Feb 08, 2024 4:56 PM
خاص

"بازار كبير" على خط طهران- بيروت...وعبد اللهيان يعوّض عن الإنكفاء ودفع الأثمان

جوانا فرحات

المركزية – يبدو أن حركة الطيران على خط إيران-بيروت الجوي باتت أكثر من طبيعية، بعدما كان خط بيروت-الشام البري الأقرب والأكثر حركة على مستوى غرف الممانعة السياسية. فللمرة الثالثة بعد اندلاع حرب غزة يحط وزير وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في بيروت والثالثة لن تكون حتما ثابتة وأخيرة.

فهل يكون الرابط لهذه الزيارات المتكررة أيضا طبيعي كما قال النائب قاسم هاشم خلال زيارة عبد اللهيان الثانية لبيروت؟ وما هي الرسائل التي سيحملها في ظل الإنكفاء الواضح لدور حزب الله على جبهة الجنوب والتصعيد الذي فاجأ إيران من قبل أذرعها في بغداد على أربيل والذي كاد يشعل حربا إقليمية ويقحم بالتالي إيران في حرب لا تزال تصر على البقاء في منأى عنها بالمباشر؟

الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي يعتبر أن زيارة عبد اللهيان إلى بيروت غداً "تكشف واقعاً ضيقاً في السياسة الخارجية الإيرانية بعدما ضاقت الميادين والساحات واقتصرت على ثلاثة من أصل خمسة. والميادين الباقية تحت النفوذ الإيراني هي  لبنان والعراق واليمن بعدما خرجت غزة عن التأثير المباشر لطهران وكذلك سوريا بفعل تحييدها العملي عن وحدة الساحات إلا في ما يختص بالحدود العراقية-السورية، حيث يتم تحريكها من قبل الفصائل العراقية التابعة لإيران أكثر مما يتم تحريكها من قبل فصائلها في سوريا".

هذا الضيق يدفع الديبلوماسية الإيرانية وهي عسكرية في الواقع، "إلى تخصيص الساحة اللبنانية بالإهتمام المباشر، خصوصا أن طهران لا تستطيع الإنكشاف أكثر من اليمن، والقيام بزيارات متكررة إلى صنعاء، كذلك فإن ساحتها العراقية مأزومة خصوصا بعد الهجوم الذي شنته قبل أسابيع على أربيل ما أدى إلى توتر أو على الأقل الحذر في علاقة بغداد بطهران".

من هنا يضيف الزغبي، "تأتي زيارة عبد اللهيان إلى بيروت وهي الثالثة من نوعها بعد بدء حرب غزة كي تعوّض عن الإنكفاء الإيراني في الساحات الأخرى واكتفاء إيران بزجّ أذرعها في حروب المشاغلة التي تديرها عن بعد.إلا أنها هذه المرة تأتي على خلفية"البازار الكبير" الذي تسعى طهران إليه مع الولايات المتحدة الأميركية من أجل تثبيت مراكز نفوذها في العواصم العربية الأربع وعدم الإنزلاق إلى دفع أثمان بعدما بلغت هذه الأثمان حالة التخمة في النفوذ الذي حققته في المنطقة".

ثلاثة مؤشرات تدل على ملامح الإنكفاء الإيراني يقول الزغبي وهي:" منع حزب الله من خوض حرب واسعة ضد إسرائيل ، سحب عدد من الضباط الإيرانيين الكبار في سوريا، ومنع ذراعها العراقية الأولى أي كتائب حزب الله -العراق، من الإستمرار في التصدي للقواعد الأميركية".

 وعن اللقاءات المرتقبة التي سيجريها عبد اللهيان، يؤكد على حتمية إجراء محادثات علنية مع المسؤولين في السلطة اللبنانية وأخرى بعيدة عن الأضواء مع قيادات ذراعها حزب الله وبعض الفصائل الدائرة في فلكه. والمؤسف أن هذه السلطة سلمت أمرها بشكل مطلق للحزب خصوصا بعد موقفي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية فيها عبدالله بو حبيب".

حدث عسكري سيتوقف عنده عبداللهيان وهو دخول حركة أمل على خط الحرب ضد إسرائيل في الجنوب بشكل علني للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب في غزة. والخشية من أن يعيد هذا الدخول مشهدية النزاع في الثمانينات.

وفي السياق لا يستبعد الزغبي"أن يقوم عبد اللهيان بمهمة تنسيق جديدة بين الحزب وحركة أمل بحيث تتولى طهران وحدها هذه المرة فرض هذا التنسيق بعدما شاركت في الثمانينات من القرن الماضي حافظ الأسد بتسوية الصراع الدموي بينهما.

إلى ذلك، يعتبر أن أنخراط حركة أمل في جبهة الجنوب يحمل أكثر من دلالة بعد انكفائها العسكري لمدة 34 عاما وأبرزها أن الرئيس نبيه بري يدرك دخول المنطقة ومن ضمنها لبنان في مرحلة مفاوضات على خلفية حرب غزة والجنوب وبالتالي يريد أن يكون حاضرا بصورة مباشرة إلى الطاولة وليس مجرد صدى لمواقف الحزب وتسويقها وفق ما جرى في حرب تموز 2006.

دلالة أخرى ،وهي الحد من تفرد الحزب بالساحة الجنوبية بعدما منعت إيران بواسطة الحزب القوى الإسلامية الأخرى من الحركة في الجنوب .لذلك فإن من عداد مهمة عبد اللهيان منع المنافسة بين الحركة والحزب وتجديد الصراع على غرار ما حصل في الثمانينات".

إذا كان انكفاء طهران يتصدر عنوان دورها في مشهدية الحرب، فأي ثمن سيدفعه لبنان ولماذا تتمسك به كورقة وحيدة من بين الدول التي تتوزع فيها أذرعها؟

"لا شك أن هناك سباقا إيرانيا بين ما يتوجب عليها دفعه من أثمان، وبين تمسكها بالثمن اللبناني، أي أنها تسعى بوضوح إلى مقايضة الإنكفاء في الجنوب وفقا للترتيبات التي تتم مناقشتها على قاعدة تنفيذ كامل القرار 1701 فتحاول أن تعوض على حزب الله في سياسة الداخل ما يخسره في جنوبه. إلا أن هذا المسعى بحسب الزغبي يصطدم برفض خارجي تمثله كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا إضافة إلى الولايات المتحدة الأميركية، ورفض داخلي يزداد تماسكا وشراسة تمثله إرادة وطنية سيادية حرة عبر قوى المعارضة".

ويختم الزغبي مطمئنا بأن "الحديث عن صفقة أميركية-إيرانية يتم من خلالها تطويب رئاسة الجمهورية ومعها الحكومة لحزب الله إرضاء لإيران فإنها نوع من الأحلام التي لا نرى لها دلائل أو ثوابت على أرض الواقع".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o