Jul 03, 2024 3:07 PM
خاص

تطورات تشي بعودة العلاقات التركية – السورية الى مجاريها...هل تعود؟

يولا هاشم

المركزية - قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاسبوع الماضي، إنه لا يوجد أي سبب لعدم إقامة علاقات بين تركيا وسوريا، مشيرا إلى أنه لا يستبعد احتمال عقد اجتماع مع نظيره السوري بشار الأسد للمساعدة في استعادة العلاقات الثنائية بين البلدين.

وكانت تركيا قد قطعت علاقاتها مع سوريا بعد الثورة السورية في 2011 ودعمت معارضين لنظام الأسد. كما نفذت عمليات عسكرية عدة عبر الحدود ضد مسلحي وحدات حماية الشعب الكردية التي تقول إنهم مرتبطون بحزب العمال الكردستاني ويهددون أمنها القومي، وأنشأت "منطقة آمنة" في شمال سوريا تتمركز فيها حاليا قوات تركية. فهل يمكن ان تعود المياه الى مجاريها بين أنقرة ودمشق؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية" ان "المباحثات بدأت بين البلدين مع زيارة وفد أمني تركي الى دمشق قبل الانتخابات الرئاسية العام الماضي، عندما كان أردوغان يخوض حملته على أساس التنسيق وإعادة ترتيب الأوضاع الأمنية، وناقشت تركيا مع الرئيس السوري آنذاك نقطتين: وضع النازحين وعملية الامن القومي التركي بالنسبة للحدود، لكن تعنت الاسد واعتباره ان هذه الورقة لن تُعطى لأردوغان لأن الاخير لن يفوز في هذه الانتخابات وبالتالي صعّد مطالبه وطرح شروطا عالية تتضمن الانسحاب التركي اولا ومن ثم التباحث، كان يعتبر ان بإمكانه استخدام هذه الورقة، باعتبار ان المعارضة في حال نجحت كانت ستقدمها له على فراغ خاصة وان شعارها كان عودة العلاقات مع الأسد، وبالتالي ترحيل السوريين من تركيا".

ويضيف: "هذا لم يحصل، وفاز اردوغان في الانتخابات وأصبح وضعه أفضل بكثير وانفتح على الدول العربية وتحديدا السعودية ومصر ولم يعد بحاجة لورقة يفاوض فيها الاسد ينتزعها من يد المعارضة، بل أصبح رئيساً لخمس سنوات وبات الاسد  يحتاج لفتح الحوار مع تركيا ولكن هذه المرة بشروط الاتراك واردوغان".

ويشير العزي الى ان "منذ عملية طوفان الاقصى، بدأ الاسد يتموضع بطريقة جديدة، وهذا التموضع له علاقة بفتح قنوات مع الغرب ومع الولايات المتحدة تحديدا والابتعاد التدريجي عن الممانعة لأنه لم ينخرط في التظاهرات أو الخطابات أو حتى المواجهة العسكرية، كما أنه حاول ان يميّز نفسه حتى بوفاة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي عندما تأخر في الذهاب الى طهران لتقديم واجب التعزية وقال أن لديه مبررات وأن طهران او بعض المجاميع الاعلامية للحشد الولائي كانت تحاول ان تصوب عليه وعلى أجهزته الامنية بأنها مخترقة وبأنها سبب كل هذه الغارات التي حصلت في سوريا"، معتبراً ان المرشد الايراني علي الخامنئي، وجّه له خلال لقائه معه رسالة مفادها "انت من ضمن هذا المحور ويجب ان تُفعِّل دورك" وكأنه يقول له بأن الدخول الى هذا المحور ليس كالخروج منه، وليس انت من يقرر متى تدخل او تخرج، وكأن ايران تحاول ان تطالبه بالديون، وبالمليارات التي اعتبرت انها صرفتها عليه لبقائه في السلطة".

ويشير العزي إلى ان "هاتين النقطتين تجعلاننا ننظر بطريقة مختلفة الى وضع النظام السوري الذي بات يعطي الاشارات في ظل الحصار المفروض عليه من الاميركيين، وفي ظل الابتعاد عن محور الممانعة كي لا يُغضِب اميركا ويستفز اسرائيل. وشاهدنا الاسد في القمة العربية وكأنه يحاول القول: "لنفتح صفحة جديدة، وعليكم ان تتشاوروا مع المعارضة من اجل ان نتقاسم السلطة". هذا ما استشفته السعودية فأطلقت يد السفير السعودي في دمشق".

ويشدد العزي على ان "تركيا تعلم جيدا ان لها مصالح كبرى مع سوريا لأنها بوابة دخولها الى مناطق بلاد الشام. كما ان لتركيا مصلحة أمن قومي حدودي يتجول في المنطقة الحدودية مع سوريا، وهنا لا نتحدث فقط عن الاكراد الذين يطالبون بحقوقهم بل أيضاً عن رجال جبل قنديل الذين يتخذون من فكرة الادارة الذاتية في سوريا أكياس رمل للتمترس في مناطق العراق وفي سنجار وغيرها، وبالتالي يهم العراق العمل على تعزيز علاقاتها مع دولة تتحمل مسؤولية الحماية لهذه النقاط الحدودية التي تُعتبر مناطق ذات أمن قومي.

بالاضافة الى ان حوالي 3 مليون لاجئ سوري في تركيا وهؤلاء أصبح من الضروري النظر في اوضاعهم وترتيبها، وعلى سوريا ان تتحمل مسؤوليتهم وتنظيم هذا الوجود بطريقة حضارية وأمنية واعادتهم الى ديارهم ضمن جدول زمني محدد.

يضاف إلى ما سبق، معابر المخدرات التي تُستخدم بين مناطق سوريا، ليس فقط  التي تسيطر عليها المعارضة وانما مناطق النظام في الساحل التي تتجه بحرا عبر الموانئ وتحمل شحنات كبيرة من المخدرات للعصابات، وبالتالي يجب التنسيق أمنيا لضبطها، بالاضافة الى ضبط عملية تهريب البشر الذين يعرّضون حياتهم للخطر. وأيضاً مشكلة تصنيع الكبتاغون التي يعاني منها العالم ودول الخليج تحديدا، لأن سوريا أصبحت دولة راعية لهذا العمل الذي يحتاج الى مواد خام يتم شراؤها من الخارج، والسؤال كيف يتم إدخالها الى سوريا. الجواب هو ان المافيات العالمية باتت تتحكم وتسيطر على هذه التجارة التي يستفيد منها الاسد، الذي حاول في قمة جامعة الدول العربية في الرياض ان يبادل العرب بقوله: أن الكبتاغون يؤمن له سبعة مليارات دولار سنويا فإذا أمنوا له هذه الاموال يستطيع ان يقف في وجه المافيات. لكن هذا كلام غير صحيح لأن من يحكم سوريا هي العصابات وليس النظام".

ويشير العزي الى ان "النظام السوري يعوّل على مساعدة تركيا لتلميع صورته ويحاول بالاتفاق ان يقنع واشنطن والعرب وحتى الاتراك للتحدث مع المعارضة من اجل حل الموضوع السوري بما يناسبه وإبقائه في السلطة. لكن من المؤكد ان الاتراك لن يتكلموا بشأن إدلب او المناطق التي تقع تحت سيطرة الاتراك طالما لم يتم احتواء الاكراد ولم يسيطر النظام السوري على الادارة الذاتية فلا تبقى مقاطعات تسيطر عليها قوات السلاح القادمة من تركيا. لكن الأبواب تُصدّ في وجه الاسد كل يوم، وبات حلمه يتبخر ان لجهة المعارضة او الدول العربية التي لم تعد تثق بكلامه بعد فشل مقولة الخطوة بخطوتين.

ويعتبر العزي ان "تركيا يمكنها ان تلعب دورا مهما في إعادة الإعمار والتنظيم وضبط أمور اللاجئين بالتنسيق مع النظام السوري، خاصة ان النظام السوري يبحث اليوم عن منافذ يحاول من خلالها تحسين صورته من الاعمال السيئة التي مارسها طوال حربه ضد شعبه، وبالتالي هذه الانفتاحات قد تكون مهمة في إدارة العلاقة، لكن هذه لا تعطي لنظام الاسد "كارت بلانش" و"عفا الله عما مضى" انما هناك نقطتان يجب الانتباه لهما، الاولى المسألة الامنية التي تتطلب عمليات تنسيق والجميع يعلم أذرع الاسد وصلته بهذه المنظمات، والثانية المسألة الانسانية والشعب السوري الذي أصبح مشتتا وعبئا على نفسه لأنه بات يفتقد الهوية الوطنية السورية".

ويختم العزي: "النظام السوري يحاول تقديم اوراق اعتماده وهو مستعد لتنفيذ اي شروط اميركية في حال وافقت واشنطن على الحوار. لكن على ما يبدو الاميركيون ذاهبون في ترتيب المنطقة بدءا بحل فعلي لغزة والتطورات في لبنان، يليه ترتيب وضع سوريا واللاجئين والعراق واليمن".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o