Feb 07, 2024 4:59 PM
خاص

نواف سلام رئيسا لـ"محكمة العالم" ...العدالة الدولية بألف خير متى تحل في أم الشرائع؟

جوانا فرحات

المركزية- أكثر من رسالة حملتها الكلمة التي نشرها القاضي نواف سلام على حسابه عبر موقع "إكس"غداة انتخابه رئيساً لمحكمة العدل الدولية لمدة ثلاث سنوات من قبل أعضائها الـ15. ومما جاء فيها: "إنتخابي رئيسا لمحكمة العدل الدولية، مسؤولية كبرى في تحقيق العدالة الدولية وإعلاء القانون الدولي، وأول ما يحضر إلى ذهني أيضا في هذه اللحظة هو همي الدائم أن تعود بيروت أماً للشرائع كما هو لقبها، وأن ننجح كلبنانيين في إقامة دولة القانون في بلادنا وأن يسود العدل بين أبنائها".

كلام يعكس مواطنية القاضي سلام ويعبر عن أمنية كل لبناني بقيامة دولة القانون والأهم أنه أضاء من لحظة تبوئه المنصب الذي يشكل فخرا للبنان على دور مدينة بيروت كأم للشرائع ووجوب أن تستعيد هويتها الحقيقية ويكون لبنان وطن العدل والقانون.

تبوُّء القاضي سلام منصب رئاسة محكمة العدل الدولية في لاهاي لن يكون عابرا سواء في تاريخه المهني والوطني أو في تاريخ هذا اللبنان الذي يصدح إسمه اليوم في الأمم المتحدة بالتزامن مع احتلال لبنان المرتبة 192 في جدول تصنيف "نوعية الحياة" من بين 195 دولة.

انتخاب سلام يأتي إثر انتهاء ولاية الرئيسة الأميركية القاضية جون دونوغيو ليصبح بذلك ثاني عربي يترأس هذه المحكمة منذ إنشائها عام 1945 بعد وزير خارجية الجزائر الأسبق ورئيس المحكمة الدستورية فيها محمد بجداوي. وكان انضم سلام عام 2018 الى هذه المحكمة التي تتألف من 15 قاضيا يتم انتخابهم من قبل مجلس الامن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

خبر انتخابه لم يفاجئ قضاة وسياسيين "هذا فخر للبنان والعدالة الدولية. ومعلوم أن القاضي نواف سلام شق ّ طريقه ببراعة وانتخابه من قبل أعضاء المحكمة يؤكد أنه يحظى بثقة الغالبية، خصوصا أنه يخلف القاضية الأميركية دونوغيو" يقول رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي شكري صادر. وفي تعريف عمل محكمة العدل الدولية يوضح أنها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة المختص بالفصل في النزاعات بين الدول. وهي تشكل اعلى سلطة قضائية في العالم.  

لقب "محكمة العالم" الذي أعطيَ لهذه المحكمة صائب أقله في اختيار من يديرها إلى جانب 15 قاضيا "فاختيار رئيسٍ لهذه المحكمة يأتي وفقا للمرشحين،  والمفروض أن يكونوا جديرين بتمثيل هذه المحكمة الدولية بفخر ولديهم مؤهلات يتفوقون فيها على سواهم .وهذه كلها متوافرة في شخصية القاضي نواف سلام ومؤهلاته". يضيف صادر " وفي ما يتعلق بجنسية الرئيس المنتخب، فالأكيد أن السياسة تلعب دوراً خصوصا أن كل قاضٍ في هيئة المحكمة ينتمي إلى بلد معين،  وبالتالي فإن التوافق على اختيار سلام رئيساً للمحكمة يعني أن هناك توافقا على شخصيته الجامعة وعلى مؤهلاته ".

"الدور الذي أداه سلام كمندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك ساهم في تعريف الأميركيين على شخصيته، كما يُشهد له بمواطنيته وعشقه لمدينته بيروت أم الشرائع كما سماها. والأكيد أن التمني الذي ضمنه في تغريدته لجهة عودة بيروت أم الشرائع سيلقى الصدى العالمي من حيث وجوب الإلتفات إلى الوضعية في لبنان والمساعدة لإعادته دولة قانون بعدما أدرج على خارطة جهنم وينتقل لبنان من وطن المزرعة إلى الوطن الذي يحلم ونحلم به دولة قانون" .

هذه الوضعية التي فندها صادر حول أهمية الدور والمنصب الذي تبوأه القاضي سلام  لا يعني أن ملفات لبنان العالقة على قوس عدالة المجهول والقضاء المُسيَس  سيكون لها حساب آخر أو "مخصصات". وأول الملفات التي تطرأ على بال اللبنانيين ملف تفجير المرفأ. لكن وصوله إلى محكمة العدل الدولية صعب جدا.

ويلفت صادر إلى ضرورة "عدم إيهام أهالي الضحايا بإمكانية ذهاب الملف إلى قاعات هذه المحكمة إنما الأكيد أن ملف ضحايا المرفأ لا يموت .قد يتأخر لكن دماء الضحايا لن يذهب هدرا وسيأتي اليوم والساعة وتظهر فيها الحقيقة ويحاسب كل مسؤول ومجرم عن هذه الجريمة".

 إسم محكمة العدل الدولية بدأ يتردد مطلع الشهر الماضي وتحديدا في 11 و12 منه  وذلك مع عقد جلستي استماع علنيتين، في إطار بدء النظر بالدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية  بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. وأمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، وتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة.  إلا أن القرار لم يتضمن نص "وقف إطلاق النار".

"هذا أقصى ما كان يمكن أن تقوم به المحكمة لكي تحظى بموافقة 13 قاضياً من أصل 15 وإلا لن ينفذ القرار ولن يصوت القضاة من جديد". ويلفت صادر إلى أن "القرار الذي اتخذته محكمة العدل الدولية في هذه الدعوى جريء جدا، وإن كان المطلوب أن يكون لديها الجرأة أكثر، لكن يكفي أنها أنذرت إسرائيل بعدم التعرض للمدنيين والأطفال والأبرياء ووضعتها تحت مجهر العدالة الدولية في حال خالفت نص القرار مع التذكير بأن القرار لم يكن خاضعا لأية مساومات".

صحيح أن القرارات التي تتخذها محكمة العدل الدولية كما باقي المحاكم المؤلفة من عدة قضاة تؤخذ بالأكثرية" لكن هناك ما يعرف بهامش المرونة الذي يملكه رئيس المحكمة بحيث يتمتع بسلطة معنوية ولديه الحرية في قبول أو رفض دفوع معينة عدا عن الصلاحيات الإستثنائية التي تميزه عن باقي قضاة الأعضاء. والأكيد أن العدالة الدولية ومحكمة العالم ستكون بألف خير في عهد القاضي سلام" يختم صادر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o