May 09, 2024 5:18 PM
صحف

أبو ردينة: وقف النار أولويّتنا والولايات المتّحدة لم تفِ بوعودها للسلطة

الحرب على غزة جعلت من منطقة الشرق الأوسط كمن يقف على حافة بركان تتطاير حممه في الاتجاهات كافة، وكل محاولات إخماده أو تفاديه بالحدّ الأدنى، ترتكز على سير المفاوضات في القاهرة بين حركة "حماس" و#إسرائيل برعاية عربية ودولية متمثلة بالولايات المتحدة الأميركيّة.

هذه المفاوضات تسير على وقع تصعيد متزايد، كان آخر فصوله اقتحام معبر رفح على الحدود مع مصر. وهذه الحرب دخلت عليها القوى الإقليميّة وأدخلت معها دول المنطقة في حال حرب مثل لبنان والعراق واليمن أو في حالة اضطرابات مثل الأردن. ومصر ليست بعيدة عنها إذ إن إسرائيل تسعى إلى تهجير فلسطينيّي القطاع إلى سيناء.  

الضفة الغربية تنال نصيبها من حرب غزة، وهناك تقف السلطة الفلسطينيّة تحاول تدارك الأمور وتؤكد أن إقامة دولة فلسطينية تتمتع بكامل قواها وسيادتها هي الحلّ الوحيد لكلّ ما يجري أوما يُمكن أن يستجد، إذا بقي الوضع على ما هو عليه الآن. لذلك ذهبت إلى الأمم المتحدة في محاولة للحصول على العضوية الكاملة بما يضمن استقلاليتها، خصوصاً أن الحرب الدائرة في غزة أعادت مبدأ حلّ الدولتين إلى دائرة النقاش الدوليّ.

بناءً على ما سبق يقول الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة في حديث لـ"النهار" إن الأولوية هي لوقف إطلاق النار، لأنّ "غير ذلك سيطيل أمد الحرب في فلسطين والمنطقة".

والمفاوضات القائمة حالياً لا بدّ من أن تركز على هذا الأمر، مؤكداً أنّ المطلب الرئيسي اليوم مع مصر وقطر والولايات المتحدة هو وقف إطلاق النار.  

ويشير المسؤول الفلسطينيّ في الوقت عينه، إلى أن "القيام بعمليات هنا وهناك من قبل إسرائيل لن ينهي الصراع"، ويقول في هذا السياق إن "احتلال معبر رفح والتهديد بتهجير المواطنين، ومنع موظفي الأمم المتحدة من دخول قطاع غزة هي جرائم حرب، يجب أن تحاسب عليها دولة الاحتلال". وحذّر من مخاطر هذا التصعيد الإسرائيلي وارتكاب مجازر في رفح، لأنّ من شأنه أن "يدفع بالأمور إلى حافة الهاوية، ويؤدّي الى كارثة إنسانية غير مسبوقة".

انطلاقاً من هذه المخاوف، شدّد أبو ردينة على أن "الاستقرار لن يكون إلّا بإيجاد حلّ عادل للقضية الفلسطينية مع #منظمة التحرير الفلسطينية، وإذا أرادت أميركا وإسرائيل السير بالنهج عينه وعلى ذات الخطى القديمة، فإن الصراع سيبقى في المنطقة". وهذا (الحلّ العادل) هو ما تسعى إليه منظمة التحرير و#السلطة الفلسطينية لأنه المخرج الوحيد لأزمات المنطقة والمدخل الوحيد لضمان استقرارها، "وغير ذلك يعني أن الولايات المتحدة تريد بقاء المنطقة كما هي منذ 75 عاماً".  

اتّفاق أوسلو... والمهاترات الداخليّة

يرفض الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، في حديثه لـ"النهار"، الإجابة بشكل مباشر على الانتقادات التي توجّه إلى اتفاق أوسلو وبأنّه لم يعطِ الفلسطينيين ما كانوا يطمحون إليه، ويقول "لا نريد الدخول في مهاترات تغذيها أطراف إقليمية، بينما نحن في هذه الحرب".

لكنه يستطرد أنّ "منظمة التحرير هي الممثل الشرعيّ الوحيد للشعب الفلسطينيّ والاتفاق أسهم بإعادة مليون فلسطيني الى أرضهم، بما يضمن حق العودة. وهناك ستة ملايين فلسطيني باتوا يحملون جوازات سفر فلسطينية". ويتابع أن منظمة التحرير حصلت على الشرعيّة العربية والدولية، وأن "علاقاتها الرسمية امتدت إلى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وآسيا، على أسس متساوية".


ويوجه انتقاداته الى بعض الجهات من دون يسمّيها، بأنّ لدى منظمة التحرير "القرار المستقلّ وهو غير موجود عند الأطراف الأخرى، وهي حافظت على الحقوق، ومنعت تسويات لا يريدها الشعب الفلسطيني، ومنها صفقة (الرئيس الأميركي السابق) ترامب، ورفضنا كلّ ما لا يتلاءم مع القضية الفلسطينية"، ليعود ويؤكد مرّة أخرى أن أولويّة ما تريده السلطة هو وقف الحرب على غزة والاقتحامات في الضفة والمخيمات وتهويد القدس، ليختم جوابه "لن ندخل في معارك ثانوية، نريد الحفاظ على هوية الشعب الفلسطيني".  

الاستيطان وقيام الدولة الفلسطينيّة

الاستيطان من أبرز عوائق قيام دولة فلسطينية، وتشكل المستوطنات في الضفة التي يسكنها ما يقارب 900 ألف مستوطن من أكثر الأمور تعقيداً، وهي من الأسباب المباشرة لتفاقم دائرة العنف، حتى إن عقوبات أميركية وأوروبية فُرضت على بعض المستوطنين.

لكنّ عند القيادي الفلسطينيّ نبيل أبو ردينة رأياً مغايراً، إذ يؤكد أن "هذا الاستيطان غير شرعي وهناك قرار صادر عن مجلس الأمن، والبؤر الاستيطانية في الضفة ستُزال كما أزيلت من غزة، وكان عدد المستوطنين فيها يفوق عدد سكان القطاع" وأنه في النهاية "لا مفرّ من تطبيق الشرعية الدولية والعربية ضمن حدود 67 والقدس الشرقية وإزالة الحواجز".

ويتابع أن "الحرب الآن مستمرة بدعم أميركي، وعليها وعلى القوى الاقليمية أن تدرك أن بقاء الأمور كما هي الآن ستبقي المنطقة في متاهة، وما يجري خير دليل على ضرورة تطبيق خريطة الطريق ومبادرة السلام العربية وهذا هو موقفنا الواضح".

ويقرّ في الوقت نفسه بأن "القضية الفلسطينية أصعب وأعقد من أي قضية أخرى، فهناك المقدسات والأمة العربية والشعب الفلسطيني"، ويتساءل هنا "لماذا الحرب لم تنته منذ 75 عاماً؟" ويجيب في الوقت عينه من باب تأكيد ما سبق أن ذكره، "لأنّ هناك قواعد ثابتة لم تتغيّر، وعلى الرغم من ذلك تتصرف الولايات المتحدة بطريقة استفزازية وفيها استخفاف بالقضيّة الفلسطينية. وهذه الاستراتيجية الأميركية خاطئة وعلى العرب الاستفادة من هذه الفرصة لإيجاد الحلّ العادل".

ويستكمل إجابته عن سؤال "النهار" بأن "موقف واشنطن مخيّب للآمال فهي استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن وتقدم الأسلحة لإسرائيل وتعطيها المال والغطاء السياسي، ما يدفع بالإسرائيلي نحو مزيد من التحدي للشرعية الدولية"، لكن مع هذا الواقع بالنسبة لأبو ردينة تبقى "القدس أكبر من الجميع، ولن يكون هناك تنازل عن الحقوق".

الوعود الأميركيّة وحلّ الدولتين

وعن اللقاءات التي تجمع السلطة بمسؤولي الإدارة الأميركية وموفديها، يقول الناطق الرئاسي الفلسطيني، "الولايات المتحدة تريد أمن إسرائيل ونهب النفط العربي وكل ما بينهما لا قيمة له بالنسبة لها. أينما حلّت تركت وراءها الدمار في فيتنام وأفغانستان والعراق وغيرها... وبالنسبة للمنطقة فإن استراتيجيتها واضحة، الولايات المتحدة تريد إبقاء العالم العربي في حال من التناحر وعدم الاستقرار، وتريد إسرائيل قويّة بالمقابل".

أمّا عن حلّ الدولتين، وعودة هذا الطرح الى التداول في الأروقة السياسية العالمية، فيشير أبو ردينة الى أن الموقف الأوروبي والأميركي مع حلّ الدولتين، "لكن الحقيقة أن الولايات المتحدة تعوق ذلك، واستخدمت الفيتو قبل شهرين في الأمم المتحدة ومنعت صدور قرار بإقامة دولة فلسطينية".

ويكشف أنه خلال لقاء الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعد بايدن "بالعمل على تطبيق حلّ الدولتين وفتح قنصلية أميركية في الضفة وتحرير أموال السلطة الفلسطينية المحتجزة من قبل إسرائيل، لكنهم لم ينفذوا أيّاً من هذه الوعود".

وعن تصوّره لآفاق المرحلة المقبلة، يعود الناطق باسم الرئاسة الى بداية الحديث بأنه "قبل وقف العدوان لا حلّ، من هنا تكون البداية ثم الاستعداد للجلوس على طاولة دولية لتطبيق مبادرة السلام العربية وما أقرته الشرعية الدوليّة".

ويختم حديثة لـ"النهار" بتحميل الولايات المتحدة المسؤولية، وأنه "إذا اقتنعت أميركا بذلك نكون على الطريق الصحيح، لكنّ الواقع أننا أمام حكومة إسرائيلية يمينيّة متطرفة، وإدارة أميركية ضعيفة وهي على أبواب الانتخابات".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o