Jun 11, 2024 6:39 AM
صحف

الرئاسة: حراكات واعتراضات ولا تفاهمات... بري: لغطاءٍ سياسي للنصاب والانتخاب

مسلسل طويل من مبادرات ووساطات خارجية، وحراكات داخلية توالت حول الملف الرئاسي، أمّا النتيجة فكانت أن تعثرت جميعها وتخبّطَت بفشلها. امّا هذا الفشل، وعلى ما يؤكد مسؤول كبير لـ»الجمهورية»، فمردّه إلى انّ تلك المبادرات والحراكات ارتدت في ظاهرها ثوب الدعوة العامة الى التوافق على رئيس للجمهورية، فيما هي في غالبيتها، إن لم تكن جميعها، تقاطعت في جوهرها على هدف وحيد، وهو الدفع نحو ما سُمّي «الخيار الرئاسي الثالث». ما يعني إخراج مرشّحين أساسيين من نادي المرشحين، لهم مكانتهم ورمزيتهم وحقهم قبل كل شيء في الترشح لرئاسة الجمهورية، لا سيما رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. الذي من الطبيعي أن يقابل هذا المنحى بإصراره على مضِيّه في المعركة الرئاسية، وكذلك تأكيد ثنائي حركة «امل» و»حزب الله» وحلفائهما على تمسّكهم بدعم ترشيحه، من دون ان يعني ذلك اعتراضهم على وجود مرشحين آخرين في المعركة، ذلك أن الحسم في نهاية الأمر تحدده اللعبة الديموقراطية والتصويت في مجلس النواب».

المسلسل مستمر

وتتوالى حلقات المسلسل، حيث سجّل الفرنسيون رقما قياسيا في المبادرات والحراكات. ومع ذلك، لم يستطيعوا، لا عبر الرئيس ايمانويل ماكرون ولا عبر صولات جان ايف لودريان وجولاته واستطلاعاته، أن يسوّقوا لخيار رئاسي، او أن يجذبوا مكوّنات التعطيل الداخلي إلى طاولة التوافق. وكذلك كان حال حراك اللجنة الخماسية التي يبدو انها قالت آخر ما لديها في البيان الذي تَبعَ اجتماع سفراء دولها في السفارة الاميركية الشهر الماضي. وقبلها الحراك القطري السرّي والعلني الذي تَسارَع ثم تباطَأ ثم انكفأ وجُمّد، ليعود في هذه الفترة الى تزخيم حضوره من جديد على الخط الرئاسي. وأيضاً حال الحراكات الداخلية التي جرّبت حظها في الميدان، وكانت النتيجة أن صاحَبَها الفشل، حتى قبل أن تتحرّك، خصوصاً أنّ تعامُل المكونات السياسية معها لم يكن سوى من باب رفع العتب، حيث انها لم تؤخذ أصلاً على محمل الجد.

حراك التيار

وفيما تابع اللقاء الديموقراطي لقاءاته في سياق مبادرته لبلورة نوع من التوافق، انطلق التيار الوطني الحر في حراك رئاسي، وحطّ رئيس التيار النائب جبران باسبل في عين التينة ووضع رئيس مجلس النواب نبيه بري في صورة هذا الحراك الذي يرمي في جوهره الى انتخاب رئيس توافقي يطمئن كل الاطراف، وقادر على بناء الدولة وحماية لبنان، وتلحظ موافقة التيار على حوار او تشاور برئاسة بري كسبيل للاتفاق.

وبحسب معلومات «الجمهورية» فإنّ جو اللقاء بين بري وباسيل كان جيدا، بَدا فيه رئيس التيار الوطني الحر مندفعاً الى الحسم السريع للاستحقاق الرئاسي، مع التأكيد على انه بقدر ما انّ الاتفاق على اسم هو ضروري، فإنّ الاتفاق على برنامج إنقاذي يوازيه من حيث الضرورة القصوى. وعكست المحادثات تجاوب باسيل مع التوجّه الى الحوار او التشاور بما يفضي الى تفاهم بين القوى السياسية.

واشارت المعلومات الى أنّ رئيس المجلس ظَلّ على تأكيده من أن الحوار او التشاور بين المكونات السياسية يشكّل الباب الاساسي لإتمام الانتخابات الرئاسية بالتوافق بين الاطراف، وهو في الوقت ذاته مع كل مبادرات او حراكات او جهود تساعد على تحقيق هذه الهدف، اي التوافق الذي من دونه لا مجال لحسم الانتخابات الرئاسية.

بري

واكد بري لـ»الجمهورية» انه «لا يرى ايّ مبرر لرفض البعض الحوار او التشاور، خصوصاً انّ هذا الرفض يُطيل من عمر الازمة الرئاسية». وقال إنّ «التوافق هو المطلوب اولاً واخيراً، والمبادرة التي أطلقتُها الى التشاور فيما بين المكونات السياسية، حَدّدتُ سقفها أسبوعاً، ولكن يمكن ان نتّفق في يوم واحد، سواء على رئيس للجمهورية إن أمكَن ذلك، وإن تعذّر ذلك نتّفق على اسمين او ثلاثة، وننزل الى مجلس النواب بجلسات متتالية، ودورات متتالية، يعني دورة اولى وثانية وثالثة ورابعة، وهكذا تستمر الجلسات على هذا المنوال حتى نتمكن من انتخاب رئيس الجمهورية».

واذا كان بري يعتبر انّ الاتفاق على مرشح أو اكثر هو امر مطلوب ومُلحّ، الّا انه في الوقت ذاته يؤكد انّ ما هو مُلحّ ومطلوب قبل ذلك، هو التوافق السياسي على تأمين نصاب الانعقاد والانتخاب في الجلسة الانتخابية اي نصاب الثلثين، وهنا يكمن الهدف الرئيسي من التشاور هو توفير غطاء سياسي للنصاب والتزام كل الاطراف بذلك، اي الالتزام بأن يبقى في القاعة العامة في جلسة الانتخاب 86 نائباً ولا يغادرونها.

ورداً على سؤال، قال: قد نتفق في التشاور على مرشح او اثنين او اكثر، وبمجرّد بلورة اتفاق سياسي على النصاب، والالتزام الحقيقي والأكيد بالنصاب، ننزل الى مجلس النواب، وننتخب رئيساً للجمهورية من بين هؤلاء المرشحين. ولستُ أستبعد أبداً انّ في امكاننا أن «نخلّص» في جلسة واحدة، شرط ان يبقى نصاب الثلثين متوفراً في الجلسة.

باسيل

وكان باسيل قد قال بعد اللقاء مع بري أمس: «أنا لا أحمل مبادرة وهذا ليس عملي، ولكن مسؤوليتي وتكتل «لبنان القوي» أن نسعى للعمل مع الجميع عندما نرى أنّ هناك فرصة مهما كان حجمها لإتمام الاستحقاق الدستوري».

ورأى انّ «التسوية الحقيقية هي التفاهم بين اللبنانيين»، مشيراً الى أننا «لن ننجح في انتخاب رئيس من دون نسج تفاهم. والتفاهم يكون على رئيسٍ توافقي. ومن هنا كانت فكرة التشاور أو الحوار. والتفاهم هو لنؤمّن أصوات 86 نائباً يؤمّنون هم بدورهم نصاب الجلسة».

وقال: «توافقنا مع الرئيس بري على فكرة اساسية أن التفاهم أفضل من الانتخاب، لأنّه إذا رَبح مرشح فريق على آخر فإنّ ذلك لا يؤمّن نجاح عهده. نحن نريد تأمين نجاح الانتخاب ونجاح العهد، ولهذا التفاهم أولوية. واكدنا انه إذا لم يحصل التفاهم عندها نكون قد ضَمِنّا الانتخاب بالتصويت لأنه يكون أفضل من الفراغ ولكن الخيار الأساسي هو للتفاهم».

ورَد باسيل على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، قائلًا: «من يريد أن يطرح نفسه رئيساً أو رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع «بَدكُن يعرف يحسب صَحّ ويعرف مين الأول. كنّا بواحد ما بيعرف يعدّ صرنا بتنين»؟.

وبعد الظهر زار باسيل، على رأس وفد من التيار، بيت الكتائب المركزي في الصيفي للقاء نواب المعارضة، التي روّجت أوساطها قبل اللقاء بأنّ باسيل يسعى من خلال حراكه الى ان يكون «بيضة القبّان» في اللعبة السياسية، وانها ستبلغ رئيس التيار بأنها لن تقبل بحوار يرأسه بري.

رفض قواتي

في هذا الوقت، نُقل عن مصادر في «القوات اللبنانية» قولها: اذا أصَرّ بري على الحوار، فليدعُ الى حوارٍ بمَن حضر ومن يُريد المشاركة فليفعل، ولكنّنا لن نسجّل ذلك على أنفسنا ولا نقبل بضمانات تُكرّس أعرافاً مخالفة للدستور، والضمانة الوحيدة هي الالتزام بالدستور.

المصدر: الجمهورية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o