8:05 AM
صحف

لبنان في قلْب التَدافُع المحموم بين الصفقة والصفعة...هل يكون اليوم الأكثر حزناً عند اليهود موعداً للضربة؟

يقترب لبنان والمنطقة من «ساعةِ الحقيقة» وسط انشدادِ الجميع إلى عقرب الدقائق التي بات يُقاس بها موعدان، الأوّلُ معلَنٌ وهو استئناف المفاوضات حول وقف النار في غزة الخميس المقبل، والثاني مضمَر وهو الردُّ الحتمي من «حزب الله» وإيران، «الكتف على الكتف» أو كلاً بمفرده، على اغتيال إسرائيل قبل 13 يوماً القيادي الكبير في الحزب فؤاد شكر في قلْب الضاحية الجنوبية لبيروت ثم رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران.

وعلى وقع استعادةِ توقعاتٍ بأن يختارَ «حزب الله» و/أو إيران الردّ في الساعات الـ 24 المقبلة تَزامُناً مع «يوم تيشاع بآف» أي «الأكثر حزناً في التقويم اليهودي» أو ذكرى «خراب الهيكل»، فإنّ أوساطاً مطّلعة توقّفتْ عند مسألتيْن بارزتيْن تحوطان بالضربة الانتقامية الآتية:

- الأولى تحديد 15 الجاري تاريخاً لاستئناف مفاوضات الهدنة، وهو ما تم التعاطي معه على أنه يمكن أن يكون «الذريعة» المعزِّزة لخيار إيران و«حزب الله» بعدم الذهاب إلى ردٍّ يفجّر الوضعَ والمنطقة ويهدّد تالياً بانهيارِ كل البنيان السياسي والعسكري الذي هنْدساه، «حبْكةً حبْكةً» وبشتّى الوسائل على مدى نحو 4 عقودٍ في ساحاتِ المحور الذي بات مترامياً من إيران حتى البحر المتوسط.

كما أن هذا الموعد ربما أريد منه كبْحُ الردّ في أصْل حصوله، باعتبار أن تنفيذه قبل الخميس سيضع طهران والحزب في مرمى الاتهام بالمسؤولية عن الإطاحة بما يوصف بـ «الفرصة الأخيرة» لاحتواء «النار» التي تُنْذر بأن تحرق «الأخضر واليابس» في الإقليم، ويسمح تالياً لبنيامين نتنياهو بـ «غسْل يديه» من الإفشال «المرتقَب» للمحادثات.

- والثانية أن «محور الممانعة» ورغم أن مفاوضاتِ الخميس باتت ملطّخة بدماء أكثر من 100 فلسطيني ذَهَبوا ضحيةَ تَوَحُّشٍ إسرائيلي «عن سابق تصوّر وتصميم» في مجزرة المدرسة، وقبْلها بدم هنية أي المُفاوِض لتل أبيب، فإنه (المحور) لم يعلن، عبر «حماس»، رفْضَ الذهاب الى طاولةٍ فوق أشلاء المدنيين، ولا تَرْجَمَ كلامه عن أن واشنطن شريكةً في المذبحة (بالغطاء السياسي كما بسلاح الجريمة) إذ استمرّ بقبولها وسيطاً، ولا طَلَبَ منها أن تضغطَ على نتنياهو لوقف مجازره أو... لا كلام ولا سلام.

ورغم اعتبار بعض الدوائر أن «حماس» تحاذر الظهورَ بمظهر مُجْهِض أي نافذة للتفاوض من شأنها أن توقف حمام الدم في غزة وبحقّ أهلها، فإن أوساطاً على خصومة مع «الممانعة» ترى أن هذا الأمر لابدّ أن يكون نتنياهو قرأه على أنه إشارةُ ضعفٍ أقرب إلى «توسُّلِ» وقف نارٍ لا تحتاج إليه الحركة فقط، بل أيضاً «حزب الله» وإيران غير الراغبيْن في المزيد من اللعب على حافة حربٍ كبرى لا يريدانها بالتأكيد، ووحدها هدنةٌ في غزة يمكن أن تقطع الطريق عليها، في الوقت الذي يُمْعِن رئيس الوزراء الإسرائيلي في استفزازهما واستنزافهما بأسلوبٍ جديد تَبَلْوَرَ بوضوحٍ نهاية يوليو وصار معه يندفع كمَن «لا شيء لديه ليخسره».

والواقع أن هذه الاعتباراتِ تتحكّم بالردّ الآتي من «حزب الله» وإيران وبحساباته البالغة الدقّة، وسط تسليمٍ شبه كامل بأن كلاً منهما سيلتزم حدوداً لضربةٍ تحقق هدفَ الثأر مع اعتقادٍ بأنّها لا يُفترض أن تستجرّ «دورة انتقامٍ» متبادلة، ولكن من دون أن يملك أي منهما ضمانةً بما سيقوم به نتنياهو بعد الردّ، هو الذي يملك مفتاح الحرب الواسعة وقرارها ولا أحد يضمن ألا يفتح «أبواب جهنم» أكثر التهاباً في ضوء تَعاطيه مع «طوفان الأقصى» على أنه فاضَ بمَخاطر صارَ معها وجودُ إسرائيل على المحكّ.

وفي انتظار الردّ وطبيعته والردّ المحتمل عليه من نتنياهو، كتبت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «حزب الله عازم على تنفيذ هجوم ضد إسرائيل في الأيام المقبلة وأنه لن يغيّر خططه بسبب جولة المفاوضات المقررة الخميس»، وذلك بعدما كانت وسائل إعلام عبرية أخرى رجّحت حصول الردّ خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة، وفق التقديرات الأميركية والإسرائيلية، فيما أكدت هيئة البثّ الإسرائيلية أن الدفاعات الجوية مستعدة لصدّ الهجوم.

ثغر كبيرة

على أن أداءَ منظومة الدفاع الجوي حيال أكبر هجوم بالمسيَّرات ينفذه «حزب الله» على شمال البلاد مساء السبت عَكَس ثغراً كبيرة، خصوصاً أن الهجومَ تمّ في ذروة الاستنفار الشامل تَحَسُّباً للردّ على اغتيال شكر وهنية، وذكر الإعلام الإسرائيلي أنه لم يتم اعتراض إلا مسيَّرة واحدة فقط من السرب الذي أطلقه الحزب.

وأمس، أكد «حزب الله» المؤكد لجهة أن هذا الهجوم، الذي وسّع معه «رسمياً» عمق الاستهدافات في شمال إسرائيل، لا علاقة له بالردّ على اغتيال شكر، وهو كشف في بيانٍ أنه «دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، ورداً على الاعتداء والاغتيال الذي نفذه العدو الإسرائيلي في مدينة صيدا (استهدف مسؤولاً لحماس في مخيم عين الحلوة)، شَنَّ مجاهدو ‏المقاومة الإسلامية يوم السبت هجوماً جوياً بأسرابٍ من المسيرات الانقضاضية على قاعدة محفاة ألون (قاعدة تجميع وتحشد للقوات ومخازن طوارئ للفيلق الشمالي الواقعة جنوب غرب صفد)، فاستهدفت أماكن تموضع ضباطها وجنودها وأصابتها بشكلٍ مباشر وأوقعت فيها إصابات مؤكدة».

وأعلن الحزب أن قاعدة محفاة آلون «تقع غرب بحيرة طبريا في الجليل الأعلى وتبعد عن الحدود اللبنانية الفلسطينية نحو 17.5 كلم، وتُستهدف هذه القاعدة للمرة الأولى. وهي قاعدة لسلاح البر في جيش العدو وتتبع لقيادة المنطقة الشمالية فيه. كما انها تُعتبر قاعدة تدريب وتحشّد قوات، وتحتوي على مخازن طوارئ».

وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية تحدثت بعيد الهجوم أولاً عن «سقوط 7 صواريخ أُطلقت من لبنان باتجاه الجليل الغربي في مناطق مفتوحة من دون وقوع إصابات». ثم أعلنت أن عشرات المسيّرات أطلقها «حزب الله» نحو الجليل والجولان. كما لفتت الى أنّ نطاق ضربات «حزب الله» اتسع ووصل الى منطقة جبل الجرمق وبلداتٍ قرب طبريا للمرة الأولى.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن «سماع دوي انفجارات، واندلاع حرائق بعد الهجوم الواسع بالطائرات المسيّرة والصواريخ التي أطلقت من لبنان نحو عشرات المستوطنات».

حرائق وأضرار

وفيما أعلن مركز الطوارئ في الشمال الإسرائيلي نشوب 5 حرائق في مناطق متفرقة من الجليل والجولان، أفيد بانفجار عدد من الطائرات المسيَّرة في مهبط «روش بينا» قرب صفد، واندلاع حرائق وتعامل نجمة داوود الحمراء مع 5 إصابات خطيرة.

كما ذكرت «يديعوت أحرونوت» أنّ مركزاً مُخصصاً لعلاج وتأهيل ذوي الإعاقة في منطقة الجليل الأعلى المُحاذية للبنان، تعرّض لأضرارٍ جسيمة خلال هجوم «حزب الله». ووفقاً للصحيفة، فإنّ الدمار جاء إثر سقوط صاروخ اعتراضي داخل المركز الذي وصفته بأنه «أحد أكثر المُجمعات الفريدة في إسرائيل».

وفي حين انطبعَ نهار أمس بتفوّقِ عملياتِ «حزب الله» عدداً على استهدافاتِ إسرائيل لقرى وبلدات جنوبية، وبين العمليات قصْف «تجمع لجنود العدو في محيط ثكنة ميتات بالأسلحة الصاروخية وأصابوه إصابة مباشرة» وضرْب «التجهيزات التجسسية في موقع المالكية بمحلّقة انقضاضية»، سقط عنصران من الحزب عصراً في غارة إسرائيلية على بلدة الطيبة.

سفينة برمائية أميركية

في موازاة ذلك، بقيت العين على «دبلوماسية الطوارئ» والخطط المتواصلة لملاقاة أي حرب واسعة بما يلزم من جهوزية لإجلاء الرعايا من لبنان وخصوصاً عبر قبرص.

وفيما تصدّرت واشنطن مساعي خفْض التصعيد - بالتوازي مع التزامها الكامل الدفاع عن إسرائيل بوجه الردّ المرتقب - حيث أبلغ وزير خارجيتها أنتوني بلينكن إلى وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن تصعيد التوتر في الشرق الأوسط «ليس في مصلحة أي طرف»، مشدداً على ضرورة وقف النار في غزة، برز ما كشفتْه السفيرة الأميركية لدى قبرص جولي فيشر على حسابها في منصة «إكس» من أن «سفينة أميركية هجومية (برمائية)، لديها إمكانية المشاركة في عمليات إجلاء المدنيين قد رست في قبرص»، مؤكدة أن «وصول السفينة يتأتي في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة كل الجهود مع الشركاء الرئيسيين، لتهدئة التوتر بالمنطقة، والاستعداد لدعم المدنيين في الأزمات».

يُذكر أن السفينة الأميركية «واسب» كانت وصلت إلى ميناء ليماسول في 8 الجاري، وأن قبرص عرضت المساعدة إذا لزم الأمر في إجلاء أوروبيين ورعايا دول أخرى في حالة تفاقم التوتر في الشرق الأوسط وسط المواجهة بين إسرائيل وإيران و"حزب الله"، مؤكدة أنها ليست طرفاً في أي عمليات عسكرية أو صراع وأن ما تقوم به «هو المساعدة الإنسانية».

المصدر - الراي

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o