Jun 10, 2024 4:22 PM
خاص

عقاد رئيسا لكلية اللاهوت للشرق الادنى: سأسعى لدمجها بالكامل بلاهوت الشأن العام

يولا هاشم

المركزية – في مطلع ايلول المقبل، يتسلم الدكتور مارتن عقاد مهامه رسمياً كرئيس لكلية اللاهوت للشرق الأدنى، خلفاً للدكتور جورج صبرا الذي قاد الكلية  لأكثر من عقد من الزمن. ويشكل تعيين عقَاد فصلاً جديداً في تاريخ كلية اللاهوت للشرق الأدنى، فما الذي يحمله معه للكلية من رؤيا جديدة للمستقبل؟

يشير عقاد في حديث لـ"المركزية" إلى ان "كلية اللاهوت تأسست عام 1932 لكن جذورها أبعد من ذلك وتعود الى القرن التاسع عشر.هي كلية قديمة وعريقة  تأسست قبل الجامعة الاميركية في بيروت". ويضيف: "تاريخياً كان التركيز على تهيئة رعاة للعمل الرعوي، وتحضيرهم للرسامة، إلا أننا أصبحنا في مرحلة تتطلب من الكلية ان تجدد منهجيتها في مقاربة موضوع تدريس اللاهوت وتشكيل قادة للكنيسة.

ويعرب عقاد عن اعتقاده بأن "عمل القائد في المجتمع ليس فقط داخل جدران الكنيسة بل هو مدعو ليكون ايدي وارجل السيد المسيح الذي كان عمله شاملاً في المجتمع وتعاطى مع المهمشين والفقراء واولئك الذين هم بحاجة للشفاء والتحرير، كما كان له دور على المستوى الشامل بمعنى اننا اليوم عندما نعد التاريخ عام 2024 فإنما نقوم بذلك نسبة الى المسيح. الى هذه الدرجة أثر في المجتمع والتاريخ، وبالتالي الكنيسة اليوم مدعوة كتلاميذ واتباع للمسيح، لأن تغير التاريخ والواقع الذي نعيشه. وكم نحتاج في بلد كلبنان لأن تفكر كل جماعة أبعد من مصلحة جماعتها فقط وان تتوسع باتجاه الخير العام. نحتاج لأن نقتات من مبادئنا وقيمنا من أجل مصلحة المجتمع ككل، وهذا ما أود ان اراه يتحقق".

ويتابع: "من عدسة تدريس اللاهوت، هذا ما نسميه لاهوت الشأن العام. ويهمني جدا ان تصبح كلية اللاهوت للشرق الادنى مندمجة بشكل كامل بلاهوت الشأن العام، الذي له أبعاد اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، وتربوية، وبيئية، الكتاب المقدس يتحدث عن كل هذه الشؤون، وبالتالي على الكنيسة ان تكون حاملة لرسالة الكتاب المقدس في كل هذه الشؤون، ليس فقط على النطاق الفكري العالي لكن ايضا على نطاق الانخراط في المجتمع والتأثير بتفكيره في كل هذه الشؤون".

أما عن التحديات التي تواجه الكنيسة في عصرنا الحالي، فيجيب عقاد: "في التراث البروتستانتي نركز كثيرا ان يكون تدريس اللاهوت او رسامة القسيس ليس هدفا بحد ذاته، لأننا نعتبر اللاهوت او الكاهن في خدمة المجتمع، اي أننا وسائل وليس غايات. الكنيسة ليس هدفها فقط المحافظة على كينونتها، بل ان كينونة الكنيسة لخدمة الشعب. ليست القضية قضية بقاء، لأننا بذلك لا نكون قد قمنا بأي عمل، لأن حياة الكنيسة يجب ان تكون لخدمة المجتمع. لا غاية او مصلحة للكنيسة للمحافظة على ذاتها ان لم يكن لخدمة المجتمع. بالعكس، في بعض الاوقات، التركيز على المحافظة على تقاليدنا وتراثنا وانفسنا يجعلنا نقوم بعمل ضد مبادئنا لأننا لسنا غاية بحد ذاتنا بل وسيلة لخدمة الشعب".

ويؤكد عقاد ان التعامل مع الشعب في عصرنا الحالي "يجب ان يكون مختلفا، ومن أجل ذلك يجب ان يتغير دور الكنيسة من جيل الى جيل ومن حقبة الى اخرى، ودافع الكنيسة يجب ان يكون دائما الاستعداد الى بذل الذات من اجل المجتمع والعالم"، لافتاً إلى ان "كل جيل وكل حقبة لها تحدياتها المتشابهة بعظمتها واهميتها، والتعامل معها يجب ان يكون متلائما مع التاريخ والوقت".

وعن دور الكلية في الوقت الراهن، يعتبر "انها ستطور عملها في مجال الابحاث التي لها علاقة بالشأن العام من اقتصاد الى مجتمع، وبيئة، وحوكمة التي لها أبعاد سياسية حتى، وهدفها ان تقوم بأبحاث على مستوى رفيع وان تنخرط في الوقت نفسه في المجتمع وتغير في التفكير المجتمعي على مستوى الشعب. عمليا الكلية موجودة في وسط الحمرا، بين جامعات الـAUB والـLAU وهايكازيان ولسيت بعيدة عن الـUSJ وجامعات أخرى في المنطقة، وأرغب ان يكون هناك تعاون بين هذه المؤسسات، برأيي ان مؤسسات التعليم العالي في لبنان نجحت في تشكيل قادة ومتخصصين ونوابغ عالمية، لكنها لم تنجح في تشكيل مواطن لبناني يستخدم مهاراته كي يغير الواقع اللبناني. للأسف، اللبناني يمكنه ان يترك أثره في الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا ولكن لا يستطيع ان يغير او يترك تأثيره في لبنان".

ما الذي يقيده في لبنان ويجعله أكثر حرية في الخارج، يقول: "اعتقد ان هنا يأتي دور كليتنا التي تعمل على الانسان بكامل أبعاده وبشكل تكاملي، لا يهمنا فقط إعطاء مهارات للخريج او معرفة واسعة بقدر ما نعمل على قلبه ونساعده على التفكير "اين انا مدعو؟ اين يمكن ان يكون لي تأثير أكبر وأغير الواقع المحيط؟ وهذا في صلب تشكيل القادة في الفكر الكنسي واللاهوت المسيحي والكتاب. انا لا اعيش لذاتي بل للآخرين ولمصلحة الآخر، وبالتالي دافعي ليس دوما كيف يمكنني ان أربح اموالا اكثر او ارتاح أكثر واعيش حياة أكثر رفاهية، بل اين يمكن ان اؤثر وأثني وافيد اشخاصا اكثر، هناك مكاني، وهذا ما نسميه الدعوة الالهية في حياة الانسان".

الكلية مفتوحة للجميع؟ يجيب: "البعض ما زال حتى اليوم يعتقد ان كلية اللاهوت للاشخاص الذين فقط يريدون ان يصبحوا قساوسة او كهنة وان يرتسموا بشكل رسمي. من خلال خبرتي خلال العشرين سنة الماضية وعملت في تدريس اللاهوت، عملنا كثيرا على توجيه تدريس اللاهوت لكل شخص في الكنيسة في مرحلة اولى ولكن ايضا لأشخاص في المجتمع العام، اي دعوة تدريس اللاهوت ليست فقط للرسامة والكهنوت او لداخل الكنيسة فقط بل أيضاً لتربية المجتمع والتأثير عليه".

وأعرب عقاد عن حماسه لتسلم مهامه الجديدة بشكل رسمي في 1 ايلول وعن حماسته "للتعاون مع كل الاطراف الموجودة في بيروت وخارجها من كل الطوائف والتخصصات، كي ارى كيف يمكننا ان نعمل معا كي يكون لدينا تأثير ايجابي على المجتمع اللبناني الذي وصل الى درجة الانهيار الكامل. نحتاج لأن نخدم القطاع الشبابي في لبنان خاصة، كي نشجعهم ونعطيهم حوافز أكثر يطمحون لها في الحياة وليس فقط العيش على الحد الأدنى او ان يذهب للتفتيش عن مستقبله خارج لبنان، وسنعمل معا لمصلحة لبنان".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o