكارتن، أستاذ التاريخ في جامعة جورج تاون: «يبدأ الكثير من الأشخاص في الولايات المتحدة حياتهم المهنية بوظائف كهذه.. كثير من الناس، بالطبع، يبقون في تلك الوظائف لفترة طويلة ويقومون بتربية أسر، أو يحاولون ذلك، وبالنسبة لأي شخص عمل في هذه الصناعة، أعتقد أن هذا يخبرهم على الفور بشيء عن كامالا هاريس وما مرّت به وصولاً إلى قمة الهرم».
وأضاف مكارتن أن كلتا الحملتين تبذل جهداً خاصاً لجذب الناخبين من الطبقة العاملة في هذه الدورة، بما في ذلك اختيار ترامب لجيه دي فانس، الذي جعل تربيته في الطبقة العاملة جزءاً بارزاً من هويته؛ ليكون نائباً له. وأضاف أن ذلك يعود جزئياً إلى «ارتفاع نسبة عدم الرضا بين العمال الذين يشعرون بأنهم لم يعاملوا بشكل عادل.. لديك استياء طبقي أولي يتم التعبير عنه بعدة طرق مختلفة.. ولذلك أهمية كبيرة في هذه الحملة».
ـ سر حب ترامب وماكدونالدز ـ
بطبيعة الحال فإن ترامب ليس غريباً على ماكدونالدز، على الرغم من أن تجربته تختلف كلياً عن هاريس؛ إذ يعد من أشد المعجبين بهذه السلسلة، ووفقاً لصهره جاريد كوشنر، فإن طلبه المفضل هو «بيج ماك وفيليه أو فيش ومخفوق الفانيليا».
وأظهرت الإفصاحات عن تمويل الحملات الانتخابية، أن حملة ترامب الرئاسية تنفق مبالغ كبيرة في السلسلة. وقد تم تقديم أوامر تسليم له خلال محاكمة الاحتيال في أكتوبر/تشرين الأول، ومحاكمة الأموال السرية في إبريل/نيسان. وقد اشتهر بتقديم وجبات بيج ماك عدة مرات للرياضيين الذين يزورون البيت الأبيض.
وقال ترامب إنه يحب نظافة ماكدونالدز، ويدعي المؤلف مايكل وولف في كتابه «النار والغضب: داخل بيت ترامب الأبيض»، أن هذا التفضيل يغذيه جزئياً خوف الرئيس السابق من التعرض للتسمم. وكتب وولف أنه عندما يطلب ترامب وجبات من السلسلة الشهيرة أثناء فترة رئاسته، «لم يكن أحد يعلم أنه قادم وكان الطعام معداً مسبقاً بأمان».
ومثل أشياء كثيرة في السياسة، فإن تسليط الضوء على تجربتها كعاملة في الوجبات السريعة يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين بالنسبة لهاريس. وقد اتضح أنه ربما خلق بعض التوقعات العالية. ومن ذلك قول أحد المؤيدين المحتملين على منصة إكس: «أضمن أن ماكينة الآيس كريم تعمل دائماً في ماكدونالدز من الآن فصاعداً، وربما تحصل على صوتي».