عبد الساتر: كثر ينفّذون أجندات خارجيّة وداخليّة انطلاقًا من مصالحهم الشخصيّة

المركزية - استقبل رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس عبد الساتر وفد "لقاء مستقلّون من أجل لبنان" ضمّ الدكتور رافي مادايان، واللواء جورج قرعة، والدكتور بسام الهاشم، والمحامي عيسى نحاس، والمحامي رياض نعيم، والأستاذ خليل برمانا، والمهندس أيوب الحسيني، والمحامية والاعلامية نيكول القارح، والمهندس جوزف مارون، والأستاذ فارس فتوحي، وذلك في دار المطرانيّة. وتطرّق الحديث إلى آخر الملفات والتطوّرات على الساحة اللبنانيّة ولاسيّما الأوضاع الأمنيّة في جنوب لبنان والحرب الإسرائيليّة - الفلسطينيّة، كما وإلى عدم انتخاب رئيس للجمهوريَّة واستمرار الفراغ في الموقع الماروني الأوّل.

ونوّه وفد "لقاء مستقلّون من أجل لبنان" في البداية "بمواقف المطران عبد الساتر الداعية إلى المحبّة والإنسانيّة والمصالحة والتواصل والحوار مع الإخوة في الوطن، كما بدوره في تقريب وجهات النظر بين الكنيسة المارونيّة والمرجعيّات الإسلاميّة، بتكليف من البطريرك الماروني، في مسألة تشخيص الأزمة الرئاسيّة وسبل معالجتها. ولا يغيب عن البال أنّ المطران عبد الساتر يؤمن بلبنان وطنًا نهائيًّا لجميع أبنائه وبناته المسلمين والمسيحيّين، يعيشون جميعًا فيه ويمارسون حريّاتهم الدينيّة والمدنيّة بكلّ كرامة، متساوين في الحقوق كما الواجبات، ومُسهمين معًا في ازدهار لبنان والتنمية المستدامة لمجتمعه".

وأكّد "لقاء مستقلّون من أجل لبنان" ضمّ صوته إلى صوت سيادته "لدعوة النواب المتشاورين في ما بينهم ومع الرئيس نبيه بري إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة يتّسم بالجرأة والنزاهة وسواهما من الصفات الإنسانيّة، والحنكة السياسيّة، وروح التعاون، والقدرة على جمع الأطراف كافّة حول برنامج للإنقاذ الوطني".

وأشار الوفد إلى "ضرورةً تنظيم حوار وطني جاد، يكون الغرض منه إنتاج خطة وطنيّة أو تفاهم حدّ أدنى مشترك يُسهم في تحسين ظروف وصول الرئيس المسيحي العتيد إلى بعبدا، وذلك كي لا تُفرض على اللبنانيين خيارات خارجيّة خارجة عن إرادتهم. كما أشار إلى أهميّة تجديد الدور المسيحي في إدارة النظام السياسي، وإدارة التوازنات والاختلافات السياسيّة والطائفيّة والدينيّة، فضلًا عن صياغة الاستراتيجيّات الوطنيّة".

ولفت الوفد أيضًا إلى أنّ "ما يقوم به كيان الفصل العنصري (الأبارتايد) الإسرائيلي، اليوم، في غزة، هو إبادة لا تستهدف الشعب الفلسطيني بمفرده، وإن كان هذا الشعب هو ضحيّته المباشرة، بل الإنسانيّة جمعاء. كما ردّد، في هذا الموضِع، كلام زعيم المعارضة الفرنسية جان لوك ميلانشون الذي قال إنّ الصامت عن إبادة غزة هو مجرم حرب، وإنّ إدانة إجرام نتنياهو لا علاقة لها بالسياسة، بل بالقيم الإنسانيّة والأخلاقيّة فحسب".

وشدّد الوفد على أنّ "ما يحصل في فلسطين، في غزة والقدس وبيت لحم والضفة الغربية وحيفا وعكا والجليل، يعني المسيحيّين اللبنانيّين أيضًا، لأنّها الأرض التي وطئتها قَدَما السيّد المسيح، وهو في طريقه إلى قانا، حيث كانت المعجزة، وكان كلام الله في آية عرس قانا الجليل، وكان مجد يسوع، الذي حاربه أحبار اليهود في كلّ زمان من بيلاطس البنطي إلى بنيامين نتنياهو. إنّ قضيّة فلسطين هي قضيّة العالم أجمع، فهي موطن الأديان بحيث يقتضي أن تكون أرضًا للعيش المشترك بين المكوّنات لا مركزًا لكيان عنصري من جهة، كما وأن القضيّة الفلسطينية القائمة على المقاومة في فلسطين هي الردّ المباشر على كلّ محاولات توطينهم وحرفهم عن قضيّتهم الأمّ ما يجعلها مصلحةً لبنانيّة بامتياز".

وأعرب لقاء مستقلّون من أجل لبنان عن "ضرورة نصرة أهلنا الصامدين في الجنوب، الذين يتعرّضون للاعتداءات الإجراميّة اليوميّة من قبل الجيش الإسرائيلي، الذي يضغط على لبنان بهذه الطريقة لثنيه عن التضامن مع الشعب الفلسطيني والحفاظ على مصالحه الوطنيّة"، مطالبًا "إلزام العدوّ الإسرائيلي بالامتناع عن خرق سيادة الأراضي اللبنانيّة برًّا وبحرًا وجوًّا، كما عن استخدام الأجواء اللبنانيّة للاعتداء على أراضي سوريا والعراق والأردن".

من جهته، عبّر المطران عبد الساتر عن أسفه "لهذا العدد الكبير من الضحايا الأبرياء الذين يسقطون في جنوب لبنان وغزة، وصمت المجتمع الدولي بحكّامه وأصحاب القرار فيه إزاء ما يحصل من جرائم".

وفي الشأن الداخلي، لفت المطران عبد الساتر إلى أنّ "لا حلّ إلّا بالحوار الذي يجب أن يدخل فيه الجميع متساوين بعيدًا من منطق الغالب والمغلوب. كما ولا يمكن إعادة بناء البلد من دون مصالحة حقيقيّة وتنقية الذاكرة من كلّ مآسي الحرب ومسامحة بعضنا والعمل مع بعضنا كشركاء".

ورأى عبد الساتر أنّ "كثيرون هم من لديهم مرجعيّات في الخارج للأسف وينفّذون أجندات خارجيّة وداخليّة انطلاقًا من مصالحهم الشخصيّة، في حين أنّنا نحتاج إلى أجندة واحدة تكون لبنانيّة فقط". وشدّد على أنّ "عمليّة خلاص لبنان تحتاج إلى قرار بالمبادرة ومثابرة وكثير من الصبر من دون تعب وكلل"، متوجّهًا إلى الوفد بالقول: "دوركم كبير في تغيير الأفكار النمطيّة والمعلّبة لبناء رأي عام يُجمع على مصلحة البلد أوّلًا ويتحرّر من التعصّب الأعمى والانتماء الحزبي المتزلّف".